أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - الثقافة الانتخابية... والمعايير الدولية!















المزيد.....

الثقافة الانتخابية... والمعايير الدولية!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2243 - 2008 / 4 / 6 - 11:06
المحور: المجتمع المدني
    


تعاني منطقتنا نقصاً فادحاً في الثقافة الانتخابية، فبعض البلدان لا تعترف بالحق في الانتخابات أو تداولية السلطة سلمياً واختيار الحكام من جانب المحكومين، إما لأن شرعية الحكام تقوم على الوراثة أو لعدم وجود برلمان أو مؤسسات تشريعية منتخبة، فضلاً عن ذلك فإن النظام السياسي الذي تستند إليه لا يعير أي اهتمام باختيار الشعب لممثليه سواء على الصعيد التشريعي أو على صعيد الإدارة المحلية، بل إن بعضها لايزال حتى الآن من دون دستور أو قانون ينظم العملية الانتخابية.
أما بعضها الآخر فإنه رغم إقراره بالانتخابات إلاّ أنه يضع قيوداً عليها بحيث تكون نتائجها محسومة سلفاً، وسارت أنظمة شمولية وتحت حجج مختلفة لفرض هيمنتها على الدولة والمجتمع ومصادرة حقوقهما في الانتخابات الحرة، سواء كان باسم مصالح الكادحين أو الحزب القائد أو بسط الشريعة الإسلامية أو غير ذلك.
وبعضها الثالث يعترف بمبدأ الانتخابات استحقاقاً أو تساوقاً مع الموجة الدولية الجديدة للتعددية والتداولية، أو لتزيين الأداء السائد مع الحفاظ على جوهره، الأمر الذي يجعل من السلطة التنفيذية متحكمة بنتائج الانتخابات لاسيما بوضع بعض الكوابح واستثمار القيود الاجتماعية والعشائرية والدينية والطائفية والإثنية لمصلحتها.
ولكن مهما كانت النواقص والثغرات والعيوب في الممارسة الانتخابية، فإن وجودها أفضل من غيابها أو عدم الاعتراف بها، فإن التطور الموضوعي البعيد المدى والتراكم الذي سيحصل لا يخلو من فائدة وإن كانت محدودة وبحاجة إلى تطوير ومراقبة طبقاً للمعايير الدولية، لأنها في نهاية المطاف ستختزن تجربة رغم ضآلتها!
إن البديل عن الانتخابات المزيّفة أو غير النزيهة أو الناقصة لا يكون بإلغاء الانتخابات بحجة عدم جدواها أو اتخاذ موقف اليأس والقنوط إزاء إصلاحها، لأن التفكير بنتائج سريعة للتغيير أمر غير ممكن في ظل توازن القوى الحالية، الأمر الذي يتطلب وجود مجتمع مدني حيوي وناشط وأحزاب ومنظمات سياسية فاعلة وظروف سياسية مواتية وثقافة حقوقية وانتخابية مناسبة. ويبقى وجود انتخابات رغم كل الملاحظات السلبية عليها أفضل من عدم وجودها «وما لا يدرك كلّه لا يُهمل جلّه».
إن الثقافة الانتخابية في مجتمعاتنا مازالت جنينية وفتية وهي بحاجة إلى تراكم للخبرات، فقد كان اليسار الماركسي والقومي، وفي ما بعد الاتجاهات الإسلامية تزدري مبدأ الانتخابات والبرلمانات وتعتبرها «بدعة برجوازية» مقدمة «الشرعية الثورية» على «الشرعية الدستورية».
وإذا كانت منطقتنا العربية من أكثر مناطق العالم بُعداً عن الانتخابات الحرة والنزيهة حسب المعايير الدولية، فالأمر لا يعود إلى رغبة الحكام في حجب هذا الحق أو جعله في خدمتهم أو ممارسته على نحو شكلي فحسب، بل إلى أسباب موضوعية وذاتية، فبعد تكوين الدولة الوطنية سنّت دساتير حملت بذور الفكرة الديموقراطية وبعض الحقوق والحريات، ورغم التجاوز عليها ومحاولة إجهاضها خصوصاً بربطها بعجلة الأجنبي لاسيما في مصر والعراق في العشرينيات والثلاثينيات وما بعدهما وفي سورية لاحقاً، فإن الثورات والانقلابات التي قام بها الجيش أدت دوراً سلبياً في تعطيل خط التطور التدريجي وفي القضاء على بعض التجارب الجنينية والإرهاصات الأولى رغم ضعفها وهزالها.
فبدلاً من وجود دستور مدني وحركات سياسية راغبة في التغيير باتجاه تمدين وتحديث المجتمع، وإذا بالصورة تنقلب، فالمدن الكبرى المتطلعة للحداثة مثل القاهرة وبغداد ودمشق وبيروت تتماهى أحياناً مع الريف بكل قيمه وتقاليده ويتم ترييفها بدلاً من إسهامها هي في تمدين الريف.
