أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - اللاجئون العراقيون : مسؤولية من؟















المزيد.....

اللاجئون العراقيون : مسؤولية من؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2173 - 2008 / 1 / 27 - 10:48
المحور: حقوق الانسان
    


تعدُّ هجرة العراقيين أو تهجيرهم أكبر الهجرات الجماعية منذ الحرب العالمية الثانية كما وصفت ذلك المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فما زال نحو 50 ألف لاجئ يعبرون الحدود يومياً، وخصوصاً منذ أحداث تفجير مرقدي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء في 6 شباط (فبراير) 2006 وحتى الآن، وانفلات العنف والتطهير المذهبي والطائفي.
مؤخراً انتقدت منظمات انسانية وحقوقية الولايات المتحدة على تقاعسها في مساعدة اللاجئين العراقيين واعتبرت إجراءاتها بطيئة، وتمويلها غير كاف خصوصاً، وأن أعداد اللاجئين الذين فرّوا من بلادهم منذ الاحتلال عام 2003 وحتى الآن، بلغت مليونين واربعمائة ألف لاجئ (2.400.000) حسب تقديرات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة، فحصة سوريا نحو مليون واربعمائة الف، والاردن نحو سبعمائة وخمسون الف لاجئ (750.000)، أما اللاجئون الآخرون فموّزعون على مصر ولبنان وبعض دول الخليج ودول أخرى، وتشير الأمم المتحدة الى أن هناك مليوني نازح داخل العراق، وقد يوازي هذا الرقم الهجرات الأولى للعراقيين خلال ربع القرن الماضي لأسباب سياسية أو خلال الحرب العراقية- الإيرانية أو فترة الحصار الدولي، الذي دام 13 عاماً.
وقد تعهدت واشنطن باستقبال 12.000 لاجئ بحلول العام المقبل كإجراء يستهدف إمتصاص النقمة، لكنه أثار الكثير من الشجون والغضب في أوساط اللاجئين، بمن فيهم الذين تعاونوا مع قوات الاحتلال أو عملوا معها بصفة مترجمين أو مقاولين، علماً بأن عدد العراقيين المتقدمين بطلبات لجوء لدى وكالات الامم المتحدة المختصة في البلدان الثلاث سوريا والاردن ولبنان بلغ نحو 200.000 لاجئ، نصفهم لم تُنجز معاملاتهم الادارية بعد بسبب البيروقراطية، إضافة الى وجود قيود ادارية من الدول المضيفة، ويبلغ عدد اللاجئين المسجلين الممنوحين صفة لاجئ في الاردن وسوريا ولبنان لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين نحوأحد عشر ألف (11.000) ألف لاجئ، وكانت منظمة أوكسفام البريطانية الخيرية قد أطلقت تحذيراً شديداً في 30 تموز (يوليو) 2007 يقول ان ثمانية ملايين عراقي يعانون من نقص الماء والطعام والمأوى وهم بحاجة الى مساعدات انسانية، (ولعل هذا الرقم يشمل أعداد النازحين داخل العراق، الذين يعيشون في الخيام وفي ظروف قاسية).
اللاجئون العراقيون أرغموا قسراً على ترك بلادهم بسبب أعمال العنف الطائفي المنفلتة من عقالها ويعيشون أوضاعاً مأساوية متفاقمة، خصوصاً بذبول الأمل بتحسّن سريع لأوضاعهم ومعالجة مشاكلهم، ورغم معاناتهم فقد ظلّوا دون مساعدات دولية أو غطاء قانوني، وقد خصصت الحكومة العراقية خمسة وعشرين مليون لمساعدة اللاجئين وهي نسبة تكاد تكون " مضحكة"، إذا ما عرفنا كم ستكون حصة كل لاجئ منها. علماً بأن الحكومة العراقية بإمكانها تقديم قيمة الحصة التموينية اليهم إضافة الى إعانات ومخصصات تتعلق بالصحة والتعليم والإقامة بالتعاون مع سلطات البلدان المضيفة، ومن المفارقة أن تكون جمعية اللاجئين الدولية الامريكية هي التي تطالب واشنطن بتقديم مليار واربعمائة الف دولار لدعم اللاجئين في الموازنة الاضافية الامريكية البالغة مائة وتسعين مليار دولار (190 مليار دولار) في اطار " الحرب على الارهاب".
قد يعتقد البعض ان التهجير هو ناتج عرضي للاحتلال أو نتيجة غير مقصودة من نتائجه وبزواله يمكن التخلّص من أثاره بسهولة، لكن التهجير إنطلق من محاولات لتغيير ديموغرافي وواقع سكاني وسبقه عمليات محاصصة واحتقان وتطهير مذهبي وعرقي، أعقبت صيغة بول بريمر لمجلس الحكم الانتقالي، التي قسّمت المجتمع العراقي الى طوائف واثنيات، وصولاً الى الحرب الاهلية التي من افرازاتها، إقرار الامر الواقع للقبول بالتقسيم باعتباره " أحسن الحلول السيئة"، وهو التبرير الذي قدّمه السيناتور الديمقراطي ومرشح الرئاسة جوزيف بايدن الى الكونغرس والذي صدر عنه قانون لتقسيم العراق الى ثلاثة مناطق لانهاء الارهاب والعنف، بعد إضعاف السلطة المركزية! كما تقول الوصفة السحرية.

