أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسين صالح - دروس من 9 أبريل / 1- سيكولوجية الاحتماء















المزيد.....

دروس من 9 أبريل / 1- سيكولوجية الاحتماء


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 2240 - 2008 / 4 / 3 - 10:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


توطئة
ما حصل في 9 / 4 / 2003 بقيام قوات التحالف بغزو العراق ، وما نجم عن هذه الحرب التي اكملت سنتها الخامسة يقدم لنا دروسا في مجالات العلوم والمعرفة المختلفة : السياسية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية والدينية والثقافية والاخلاقية،على صعيد الفرد بوصفه انسانا
والجماعات والمجتمع والسلطة ..والعلاقات التي تحكم هذه الأطراف ، وكيف تنشأ الصراعات والى ماذا تفضي ، والعنف والضغوط النفسية وقوة تحمل الشخصية وما نحو ذلك من امور من قبيل ما يحصل للقيم والنسيج الاجتماعي من تخلخل او انهيار كالذي حصل لقيمة الحياة المقدسة في المجتمع العراقي .
اننا ، نحن السيكولوجيين ، نعمد الى اجراء التجارب على الفئران في المختبر لمعرفة كيف تتصرف حين نعرضّها الى موقف معين لنستفيد من نتيجة التجربة فيما لو تعرض الانسان الى موقف مماثل .وقد نجري احيانا تجربة على انسان او مجموعة من افراد (ضمن حدود الاخلاق ) لنعرف مثلا مدى قدرتهم على تحمل ضغط معين .
وما حصل في 9 / 4 / 2003 أن العراق صار بكامل ارضه مختبرا لاجراء تجارب ميدانية فريدة من نوعها على 27 مليون من البشر( من الأطفال الى الشيوخ ومن كلا الجنسين ) لا يمكن اجراؤها في المختبر حتى على الفئران . وكان على علماء النفس والاجتماع – لاسيما المتخصصين منهم في علم النفس والاجتماع السياسي – دراسة ما يحصل للطبيعة البشرية والمجتمع ،ليس فقط في ظروف حرب شاملة باسلحة تدميرية هائلة ليس في مفردات قاموسها "احترام قيمة الحياة"، انما ايضا ما ينجم عنها من ضحايا وهجرة وتهجير وفقر وبطالة وتفكك اسري وتعصب بانواعه وصراعات على المصالح والهويات ،وعنف وقتل في مشاهد لا يستوعبها عقل ولا يهضمها منطق .
في الآتي دروس لا يدعي الباحث أنها مستوفية لشروط البحث العلمي ،الا أنها تتضمن أفكارا وتحليلات جديرة بأن يتناولها الباحثون بالنقد والتحليل الأعمق والأشمل( وحبذا لو تتبناها جهة علمية لتقيم حولها ندوة ) بهدف انضاجها لتشكل وثيقة علمية تؤرخ لواحدة من أصعب المراحل التي يمر بها العراق في تاريخه الذي ينفرد به ليس فقط بمنجزاته الحضارية انما في حروبه وفواجعه ايضا . وفي ذلك عبرة للعراقيين والقوة الأعظم في العالم! والمجتمعات الأخرى ، فمن يدري أن يجري على مجتمع آخر ما جرى للمجتمع العراقي ، شرط أن يكون بلد ذلك المجتمع يصدّر النفط وليس الفجل مثلا!.

دروس من 9 أبريل - تحليل سيكوسوسيولوجي

) ثقافة الاحتماء1(
Culture of Protection
أ.د.قاسم حسين صالح
رئيس الجمعية النفسية العراقية