إن النقص الفادح في الثقافة الانتخابية يعود أيضاً إلى أن الأحزاب والحركات السياسية التي التجأ قسم منها إلى العمل السري تحت ضغط الواقع، ولم تكن هي الأخرى تؤمن بانتخابات وديموقراطية داخلية، الأمر الذي انعكس على سلوكها مع الآخرين إضافة الى جمهرة أعضائها وقواعدها، وكثير من الأحزاب لم يعرف التداولية باستثناء الموت الطبيعي أو التعرّض للتصفيات الجسدية، بل إن بعض هذه الأحزاب ورّث عائلته مواقعه القيادية من دون أي مؤهلات وسارت بعض مؤسسات المجتمع المدني على هذا المنوال!
وعندما وصلت بعض الحركات الشمولية إلى السلطة في بلدان الأصل والفرع (الدول الاشتراكية وبلدان التحرر الوطني) سادت الأحادية على جميع الصعد وحلّت «البيعة» محل الانتخابات التي لم تكن سوى التعبير عن المبايعة في جو بروتوكولي بعيداً عن المنافسة أو وجود مرشح آخر.
كما أن ضعف الثقافة الانتخابية يعود إلى المناهج التربوية والتعليمية فضلاً عن وجود الموروث السلبي ومحاولة تسييس الدين أو تديين السياسة والترويج لفكرة «المستبد العادل» التي تضفي نوعاً من القدسية على الزعيم الذي لا يمكن انتقاده، وحتى مناقشته، لأن ذلك سيكون مساساً بالقدسية سواء كانت سياسية أو مرجعية دينية أو مذهبية، ويتم الاستعاضة عن العقل وحق الاختلاف والتنوّع والتعددية بالفكرة المصطنعة عن الإجماع حتى إن كان زائفاً!
أما انتخابات الـ%99 التي وصلت الى %100 في واحدة منها فلم تكن سوى استخفاف بالعقل وتجاوز على قوانين الطبيعة والبشر، فالاختلاف سمة بشرية وطبيعية، وفيه تنبجس الحقيقة ولا يوجد مجتمع من دون معارضة أو اختلاف وإن وجد فهو مجتمع ميت ومنقرض، ولعل الاختلاف والتنوّع مصدر غنى وعنصر تقدم وعامل تطور وهو سنّة من سنن الحياة.
التجربة الانتخابية لاتزال محدودة والتراكم ضعيف لاسيما أن هناك بلداناً عانت واحدية وإطلاقية وتحريما وتجريما لكل رأي، وعندما حانت الفرصة لممارسة حق الانتخاب من دون تهيئة وتمهيد، اضطر الجمهور في لحظة من لحظات تزييف الوعي وبعد معاناة طويلة بسبب التفرد والاستئثار بالحكم إلى الاحتماء بمرجعيات طائفية ومذهبية وإثنية.
إن كوابح عشائرية ودينية ومذهبية وإثنية ناهيكم عن استخدام العنف والقوة في ظلّ مجتمعات تعاني وجود مسلحين ستكون عاملاً إضافياً في طريق الانتخابات الحرة والنزيهة، ولاشك أن اعتماد المعايير الدولية للانتخابات سيكون المدخل الصحيح لمجتمعات تطمح بالديموقراطية، إذ لا يمكن التذرّع بالخصوصية للتملّص من استحقاق هذه المعايير أو تبرير ذلك بحجة المحاصصات المذهبية والإثنية.
وإذا كانت ثمة كوابح داخلية فهناك كوابح وعقبات خارجية، ولعل استمرار الصراع العربي- الإسرائيلي كان حجة موضوعية وذاتية من جانب الأنظمة لتعطيل التنمية وإجهاض الديموقراطيات الوليدة والسيطرة على الانتخابات، مثلما تتم مصادرة الحريات ووضع قيود على الإعلام وعلى مؤسسات المجتمع المدني بحجة مكافحة الإرهاب الدولي، ولعل مناسبة الحديث عن ذلك هو نقاش حيوي في ندوة في بيروت بمبادرة من المنظمة العربية لمكافحة الفساد والتي يرأسها الدكتور سليم الحص!!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «ثقافة الاستقالة» في الفكر العربي السائد!
- ثقافة الانتخابات.. افتراض أم اعتراض؟
- علاقات واشنطن - طهران بين التصعيد والتجميد!!
- مسارات التدليس والتدنيس.. احتلال العراق في عامه السادس
- الميثاق العربي لحقوق الإنسان: السؤال والمآل!
- مجالس الصحوة ونظرية الضد النوعي
- تحطيم العراق كان أحد أهداف الاحتلال الأمريكي
- العرب والأكراد : بعيدا عن المجاملات أو الاحتقانات
- مفهوم المجتمع المدني ..بين التنوير والتشهير !!
- كامل الجادرجي حين يكون الاستثناء هو القاعدة !
- ضوء جديد في قضية المهدي بن بركة!!
- خالد علي الصالح- على طريق النوايا الطيبة: تجربتي مع حزب البع ...
- فرادة الوسطية والاعتدال! سعد صالح نموذجاً
- العراق-إيران: شفط النفط بين التسييس والتدليس!!
- اعلام وارهاب!
- العلم العراقي والرمز المنشود
- مجتمع مدني ولكن !
- قصائد من غوانتانامو!
- في الحالة العراقية: استحقاقات وتحديات!
- الفساد: «المنطقة المحرّمة» بالعراق!


المزيد.....




- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - الثقافة الانتخابية... والمعايير الدولية!