إذن فتغيير التركيب السكاني والتطهير الطائفي والإثني والعرقي وفقا للهويات المصغّرة التجزيئية بل وحتى المجهرية، هو جزء محوري من مشروع متكامل بهدف تغيير هوية العراق وتقسيمه، وهو ما كان قد ذهب اليه " تروست الأدمغة " أو "مجمّع العقول " الذي عمل فيه كيسنجر وبريجنسكي منذ الستينات والسبعينات.
يقول جورج تينيت مدير الـ CIA في كتابه الذي صدر مؤخراً (2007) " في قلب العاصفة": وسرعان ما تبيّن لنا وللعراقيين بوضوح أن الهدف هو اعادة تشكيل مجتمعهم! ولعل كلاماً مثل هذا يرتّب مسؤوليات قانونية خطيرة، خصوصاً بانكشاف زيف مزاعم وجود أسلحة دمار شامل، وعدم صدقية علاقة العراق بالارهاب الدولي، وان ربيع الديمقراطية ونعيم الحرية والرخاء والتنمية تحولت من وعود لا تمتلك أي برهان الى كوابيس واضغاث أحلام، خصوصاً وقد تفشى الارهاب وتشظّى المجتمع وسادت الجريمة المنظّمة والسيارات المفخخة والقتل على الهوية، الذي ساهم في عمليات التهجير.
وإذا أردنا الحديث بلغة القانون فإن القصد الجنائي متوفرٌ في حالة المهجّرين العراقيين سواءًا بالركن المادي للجريمة أو الركن المعنوي، خصوصاً وأن التهجير اقترن مع سبق اصرار بحصار المدن والقرى وتدميرها وانزال عقوبات جماعية بالسكان المدنيين العزّل واستخدام القوة على نحو مفرط والاعتقالات الجماعية وممارسة التعذيب بشكل روتيني، إضافة الى اجراءات سياسية منها حل الجيش والمؤسسة العسكرية الحامية، وسبق ذلك معاناة المجتمع العراقي من حصار دولي جائر لمدة ثلاثة عشر عاماً، والذي يعتبر شكلاً من أشكال الابادة الجماعية وتشريعاً للقسوة، ثم احتلال خارج نطاق الشرعية الدولية، وبالضد منها ومن قواعد القانون الدولي الانساني واتفاقيات جنيف لعام، (1949) والبروتوكولان الملحقان بها لعام 1977.
واستناداً الى ذلك فان حقوق اللاجئين التي تكفلها اتفاقية حقوق اللاجئين لعام 1951 وملحقها لعام 1967، اضافة الى الشرعة الدولية لحقوق الانسان، تعتبر التهجير القسري سواءًا لأسباب سياسية أو دينية أو عرقية أو قومية أو مذهبية أو لأي سبب كان، جرائم حرب وجرائم إبادة وجرائم ضد الانسانية، وكلها أعقبت جريمة العدوان التي تنطبق على الاحتلال حسب التوصيف القانوني، فاتفاقية جنيف الرابعة وملحقيها الأول والثاني كلها تحظر على الدولة المحتلة اجراء عمليات نقل جماعي قسري أو فردي للأشخاص المحميّين أو نفيهم، ناهيكم عن اجراء تغييرات دستورية وقانونية بنيوية في الاقليم المحتل، كما أن اتفاقية الامم المتحدة لمنع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 تحظر أيضا القتل أو إلحاق الاذى أو اخضاع أو تدمير الحياة المادية أو إبعاد الاطفال.
ولعل نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية الذي دخل حيّز التنفيذ في تموز (يوليو) عام 2002 يعتبر إبعاد السكان وتهجيرهم جريمة ضد الانسانية، خصوصاً إذا ارتكبت في إطار هجوم واسع ضد جماعات سكانية، مثلما تذهب الى ذلك أكثر من عشر اتفاقيات ومعاهدات دولية.
وتجاوزاً على قرار تعريف ماهية العدوان الصادر عن الأمم المتحدة برقم 3314 في 14/12/1974 الذي يحدد المسؤولية على الجهة المعتدية، فإن الترحيل السكاني والنفي القسري يستوجبان إلتفاتة خاصة من المجتمع الدولي ليس بدلالتها القانونية أو بفضائها الحقوقي، حسب بل ببعدها الانساني أولاً وقبل كل شيء، فالانسان هو مقياس كل شيء على حد تعبير الفيلسوف الإغريقي بروتوغوراس، خصوصاً وأن عدد اللاجئين في العام يزيد عن 26 مليون لاجئ، مما يتطلب اتخاذ إجراءات حازمة وسريعة.

