أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - حسن مدن - انفلونزا الفساد














المزيد.....

انفلونزا الفساد


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 2053 - 2007 / 9 / 29 - 09:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


ينقل رجب البنا حكاية مفادها أن حاكم هونج كونج منذ عدة عقود أراد أن‮ ‬يحاسب أحد كبار ضباط الشرطة الذي‮ ‬تورط في‮ ‬فضيحة فساد كبرى،‮ ‬فقرر الحاكم تشكيل لجنة مستقلة لمحاربة الفساد،‮ ‬ومن أجل ضمان استقلال وحيادية هذه اللجنة قرر أن ترفع تقريرها إلى الحاكم شخصياً‮ ‬وبشكل مباشر‮.‬ كما قرر لأعضاء اللجنة مكافآت تزيد على ما‮ ‬يتقاضاها أمثالهم حتى لا‮ ‬يقعوا فريسة لإغراء الفساد،‮ ‬بأن‮ ‬يقوم المستهدفون بالتحقيق برشوتهم بمبالغ‮ ‬كبرى لضمان ألا‮ ‬يأتي‮ ‬التقرير لغير صالحهم،‮ ‬كما تضمن قانون تشكيل هذه اللجنة العليا استقلال أعضائها عن السلطة التنفيذية،‮ ‬وعدم جواز عزلهم أو نقلهم وحظر اشتغالهم في‮ ‬أعمال حرة أو مشاركة رجال الأعمال إذا استقالوا أو تركوا عضوية اللجنة لأي‮ ‬سبب‮.‬ القانون أعطى أعضاء هذه اللجنة سلطات كاملة للتحقيق والاتهام ومخاطبة الرأي‮ ‬العام بكل وسائل الإعلام لتوعية الجمهور برفض الخضوع لابتزاز الفاسدين من الموظفين والإبلاغ‮ ‬عنهم دون تردد أو خشية من بطشهم،‮ ‬ولكي‮ ‬يدلل الحاكم على جدية هذه الوقفة اختار لرئاسة اللجنة شخصاً‮ ‬معروفاً‮ ‬بالنزاهة والاستقامة وبعيداً‮ ‬عن الشبهات‮.‬ لكن كل هذه الضوابط والمعايير والصلاحيات لم تحم اللجنة من الضغوط،‮ ‬إذ مارس كل أصحاب النفوذ وسائل التأثير المختلفة على أعضاء اللجنة،‮ ‬وحوربت جهودهم من قبل الأجهزة الحكومية المتورطة في‮ ‬الفساد لإعاقة عملهم والحيلولة دون بلوغ‮ ‬الحقيقة،‮ ‬الذي‮ ‬يستلزم الوصول إلى الوثائق والبيانات والوقائع الضرورية التي‮ ‬تكشف مكامن الفساد‮.‬ وفي‮ ‬نهاية المطاف تراجعت اللجنة أمام سطوة الفاسدين،‮ ‬وتغلغل نفوذهم داخل الجهاز الحكومي‮ ‬وفي‮ ‬المجتمع،‮ ‬ورضت اللجنة من الغنيمة بالإياب،‮ ‬حيث اضطرت أخيرا إلى إسقاط تهم الفساد،‮ ‬وتحولت إلى لجنة لنشر ثقافة الطهارة والقيام بحملات لتوعية المواطنين وتحذيرهم من الوقوع في‮ ‬شرك الفساد،‮ ‬أما حجم المعلومات الذي‮ ‬استطاعت اللجنة جمعه عن الفساد،‮ ‬وهو حجم ضخم،‮ ‬فقد وضع تحت تصرف الحاكم الذي‮ ‬استخدمه أداة للضغط على خصومه‮!‬ هذه الحكاية وردت أساساً‮ ‬في‮ ‬تقرير للبنك الدولي‮ ‬ساقها مثلا على ما‮ ‬يمكن للفساد أن‮ ‬يكون عليه من استشراء،‮ ‬بحيث انه حتى محاربته لا تعدو ممكنة،‮ ‬لأن أي‮ ‬جهاز إداري‮ ‬للتحقيق فيه لن‮ ‬يتمكن من بلوغ‮ ‬مهمته بالسهولة التي‮ ‬نظنها حتى لو كان أعضاء هذا الجهاز‮ ‬يتمتعون بالنزاهة والاستقامة وشرف الضمير‮.‬ لا تحتاج شرور الفساد إلى المزيد من الشرح،‮ ‬أنها آفة تعيق التنمية وتمثل تطاولاً‮ ‬على المال العام وانتهاكاً‮ ‬لحرمته‮.‬ لكن من أبلغ‮ ‬ما قرأت في‮ ‬توصيف الفساد،‮ ‬تشبيه رجب البنا له بأنه مثل الانفلونزا،‮ ‬ولا علاقة للأمر بانفلونزا الطيور الرائجة حاليا،‮ ‬لأن هذا التشبيه أطلق قبل ظهور هذا النوع من الانفلونزا،‮ ‬لكنه بالغ‮ ‬الدلالة،‮ ‬ذلك أن الانفلونزا تملك إمكانية قلّ‮ ‬نظيرها في‮ ‬الانتشار والعدوى،‮ ‬وأكثر من ذلك فإنها تبدأ عادة باختراق الأجسام ضعيفة المناعة،‮ ‬شأنها شأن الفساد الذي‮ ‬يعم حيث‮ ‬يغيب القانون والرقابة الشعبية والثقافية في‮ ‬الأداء المالي‮ ‬والإداري‮ ‬في‮ ‬الحكومات والمجتمعات‮.‬ أورد هذه الحكاية لعل فيها لنا بعض العبرة وسط الحديث المتزايد هذه الأيام لمحاربة الفساد.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا‮ ‬يغيب المسؤولون؟
- مداخلة المنبر التقدمي في الحلقة الحوارية بمناسبة يوم استقلال ...
- نضالات مطلبية
- صفقات التسلح‮ .. ‬لماذا ؟‮!‬
- هل نفتح ‮ ‬النوافذ ونمنع الهواء؟‮!‬
- لجان التحقيق‮ !‬
- عن التجربة المغربية
- من أجل مداواة الجروح
- ليست مسألة شكلية
- يوجد بديل‮ !‬
- التجربة النيابية بين مرحلتين
- هل ما ينقص البحرين الدعاة؟
- الفئات الوسطى
- إصلاح النظام ‮ ‬الانتخابي‮.. ‬لماذا؟
- ما‮ ‬يعطى بيد‮ ‬يؤخذ بأخرى‮!&# ...
- شكراً‮ ‬للسادة النواب‮ !!‬
- نساء من سنوات الجمر
- أبعد من نقص الشفافية‮!‬
- مصير القوى ‮ ‬الصغيرة والمتوسطة
- الرياح الساخنة للطائفية


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - حسن مدن - انفلونزا الفساد