أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسين صالح - العراقيون ...شعب أسطوري !














المزيد.....

العراقيون ...شعب أسطوري !


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 2149 - 2008 / 1 / 3 - 12:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ما شهدته في ليلة رأس السنة 2008 يؤكد أن العراقيين شعب أسطوري . كنت ليلتها في احدى مدن كردستان .كانت المدينة عروسة في ليلة حنّاها ، وكان الناس في زفّة عرس ..النوادي ترقص ..الحدائق ترقص ..بل كل المدينة ترقص .والغناء مثل أحلى كوكتيل ..امتزج فيه العربي بالكردي بالتركماني . ووجوه الناس الطافحة بالفرح ،ما كنت ترى فيها سنيّا او شيعيا او مسيحيا ...كنت تراها وكأن نينوى فوق جبين كل وجه والبصرة في الحنك وأربيل والرمادي على الوجنتين وبغداد على الثغر تضحك بشفتين محمرتين بلون ورد الجوري . لحظتها نفخت كل تشاؤماتي بخصوص حاضر العراق ومستقبله في بالون وردي ووخزته بدبوس فتبددت في فضاء تفاؤل بلا حدود .
واقتربت الساعة من اللحظة التي تفصل بين العامين ،وعبر الزمن بنا الى آخر دقة للساعة ،فأضيئت القاعة التي كنت فيها ونثرت الورود وصدحت الأمهات بالزغاريد وتوردت وجنات الصبايا والشباب بالفرح وتشابكت الأيدي وطبعت القبلات على الخدود . ولحظتها تذكرت بغداد ،فاحتقنت عيناي وصارت الدمعة " بطرف العين بس ارمش اتطيح " . اخرجت موبايلي وكتبت " سنة جديدة ..قبلاتي لكم في اول دقيقة من عام 2008 ...". كان الأثير محتفلا معنا ايضا ،وفي أقل من خمس دقائق جاءني الردّ :"ونحن محتفلون ايضا ..قبلاتنا لوجنتيك .."عندها سقطت الدمعة وجادت العين بالأغزر . أحبتي في بغداد سهرانيين ايضا اذن بغداد ما تزال تغني للفرح . وتخيلت أبا نواس يحتفل معنا على طريقته ..يشرب كأسه ويقول لصاحبه :" اسقني حتى أرى الديك حمارا!".
في مساء أول يوم من عام 2008 "أمس " كان الفرح العراقي يرقص على شاشات الفضائيات ..في الحلّة ..البصرة ..أربيل ..نينوى ..يعني العراق كله!.
وتحار في الأمر :
الشعب الكردي فقد فقط في الانفال (182)الف ضحية وها هو في هذه الليلة يستمتع به الفرح ويمتعه وكأنه في ليلة عرسه . والحلة التي حملوا اشلاء ضحايا التفجيرات " بالعربانات "ترقص ايضا ، والبصرة ..لا أظن "خشّابتها "وأهلها ناموا تلك الليلة ، ودجلة في بغداد غنّى لها :"الليلة حلوه..حلوه وجميله ".كل هذا يحصل وشعب هاجر منه خمسة ملايين وهجّر في داخله ملايين ويودّع في الشهر آلافا بأجساد محترقة ،أو من دون رؤوس . شعب في كل بيت فيه رزية ..فاجعة ..محنة ..معوّق ..مفقود..يتيم ..مهاجر ..مهجّر من بيته ويسكن في خيمة بداخلها عشرة أنفار بخمس بطانيات في برد كانون .ولو حسبت ما فقده هذا الشعب من أحبّة وأصدقاء عبر (27)عاما من الحروب فأنك لن تجد بيتا من ال(27)مليون عراقي لم تحل به فاجعة . ومع ذلك ، تجد العراقي يذهب في الصباح الى مأتم عزاء فيشاطر أهل الفقيد أحزانهم ،ويذهب مساء اليوم نفسه الى حفل عرس فيشاطر أهل العريسين أفراحهم ،حتى صار مثل هذا الحال عادة ..يتقلب بين الفرح والحزن مثل رقّاص الساعة ، فهل صار هذا الشعب مصابا بالهوس(بلغة الطب النفسي ) ..أعني تقلّب المزاج في اليوم من حال الى نقيضه ؟!. أم أن العراقيين اكتسبوا حالة استثنائية في القدرة على التكيف ، وأنهم يقدمون لعلماء النفس والاجتماع نظرية جديدة في قوة صلابة الشخصية والتعلّق بالحياة برغم أن كل ما فيها يدعو الى الانتحار أو يفضي الى الجنون ؟!.
الكل يعرف أن العراق بلد استثنائي ، فأنت حيثما حفرت في أرضه وقعت على حضارة ..من نينوى مدينة الأنبياء الى أربيل مدينة الآلهة الأربعة الى الفلوجة مدينة المنائر الى أور التي ولّد فيها أبو الأنبياء ابراهيم الخليل (وهذا يعني أن العرب وابناء عمومتهم اليهود ايضا هم بالأصل ..عراقيون!).
فأي وطن بهذا العمق في التاريخ وتنوع الحضارات والخيرات تجده بين بلدان العالم؟!. وأي شعب برغم كل الحروب والكوارث والضحايا التي اصابت ثلاثة اجيال منه يظل ينتج ويبدع :علماء ، شعراء ، فنانين ، رجال أعمال ، حماة وطن مخلصين ...برغم أن العالم كله يستخدم معه كل وسائل العقم والاجهاض والخنق بما فيها قتل العلماء والأساتذة والأدباء والعقول النيّرة وتسجيلها ضد مجهول . أليس هذا شعب أسطوري ! وأن العراقي "عقال " عالراس!.
غادرت المكان بعد أول ساعة من السنة الجديدة ، وشكرت الاحتلال والقاعدة!.فبهذه الليلة اكتشفت كم هو عميق حب العراقيين للعراق ، وكم تكون مطمئنا الى يقين : أن حبا بهذا العنفوان وهذا الصدق بين وطن استثنائي وشعب أسطوري مكتوب له الخلود من زمن جلجامش الى يوم يبعثون .



