|
إلى المبتهجين باستقلال كوسوفو
حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 2207 - 2008 / 3 / 1 - 10:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا تخطئ العين، ولا السمع يخطىء، ردود فعل الكثير من العرب على ما يعدونه نصراً مبيناً للمسلمين، بإعلان استقلال كوسوفو، الذي لم يروا فيه أكثر من قيام دولة إسلامية جديدة، وفي أين: في أوروبا، معقل الغرب النصراني، وفي رواية أخرى الكافر. هؤلاء يتجاهلون انه لولا هذا الغرب النصراني، أو الكافر، لما قُيض لأهالي كوسوفو المسلمين إعلان استقلال إقليمهم في دولة، دون أن يكلف هؤلاء المبتهجين أنفسهم عناء السؤال: لماذا الغرب المنبوذ عندهم، يُبدي كل هذه الحماسة لقيام دولة في كوسوفو؟ في الحوار الشهير بين جان "يغلر وريجي" دوبريه، والذي نُشر في كتابٍ صدرت له ترجمة باللغة العربية، نبّه الأول إلى حقيقة أن العولمة بمقدار ما وحَدت العالم، وقّربت المسافات بينه، موظفةً الثورة الهائلة في وسائل الاتصال، الا أنها تحمل في جوهرها سمةً نقيضةً، فهي ذاتها، من يقف وراء تشظي العالم إلى كيانات أصغر، والى ثقافات وملل وطوائف متنازعة، متصارعة. في كلمات أخرى: فان العالم يزداد تشظياً بمقدار ما تأخذه العولمة نحو المزيد من الترابط والتداخل. يحضر هذا القول ونحن نتأمل إعلان استقلال إقليم كوسوفو عن صربيا، كأن دائرة تقسيم الاتحاد اليوغسلافي السابق تستكمل ما تبقى لها من فصول، بتقسيم مكونات هذا الاتحاد نفسه، ليتحول كل واحدٍ منها إلى مجموعة كيانات أصغر فأصغر. الولايات المتحدة التي ما زالت تعيق قيام دولة وطنية مستقلة للفلسطينيين من خلال الدعم المفتوح الذي تقدمه للسياسات الإسرائيلية الموجهة نحو الحيلولة دون أن تظهر هذه الدولة للوجود، تبدو اليوم في مقدمة المشجعين والمتحمسين للاستقلال الكوسوفي، ولأن يكون لسكان الإقليم دولتهم، ومثلها تفعل دول أوروبية كثيرة، لم نلمس منها أقل القليل من هذه الحماسة لدعم قيام الدولة الفلسطينية. لماذا لا يصح على الفلسطينيين ما يصح على سكان كوسوفو؟! بل انه في حال الفلسطينيين فان هناك سلسلة من القرارات الدولية، بما فيها قرار تقسيم فلسطين نفسه، تنص صراحة على أن يكون للفلسطينيين دولتهم الوطنية المستقلة كاملة السيادة. لماذا لا تُظهر واشنطن، ومعها حليفاتها من العواصم الأوروبية، بعض الحرص على أن تجد هذه القرارات الدولية طريقها لأن ترى النور، وهي ترى عُظم وفداحة المعاناة الفلسطينية المستمرة منذ نحو ستين عاما، وبشكل يومي؟! على بعض غلاة الفرحين بيننا باستقلال كوسوفو، أن ينظروا أبعد ليس إلى إعلان الكوسوفيين أنفسهم لدولتهم، وإنما للمباركة الدولية الواسعة لهذا الإعلان. باعث هذه المباركة ليس الحب الفائض لسكان الإقليم المسلمين، وإنما هو الرغبة في أن يروا الجزء الأوروبي القريب من العالم الإسلامي، وهو يتشظى إلى كيانات صغيرة. لذلك أسباب عدة. فالبلقان المقسم إلى كيانات صغيرة هو بروفة لروسيا مقسمة كي لا تقوم لها قائمة مرة أخرى، ولأن الأمر يعنينا، فان دولة كوسوفية مستقلة تحظى بكل هذا الترحيب، قد تكون مقدمة "استقلالات" قادمة حوالينا، لن تنتج عنها سوى دويلات للطوائف والمذاهب.
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما قبل الدولة
-
فضاء لن يعُد حراً
-
فيدل كاسترو: القائل لا
-
-عودة- التعذيب
-
فرصة أمام الدولة
-
الأربعون مليون دينار وحبة »البن
...
-
قرار أم قرارات؟!
-
عن الأحزاب السياسية
-
هل صحيح أنهم لم يُجربوا؟!
-
كيف نتدبر الأمور
-
مداخلات في ندوتي الوطن والوقت حول الأحداث الأخيرة
-
مجيد مرهون: فلذة من تاريخنا
-
ثلاث عشرة توصية
-
كلمة جمعيتي - المنبر التقدمي - و-وعد- في حفل إحياء ذكرى الشه
...
-
النص الكامل لأجوبة الأمين العام للمنبر التقدمي د . حسن مدن ع
...
-
عن رواتب الوزراء والنواب
-
أملاك الدولة
-
قانون مستنير للصحافة
-
قمصان جيفارا: رمز أم موضة ؟!
-
بين الدراما والتاريخ
المزيد.....
-
وصفت بالحادثة -المروعة- فيديو يُظهر طعن مدرسين في حديقة بالص
...
-
بلينكن: رد قيادة حماس في غزة بشأن مقترح الهدنة هو الأهم
-
هل تستخدم واقي الشمس بطريقة صحيحة؟
-
شاهد: حريق يفتك بمئات الحيوانات في سوق بتايلاندا
-
أوكرانيا.. هل يتحول مؤتمر إعادة الإعمار إلى مؤتمر للمساعدة ا
...
-
مصرع فرنسي حاول دخول أراضي قاعدة بايكونور الفضائية في كازاخس
...
-
نفوق مئات الحيوانات في حريق بسوق تايلاندي شهير بالعاصمة (فيد
...
-
كاراكاس تجدد رغبتها في الانضمام إلى -بريكس-
-
بالفيديو.. رشقة صاروخية من جنوب لبنان تشعل حرائق شمال إسرائي
...
-
أكثر من 2000 فراشة تغزو غرفة سائحتين بريطانيتين في فندق تايل
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|