أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - «ثقافة الاستقالة» في الفكر العربي السائد!














المزيد.....

«ثقافة الاستقالة» في الفكر العربي السائد!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2242 - 2008 / 4 / 5 - 12:22
المحور: المجتمع المدني
    


تبدو كلمة «استقالة» وكأنها سيئة السمعة في عالمنا العربي، لاسيما أن المسؤولين يتشبثون بمواقعهم بأسنانهم قبل أيديهم إذا جاز التعبير، سواء كانوا رسميين أو غير رسميين بمن فيهم بعض قيادات مؤسسات المجتمع المدني أو المنظمات غير الحكومية.
ورغم أن الجميع يقرّ أن المسؤولية تكليف وليست تشريفا، فإننا نرى مدى «الاستبسال» في الحفاظ عليها والتمسك بها وأحياناً التخلي عن المبادئ والقيم في سبيلها، بل الدخول في نزاعات ومعارك من أجلها!

كتب أحد الإعلاميين عن استقالة رئيس منظمة حقوقية أو عدم رغبته في تجديد رئاسته رغم إصرار المؤتمر عليه ومناشدته إياه، بأن ذلك درس خارج النظام الرسمي العربي، لاسيما أن الرئيس المنسحب أراد إعطاء المثل الحسن والقدوة للإيمان بالتداولية وعدم احتكار المسؤولية أكثر من دورتين، حتى وإن كان قد حقق نجاحات تحسب له، لكن استمراره في المسؤولية سيجعلها روتينية وقد تفقد حيويتها وتنحسر ديناميكيتها خصوصاً وهي مثل كل كائن حي تحتاج إلى دم جديد وإلى تجديد في الرؤى والتصوّرات. حتى وإن أخطأت القيادات الجديدة أو قصّرت فإنها بحكم تحملها المسؤوليات ستتعلم الدروس والعبر وتستفيد من التجارب، بما فيها من أخطاء الرئيس المنسحب نفسه وأخطاء القيادات السابقة!

قد يفسر بعض المتشبثين بالمسؤولية أن الاستقالة تستهدف البحث عن دور البطولة أو المجد لتظهر المستقيل وكأنه باحث عن الشهرة أو للظهور بمظهر المجدد، مع أن الاستقالة إجراء طبيعي تكفله الأنظمة الدستورية في السلطة والمجتمع.
والبعض قد يحسب المستقيل باعتباره منشقاً ومتمرداً وخارجاً على النظام وربما هو خائن أو مرتد وهو ما كانت الأحزاب والأنظمة الشمولية تستخدمه ضد الرأي الآخر، الذي ينبغي نبذه وعزله بما في ذلك اجتماعياً أيضاً وحتى استئصاله ناهيكم عن تشويه سمعته.
ما زالت ثقافتنا السياسية والحقوقية للأسف الشديد يعتريها الكثير من النقص والالتباس إزاء مبدأ الاستقالة. وإذا طالبت شخصاً ما، حتى وإن كان صديقك، بتقديم الاستقالة من مؤسسة مجتمع مدني لأنه «تعتق» فيها أو من وزارة لأنه فشل فيها أو لأنها أساساً وزارة فاشلة ومتهمة بانتهاكات ورشى وفساد، فإنك تراه يتخذ موقفاً منك وقد يعاقبك إن كان لديه سلطة، أياً كانت هذه السلطة، حتى وإن كانت المسألة نصيحة لوجه الله، كما يقال. وقد أخبرني ثلاثة أصدقاء يوم أبدوا ملاحظة لصديق لهم بتقديم استقالته أو عدم ترشيح نفسه لمنصب ظل يتمسك به لأكثر من عقدين من الزمان، فغضب وانقلبت ملامح السماحة لديه، ولولا إصلاح الأمر لبردت علاقته بهم.

بعض المنظمات غير الحكومية ظلت تعاني هي الأخرى من المواقع المزمنة، لعشرات السنين وبعد أن كانت منظمات واعدة ومؤثرة، لكنها بسبب استمرار الأداء القيادي بدون تناوبية أو تداولية، ضعفت الهمة وانحسرت المبادرة وتلاشى النشاط والحيوية التي كانت تتمتع بها، ولنتذكر عدداً من المنظمات والنقابات والاتحادات على هذا الصعيد عربياً وإقليمياً ودولياً، لنتوصل إلى نتائج مذهلة في هذا المضمار الذي بات من الضروري نقده علناً من أجل التجديد ومن أجل الدمقرطة والشفافية والحيوية ولإعادة الروح إلى منظمات ونقابات واتحادات كانت فاعلة ومؤثرة يوماً ما. ورغم وجود ظرف موضوعي لهذا التراجع فإن السبب الذاتي من الأسباب المؤثرة لعدم إعادة النظر وتجاوز المعوّقات ومواجهة التحديات وقراءة المستجدات بعقل منفتح يستجيب بروح التطور التي لا غنى عنها. لم يدرك الكثير من الأحزاب والاتحادات والنقابات بعد، حقيقة المناخ الدولي الجديد ولم تأخذ بالتجديد وظلّت بعض قياداتها إما أنها تتشبث بالماضي بحجة عدم الانخداع بالديمقراطية الغربية أو كما تدعي تلبس ثوب الغفلة، في حين سارت الأمور باتجاه آخر ولم تنفع ساعة ندم.

