الرياح الساخنة للطائفية

حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 1791 - 2007 / 1 / 10 - 11:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

فاقمت الطريقة التي‮ ‬أحاطت بإعدام صدام حسين مناخ الطائفية المسموم الذي‮ ‬يجتاح المنطقة،‮ ‬وتبدو الكثير من الشكوك في‮ ‬محلها حول من تعمد أن‮ ‬يضفي‮ ‬على إعدام الديكتاتور العراقي‮ ‬هذا الطابع الطائفي‮ ‬الممجوج من أجل بلوغ‮ ‬هذا الهدف،‮ ‬خاصة وان البيئة الناشئة اليوم في‮ ‬المنطقة تطلق الغرائز المذهبية بأنواعها وتلاوينها المختلفة من مكامنها،‮ ‬وتضفي‮ ‬السمة الطائفية على كافة أشكال السجالات والصراعات الدائرة في‮ ‬أكثر من بلد عربي‮ ‬وغير عربي‮ ‬في‮ ‬المنطقة،‮ ‬ويغيب الخطاب الوطني‮ ‬الجامع والموحد أمام تراجع تأثير ممثلي‮ ‬هذا الخطاب وحملته،‮ ‬مع استمرار تدهور مكانة ودور الطبقات الوسطى وتردد ممثليها في‮ ‬الاضطلاع بالمهام المناطة بهم في‮ ‬هذا الظرف الدقيق،‮ ‬واختراق الولاءات التقليدية لأذهانهم وسلوكهم،‮ ‬ويبدو محيرًا أن أولاد وأحفاد حملة الأفكار الوطنية والقومية والديمقراطية في‮ ‬عقود سابقة،‮ ‬هم من‮ ‬يشكلون اليوم القاعدة الاجتماعية المحركة للتيارات والميول المذهبية والطائفية والقبلية والعشائرية،‮ ‬في‮ ‬مفارقة صارخة على حجم التحولات الجارية في‮ ‬بنية الوعي،‮ ‬والتي‮ ‬كشفت أن فكرة الحداثة لم تتعمق في‮ ‬البنيان الاجتماعي‮ ‬وفي‮ ‬أذهان الناس،‮ ‬ولم‮ ‬يجر القطع الحاسم مع معوقات التقدم الذي‮ ‬شهدته المجتمعات التي‮ ‬حددت خياراتها المستقبلية‮.‬ من سوء حظنا أن مجتمعنا البحريني‮ ‬الصغير‮ ‬يبدو أسيرًا هو الآخر لهذه المتغيرات الوافدة إليه من خارجه،‮ ‬بالنظر إلى درجة التشابك والتفاعل الكبيرة بين هذا المجتمع ومحيطه،‮ ‬كما كان عليه الحال في‮ ‬المراحل المختلفة،‮ ‬فما من تطورات سياسية واجتماعية حاسمة ومؤثرات فكرية ذات شأن في‮ ‬محيطنا العربي‮ ‬والخليجي‮ ‬والاقليمي‮ ‬إلا وتترك آثارها على طبيعة السجالات والتحولات في‮ ‬مجتمعنا،‮ ‬الذي‮ ‬يتميز هو الآخر باستعداده لمثل هذا التفاعل جراء فعالية آليات الحراك الاجتماعي‮ - ‬السياسي‮ ‬فيه بالقياس للكثير من البلدان في‮ ‬محيطه‮.‬ يجب ألا‮ ‬يجعلنا ذلك ضعيفي‮ ‬الحيلة أمام واقع خطر‮ ‬ينذر بعواقب سيئة،‮ ‬خاصة أمام حقيقة وجود تركيبة واضحة للمؤسسة البرلمانية‮ ‬غلب عليها طابع الاصطفاف الطائفي،‮ ‬حتى في‮ ‬فترة الانتخابات التي‮ ‬نشأت عنها هذه المؤسسة وتعززت بنتائجها التي‮ ‬أقصت عمليا كل الوجوه التي‮ ‬كان‮ ‬يمكن أن تكون روافع لفكرة الوحدة الوطنية داخل المجلس وفي‮ ‬المجتمع،‮ ‬ولسنا هنا في‮ ‬وارد اتهام النواب الحاليين،‮ ‬بقضهم وقضيضهم،‮ ‬بالطائفية،‮ ‬لأن ذلك أبعد ما‮ ‬يكون عن تفكيرنا،‮ ‬لكننا ننطلق هنا لا من النوايا الحسنة المعلنة،‮ ‬وإنما من طبيعة البرامج والرؤى ومنهج التعاطي‮ ‬مع هذه البرامج الذي‮ ‬يحمل من وجهة النظر الموضوعية بعدًا طائفياً،‮ ‬وهذا ما دلت عليه أولى احتكاكات المجلس الجديد وهو بالكاد‮ ‬يبدأ أعماله‮. ‬ إن أعمالاً‮ ‬كبيرة تنتظر الفئات والشخصيات الوطنية في‮ ‬سياق إعادة الاعتبار لفكرة الوحدة الوطنية،‮ ‬لا من باب الحنين الرومانسي‮ ‬لها،‮ ‬وإنما من حقيقة أن‮ ‬غيابها‮ ‬ينذر بأوخم العواقب على هذا البلد إذا ما تركت الأمور لمجرى التطور العفوي.

#حسن_مدن (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات