أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عبد الحسين شعبان - اعلام وارهاب!















المزيد.....

اعلام وارهاب!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2210 - 2008 / 3 / 4 - 10:59
المحور: الصحافة والاعلام
    


توصل وزراء الإعلام العرب إلى إقرار «وثيقة مبادئ» تنظيم البث الفضائي الإذاعي والتلفزيوني في المنطقة العربية، وذلك خلال اجتماعهم في جامعة الدول العربية في القاهرة في 12 فبراير 2008. وقد وقع على الوثيقة جميع الوزراء العرب باستثناء قطر التي أرجأت التوقيع لحين عرضها على السلطات والمؤسسات التشريعية القطرية، للتأكد أنها لا تتضمن مواد تتعارض مع تشريعاتها.
ورغم أن الوثيقة تعتبر استشارية أو استرشادية أي غير ملزمة، إلا أنها حسب وزير الإعلام المصري أنس الفقي «وثيقة ملزمة»، حين قال: سيتم إلزام الفضائيات التي تبث من مصر بها، وإن هذا أحد الأسباب التي كانت وراء تأجيل الموافقة على بث فضائيات جديدة على النايل سات».
كما أن وزارة الإعلام المصرية، حسب الوزير الفقي، ستقوم على الفور بإرسال الوثيقة إلى مجلس إدارة المنطقة الحرة الإعلامية، ومجلس إدارة النايل سات، لتكون الإطار الناظم لعملها. وستصبح الوثيقة ملحقاً للعقود التي سبق أن تم إبرامها مع القنوات الفضائية، وكذلك عقود استئجار الاستوديوهات بمدينة الإنتاج الإعلامي (6 أكتوبر).
وقد أثارت وثيقة المبادئ ردود فعل كثيرة، إعلامية وحقوقية، تلك التي تعتبرها بمثابة عائق جديد أمام حرية الإعلام وحرية التعبير في الوطن العربي. ولعل المسألة الخطيرة التي بحاجة إلى وقفة جدية هي تلك التي تتعلق بانسيابية الأخبار والمعلومات «المستقلة»، والحق في تلقيها وبثها على ملايين الناس الذين قد يكونون عرضة للتأثير من جانب قوى متعصبة ومتطرفة، فما بالك إذا تم تقنين حرية التعبير والحق في تدفق المعلومات ونشرها وإذاعتها طبقاً لما تقرره المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وبقراءة لقائمة المحظورات التي ينبغي على الإعلام الالتزام بها، فسوف تضيق إلى حدود كبيرة فسحة الحرية، بل إن سيف الرقابة سيكون مسلطاً عليها، لاسيما تفسير وتأويل حدود الحرية المقننة الممنوحة والمتبقية طبقاً لإعلان المبادئ، والتي لا تشمل البث التلفزيوني فحسب، بل استهدفت الإعلام الإلكتروني أيضاً، كما شملت مصادرة الأجهزة والمعدّات خلال التصوير والأعمال التمهيدية حتى قبل البث.
وتشمل قائمة الممنوعات:
- «عدم تناول القادة والرموز الدينية في العالم العربي بالتجريح».. ولكن ما هي حدود النقد والتجريح؟ ثم من هو الذي يحدد القادة والرموز؟ وهل هم خارج نطاق عملية النقد، وفوق المجتمع والدولة؟ وماذا لو ارتكبوا خطأ أو انتهاكاً، فكيف يمكن للإعلام التصدي لتلك الظواهر إنْ لم يكن بالنقد وكشف الحقائق؟!
- «الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية للمجتمع العربي، ومراعاة بنيته الأسرية وترابطه الاجتماعي».. وهذه الأخرى أحكام عامة يمكن تفسيرها وتأويلها، فبعض العادات أو التقاليد، والتي قد تختلط بالقيم والأخلاق، تعدّ باليةً ومتخلفةً وتستحق النقد، والهدف هو توعية المجتمع وتخليصه مما لحق به من ترهات وما علق به من أدران، فتحتاج إلى شحذ سلاح النقد وتشجيع الناس على تلمّس المشترك الإنساني للحضارات والثقافات مع مراعاة الخصوصية العربية والإسلامية، علماً بأن قوانين الأسرة والتقاليد الاجتماعية تختلف من مجتمع إلى آخر.

- «الامتناع عن بث كل ما يتعارض مع توجهات التضامن العربي».. وهذه مسألة عامة وغامضة أيضاً، ولعل هناك اجتهادات واختلافات حولها. كما أن وظيفة الإعلام الحر هي في التنوير وقول الحقيقة وكشف ما يعارضها ونقد المظاهر السلبية، وقد تختلف زاوية الرؤية بين الإعلامي وموظفي الإعلام، سواءً كانوا وزراء أو مؤسسات، باختلاف دورهم. وهنا لا بدّ من تسليط الضوء على نقابات الإعلاميين والصحافيين واتحاد الصحافيين العرب ودورهم في نقد الوثيقة وما يترتب عليها.
- «الامتناع عن بث كل ما يتعارض مع الذات الإلهية والأديان السماوية والرسل والمذاهب والرموز الدينية».. وأثار هذا الأمر في الماضي ويثير في الحاضر والمستقبل مشكلات كبيرة، فنقد الظواهر السلبية، بما فيها التي تستخدم الدين ستاراً أو يافطة، قد يؤدي إلى ملاحقة الإعلامي قانونياً. كما أن تدخّل رجال الدين بأمور السياسة والثقافة والأدب والفن والعلم والسياحة والتجارة والحلال والحرام والتأثيم والتجريم، يجعل هذه المؤسسة فوق الدولة وفوق المجتمع، وقد تم الاستعداء ضد مثقفين بحجة مروقهم أو خروج نتاجاتهم الإبداعية على الدين، وتم التحريض على قتل أدباء وفنانين ومبدعين في العديد من الدول العربية تحت دعاوى زائفة وفتاوى دينية كيدية.

