أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - توفيق أبو شومر - مرة أخرى .. إحراق مكتبة جمعية الشبان المسيحيين في غزة !














المزيد.....

مرة أخرى .. إحراق مكتبة جمعية الشبان المسيحيين في غزة !


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2196 - 2008 / 2 / 19 - 06:18
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


كنتُ أتوقع أن يثور الغزيون، ليس على ندرة البنزين، وانقطاع الكهرباء، واختفاء الدواء، بل يثورون على غياب الورق من المكتبات وارتفاع سعر الخمسمائة ورقة بيضاء من ثلاثة دولارات، إلى أكثر من ثلاثين دولارا، وكنتُ أتوقع أننا سنكسر احتكار الورق عقب كسر الحواجز والحدود، لنعزز دور الثقافة، ونخدم أجيالنا، بأن نعزز مخزوننا من الورق، بدلا من تعزيز مخزوننا من اللوز المر، والسجائر والتمباك وسمك الرنجة، والبزر والشيبسي والمشروبات، لكنني أدركت بأن غياب الورق والكتب والثقافة، أمرٌ مطلوبٌ ومقصود ومخطط له منذ زمن بعيد !
يبدو أن مسلسل حرق المكتبات والكتب في غزة، أصبح مسلسلا مشهورا ومعروفا، وأن مَن يحرقون الكتب والمكتبات، لن تطالهم العدالة، ولن تحاكمهم الثقافةُ الغائبةُ والمغيبة في فلسطين .
كما أن هذه الجريمة تُسجل منذ اليوم الأول ضد مجهولي الهوية، والأغرب أن مجهولي الهوية، أي منفذي الحرق، يعودون إلى مقراتهم باعتبارهم أبطالا فاتحين، تمكنوا من تحرير القرَّاء من عبودية المطالعة، ومن جريمة الثقافة، ومن خطيئة التنوير، ومن عواقب الفكر، وأن تدمير المكتبات، هو أقصر الطرق إلى الجنة، على الرغم من أنهم حين فجروا مقر مكتبة جمعية الشبان المسيحيين في غزة يوم 15/2/2008م فجروا أيضا نسخا من القرآن الكريم، ونسخا أخرى من كتب السيرة والحديث والفقه، ولم يسألوا أنفسهم عن الحكم الشرعي في الإساءة إلى القرآن الكريم وكتب الحديث والسيرة !
يعرف الفلسطينيون أن الاعتداء على مكتبات غزة، ومحاصرتها بكل الطرق، كان أحد أهداف الاحتلال، فقد أُحرقت مكتبات كثيرة أثناء حظر التجول الليلي زمن الاحتلال، ولم يتحرك المحتلون لمتابعة الأمر، لأنهم كانوا فرحين بالحرق، حتى نظل كما ينبغي لنا أن نظل، جاهلين متخلفين، نعتبر مستقبلنا،هو ماضينا، وحاضرنا، هو أبدنا ونهايتنا .
وكانت المكتبات التي تُحرق، هي المكتبات التي تضم بين جنابتها كتب الفكر والفلسفة والعلوم والآداب والفنون، وهي الكتب المسؤولة عن البنية الثقافية الأساسية للشعب الفلسطيني. كمكتبة الهلال الأحمر التي أسسها الدكتور حيدر عبد الشافي في قطاع غزة.
وفي بداية التسعينيات، بعد قدوم السلطة، تواصل مسلسل الحرق، فأحرقت مكتبة الثقافة والنور، ثم مكتبة جمعية الكتاب المقدس، وتم إبعاد كثير من الكتب من أرفف المكتبات العامة في غزة بعد التخويف والتهديد والترغيب والوعيد وقد قال أحدهم قولا في نشرة ورقية:
" لا حاجة لنا بها، حتى وإن كانت تحوي على ما يوافق شرعنا، فالقرآن يكفينا "
وأعادت لي هذه المقولة، ما نسب إلى الخليفة عمر بن الخطاب في القرن السابع الميلادي، حينما استشاره عمرو بن العاص بشأن مكتبة الاسكندرية فقال له وفق رواية ابن خلدون في المقدمة:
"إن كان فيها ما يوافق كتاب الله، ففي كتاب الله غنى عنها، وإن كان ما فيها يُعارض كتاب الله، فلا حاجة لنا بها، فقام عمرو بن العاص بحرقها"!
وأنكر المؤرخون العرب هذا القول، ونسبوا الحرق إلى يوليوس قيصر في القرن الأول قبل الميلاد، وهو الأصح ، لأن بقية الرواية تقول، ظلت الحمامات والمواقد تشتعل بالكتب أكثر من ستة أشهر، مع العلم بأن معظم الكتب لم تكن ورقية في تلك الفترة، بل كانت مصنوعة من الجلود، والجلود لا تنفع للإحراق.
من المعروف بأن إحراق المكتبات والكتب ظلَّ يرمز إلى زمن الجهالات، فقد كان الغزاة الجاهلون يظنون بأن إحراق المكتبات يوفّر عليهم جهدا إضافيا في رقابة الناس ومتابعة حركاتهم وألسنتهم، ويجعل الناس عبيدا لإملاءاتهم وأوامرهم.
ستظل قصة إحراق المكتبات العربية في الأندلس وصمة عار في جبين الجيش المنتصر، وفي الوقت نفسه سيظل مؤسسو المكتبات الثقافية الكبرى في التاريخ خالدين إلى أبد الآبدين!
وما تزال قصة تدمير المغول لمكتبة بيت الحكمة في بغداد في القرن الحادي عشر الميلادي حدثا مفزعا، يدلُّ على وحشية المغول وجهلهم، وما تزال قصة حرق مكتبة دار العلم التي أسسها الفاطميون في مصر في القرن الحادي عشر أيضا، تثير الاشمئزاز، لأن من أحرقوها استعملوا أغلفتها الجلدية نعالا لأرجلهم !
بقي تاريخ حرق الكتب قبل ألفيتنا الثالثة، علامة فارقة، تشير إلى سياسة التجهيل المتعمد والمقصود، غير أن حارقي الكتب في غزة لا يؤمنون بأن حرق أوراقها وأغلفتها ورفوفها وأبنيتها، عبثٌ يدلُّ على الجهالة وضحالة الأفق، وهو أيضا محاولة يائسة لإرجاعنا إلى الخلف قرونا، في زمن الكتب الرقمية، التي اجتازت معضلة الإحراق منذ عقود بعيدة، وأصبحت الموسوعة البريطانية بكل مجلداتها تحفظ في رقاقة كمبيوترية بحجم نصف القلم، كما أن كل كتابٍ يُحرق ويفجر ويصادر، يصبح مطلوبا أكثر، ومحبوبا أكثر !
إن من يحرقون ويدمرون المكتبات، يؤسسون في غزة أروع دور النشر، وأوسع المكتبات الرقمية، وهم لا يدرون!
وما أزال أذكر ما حدث لمكتبة الكونجرس الأمريكية التي أُسست عام 1800م بعد أن نقل الرئيس جون أدامز مقر الحكومة من فيلادلفيا، إلى واشنطن، وقام الجنود الإنجليز عام 1814 بإحراق كل الكتب فيها بصورة متعمدة، فقام الرئيس السابق توماس جيفرسن بالتبرع بمكتبته الخاصة كبديل عن مكتبة الكونجرس، وهذا ما نأمله ونطمح أن يحدث في غزة، مع العلم أن جيفرسن أمضى خمسين عاما في جمع كتبه، وكانت حصيلة كتبه 6487 كتابا في القانون والعلوم والفنون والفكر والفلسفة، وكانت هذه الكتب، نواة لمكتبة الكونجرس، التي فتحت أبوابها للجمهور عام 1897م وهي اليوم تحتوي على مائة وثلاثين مليون موضوع، كلها أصبحت رقمية!
فكيف تكون صورة مَن يطاردُ الهواء، ويحرث البحر، يبذره سمكا، ويحصده ملحا ؟!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات حول تقرير البنك الدولي عن التعليم في العالم العربي !
- العرب ... يطلبون حق اللجوء الإعلامي للقنوات الأجنبية !
- إسرائيل إما أنها في حالة حرب... وإما أنها تستعد للحرب !
- باراك أوباما....وعشق إسرائيل !
- ازدهار النظام الوراثي في الألفية الثالثة
- بين تربية العقول ... وتربية (العجول) !
- تنبَّهوا واستفيقوا أيها العربُ !
- من إسرائيل دولة يهودية ... إلى إسرائيل دولة [ اليهود]!
- قتل النساء بادّعاء الشرف جريمة بشعة تُخلُّ بشرف الرجال !!
- الإعلاميون العرب والتسلية على أسماء الشخصيات الأجنبية !
- الإعلام ...لواء مدرع في سلاح الشركات متعدية الجنسيات !
- الإعلام العربي ... كلام حتى الموت !
- هل ستصبح غزة تحت وصاية حلف الناتو ؟!
- إعلان براءة إيهود أولمرت بعد لاءاته الثلاثة !
- الحوار المتمدن نافذة لأكسجين الحريات
- هل الوطن العربي هو الذي يُهاجَر منه .. لا إليه ؟!
- هل يملك الفلسطينيون حق رفض حضور مؤتمر أنابولس؟
- لماذا يخسر العربُ الحروب ؟!
- إحالة غزة إلى التقاعُد !
- المخزون الاستراتيجي الإسرائيلي من الأسرى الفلسطينيين !


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - توفيق أبو شومر - مرة أخرى .. إحراق مكتبة جمعية الشبان المسيحيين في غزة !