لم يجرؤ الكثير من قيادات الأحزاب والنقابات على تقديم الاستقالة رغم ما لها من معانٍ ومدلولات، للاحتجاج ولإعلان البراءة عن نهج خاطئ أو مسار لم يعد إصلاحه ممكناً، لأن المستقيل حسب بعض القراءات الثقافية السياسية السائدة، والإغراضية والمسبقة ستصوّر المستقيل وكأنه أقرب إلى الولد الضال الذي شق عصا الطاعة، ولعل الماسك بالسلطة يعتبر المستقيل المحتج إبليساً وبالتالي يمكن اتهامه بالعمالة أو الجاسوسية أو خدمة الأجنبي أو خدمة النظام المستبد أو القبض من جهة خارجية أو غير ذلك، إنه ينبغي أن يُعزل وأن يعاقب وأن يتهم ليدافع عن نفسه، لأنه من زمرة المارقين المخربين، فيصبح النزيه متورطاً والشجاع جباناً والمبدئي محتالاً والمثقف جاهلا وهكذا تلصق به جميع الصفات الذميمة رغم أن مزاياه كانت حتى وقت قريب مثار إعجاب من هم يحرقون البخور للسلطان المستقيل في نظر البعض، الزنديق أو الكافر أو الملعون لأنه نبّه للأخطاء أو احتج علناً أو جابه المتجبرين بشجاعة، ولذلك عليه أن يدفع الثمن وأن يكون عبرة لغيره من جوقة الخانعين، البائسين، المسبحين بفضل الأمين العام أو الرئيس أو المسؤول أو القائد، أو الشيخ أو «السيد»!!. لا بدّ من إعادة النظر بفعل الاستقالة كحق طبيعي قد يفرضه عدم الانسجام ذاتياً أو موضوعياً، إضافة إلى كونه أحد الحقوق الدستورية، بعيداً عن الاتهامات أو ادعاءات البطولة، ولا بدّ من إعادة النظر بمبدأ الطاعة الذي يتم ابتذاله بحجة طاعة ولي الأمر على نحو مسيء، بحيث يتم تصوير الاستقالة وكأنها انشقاق وخروج على المألوف وانفصال عن الجماعة. ولا بد من تخليص ثقافتنا من «أدران» الاستقالة، فمثلما يحق للمرء أن يعمل في حزب أو جمعية أو مؤسسة مجتمع مدني أو وزارة أو حكومة أو جامع أو كنيسة فمن حقه أن يستقيل، بل إن من واجبه إذا شعر أن مهمته غير ممكنة أن يقول الحقيقة!!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة الانتخابات.. افتراض أم اعتراض؟
- علاقات واشنطن - طهران بين التصعيد والتجميد!!
- مسارات التدليس والتدنيس.. احتلال العراق في عامه السادس
- الميثاق العربي لحقوق الإنسان: السؤال والمآل!
- مجالس الصحوة ونظرية الضد النوعي
- تحطيم العراق كان أحد أهداف الاحتلال الأمريكي
- العرب والأكراد : بعيدا عن المجاملات أو الاحتقانات
- مفهوم المجتمع المدني ..بين التنوير والتشهير !!
- كامل الجادرجي حين يكون الاستثناء هو القاعدة !
- ضوء جديد في قضية المهدي بن بركة!!
- خالد علي الصالح- على طريق النوايا الطيبة: تجربتي مع حزب البع ...
- فرادة الوسطية والاعتدال! سعد صالح نموذجاً
- العراق-إيران: شفط النفط بين التسييس والتدليس!!
- اعلام وارهاب!
- العلم العراقي والرمز المنشود
- مجتمع مدني ولكن !
- قصائد من غوانتانامو!
- في الحالة العراقية: استحقاقات وتحديات!
- الفساد: «المنطقة المحرّمة» بالعراق!
- أديان العراق وطوائفه: عنف الحاضر وتعايش الماضي


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - «ثقافة الاستقالة» في الفكر العربي السائد!