د. عبدالحسين شعبان*
* كاتب ومفكر عربي




#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيناريوهات الاجتياح التركي للاراضي العراقية!!
- سيناريوهات الوجود أو الانسحاب الامريكي من العراق!!
- العدالة الانتقالية وذاكرة الضحايا!!
- شط العرب.. وصاعق التفجير!!
- هل الديمقراطية مثالية؟!!
- المكتب البيضاوي: انه الاقتصاد يا غبي!!
- التنوع الثقافي والنخب الفكرية والسياسية!
- العرب والتنمية!!
- العراق: من إرث الماضي الى تحديات المستقبل
- العرب ومفارقات العولمة
- القضية العراقية بين التدويل والتأويل
- الدولة العراقية: سياقات التماسك والتآكل
- اختلاس الزمن في ظاهرة الاختفاء القسري!
- البصرة هل هو ثمن الحرية!
- الهوية الثقافية: الخاص والعام
- حين يختفي الاعلامي مؤرخ اللحظة !!
- مجتمع الايتام والآرامل!!
- اللاجئون العراقيون: مسؤولية من!؟..
- شهادة حية على التعذيب في سجن ابو غريب
- الاقليات والحقوق الثقافية


المزيد.....




- واشنطن ناشدت كندا خلف الكواليس لمواصلة دعم الأونروا
- الهلال الأحمر: إسرائيل تفرج عن 7 معتقلين من طواقمنا
- حركة فتح: قضية الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين تحتل أولوي ...
- نادي الأسير يعلن ارتفاع حصيلة الاعتقالات منذ 7 أكتوبر إلى 78 ...
- الاحتلال يفرج عن 7 معتقلين من الهلال الأحمر ومصير 8 ما زال ...
- الأمم المتحدة: الوقت ينفد ولا بديل عن إغاثة غزة برا
- تعذيب وتنكيل وحرق حتى الموت.. فيديو صادم يظهر ميليشيا موالية ...
- الأمم المتحدة: أكثر من مليون شخص في غزة يواجهون انعدام الأمن ...
- الأمم المتحدة: أكثر من مليون غزي يواجهون انعدام الأمن الغذائ ...
- زاخاروفا تضيف سؤالا خامسا على أسئلة أربعة وضعتها برلين شرطا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - اللاجئون العراقيون : مسؤولية من؟