ما حدث في المجتمع العراقي بعد 9 ابريل 2003 يقدم لنا فرضية نفسية عن الطبيعة البشرية نصوغها على النحو الآتي :
" اذا انهارت الدولة وتعطّل القانون وصارت الحياة فوضى ..شاع الخوف
بين الناس وتفرقوا الى مجاميع أو أفراد تتحكم في سلوكهم الحاجة الى
البقاء ..فيلجئون الى مصدر قوة أو جماعة تحميهم ، ويحصل بينهما ما
يشبه العقد ، يقوم على مبدأ الحماية المتبادلة ".
وكان هذا هو التحوّل السيكولوجي الأول الذي حصل للعراقيين بعيد مزاج الفرح الذي شاع
بين معظم العراقيين بالخلاص من الدكتاتورية. كان شيئا أشبه بالخيال ان يستيقظ العراقيون صباح التاسع من نيسان وقد وجدوا انفسهم انهم تخلصوا من كابوس رهيب جثم على صدورهم اكثر من ربع قرن . والكل يتذكر ذلك الرجل الذي مسك صورة صدام صباح ذلك اليوم وهو يضربها بالنعال ويخاطب العالم بانفعال :ياناس ياعالم هذا مجرم دمّر العراق وقتل العراقيين ، وأوصل رسالة عفوية –للعرب بشكل خاص –أنهم لم يفهموا بشاعة ما جرى للعراقيين على يديه .
كان فرح العراقيين معجونا بدهشة أن ما حصل يصعب تصديقه .فللمرة الأولى في تاريخهم يفرح العراقيون بالقضاء على حاكم دمّر وطنهم وأذلّهم وقتل أبناءهم في حروب حمقاء وفي سجون مظلمة وفي الشوارع بوضح النهار .وكان هو الحاكم العراقي الوحيد في تاريخ العراق الذي سجل أعلى الأرقام في ترمّيل النساء وتيتيم ألأطفال وفي جعل المهندسين خريجي الجامعات يبيعون (اللبلبي)في الشتاء و(الموطه ) في الصيف في صنعاء وعمان وهم أبناء أغنى بلد في العالم!.
غير أن مزاج الفرح هذا لم يدم سوى أيام .لم يعلم العراقيون حينها ان الذي سقط ليس نظام صدام حسين فقط انما الهوس الامريكي اسقط الدولة بكاملها .
ويعلمنا الدرس أن خيمة الدولة اذا سقطت (حتى اذا كان نظام الحكم فيها دكتاتوريا ) ولا توجد خيمة اخرى تجمع أهل الوطن فان الناس يصابون بالذعر مدفوعين ب " الحاجة الى البقاء " فيتفرّقون بين من يلجأ الى عشيرة أو مرجعية دينية، أو تجمع مديني أو سكني، أو تشكيلات سياسية أو كتل بأية صفة كانت.
والذي زاد من مشاعر الخوف بين الناس، وتوزعهم على مرجعيات اجتماعية وقومية ودينية لا حصر لها، أن مزاج الفرح بسقوط الدكتاتورية امتزج بمشاعر الألم والمرارة التي تدمي القلب بتعرض بغداد الى النهب والسلب وحرق مؤسسات الدولة بشكل لم تشهد له مثيلا في أحداث تاريخ نهبها التي زادت عن العشرين. وكان أن اتسعت الكارثة بشكل جنوني لدرجة أن الوطن كلّه صار ينهب من قبل أهله!*.

