أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - ثقافة الانتخابات.. افتراض أم اعتراض؟















المزيد.....

ثقافة الانتخابات.. افتراض أم اعتراض؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2237 - 2008 / 3 / 31 - 11:27
المحور: المجتمع المدني
    


كانت مسألة النزاهة في الانتخابات البرلمانية موضوع ندوة متخصصة نظمتها المنظمة العربية لمكافحة الفساد ومركز دراسات الوحدة العربية في بيروت. وقد أثير جدل عميق ومثير حول المعايير الدولية للنزاهة في الانتخابات من حيث المبادئ والآليات، لا سيما تطبيق ذلك في البلدان العربية، فالانتخابات تعتبر أحد مظاهر النظام الديمقراطي، إذ لا ديمقراطية بدون انتخابات وتداول سلمي للسلطة وتعددية ومساواة واحترام للحقوق والحريات، فتلكم مؤشرات على وجود النظام الديمقراطي، لكن الانتخابات وحدها فقط لا تعني الديمقراطية.
والنظام الديمقراطي بطبيعة الحال يعني أكثر بكثير من مجرد انتخابات دورية، والانتخابات ليست غاية بحد ذاتها، بل هي خطوة ضرورية وهامة في طريق إضفاء الطابع الديمقراطي على المجتمعات، لاسيما بمشاركة الفرد في اختيار من يمثلّه، لكنه يتم أحياناً خلط الغاية بالوسيلة وتناسي الحقيقة التي تقول إن النظام الديمقراطي يتجاوز مجرد الإدلاء دورياً بصوت الناخب فحسب، ليشمل حق المشاركة في الحياة السياسية وحق تولي المناصب العليا دون تمييز.
إن المشاركة في إدارة الشؤون العامة تعتبر أحد الحقوق الأساسية للإنسان، ولعل هذا الحق نص عليه وكفله الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966، كما تعترف به العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية.
وبقدر تحقق إجراء انتخابات حرة ونزيهة يمكن الحديث عن ضمان مشاركة واسعة، الأمر الذي لا ينبغي حصره في بعض الجوانب التقنية والإجرائية على أهميتها، كإطار وآليات للانتخابات النزيهة والحرة، بل إن آثارها تمتد إلى ما هو أشمل وأعمق ونعني بها الأبعاد السياسية والاجتماعية لاسيما في البلدان النامية ومنها بلداننا العربية.
إن الحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة من خلال الانتخابات، يتطلب ممارسة عدد من الحقوق المعترف بها دولياً، ولعل أهمها: الحق في حرية التعبير والحق في تكوين الجمعيات والحق في الاعتقاد، الأمر الذي يحتاج إلى فرص متاحة على قدم المساواة ودون تمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي أو الأصل الاجتماعي أو القومي أو غير ذلك.
إن وجود الانتخابات وضمان حريتها ونزاهتها يعدّ مدخلاً لا غنى عنه للنظام الديمقراطي، وقد أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1991 على أن «الانتخابات الدورية والنزيهة» لحماية حقوق ومصالح المحكومين، وجاء في إعلان وبرنامج مؤتمر فيينا العالمي حول حقوق الإنسان (يونيو 1993): ضرورة التشديد بوجه خاص على التدابير المتخذة للمساعدة على تقوية وبناء المؤسسات المتصلة بحقوق الإنسان، وتعزيز المجتمع المدني التعددي والمساعدة لتلبية طلب الحكومات لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
وقد سبق لمؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي المنعقد في باريس في 19 نوفمبر 1990 أن تناول موضوع التعددية والانتخابات باعتبارهما شرطين مهمين للنظام الديمقراطي، وهو ما دعا الأمين العام للأمم المتحدة في حينها إلى القول إن الديمقراطية وإن كانت شرطاً لازماً للاعتراف بحقوق الإنسان، إلاّ أنها لا تكفي بحد ذاتها لتأمين التمتع الفعلي بتلك الحقوق، أو مؤشراً إلى مسألة العدالة الاجتماعية الوجه الآخر للديمقراطية السياسية.
ووضع مؤتمر باريس آليات جديدة لمراقبة انتهاكات حقوق الإنسان، منها إيجاد مكتب أوروبي خاص للإشراف على شرعية الانتخابات وتحديد معالم النظام الديمقراطي التعددي. واستكمل مؤتمر برلين ذلك حيث تم توقيع اتفاقية في يونيو 1991 بعد حرب الخليج الثانية وعشية وضع اللمسات الأخيرة على تفكيك الاتحاد السوفييتي وإنهاء الإمبراطورية الاشتراكية.

