أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - ضوء جديد في قضية المهدي بن بركة!!















المزيد.....

ضوء جديد في قضية المهدي بن بركة!!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2214 - 2008 / 3 / 8 - 10:42
المحور: حقوق الانسان
    


ظلّت قضية اختطاف المهدي بن بركة لغزاً مستمراً منذ اختفائه قسرياً في باريس عام 1965 حتى الآن، ورغم محاولات إجلاء مصيره إلاّ أن الغموض والإبهام مازالا يكتنفان قضيته، لاسيما أن السمة المميزة لذلك الحادث المثير، كانت أقرب إلى التكهن و«الاستنباط» والموقف السياسي منها إلى الوقائع والحيثيات والقرائن والحكم القضائي.
يمكن اعتبار مسألة الاختفاء القسري للمهدي بن بركة إحدى الجرائم السياسية الكبرى في القرن العشرين، ولعلها تُستذكر كلما جرى الحديث عن جرائم الاختفاء والاختطاف والتغييب، لاسيما بعد اختفاء السيد موسى الصدر قسرياً بعد زيارته إلى الجماهيرية الليبية عام 1979 ومنصور الكيخيا بعد حضوره اجتماع الجمعية العمومية للمنظمة العربية لحقوق الإنسان عام 1993 في القاهرة، والاختفاء القسري للدكتور صفاء الحافظ والدكتور صباح الدرة وعايدة ياسين ودارا توفيق في مطلع الثمانينيات في بغداد، واختفاء ناصر السعيد في بيروت في فترة مقاربة.
ولعل مناسبة الحديث عن المهدي بن بركة يعود أولاً إلى ندوة حقوقية في الرباط انعقدت أخيراً، وعلى هامشها أثار الكاتب طائفة من الأسئلة حول اختفائه والظروف والملابسات التي رافقته، خصوصاً أن ناشطة حقوقية تقوم حالياً بإعادة قراءة وتوثيق ما كتب عن حادث الاختفاء القسري لاسيما بعد مراجعة ملفات استخبارية عديدة، وثانياً إلى صدور كتاب جديد ومهم لاسيما في مجال التوثيق، يسعى إلى تسليط ضوء جديد على جريمة اختطاف المهدي بن بركة، وكيف تم التخطيط والتنفيذ وفي ما بعد الاغتيال.
ويوضح كتاب «خفايا اغتيال المهدي بن بركة- كشف جريمة دولية» لمؤلفيه جاك درجي وفريديك بلوكان وترجمة محمد صبح، أن هدف الاختفاء القسري (وهو المصطلح القانوني الذي تستخدمه الأمم المتحدة وليس الاستخدام السياسي والإعلام السائد- الاختطاف) هو تغييب صوت مؤثر ومعارض في العالم الثالث للتوجهات الغربية آنذاك، حيث استهدفت العملية من خلاله توجيه ضربة إلى حركة التحرر العربية الصاعدة، باعتباره أحد رموزها المهمة.
وتبدأ تفاصيل العملية بعد رصد طويل لحركة المهدي بن بركة في باريس حسب وثائق الشرطة والاستخبارات الفرنسية، إلى يوم التنفيذ في نوفمبر 1965، وذلك عبر سيناريو دقيق ومتقن على نحو شديد، ففي ذلك اليوم دخل المهدي بن بركة إلى أحد مقاهي الشانزليزيه، تقدّم منه اثنان من رجال البوليس وأوقفاه، ثم اصطحباه بسيارة سوداء كانت متوقفة بالقرب من المقهى الباريسي. هكذا ذهب المهدي بن بركة إلى المجهول لكي يلفّه النسيان رغم أن العملية تمت في وضح النهار، وأمام مرأى ومسمع من الناس.
وإذا كان المخطوف معلوماً فإن الخاطفين ظلّوا مجهولين، وظلّت عملية الاختطاف غامضة ومبهمة وفيها الكثير من التقوّلات والتأويلات، والأمر الذي زاد القضية التباساً وكأنه استكمال لمخطط الاختطاف، هو أن الحكم الذي صدر بشأنها كان يوم الخامس من يونيو 1967، أي بعد بدء العدوان الإسرائيلي بساعات، ولعل السبب في هذا التوقيت أريد منه تمرير القضية من دون ردود فعل تذكر أو احتجاجات أو استنكارات.
لكن الشيء الذي كان ولايزال واضحاً هو محاولة التغييب وإسدال ستار من التعميم حول القضية التي قبعت في دهاليز النسيان بعيدة عن دائرة الضوء، فلم تتم إدانة أحد من خلال المحاكمة ولم يوّجه الاتهام صراحة إلى أحد، لأن الخاطفين مجهولون وهويتهم غير معلومة، مع أن السلطات الفرنسية تتحمل المسؤولية القانونية، لكون المهدي بن بركة موجوداً فوق ترابها الوطني، وهو شخصية عامة ومعروفة، فقد كان أحد القادة الأساسيين للاتحاد الوطني للقوى الشعبية في المغرب ومنسّق مؤتمر القارات الثلاث (العالمي)، فكيف يختفي قسرياً؟
ورغم عدم وجود أدلة دامغة على الجهات التي قامت بتنفيذ الجريمة بإتقان ومهارة، لكن القرائن تشير بإصبع الاتهام إلى الجهات الفرنسية الرسمية، التي أدخلت القضية في أنفاق معتمة ولم يتم اكتشاف جثمان الضحية حتى الآن.
مازال الجانب الأخلاقي والقانوني يؤرق الكثير من دعاة حقوق الإنسان في فرنسا والعالم العربي والعالم بشكل عام، فبلد القانون والحريات، تراه متورطاً لحسابات سياسية ضيقة في عمل إرهابي لا يسقط بالتقادم وهو الاختفاء القسري، ويستطيع المرء أن يتصور حراجة الأسئلة الحارة التي توّجه إلى المسؤولين الفرنسيين طيلة أكثر من أربعة عقود ونيّف من الزمان! كيف لبلد على مثل هذا الرقي والتقدم يقدم أو يسهّل الإقدام على جريمة بشعة لتغييب رأي حر وصاحب فكر وقاد وقائد سياسي كبير!
ولعل ما يشير بإصبع الاتهام أن بعض من ثارت حولهم الشبهات قد تمت تصفيتهم انتحاراً أو موتاً بطريقة تثير علامات استفهام جديدة، وهو ما كشفه مؤلفا كتاب «خفايا اغتيال المهدي بن بركة» بعد تدقيقهما في ملفات الشرطة السرية الفرنسية بتسجيل متابعة دقيقة لمراحل عملية الاختفاء القسري وبعض الأفراد المشتبه فيهم بمسرح الجريمة وحيثياتها، وهو ما يشير إلى تورّط جهات رسمية عليا في كل من المغرب وفرنسا وغيرهما، حيث تمت الإشارة إلى الجنرال محمد أوفقير وزير الداخلية آنذاك ومتابعته للمهدي بن بركة، حيث كلّف محمد الدليمي لتنفيذها، لكون بن بركة يمثل العدو الأساسي للنظام السياسي آنذاك والذي لابدّ من التخلص منه.
كما هناك إشارة إلى تورط أربعة أجهزة استخبارية عالمية في الجريمة، في مقدمتها: الاستخبارات الفرنسية ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) والموساد الإسرائيلي والاستخبارات المغربية، إضافة إلى الاستعانة التي ترددت بخصوص مشاركة بعض المجرمين العاديين من محترفي أعمال الإرهاب والجريمة المنظمة، ولعل هذا كان موضع نقاش حقوقي في أكثر من ندوة ونشاط سياسي.
وإذا كان الرئيس شارل ديغول لا يعلم بعملية الاختفاء القسري، لكنه وجد نفسه أمام أعداء لدودين لاسيما جماعات الضغط ذات المواقع المتنفذة في الاستخبارات الفرنسية التي تملك تاريخاً استعمارياً عريقاً، خصوصاً في التجربة الجزائرية، الأمر الذي جعله عاجزاً عن كشف ملابسات هذه القضية الغامضة، كما أن صمت العديد من الجهات وضعتها في موضع التواطؤ!
وإذا كان سبب إخفاء معالم الجريمة أمراً يلجأ إليه المرتكبون دائماً، فإن الهدف منه يعود إلى الاعتقاد بأن المُختطف بثقله اليساري والاشتراكي يشكل خطراً على الجهات الخاطفة، وهو الأمر الذي دفع بالأجهزة الفرنسية إلى التعاون مع الأجهزة المخابراتية الدولية العديدة بعد التخلص من بن بركة لإخفاء المعلومات المتوافرة للتغطية على العملية، كي تبقى في دائرة النسيان.
وتقول وثيقة سرية فرنسية في مكافحة الجاسوسية يعود تاريخها إلى 30 سبتمبر 1966، أي بعد نحو عام على الاختفاء القسري أن الأميركان حرضوا الجنرال أوفقير على التخلص من أحد أعدائهم وكان الهدف هو إفشال مؤتمر القارات الثلاث الذي كان بن بركة يحضر له للانعقاد في هافانا (كوبا)، ومن جهة أخرى إضعاف التيار الديغولي الذي كان يرفض الانضواء تحت جناح الولايات المتحدة.
إن مجرد إلقاء ضوء جديد حول قضية المهدي بن بركة يعني أنها لاتزال قضية إنسانية تعيش في ضمائر الملايين من الناس في مغرب الأرض ومشرقها بل على المستوى العالمي!
*