من هنا بدأت " ثقافة الاحتماء " وحصل تحوّل سيكولوجي خطير، هو أن الشعور بالانتماء صار الى المصدر أو القوة التي تحمي الفرد، فيما تعطّل الشعور بالانتماء الى العراق وتحول الى ولاءات لا تحصى.
ومما سهّل على العراقيين التخلي عن انتمائهم الى العراق، هو أن النظام السابق ساوى في الانتماء بين العراق ــ الوطن ، ورئيس النظام ( صدام حسين هو العراق ). وثقّف الناس على مدى ربع قرن عبر قنواته الإعلامية ومؤسساته التربوية والكوادر الحزبية بهذه المعادلة التي تختزل وطنا بحضارات عريقة وشعبا بقوميات وتنوعات مختلفة في شخص رجل واحد.. وانه عندما سقط رئيس النظام واختبأ في حفرة تحت الأرض، انهارت تلك المعادلة نفسيا"، فتوزع الــ " 27 " مليون عراقي الى ما قد يزيد على المليون انتماء.
ولعل الدرس البليغ هنا هو أن الدكتاتور أو الطاغية أو الحاكم الذي يكرهه شعبه ، اذا أطيح به من قبل قوة خارجية ولم يطح به أهله ،فان الناس يفتقدون " البطل " الوطني الذي تطمئن اليه قلوبهم ويمنحهم الشعور بالأمان ، فيما يتملكهم الشعور بالخوف وتزايد القلق بعد صحوتهم من فرحة الخلاص من جلادّهم التي جادت بها عليهم القوة الأجنبية ، فيتفرقون ويصيرون أمام واقع نفسي جديد، هو:
إن الولاءات المتعددة في المجتمع الواحد ، الذي ينهار فيه انتماؤه الذي يوحّده طوعا" أو قسرا" لا بد أن تتصارع فيما بينها على السلطة ، حين لم يعد هناك دولة أو نظام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• بوصفي شاهد عيان، فأن مؤسسات الدولة تعرضت للنهب في 8/ نيسان / 2003 وليس التاسع منه. ففي صباح ذلك اليوم كنت أرى أربع دبابات أمريكية تربض في الصالحية بجوار تمثال الملك فيصل الأول، وجرى نهب ممتلكات وزارة العدل التي لا يفصلها عن هذه الدبابات سوى رصيف الشارع. .على مرأى و " تشجيع " من الجنود الأمريكان . فيما بدأت الحرائق في بغداد في 12 نيسان 2003، إذ شهدت اشتعال النار في الطابق العلوي من بناية البنك المركزي العراقي، وفي الركن الأيسر الأرضي من مبنى وزارة العدل في شارع حيفا، وفي مبنى الإذاعة والتلفزيون ومبنى وزارة الإعلام. وكنت أرى من على سطح العمارة التي اسكنها، الحرائق حيثما أدرت وجهي في سماء بغداد.



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكراهية والتعصب ..واذكاء الشعور بالمواطنة /مدخل لثقافة المص ...
- الكراهية والتعصب..واذكاء الشعور بالمواطنة(مدخل لثقافة المصال ...
- الكراهية والتعصب..واذكاء الشعور بالمواطنة (مدخل لثقافة المصا ...
- الكراهية والتعصب ..واذكاء الشعور بالمواطنة (مدخل لثقافة المص ...
- دور وزارة التعليم العالي ....
- مؤتمر الخدمات النفسية والرعاية الأساسية عقب الكوارث ، الرؤى ...
- حوار مع فرويد - 5
- حوار مع فرويد -4
- حوار مع فرويد -3
- حوار مع فرويد - 2
- حوار مع فرويد
- ماركس ولينين ام فهد وسلام ؟!
- بعض الأمراض النفسية في قوى اليسار العراقي
- البديل المنقذ لعراق مدني ديمقراطي ..وساطة لتوحيد قوى اليسار
- البديل المنقذ لعراق مدني ديمقراطي / ملاحظات على دعوة ..ودعوة ...
- العلم العراقي ..المقترح اقراره
- ذكريات مع الدكتور علي الوردي
- العراقيون ...شعب أسطوري !
- العراقيون في عام 2020
- كاظم الساهر..والعراقيون


المزيد.....




- علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة اختفاء -غابات بحري ...
- خبيرة توضح لـCNN إن كانت إسرائيل قادرة على دخول حرب واسعة ال ...
- فيضانات دبي الجمعة.. كيف يبدو الأمر بعد 3 أيام على الأمطار ا ...
- السعودية ومصر والأردن تعلق على فشل مجلس الأمن و-الفيتو- الأم ...
- قبل بدء موسم الحج.. تحذير للمصريين المتجهين إلى السعودية
- قائد الجيش الإيراني: الكيان الصهيوني اختبر سابقا ردة فعلنا ع ...
- الولايات المتحدة لا تزال غير مقتنعة بالخطط الإسرائيلية بشأن ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد الأوروبي يحضر الحزمة الرابعة عشرة من ا ...
- إصابة 3 أشخاص في هجوم انتحاري استهدف حافلة تقل عمالًا ياباني ...
- إعلام ونشطاء: هجوم صاروخي إسرائيلي جنوبي سوريا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسين صالح - دروس من 9 أبريل / 1- سيكولوجية الاحتماء