أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - مجالس الصحوة ونظرية الضد النوعي















المزيد.....

مجالس الصحوة ونظرية الضد النوعي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2226 - 2008 / 3 / 20 - 11:56
المحور: المجتمع المدني
    


استندت الولايات المتحدة في تكتيكها لتأسيس مجالس الصحوة على نظرية «الضد النوعي»، اتساقاً مع توصيات بيكر-هاملتون. وتقضي هذه النظرية بجعل المواجهة داخل كل فئة، إضافة إلى مواجهتها بفئات أخرى.
إن الهدف الأول من تأسيس مجالس الصحوة «السنية»، حسب التبرير الأميركي، هو حماية المناطق الخارجة عن سيطرة القوات الأميركية والعراقية من المسلحين والإرهابيين، وبشكل خاص من تنظيم القاعدة. أما الهدف الثاني فهو إحداث نوع من التوازن الداخلي المذهبي، بما في ذلك المناطق المحسوبة على مختلف الفرقاء.
وإذا كانت مجالس الصحوة قد نجحت نسبياً في منطقة واحدة أو أكثر، في تطويق العنف، فإنها لم تفلح في بقية المناطق، لاسيما في ديالى والموصل وكركوك ومناطق أخرى في بغداد وجوارها. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن تنظيمات الصحوة العسكرية هي تشكيلات ميليشياوية، فإن وضع ميليشيات مقابل أخرى سيكون إمعاناً في الحرب الأهلية، وتهديداً خطيراً للحياة المدنية في العراق، لكونها تشكيلاً ميليشياوياً جديداً لا يمكنه التخلي عن امتيازاته، وأهمها سلاحه.
هناك من يدعو إلى ضم ميليشيات الصحوة إلى الجيش، خصوصاً أن بعضهم وربما قسم كبير منهم كان في صفوف الجيش السابق، لكن هل يمكن بناء جيش جديد يقوم على اتحاد ميليشيات مهما كان نوعها، الأمر الذي سيزيد الطين بلّة، لاسيما أن ولاء الميليشيات يبقى لقياداتها وليس للجيش، وهو ما يضع الوطن والمواطن وحمايتهما وأمنهما في مهب الريح، خصوصاً أن ميليشيا فيلق بدر وبعض ميليشيا جيش المهدي قد انضما تحت لواء الجيش بما فيه الفرق المسلحة الكردية (البيشمركة)، وهذه جميعها تدين بولائها الأساسي لقياداتها السياسية والحزبية وليس للقوات المسلحة.
من جهة أخرى، توسعت الميليشيات «الشيعية» وازداد عددها ما بعد الاحتلال، لاسيما أن الجماعات «الشيعية» انخرطت بحماسة في العملية السياسية بعدما تأكّدت أن لها دوراً متميزاً في مجلس الحكم الانتقالي الذي جاء بوصفة تقسيمية للمجتمع العراقي على أساس الطوائف والمذاهب والإثنيات، وليس الاصطفاف السياسي والعقائدي، علماً أن من أطلق عليهم ممثلو «الشيعة» أو «السنة» أو غيرهم ليسوا في حقيقة الأمر سوى مجموعات حزبية لا يمكنها ادعاء تمثيل الشيعة، كما لا يمكن لأي شخصية أو مرجعية دينية أو حزبية ادعاء هذا التمثيل، فالشيعة مثل السنة ينقسمون إلى اتجاهات سياسية وفكرية مختلفة، بينهم من هو متدين ومن هو غير متدين ومن هو سياسي ومن هو مستقل، ومن هو إسلامي ومن هو غير إسلامي، ومن المعروف أن فئة غير المسيسين تشكل الأغلبية الساحقة!
ولعل الامتياز الذي حصلت عليه الجماعات المذهبية بالاعتراف بها وفقاً لصيغة بول بريمر والمظلة الخارجية الدولية والإقليمية التي احتمت بها، إضافة إلى قانون انتخابي موّجه لتقسيمات جاهزة ودستور مؤقت «قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية» ثم دستور دائم على نفس المنوال، جعل الاستقطاب مفروضاً والنتائج محسومة سلفاً. ولذلك اختفت قوى وظهرت أخرى، وضمن تجاذبات الجماعات الشيعية ظهر حزب مقتدى الصدر وحزب الفضيلة، وكلاهما يرضعان من الثدي نفسه الذي رضع منه حزب الدعوة والمجلس الإسلامي الأعلى من حيث المنطلقات والتوجهات، كما اتسع نفوذ الحزب الإسلامي وظهرت جبهة التوافق التي شربت من هذا المنبع ذاته.
وإذا كانت جماعة الصدر الذي أعلن اعتزاله بعد فشله في تحقيق برنامجه السياسي، تختلف عن المجلس الإسلامي في موقفها الرافض للاحتلال، فإنها أكثر تشدداً وتزمتاً في القضايا الاجتماعية وفي الموقف من الحداثة والمرأة.
أما حزب الفضيلة الإسلامي، فإن صراعاته مع حكومة المالكي ناجمة عن رغبته في تحسين مواقفه التفاوضية مع القوى الأخرى، الأمر الذي وضعه في احتكاك مع إيران. ولعل الصراع الحالي بينه وبين الصدر من جهة والمجلس الإسلامي الأعلى من جهة أخرى إنما يقوم على الاستحواذ على مراكز النفوذ وبخاصة في البصرة، إذ يسيل لعاب الجميع على النفط!
العلاقة بين حزب الدعوة والمجلس الإسلامي الأعلى هي علاقة «الإخوة الأعداء»، ورغم تحالفاتهما فهما يتنافسان في التقرب من الأميركيين من جهة وفي تحسين مواقفهما مع طهران من جهة أخرى، ومن جهة ثالثة فإن صراعهما يهدف إلى توسيع شعبيتهما. والأمر ذاته بالنسبة للجماعات السنية المنضوية أو غير المنضوية في إطار جبهة التوافق أو مجالس الصحوة أو غيرها، فمواقفها في داخل الحكومة وخارجها تقوم على توسيع دائرة نفوذها سواءً في العلاقة مع الأميركيين أو مع إقليم كردستان.
أعتقد أن متغيّراً كبيراً سيظهر على صعيد الساحة السياسية، وهو الفرد «المواطن» الذي اضطر للتصويت على القوائم المتقابلة وليس المتنافسة في لحظة من لحظات تزييف الوعي أو مصادرته على نحو مفروض وتحت ضغط إرث الماضي الاستبدادي البغيض الذي حكم العراق، فقد خُذل هذا المواطن على نحو غير مسبوق، وشعر بالمرارة والخيبة من الحكام الجدد الذين لم يتمكنوا من إنجاز شيء يذكر طيلة السنوات الخمس الماضية، على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والخدماتي، ناهيكم عن تدهور الوضع السياسي، فالقتل على الهوية وأعمال الإرهاب مستمران، واستفحال الفساد المالي والإداري وتعاظم أعداد اللاجئين والنازحين، الأمر الذي سبب إحباطاً كبيراً للناخبين جميعاً.
إن قلق عبدالعزيز الحكيم والجماعات «الشيعية» الأخرى، بمن في ذلك رئيس الوزراء نوري المالكي نفسه، من جماعات الصحوة «السنية» يعود إلى مخاوفهم من أن تتحول إلى ميليشيات منافسة. وحسب اعتقادي فإن دمجها في الجيش سيحوّله إلى اتحاد ميليشيات، الأمر الذي سيجعل ولاءه مزدوجاً ومتناقضاً أحياناً، وسيكون نواة جاهزة لأي اصطدام أو احتراب داخلي، ذلك أن الخشية من مجالس الصحوة تعود إلى أن إنشاءها وتمويلها كانا قراراً أميركياً انطلاقاً من فكرة «الضد النوعي»، فوجود أكثر من 70 ألف مسلح سيكون بؤرة توتر جديدة، لاسيما إذا وضعت في مواجهة الميليشيات الشيعية، سواء التابعة للحكومة أو لمقتدى الصدر حتى وإن ادعت حالياً أنها ضد تنظيم «القاعدة» الإرهابي.
وما لم تتم إعادة بناء الجيش على أسس غير طائفية أو إثنية أو مذهبية، وحل الميليشيات جميعها وإعادة هيبة الدولة، فلا أعتقد بوجود أفق سياسي مستقبلي على المدى المنظور!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحطيم العراق كان أحد أهداف الاحتلال الأمريكي
- العرب والأكراد : بعيدا عن المجاملات أو الاحتقانات
- مفهوم المجتمع المدني ..بين التنوير والتشهير !!
- كامل الجادرجي حين يكون الاستثناء هو القاعدة !
- ضوء جديد في قضية المهدي بن بركة!!
- خالد علي الصالح- على طريق النوايا الطيبة: تجربتي مع حزب البع ...
- فرادة الوسطية والاعتدال! سعد صالح نموذجاً
- العراق-إيران: شفط النفط بين التسييس والتدليس!!
- اعلام وارهاب!
- العلم العراقي والرمز المنشود
- مجتمع مدني ولكن !
- قصائد من غوانتانامو!
- في الحالة العراقية: استحقاقات وتحديات!
- الفساد: «المنطقة المحرّمة» بالعراق!
- أديان العراق وطوائفه: عنف الحاضر وتعايش الماضي
- من يضمن حقوق اللاجئين -العراقيين-؟!
- غاندي وروح التسامح واللاعنف
- نفق غوانتانامو الذي لا ينتهي!!
- الحرب الاستباقية واحتكار العدالة: حالة غزة
- أور أو -مدينة القمر- والشبكة العنكبوتية


المزيد.....




- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - مجالس الصحوة ونظرية الضد النوعي