أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق أبو شومر - الزمن في قصيدة محمود درويش (قافية من أجل المعلقات)














المزيد.....

الزمن في قصيدة محمود درويش (قافية من أجل المعلقات)


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2259 - 2008 / 4 / 22 - 08:15
المحور: الادب والفن
    


عندما يغوص محمود في محيطه الشعري ، فإنه لا يعود للسطح في المدة المسموح بها قانونا، ولا يعرف أحد مصدر أكسجين محمود، فهل يعود إلى كمية الأكسجين المعلب في قوافيه، أم أنه هواء الأوزان ، أم هو شهقات المعاني، وزفير الرمز ؟
اعتاد الشاعرُ أن يأسرني في كهفه المظلم، وعندما يأسرني ، فإن آخر صوتٍ أسمعه عندما تنتهي حريتي، صوت باب الكهف المظلم، فأشرع بعدها في البحث عن مفتاح كهف محمود .
أشعر بالرعب وأنا في كهفه، فأنا أسير وفي يدي اليمنى جهازُ تحذير لأمنع اصطدامي بمتاهة كهفه المظلم، وفي يدي اليسرى خريطة لأشعاره وألغازه وأوزانه وقوافيه.
وحين أدلف داخلا في الكهف، أحسُّ بأنني صرتُ قريبا من كنوز الكهف ، فمحمود لا يستفتحك بانفجار تحذيري يوقفك عند حدوده، بل إنك تشعر بهمة ونشاط للوهلة الأولى، وما إن تركن إلى قدميك ، وتحس بالثقة، حتى تشعر بالرجفة الأولى، فتقف، ثم تعود من حيث أتيت لتبدأ الرحلة من جديد .
الماضي
الماضي عند درويش، ليس زمنا حدَّدتْه الأفلاك، وكتبته التواريخ ، ولكنه قطعة ألماس، اكتسبت صلابتها من تجربة الشاعر في صقل الأزمان .
الماضي عنده ليس موسما ، تُحدّده الأشجارُ والثمار، والبذور والأزهار، ولكنه عصا درويش السحرية، التي تحول الماضي إلى بحثٍ عن الذات في الذات :
ما دلني أحدٌ عليّ.... أنا الدليلُ أنا الدليل
إليّ بين البحر والصحراء، من لغتي ولدت
على طريق الهند بين قبيلتين صغيرتين عليهما
قمر الديانات القديمة، والسلام المستحيل
الماضي ملفُ تسجيلي دقيق، محفوظ في تضاعيف الشاعر كوشم صحراوي ، فماضي الشاعر نشوةٌ واحتفالٌ بلحظة الخلق الأولى، في ضوء قمر الديانات القديمة، وما إن تنتهي رقصة الماضي، حتى يُضللنا من جديد، فيطمس ماضيه، ويسكبه فيه :
أنا الدليلُ أنا الدليل
أنا لغتي أنا
أنا ما قالت الكلمات كن جسدي
فكنتُ لنبرها جسدا
كوني كي أكون كما أقول
فماضيه ليس سوى زمنِ ولادة الحروف فوق شفتيه، فلغتُه هي ماضيه الذي كان ، والذي سيُشكل كينونته وأناه .
الحاضر
الحاضر عند محمود مولود مشاكسٌ جميل، يعيش في الصدى الراجع من الماضي، فحاضره هو ماضيه المكتوب في المعلقات السبع، في صحراء قاحلة غادرها غدُها، ولم يبق فيها من أمسها شيئا يستحق معلقة أخرى جديدة .
تركتُ لنفسها نفسي، التي امتلأت بحاضرها
وأفرغني الرحيل .
أنا المسافر والسبيل
لا غدٌ في هذه الصحراء، إلا ما رأينا أمس
فلأرفع معلقتي لينكسر الزمانُ الدائري
ويولد الوقتُ الجميل
وحاضر محمود سباقٌ لُغويٌ نحو اللانهاية، يُطارد به غزالة الوقت، وسراب النخيل، وحين يفوز على نفسه، يتوجه ملك الغبار بوشاح النصر، وحينها يحس بالنشوة ، ويُلقي خطبة النصر يقول :
فلتنتصر لُغتي على الدهر العدو، على سلالتي
عليّ على أبي، وعلى زوال لا يزول
حدائق بابل ومسلتي وهويتي الأولى، ومعدني الصقيل
وما إن ينتهي محمود من خطبة الانتصار، حتى يفاجئنا كعادته، فيعود محمودُ إلى محمود، حيث الوجعُ والقلبُ القتيل، وحطام المكان والرحيل:
في حطامي ليلي الطويل
أخذوا المكان وهاجروا
هاجر القلبُ القتيل
تملأ المجهولَ بحتُه
أفرغني الرحيل


