أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - مجتمع مدني ولكن !















المزيد.....

مجتمع مدني ولكن !


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2211 - 2008 / 3 / 5 - 11:00
المحور: المجتمع المدني
    


على الرغم من أن العديد من الحكومات أخذت تتحدث عن أهمية المجتمع المدني ومؤسساته فإنها في الواقع العملي سعت إما إلى التضييق عليه أو احتوائه أو جعله واجهة من واجهاتها أو إنشاء مؤسسات موازية له لمنافسته أو لشق صفوفه، وبالتالي لإضعاف دوره الرقابي والرصدي سواء الاحتجاجي أو الاقتراحي لاسيما لأداء الحكومة، التي ظلّت في العديد من البلدان العربية والإسلامية بشكل خاص والعالمثالثية بشكل عام، تعاني ضعفاً أو شحةً في فرص الحريات وهشاشةً في الحقوق السياسية والمدنية.
وإذا كان هناك اعتراف عام بأن المجتمع المدني بتنوعه وغناه يمكن أن يكون أحد اللاعبين المهمّين الجدد في التشريعات والقوانين والأنظمة واللوائح، فإن الاقتراب أو الابتعاد عنه يعتبر مؤشراً على التزام الحكومات والحركات السياسية بما فيها التي في المعارضة، بالمعايير الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان.
وتصنّف بعض الحكومات مؤسسات المجتمع المدني أمنياً، فتعتبر بعضها ضد الحكومة وأخرى مع الحكومة أو موالية لها وبعضها الآخر سياسية، بحيث يمكنها «استهدافها» حتى إن كانت مستقلة عن الحكومة والمعارضة، ولذلك فهي تواجه المنظمات غير الموالية أو المستقلة بوضع عقبات أمام تسجيلها، ثم تخضعها إذا سمحت لها بالتسجيل أو الترخيص القانوني للمراقبة والمراجعة الدقيقة والتفصيلية، وفي الأغلب تضع عراقيل أمام نشاطها حتى إن أجازت لها العمل الشرعي والقانوني.
كما أن الحكومات تعتبر أي نشاط يشارك فيه بعض المعارضين السياسيين، حتى إن كان نشاطاً حقوقياً إنما هو نشاط سياسي معارض، مثلما تعتبر أي نشاط حقوقي تتبنّاه المعارضة أو تتوافق معه، إنما يصبّ في طاحونة أعدائها أو خصومها، وبالتالي فهو نشاط سياسي قد يستحق التحريم أو حتى التجريم أحياناً.
وتلجأ الحكومات الى وضع القيود والقيام بالتفتيش أو التحقيق أو حتى الاعتقال، ناهيكم عن اختراع تهم أو شن دعايات مسيئة ضد نشطاء في المجتمع المدني، وأحياناً تساهم فيه بعض «المعارضات» التي ترضع من الثدي الشمولي أو التقليدي نفسه الذي ترضع منه الحكومات، أو بعض القوى الخارجية إزاء «الآخر».
ومن المسائل الإشكالية هي مسألة التمويل، التي هي سلاح ذو حدين فالحكومات من جهة تمنع المنظمات المدنية والحقوقية من تلقي أي منح أو أموال دولية أو تضع العراقيل المباشرة وغير المباشرة قبل الموافقة، وفي الوقت نفسه تمنعها هي الأخرى من الحصول على تمويل داخلي عن طريق المنح الرسمية أو شبه الرسمية أو حتى التبرعات، وإذا كانت بعض المنظمات أو الأشخاص المتنفذين فيها ممن يسعون إلى الكسب الشخصي أو إلى الارتزاق أو وضع أجندة المموّل الدولي فوق الأجندة الوطنية أو القيام بأنشطة سياسية أو دعائية تضرّ بالوحدة الوطنية أو تسيء للتعايش المجتمعي، فإن ذلك لا ينبغي أن يكون مبرراً لمنع المنظمات من الحصول على تمويل دولي من الأمم المتحدة وهيئات دولية معترف بها، في إطارات الشفافية والمراقبة خصوصاً من جمهرة الأعضاء ناهيكم عن الأجهزة الرسمية القانونية.
لذلك فإن سيف الاتهام بالاتصال بالقوى الخارجية كان باستمرار مصلتاً على مؤسسات المجتمع المدني، سواء ما يتعلق بتهديد الأمن العام أو تطبيق الأجندة الخارجية أو مخالفة القوانين والأنظمة السائدة، بل إن بعض القوى الدولية هي الأخرى استهدفت بعض مؤسسات المجتمع المدني سواء باتهامها بممالأة حكوماتها إن هي وقفت ضد محاولات إملاء الإرادة أو فرض الاستتباع، أو حرمانها من التمويل الدولي بسبب مواقفها سواء بتأييد «المقاومة» أو دعم حق الشعوب في التحرر والاستقلال وتقرير المصير، مما تعتبره القوى المتنفّذة موقفاً معادياً منها، ولعل التعامل ذا الصفة الازدواجية والانتقائية مع مؤسسات المجتمع المدني في البلدان التي تحت الاحتلال، خير دليل على التوظيف السياسي من جانب بعض القوى الدولية.
إن الإقرار بحق مؤسسات المجتمع المدني في التنظيم والتعبير والتجمع والكلام يقتضي منها الاتصال بمثيلاتها دولياً، وهو ما أكده الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، وهذا الحق ينطلق من حق تشكيل كيان قانوني «منظمة غير حكومية» كفضاء عام لتحقيق أهداف إنسانية مشتركة تشكل قاسماً بين الحكومات والمجتمع المدني، الأمر الذي يتطلب عدم التدخل الحكومي بشؤون هذه المنظمات، لكي تتمكن من الوفاء بالتزاماتها وتحقيق أهدافها بما فيها على الصعيد الدولي. ولعل العديد من الحكومات بما فيها العربية كانت قد وقعت على العديد من الاتفاقيات الدولية، التي تضمن هذا الحق.
وهذا الأمر له علاقة حميمة بحق التعبير وحق الاتصال والحق في إقامة العلاقة مع شركاء محليين أو دوليين، بما فيها المشاركة في نشاطاتهم والبحث عن إمكانات وضمانات لتحقيق ذلك.
وإذا كانت هذه المبادئ تشكل مشتركاً إنسانياً وحقوقياً، فثمة عوائق تقف في طريقها خصوصاً في العالم الثالث، منها ضعف وهشاشة التراكيب الديموقراطية على جميع المستويات الحكومية وغير الحكومية، وتدخلات السلطة التنفيذية بشؤون الأجهزة التشريعية والقضائية، إضافة إلى الدور السلبي الذي يؤديه الإعلام الرسمي أحياناً، خصوصاً في الترويج للحاكم والتشهير بالمجتمع المدني وتسويد صورته، لاسيما إذا كان موقفه مبدئياً إزاء مظاهر التحكّم والفساد والرشوة وهدر الحريات والتجاوز على حقوق الإنسان.
وهناك سبب ذاتي لا يقل سلبية عن الأسباب الموضوعية، ذلك أن بعض مؤسسات المجتمع المدني اقتفت أثر الحكومات في حياتها الداخلية، فتجاوزت على قواعد العمل الديموقراطي وكرّست عبادة الفرد وظهرت منظمات ذات الوجه الواحد والصوت الواحد، وغابت الهيئات الإدارية أو الاستشارية، إلاّ لضرورات البروتوكول أحياناً أو لأخذ الصور التذكارية، لدرجة التندّر حتى من جانب بعض الحكومات التي شهدت «تداولاً» محدوداً للسلطة أو نوعاً منه وإن كان شكلياً، فبدلاً من أن تصبح مؤسسات المجتمع المدني نموذجاً للتداول والتناوب في المسؤوليات، فإذا بها تتحول إلى هيئات شكلية تلعب فيها المصالح والارتياحات الشخصية والرغبة في الهيمنة.
ثم إن بعض قيادات المجتمع المدني لم يترك المسافة الكافية بينه وبين الانخراط في العمل السياسي أو الانحياز الآيديولوجي أو الديني اقتراباً أو ابتعاداً من المعارضات والحكومات أو الأجندات الدولية بما أضعف مهنيتها وصدقيتها، وأحياناً جعلها هدفاً سهلاً لاسيما بعض المغريات خصوصاً لأوساط عاملة في المنظمات الدولية التي يصبح من أهدافها أحياناً تمثيل جانب التطرف ضد بلدانها، إما تملّقاً للآخر أو رغبة في الحصول على امتيازات جديدة أو لقصور في فهم طبيعة تطور منطقتنا.
إن مؤسسات المجتمع المدني تقف بين التسيير والتخيير، وعليها الاختيار، وتتعرض إلى مواقف بين التشويه والتنزيه، وعليها إثبات جدارتها وسط الكثير من الإغراءات والضغوط والعواصف!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصائد من غوانتانامو!
- في الحالة العراقية: استحقاقات وتحديات!
- الفساد: «المنطقة المحرّمة» بالعراق!
- أديان العراق وطوائفه: عنف الحاضر وتعايش الماضي
- من يضمن حقوق اللاجئين -العراقيين-؟!
- غاندي وروح التسامح واللاعنف
- نفق غوانتانامو الذي لا ينتهي!!
- الحرب الاستباقية واحتكار العدالة: حالة غزة
- أور أو -مدينة القمر- والشبكة العنكبوتية
- جورج حبش: الاستثناء في التفاصيل أيضاً!!
- صورة المجتمع المدني بين التصادم والتواؤم
- دولة مواطنة أم مواطنة دولة ؟!
- المجتمع المدني بين الاقرار والانكار !!
- راية الليبرالية الجديدة!!
- العقدة النفطية في المشكلة العراقية!!
- العلاقات العراقية- الامريكية .. والعودة الى نقطة الصفر!!
- اللاجئون العراقيون : مسؤولية من؟
- سيناريوهات الاجتياح التركي للاراضي العراقية!!
- سيناريوهات الوجود أو الانسحاب الامريكي من العراق!!
- العدالة الانتقالية وذاكرة الضحايا!!


المزيد.....




- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...
- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - مجتمع مدني ولكن !