حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 2070 - 2007 / 10 / 16 - 12:05
المحور:
الادب والفن
قسم من الدراما التلفزيونية العربية يتوجه نحو معالجة قضايا ذات طابع تاريخي بأن ينتقي شخصيات محورية أو حقبا حافلة بالأحداث والتحولات في التاريخ العربي الحديث والمعاصر، ويعيد إنتاجها دراميا في أعمال تحظى بالاهتمام الواسع، وتثير شهية النقاد والمتابعين في الجدل والمناقشة.
ومع أن الكتابة الإبداعية على أنواعها، وإن تقاطعت مع التاريخ أو طالت مراحل تاريخية بعينها لا يمكن أن تكون تاريخًا بالمعنى الذي يعرفه المؤرخون ودارسو التاريخ، إلا أنها مع ذلك تبقى مادة حية تعين على فهم هذا التاريخ بصورة أكثر عيانية أو أكثر ملموسية من الكتابة التاريخية الجامدة التي تعيد سرد ما حدث.
كاتب السيناريو المصري المعروف أسامة أنور عكاشة صاحب الأعمال الدرامية التي سلطت الأضواء على مراحل تاريخية مهمة في التاريخين المصري والعربي، وردّا على اتهامات وجهت إلى أعماله بأنها تشوه التاريخ أو لا تقدمه كوقائع مجردة حدثت، قال مرة انه ليس مؤرخا وليس معنيا بكتابة التاريخ، فالروائي برأيه يستخدم التاريخ كإطار للحكاية التي يكتبها كي يمنحها الواقعية ويجعلها أكثر قابلية للتصديق.
ما يصح على تاريخنا يصح على تاريخ سوانا من الشعوب ، فنحن لا نستطيع فهم التاريخ البريطاني دون العودة لشكسبير، ولا معرفة تاريخ ايطاليا دون قراءة دانتي، والتحولات التي شهدتها فرنسا في تاريخها الحافل تفهم بشكل أدق حين نقرأ بلزاك وفيكتور هيجو، والتاريخ الروسي يبدو أكثر شفافية حين نطالع أعمال ديستوفسكي وتولستوي وغوغول وسواهم.
والدراما على أنواعها، خاصة التلفزيونية منها، إذ تثير كل هذا الاهتمام بالتاريخ، تشير إلى أن هذا التاريخ هو أكثر من إطار أو خلفية لتقديم الشخصيات. إن التاريخ هنا يظهر بوصفه متكأ أو مقدمة لحاضر لا نستطيع عزل متوالياته عن تلك الأحداث التي جرت في ماضينا، خاصة القريب منه. لذا يبدو أن مصدر الاهتمام الذي تثيره الدراما التاريخية في نفوسنا وأذهاننا هو ميلنا إلى أن ننظر إليها لا بوصفها تعويضا عن حاضر بائس يجعل من الماضي أمرا مفتقدا بالقياس إليه، وإنما أيضا بوصفها وسيلة من وسائل تعريفنا بأنفسنا، تعريفنا بحاضرنا الذي انبثق من هذا الماضي.
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