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خالد علي الصالح- على طريق النوايا الطيبة: تجربتي مع حزب البع ...
- فرادة الوسطية والاعتدال! سعد صالح نموذجاً
- العراق-إيران: شفط النفط بين التسييس والتدليس!!
- اعلام وارهاب!
- العلم العراقي والرمز المنشود
- مجتمع مدني ولكن !
- قصائد من غوانتانامو!
- في الحالة العراقية: استحقاقات وتحديات!
- الفساد: «المنطقة المحرّمة» بالعراق!
- أديان العراق وطوائفه: عنف الحاضر وتعايش الماضي
- من يضمن حقوق اللاجئين -العراقيين-؟!
- غاندي وروح التسامح واللاعنف
- نفق غوانتانامو الذي لا ينتهي!!
- الحرب الاستباقية واحتكار العدالة: حالة غزة
- أور أو -مدينة القمر- والشبكة العنكبوتية
- جورج حبش: الاستثناء في التفاصيل أيضاً!!
- صورة المجتمع المدني بين التصادم والتواؤم
- دولة مواطنة أم مواطنة دولة ؟!
- المجتمع المدني بين الاقرار والانكار !!
- راية الليبرالية الجديدة!!


المزيد.....




- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - ضوء جديد في قضية المهدي بن بركة!!