إن تهديد الوثيقة بسحب أو عدم تجديد أو تجميد ترخيص القنوات الفضائية المخالفة لأحكامها يجعل من المؤسسات الإعلامية الحرة والمستقلة تحت مرمى مدفعية الجهات الرسمية والمحافظة، إذ إن تنفيذ هذه الأحكام سوف يعيق ويكبح سبيل حرية التعبير. وإضافة إلى تعارضه مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 19)، فإنه يتعارض مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية، وكذلك مع المادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان التي تضمن الحق في الحصول على المعلومات وحرية التعبير، وهو الميثاق الذي اعتمدته جامعة الدول العربية عام 2004 بعد نقاشات وتعديلات استمرت من عام 1971 وحتى عام 1994، ثم أجريت تعديلات جوهرية عليه ليتم إقراره في مؤتمر القمة العربية.
ومن بواعث القلق أن تعزيز التعاون الأمني والإعلامي الرسمي يتم في ظل غياب تعريف واضح للتدابير المقصودة بمكافحة الإرهاب، والتي يُفهم منها زيادة الرقابة والتدخل في شؤون الإعلام بما يضعف حرية التعبير، ويعرّض الإعلامي إلى المساءلة، الأمر الذي قد يصل إلى التعرّض لأحكام قاسية وعقوبات غليظة.
عندما قرأت وثيقة إعلان المبادئ، استذكرت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب التي تم التوقيع عليها في 22 أبريل 1998 من جانب وزراء الداخلية والعدل العرب، وأثارت حينها سجالات ونقاشات وجدالات ساخنة، مثلما أثارته وحرّكته وثيقة إعلان المبادئ التي قال الوزراء والمسؤولون «إنها إنجاز كبير»، في حين أن مؤسسات المجتمع المدني اعتبرتها تمس على نحو كبير بحرية التعبير، وتضيّق على الحريات، وتحوّل سيف الإرهاب إلى سيف مسلّط على الإعلامي والناشط في المجتمع المدني بما يعني تجاوز الهدف من توقيعها.

وتذكرت حديثا لي مع مسؤول عربي رفيع المستوى سبق أن نشرته في كتابي «ثلاثية الثلاثاء الدامي: الإسلام والإرهاب الدولي»، حين قال لي إننا الآن بحاجة إلى حقوق الإنسان، ولعلها فرصة، لكي تثبت منظمات حقوق الإنسان دورها في هذا الظرف بالذات (بعد أحداث 11 سبتمبر 2001)، فأجبت محدثي بأننا الآن جميعاً في قارب واحد، وقد نغرق إذا لم نتعاون ولم تلبّ الاحتياجات الأساسية للحقوق والحريات. وهو الأمر الذي استعدته وأنا أقرأ وثيقة إعلان المبادئ الإعلامية العربية، التي لم تواكب فضاء الحرية الواسع وصناعة وتكنولوجيا الإعلام وثورة الاتصالات والمواصلات، بل وقفت عند أطلال الماضي المزدحم بالمحظورات والعقوبات!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلم العراقي والرمز المنشود
- مجتمع مدني ولكن !
- قصائد من غوانتانامو!
- في الحالة العراقية: استحقاقات وتحديات!
- الفساد: «المنطقة المحرّمة» بالعراق!
- أديان العراق وطوائفه: عنف الحاضر وتعايش الماضي
- من يضمن حقوق اللاجئين -العراقيين-؟!
- غاندي وروح التسامح واللاعنف
- نفق غوانتانامو الذي لا ينتهي!!
- الحرب الاستباقية واحتكار العدالة: حالة غزة
- أور أو -مدينة القمر- والشبكة العنكبوتية
- جورج حبش: الاستثناء في التفاصيل أيضاً!!
- صورة المجتمع المدني بين التصادم والتواؤم
- دولة مواطنة أم مواطنة دولة ؟!
- المجتمع المدني بين الاقرار والانكار !!
- راية الليبرالية الجديدة!!
- العقدة النفطية في المشكلة العراقية!!
- العلاقات العراقية- الامريكية .. والعودة الى نقطة الصفر!!
- اللاجئون العراقيون : مسؤولية من؟
- سيناريوهات الاجتياح التركي للاراضي العراقية!!


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عبد الحسين شعبان - اعلام وارهاب!