أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسين صالح - ذكريات مع الدكتور علي الوردي














المزيد.....

ذكريات مع الدكتور علي الوردي


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 2162 - 2008 / 1 / 16 - 11:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تعود علاقتي بالعلامّة الوردي الى عام " 1989 " . في تلك السنة كان على رأس وزارة التعليم العالي وزير مثقف بثقافة فرنسية محب للأدب والثقافة والفلسفة ، هو الدكتور منذر الشاوي. وكان من نشاطاته الثقافية أن اصدر جريدة معتبرة باسم " الجامعة " . وكان المؤسسون لها ستة ، الباقي منهم في العراق ثلاثة هم : حسب الله يحيى والدكتور منذر الخطيب " مسؤول الصفحة الرياضية" وانا مسؤول " الصفحة الأخيرة ".
وثمة موقف اقوله عن رجل القانون الدكتور منذر الشاوي .
كنت اكتب عمودا" ساخرا" بالصفحة الاخيرة يبدو انه وجد له هوى في نفسه ، فاستدعاني الى مكتبه واطرى على العمود واصفا" العمود الساخر في الصحافة بأنه اصعب المقالات واكثرها مقرؤية وكتّابه معدودون ، وطلب مني ان اطوره . فسألته سؤالا بكلمة واحدة : ( وتضمنّي ؟! ) ..ضحك بمزاج وأسند ظهره على كرسيه الهزّاز وقال : ( والله عاد تظل انت ونصيبك ، لو للقمة لو للأمن العامة ).
وكنت قررت ان اجري حوارات في الصفحة الاخيرة عن الأعلام من المفكرين العراقيين ، فبدأت بأول وزيرة للتعليم العالي في العراق الدكتورة سعاد اسماعيل وزرتها في بيتها على نهر دجلة قريبا" من الصليخ . وكان هدفي الثاني هو الوردي ، فزرته بداره الواقعة خلف اعدادية الحريري للبنات في الأعظمية .
كنت كآي عراقي مهتم بالثقافة .. مبهورا" بالوردي ، وزاد انبهاري به انني وجدته دمث الاخلاق محبا للنكته.. فتوطدت علاقتي به .
كان في الحوار جزء يتضمن اراء وافكارا لا يمكن ان تنشر ، فنشرت الجزء المسموح مع صورة كاريكاتيرية للوردي بريشة الفنان " علي المندلاوي " واحتفظت بغير المسموح ( وما زلت محتفظا" به ) . والتقينا ثانية فسألني عن باقي الحوار ، فأجبته : "اذا نشر يا دكتور فسيكون طريقك لبو زعبل" ، فرد مازحا" :" والله اذا انا وانت سوا .. يا محلاها ". وتطورت العلاقة الى صداقة وزيارات في بيته .
وكان لي صديق عميد شرطة يحمل شهادة دكتوراه في القانون ويترأس مركز البحوث والدراسات في مديرية الشرطة العامة أسمه الدكتور عبد الأمير جنيح من أهالي الناصرية . وكنا نريد لهذا المركز ان ينفتح على الجامعات والعقول الأكاديمية ليؤثر ايجابيا" في عمل الشرطة . وكان من نشاطاته اجراء دراسات ميدانية وعقد ندوات علمية لا سيما في الأمور المتعلقة بالجريمة وظواهر اجتماعية سلبية ، منها مثلا أن وزارة الداخلية ألقت القبض على المومسات والسمسيرات في جميع المحافظات ووضعتهن في أحد المواقف بمدينة بغداد ، فقلت لصديقي الدكتور عبد الأمير :انها فرصة لا تتكرر لمثل هذه " اللمّة المحترمة " فدعنا نجري دراسات عليهن ،فتكلف مركز البحوث الجنائية برئاسة المرحوم الدكتور صباح الخيرو بدراسة الجانب الاجتماعي لهن وتكلفت أنا وحدي بدراسة الجانب النفسي .
كان عدد الملقى القبض عليهن يزيد على ثلاثمائة فتاة وامرأة بأعمار بين 17 الى 55 سنة" وقصة كثيرات منهن تصلح ان تكون فلما " ، بينهن من لها علاقات بمسؤولين كبار لا أحب ذكر اسمائهم لأن بينهم من ذهب الى دار حقه . وبعد اجراء الفحص النفسي وتطبيق عدد من الاختبارات الاسقاطية عليهن توصلت الى تشخيص أسباب البغاء ووسائله وتحليل لشخصية البغي ، وعقدت لماقشتها ندوة علمية شارك فيها المرحوم الوردي . ولما انتهينا وكنا على الغداء روى لي نكته " تخرّب ضحك " ولها دلالة .
قال لي :" دراستك هاي عن الكحاب تذكرني بحادثة ظريفة . في الاربعينات ناقشت الحكومة موضوع فتح مبغى عام في بغداد ، فاتفقوا على الفكرة لكنهم اختلفوا على المكان ، ومنها ساحة الميدان .وكان بين الحاضرين شخص يجيد فن النكته " أظن اسمه مزهر الشاوي " فقال لهم ، يعني الوصي ونوري سعيد ووزير الداخلية !و..ان افضل مكان للمبغى هو الميدان والما يصدّق خل يروح يسأل أمه !".
وكان أول الكلام ، في الندوات العلمية ،يعطى للوردي ، فوجدت الرجل يتحدث لدقيقتين ثم يقول : " عذرا" فانا اعاني من وعكة صحية "، فهمست أحدى المرات في اذنه : " وعكة صحية لو أمنيه" ، فاجابني همسا " استر علي لا توديني بداهيه ".. ادركت بعدها انه كان يهرب الى الوعكة الصحية لحظة تغص الحقيقة في زردومه وتريد ان تخرج ،فالرجل كان مرعوبا" من ( صدام حسين )، وحقه .. فهو أسمه علي الوردي وكظماوي وكاتب كتاب وعاظ السلاطين ، واخطرها انه ابلغ بأن (السيد الرئيس ) غير مرتاح لما كتبته .
وكانت اخر مرة زرته بها حين كان مريضا". جلست بجانب سريره المتواضع وتمنيت له الشفاء العاجل والعمر الطويل ، فقال وهو يحدس انها النهاية : " اتدري ماذا يعوزني الآن : ايمان العجائز " ، ولم افهمها الا بعد حين . ثم قال مازحا": " تدري اني ما احب الماركسيين .. بس ما اعرف ليش احبك ..تعال انطيني بوسه "..قبلّته وكادت الدمعه أن تطفر.
وقبيل ان يموت اقيم له حفل تكريمي فبعث ابنه وقال من على المنصة : يبدو ان والدي لا يكف عن المزاح حتى وهو على فراش المرض .. فقد كلفني ان انقل لكم بيت واحدا" من الشعر :
" جاءت وحياض الموت مترعة ...وجادت بوصل حيث لا ينفع الوصل !"
رحم الله الوردي ..كم نفتقده الآن .