الآتي
الآتي عند محمود، ليس الماضي ولا الحاضر، وليس وداع النزع الأخير، غير أنه صافرة الانطلاق إلى المجهول، فهو فرسُ محمود الأثيري، الذي يركبه فقط وقت الزحام، هروبا من فرسه المحبوس في جوف الماضي.
الآتي عند محمود، اختراعٌ جديد، ما يزال يحتفظ ببراءة اختراعه، حتى آخر الموسيقى ، والآتي عنده مسحوق دخاني أسود اللون ينفثه الشاعر وراءه، كلما شرع في السباق.
والآتي أيضا ، هو شِباك محمود المنسوج بمغزل لغته، ليمنع الشفاه والحروف من أن تقتفي أثره.
والآتي عند محمود ، ليس فكرة أو قالبا، أو استشرافا، أو إشارة ضوء نحو النهاية كعادة الشعراء، ولكنه.... كلمة... وبرقٌ .... وإكسير.... يحملها محمود فوق جناحيه البيضاوين، وهو يحمل رمحه الفاصل بين بداية محمود، وبداية محمود، عند الحافة ذاتها، على الشفير الفاصل بين الشاعر والشاعر، عند النقطة الأولى،حيث لا زمان في زمن الشاعر، ولا مكان في مكان الشاعر، لا شيء عند محمود خارج لغته !
لا بد من نثر إذاً
لا بد من نثر إلهي لينتصر الرسول .

من ديوان" لماذا تركتَ الحصان وحيدا



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوقفوا هذا العبث في غزة !
- سؤال ديوان : لماذا تركت الحصان وحيدا لمحمود درويش ، حقلٌ من ...
- جمعية المختصرين !
- مأزق التعليم الجامعي في العالم العربي !
- هل المدرسون مُتطفلون على الوظائف الحكومية ؟
- موتوسيكلات .. لأوتو سترادات غزة !
- غفوة ... مع قصيدة مريم العسراء للشاعر أحمد دحبور
- في وصف إسرائيل !
- لقطات حديثة من العنصرية الإسرائيلية
- هل أصبح الرعب هو التجارة الإعلامية الرابحة؟1
- مرة أخرى .. إحراق مكتبة جمعية الشبان المسيحيين في غزة !
- ملاحظات حول تقرير البنك الدولي عن التعليم في العالم العربي !
- العرب ... يطلبون حق اللجوء الإعلامي للقنوات الأجنبية !
- إسرائيل إما أنها في حالة حرب... وإما أنها تستعد للحرب !
- باراك أوباما....وعشق إسرائيل !
- ازدهار النظام الوراثي في الألفية الثالثة
- بين تربية العقول ... وتربية (العجول) !
- تنبَّهوا واستفيقوا أيها العربُ !
- من إسرائيل دولة يهودية ... إلى إسرائيل دولة [ اليهود]!
- قتل النساء بادّعاء الشرف جريمة بشعة تُخلُّ بشرف الرجال !!


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق أبو شومر - الزمن في قصيدة محمود درويش (قافية من أجل المعلقات)