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراقيون في عام 2020
- كاظم الساهر..والعراقيون
- الحوار المتمدن .. تكريم لضحايا الفكر
- العراقيون وسيكزلوجيا التطير
- المرأة ..والعراف
- العراقي ..وسيكولوجيا الهوس السياسي
- مركز دراسات المجتمع العراقي من الفكرة الى التأسيس
- سلطة الرمز الديني في لاوعي الشخصية العراقية
- النفاق والازدواج في الشخصية العراقية( القسم الثاني :ازدواج ا ...
- دعوة لتبني مشروع دراسة المجتمع العراقي(استجابات )
- النفاق والازدواج في الشخصية العراقية ( القسم الأول)
- دعوة لتبني مشروع دراسة المجتمع العراقي
- الجميل والقبيح في الشعب العراقي (دراسة استطلاعية )
- نعمتان ابتلي بهما العراقيون ..النفط والثقافة !
- اغسلوا أيديكم من العراق ..لربع قرن فقط!
- هل صحيح مات محمد صكر؟!
- السادية والماسوشية في الشخصية العراقية
- الدافعية نحو العلم والتعليم الجامعي
- ظاهرة النهب والسلب والفرهود في مدينة بغداد بعد سقوط نظام الح ...
- المثقفون الكبار ... وتضخّم الأنا


المزيد.....




- في وضح النهار.. فتيات في نيويورك يشاركن قصصًا عن تعرضهن للضر ...
- برج مائل آخر في إيطاليا.. شاهد كيف سيتم إنقاذه
- شاهد ما حدث لمراهق مسلح قاد الشرطة في مطاردة خطيرة بحي سكني ...
- -نأكل مما رفضت الحيوانات أكله-.. شاهد المعاناة التي يعيشها ف ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- صفحات ومواقع إعلامية تنشر صورا وفيديوهات للغارات الإسرائيلية ...
- احتجاجات يومية دون توقف في الأردن منذ بدء الحرب في غزة
- سوريا تتهم إسرائيل بشن غارات على حلب أسفرت عن سقوط عشرات الق ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- الجيش السوري يعلن التصدي لهجوم متزامن من اسرائيل و-النصرة-


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسين صالح - العراقيون ...شعب أسطوري !