أ.د.قاسم حسين صالح




#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراقيون ...شعب أسطوري !
- العراقيون في عام 2020
- كاظم الساهر..والعراقيون
- الحوار المتمدن .. تكريم لضحايا الفكر
- العراقيون وسيكزلوجيا التطير
- المرأة ..والعراف
- العراقي ..وسيكولوجيا الهوس السياسي
- مركز دراسات المجتمع العراقي من الفكرة الى التأسيس
- سلطة الرمز الديني في لاوعي الشخصية العراقية
- النفاق والازدواج في الشخصية العراقية( القسم الثاني :ازدواج ا ...
- دعوة لتبني مشروع دراسة المجتمع العراقي(استجابات )
- النفاق والازدواج في الشخصية العراقية ( القسم الأول)
- دعوة لتبني مشروع دراسة المجتمع العراقي
- الجميل والقبيح في الشعب العراقي (دراسة استطلاعية )
- نعمتان ابتلي بهما العراقيون ..النفط والثقافة !
- اغسلوا أيديكم من العراق ..لربع قرن فقط!
- هل صحيح مات محمد صكر؟!
- السادية والماسوشية في الشخصية العراقية
- الدافعية نحو العلم والتعليم الجامعي
- ظاهرة النهب والسلب والفرهود في مدينة بغداد بعد سقوط نظام الح ...


المزيد.....




- احتمال الصراع الأهلي في سوريا يزداد
- الجالية الروسية بعمّان تحتفل بيوم العمال
- نائب وزير الخارجية التركي لبي بي سي: -حرب غير مسبوقة تُشنّ ض ...
- إقالة أم استقالة؟ مستشار الأمن القومي يغادر منصبه على وقع تس ...
- قاضٍ أمريكي يفرج عن الطالب الفلسطيني محسن مهداوي ويؤكد حقه ا ...
- سوريا: أنباء عن اتفاق بتسليم السلاح الثقيل ودخول الأمن إلى ا ...
- مركبة فضاء سوفيتية ضلت طريقها وتعود إلى الأرض بعد نصف قرن
- السودان.. الدعم السريع تقصف العاصمة وسط تحذيرات أممية
- مفوض أممي: الرعب في السودان لا حدود له
- سلطات رومانيا ترحل مراسل RT إلى تركيا


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسين صالح - ذكريات مع الدكتور علي الوردي