إن انتهاء عهد الحرب الباردة بين الكتلتين الشرقية والغربية وتحوّل الصراع الأيديولوجي إلى طور جديد، قاد «اتجاهاً» عالمياً نحو الديمقراطية وأصبح الاهتمام بقضية الانتخابات الحرة والنزيهة هاجساً للعديد من الأنظمة والتيارات الفكرية والسياسية، وإن كانت بعض القوى المتنفذة تحاول توظيفه لأهداف سياسية ضيقة.
وإذا كانت رياح التغيير والديمقراطية التي هبّت على أوروبا الشرقية في أواخر الثمانينيات قد انكسرت عند شواطئ البحر المتوسط، فإن المصالح الدولية للقوى المتسيّدة كان لها أكبر الأثر في ذلك وهو ما ينبغي بحثه في إطار المعوّقات الخارجية سواء ما يتعلق بالانتخابات بشكل خاص أو بقضية التحول الديمقراطي في منطقتنا بشكل عام.
ترتكز معايير الأمم المتحدة بشأن الانتخابات على ثلاثة حقوق رئيسية هي: حق المشاركة وحق التصويت والترشيح والحق في المساواة في تولي الوظائف العامة. ويتطلب ذلك توّفر الإرادة السياسية لاسيما في ظل حرية التعبير وحق تبادل المعلومات ونشرها، وسلطة قضائية مستقلة، إذ أن منطقتنا لاتزال تعاني من إشكالات عديدة بشأن موقفها من الانتخابات.
فبعض البلدان لا تعترف بالحق في الانتخابات أو تداولية السلطة واختيار الحكام من جانب المحكومين. إما لأن شرعية الحكام تقوم على الوراثة أو لعدم وجود برلمان أو مؤسسات تشريعية منتخبة، فضلاً عن ذلك فإن النظام السياسي الذي تستند إليه لا يعير أي اهتمام باختيار الشعب لممثليه سواء على الصعيد التشريعي أو على صعيد الإدارة المحلية.
أما البعض الآخر فإنه رغم إقراره بالانتخابات إلاّ أنه يضع قيوداً عليها بحيث تكون نتائجها محسومة سلفاً، وسارت أنظمة شمولية وتحت حجج مختلفة لفرض هيمنتها على الدولة والمجتمع ومصادرة حقوقهما في الانتخابات الحرة، سواء كان باسم مصالح الكادحين أو الحزب القائد أو بسط الشريعة الإسلامية أو غير ذلك.
أما البعض الثالث فهو من يعترف بمبدأ الانتخابات تساوقاً مع الموجة العالمية الجديدة لاسيما بعد نهاية الحرب الباردة في أواخر الثمانينيات، أو لتزيين الأداء السائد مع الحفاظ على جوهره، الأمر الذي يدفع بالسلطة التنفيذية لوضع بعض الكوابح واستثمار بعض القيود الاجتماعية والعشائرية والدينية والطائفية والإثنية لصالحها، التي تحول دون تحقيق الإرادة الحرة بانتخابات حرة ونزيهة.

ولكن مهما كانت النواقص والثغرات والعيوب في الممارسة الانتخابية، فإن وجودها أفضل من غيابها أو عدم الاعتراف بها، لأنها ستؤدي إلى تراكم مهم قد يكون محدوداً وناقصاً، وبخاصة في المدى المنظور، لكنه سيبقى محكوماً بالتقييم طبقاً للمعايير الدولية، التي تتطلب نزاهة وشفافية إضافة إلى الحراك السياسي والاجتماعي.
إن البديل عن الانتخابات المزيفة أو غير النزيهة أو الناقصة لا يكون بإلغاء الانتخابات بحجة عدم جدواها أو اتخاذ موقف اليأس والقنوط إزاء إصلاحها، لأن التفكير بنتائج سريعة للتغيير أمر غير ممكن في ظل توازن القوى الحالية، الأمر الذي يتطلب وجود مجتمع مدني حيوي وناشط وأحزاب ومنظمات سياسية فاعلة وظروف سياسية مواتية وثقافة حقوقية وانتخابية مناسبة. ويبقى وجود انتخابات رغم كل الملاحظات السلبية عليها أفضل من عدم وجودها «وما لا يدرك كلّه لا يُهمل جلّه».



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقات واشنطن - طهران بين التصعيد والتجميد!!
- مسارات التدليس والتدنيس.. احتلال العراق في عامه السادس
- الميثاق العربي لحقوق الإنسان: السؤال والمآل!
- مجالس الصحوة ونظرية الضد النوعي
- تحطيم العراق كان أحد أهداف الاحتلال الأمريكي
- العرب والأكراد : بعيدا عن المجاملات أو الاحتقانات
- مفهوم المجتمع المدني ..بين التنوير والتشهير !!
- كامل الجادرجي حين يكون الاستثناء هو القاعدة !
- ضوء جديد في قضية المهدي بن بركة!!
- خالد علي الصالح- على طريق النوايا الطيبة: تجربتي مع حزب البع ...
- فرادة الوسطية والاعتدال! سعد صالح نموذجاً
- العراق-إيران: شفط النفط بين التسييس والتدليس!!
- اعلام وارهاب!
- العلم العراقي والرمز المنشود
- مجتمع مدني ولكن !
- قصائد من غوانتانامو!
- في الحالة العراقية: استحقاقات وتحديات!
- الفساد: «المنطقة المحرّمة» بالعراق!
- أديان العراق وطوائفه: عنف الحاضر وتعايش الماضي
- من يضمن حقوق اللاجئين -العراقيين-؟!


المزيد.....




- اعتقال 3 أشخاص بعد اكتشاف مخبأ أسلحة في مرآب سيارات في شمال ...
- إصابات.. الاحتلال يشن حملة اعتقالات واسعة في الضفة والقدس
- شهداء وجرحى باستهدف خيام النازحين برفح ولجان توزيع المساعدات ...
- غزة: كابوس المجاعة لن يطرد إلا بالمساعدات
- الأمم المتحدة: مكافحة الإرهاب تتطلب القضاء على الفقر أولا
- غزة تحولت اليوم إلى معرض لجرائم الحرب الحديثة في العالم
- لماذا ترفض إسرائيل عودة النازحين إلى شمال القطاع؟
- تعذيب وترهيب وتمييز..الأمم المتحدة تكيل سلسلة من الاتهامات ل ...
- كابوس المجاعة في غزة -يناشد- وصول المساعدات جوا وبرا وبحرا
- فيديو خاص حول الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - ثقافة الانتخابات.. افتراض أم اعتراض؟