أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - مَناسكٌ نرجسيّة 3















المزيد.....

مَناسكٌ نرجسيّة 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 2199 - 2008 / 2 / 22 - 09:56
المحور: الادب والفن
    



كان على بيتنا ، ولأول مرة منذ أشهر ، التنفس بحريّة . هجرنا شقيقي ، مجدداً ، وبلا أيّ مراسم . إمرأته ، بطبيعة الحال ، كانت الأكثرَ تكدراً . أمّا الأمّ ، فلم تبدِ أيّ أسف . من ناحيتي ، عدتُ إلى حجرتي كيما أتفقدُ بين جدرانها وحدتي ، المُفتقدة . جازَ لي ، في إحدى الليالي ، إصطحابَ " فريدة " إلى العليّة تلك . خلال صعودنا الدرج ، نبّهتني هامسة ً إلى وجود شبح ما ثمة ، خلف نافذة غرفة الجلوس . في يوم تال ، جاءت " مريم " في زيارة ، معتادة ، لتخبرنا هذه المرّة عما يُشاع من ظهور شقيقها ، " حيدر " ، في الحارَة : " ويقولون ، أنه يقيم في أحد الأزقة العليا مع إمرأة مشبوهة ، غريبة " . الكلمة الأخيرة ، والتي نطقتها قريبتنا ، عَرَضاً ، ربما إستفزتْ " صافية " . إذ ما أن تحوّل الحديثُ بينهما إلى موضوع آخر ، حتى بادرتْ إمرأة أخي إلى صبّ حممها على ما دعته " سطحيّة المرأة الشرقية ولا معنى حياتها " . مساءً ، كنتُ أحاذي موقفها على الشرفة ، المألوف ، والليل فوقنا ربيع نجوم بلا نهاية . " مجرّد مساءلة ، عابرة ، عن فائدة تلك الكتب التي تقرأينها أنتِ ، جعلتكِ تثورين عليها ؟ " ، قلتُ لها معاتباً ، فيما أوميء برأسي إلى ناحية الشرفة الاخرى . رنتْ إليّ " صافية " عن قرب ، متسائلة ً بدورها :
ـ " هل تعتقد أنني ، مُتعمّدة ً ، جرحتُ مشاعرها ؟ "
ـ " أبداً . إنما إستغربتُ من عدمَ تفهمكِ لوضع نساء عائلتنا "
ـ " أليست هيَ ، على كلّ حال ، أكثر جهلاً من فهم ما ذهبَ إليه كلامي ؟ "
ـ " صافوْ " ، يُخيّل إليّ أنكِ تتحاملين عليها ، أحياناً "
ـ " ويُخيّل إليّ ، يا " شيروْ " ، أنكَ تحبّها ! " ، قالتها بلهجة اخرى ، ألطف وأرقّ . ولكنني هتفتُ ، بضيق ، مفردة نفي وحسب : " لا " . أنفاسها إزدادت قرباً ، فيما تردد كلمتي متسائلة بإلحاح : " لا .. ؟ " . إذاك ، تزحزحتُ عن موقفي ، زافراً من ثمّ هاجسَ أعماقي : " لا تتكلمي هكذا ، أرجوكِ " .

صوتٌ عميق ، ندَه من أغوار العتمة بإسمي . متوهّماً أنه نداءُ الأمّ ، هبطتُ الدرجَ شاعراً بالظلمة هوة بلا قاع . في الردهة ، رواحتُ قدميّ ، مُتردداً بين غرفتيْ النوم والجلوس ، لما تناهى من هذه الأخيرة هدهدة ُ أمومةٍ ، ساهرة . ما لبث الباب أن إنفرجت ضلفته عن الغريبة ؛ هيَ المُعتنقة طفلاً بهيئة ملاك ، وكان مشدوداً إلى صدرها راحة ً وفماً ؛ نهماً ـ كرضيع لقيط . الينبوع الثرّ أفلتَ ، فجأة ً ، لتنتثرَ قطراتٌ ، ناصعة ، فتضيء الغلسة . عادتْ الغريبة إلى دسّ حلمتها في الفم الطفل ، مخاطبة ً إيايَ بلهجة متسائلة ، متشكية : " أما آنَ له أن يُفطمَ ؟ " . الحلكة تحجب المشهدَ كلية ً . النداء ما فتأ يصّاعد ، إنما من الحجرة الاخرى ، على الأرجح . ولكنني إذ هممتْ تلبيته ، إذا بالباب يوصدُ على وحدةٍ مطلقة . ثمّ دهمني رعبٌ ثقيل ، معذب . الهتاف يُضافر بإيغاله وإلحاحه كتمَ أنفاسي ، فأحاول إفلات صرخة نجاة .

***
أخيراً ، إقتحمَ الزقاقَ صباحٌ مُشرقٌ بحضور ، جهم . وقال الزاعمون المعرفة ، أنّ " حيدر " لم يغادرَ الحيّ يوماً . الأغرب من هذا ، ما راجَ عن خلافته للقتيل ، إبن " زينكيْ " ، في إدارة المقمرة . هكذا أبصرتُ عتيّ عائلتنا ، وكان بصحبة " ناصر " ، لحظة خروجهما من منزل هذا الأخير . حقّ للخلق الإستغرابَ ، وهم يرقبون تنقل هذا القاتل في رابعة النهار ، ودونما أيّ إعتبار لرجال الأمن . من جهتي ، قدّرتُ أنّ هؤلاء الشرطيين ، المرتشين ، لا بدّ ويغضون عنه الطرفَ ؛ همُ المقتحمون حرمَة َ زقاقنا ، في مناسبة تالية ، ليسوقوا من ثمّ " كوكش " بالمهانة نحوَ عربتهم ، المُنتظرة ثمة .

كان الأستاذ " شهاب " ، في حينه ، قد وعدني بحضور جلسة للعصبَة ، مُقررة . وفي الخميس الأول ، الشاهد إطلاق سراح " كوكش " ذاكَ ، بكفالة ماليّة ، رأيتني أصعد الدرجَ المؤدي إلى عليّته ، والمحاذية لدقران كرمةٍ ، كثيفة ؛ أينَ الحمام ، بأسراب المؤهلة ، يُبشر هديله الصخاب بربيع قادم ، قريب . مرأى صديقي " نورو " ثمة ، كان لا بدّ أن يُجمّد التحيّة في فمي ؛ هوَ المُتناهض مع الآخرين للترحيب بمقدمي . وفضلاً عن الأستاذ ، كان هناك أشخاص آخرون ؛ " فرَج الحرامي " و " ركَيكَ الإسكافي " ، إضافة طبعاً لكلّ من " ناصر " و " كوكش " . هذا الأخير ، بدا في تربّعه على أريكة خشبيّة ، مُعتقة القِدَم ، وكما لو أنه على عرش ، همايونيّ ؛ هوَ المُدّعي بأنّ " الشيخ الأكبر " قد أخبرَ عنه بفتوحاته .

قدّمنا الأستاذ ، " نورو " وأنا ، بإعتبارنا من أولاد الحارَة ، المتنورين ، التائقين للمعرفة . سادَ الصمت من ثمّ ، لبرهة اخرى . وما عتمت الحركة أن دبّت في المجمع ، السماويّ . راقبتُ همّتهم ، لما أخذ كلّ منهم برصّ حشوة من تبغ وكيف ، محسوبة ، طيّ ورقة تنباك رقيقة ، تاركاً طرفيها على سجيّتهما ـ كيما تكون جديرة ً بنعت " الصاروخ " . الحشوة هذه ، المُزدوجة النعمة ، تشغل نصف اللفافة عادة ً ، فيما نصفها الآخر ، الفارغ ، منذورٌ للشعلة المؤرّجة بنفحة الفاتحة ، والمُبشرة بحسن الختام . هوذا الضبابُ الكثيف ، القدسيّ ، يرتفعُ في أرجاء المكان ، جنباً لجنب مع شدو مُنشدنا ، " الميدانيّ " ، وعزف بزقه ، الشجيّ . " من فهمَ الألحانَ ، إستغنى عن سائر الملذات " ، تمتمَ الأستاذ " شهاب " . ثمّ إستطردَ بعيد سحبةٍ من لفافته : " هكذا تكلمَ زرادشت " . إنجلاء الوجه الأول من المُسجّل ، كان على ما يبدو فرصة ً لأستاذنا ، كيما يوميء نحوَ السدّة العليا ، هاتفاً بربّها :
ـ " الحقّ جوابٌ "
ـ " لأنه لا يخشى سؤالاً " ، يردّ عليه كبير العصبة هذا ، فيما هوَ يلفنا بنظرته ، الثاقبة ، المتسللة من عينين يتسلق طحلبهما صخرة َ الأنف ، المتحدّرة . شعرتُ بنظرته تلك ، وكما لو أنها تطوّقني . مُحرجاً ، أفلتّ سؤالي على الأثر : " بمَ تبشرون هنا ، لو سمحتم ؟ " .
ـ " بعودة الغائب " ، أجابني الأستاذ . ثمّ ما لبث أن سعلَ بقوّة ، فيما كان يتهيأ للشروع بمداخلة مديدة . هكذا إسترسل في الكلام ، دونما تلجلج ، وكأنما كان ينطقُ عن وحي . وما ترسّب لديّ مما قاله ، تشديده على كون الكون ـ كثمرةٍ ، غلافها النورُ وبذرتها الظلمة ؛ وأنّ النورَ هوَ الجوهرُ ، المختار ، المُتشظي عنه أنوار السبعة ، المختارين ، في الأرض ؛ وأنّ من دعاهُ " السابع " لم يظهرَ بعدُ : " هذا الغائبُ ، لا شأن له بمَهديّ شيعة آل البيت . حضوره بيننا ، المؤقت ، سيكون بوساطة " المُستخلف " ؛ الداعي والمُبشر بظهوره ، المُرتقب " . وهو ذا " نورو " ، يسألُ بدوره : " ولكن لمَ هذا الرقم ، بالذات ؟ " .
ـ " النورُ ، هوَ سابعُ الملائكة . وخلق الله الأرضَ بسبعة أيام ، وجعلَ طبقاتِ السماء سبعاً وكذا عدد أيام الأسبوع . وسبعة هيَ أبوابُ الشام الشريف ؛ مُستقرّ قيامة الله وجنته ، الأبديّة " : أجابه الأستاذ بتلاوةٍ ، مقتضبة . وخيّل إليّ أنّ أخا الرضاع هذا ، قد شاءَ الهمز من قناة العصبّة ، بسؤاله الآخر عن مغزى الخطيئة . وكان لا بدّ لأنظارنا أن تتعلق ، مُجدداً ، بالأستاذ " شهاب " . يُطرق متفكراً للحظةٍ ، قبل أن يخرق صوته ، النقيّ ، جوَّ الجلسة الخانق : " على حدّ قول " أويديموس الرودسي " ، أحد تلامذة " أرسطو " الفيلسوف ، فإنّ المخلوق القديم هوَ وحدة من المكان والزمان ؛ من الخير والشرّ . ومن هذه الوحدة ، تحديداً ، كان الكون ؛ وهيَ أساسه " . من جهتي ، كنتُ متآلفاً وطلاسم الأستاذ ، بحكم ما جمعنا من جلسات الليل ، الشتويّة . ومع ذلك ، رغبتُ في خوض المُساجلة مُستفهماً منه ما إذا كان ينكرُ الفضيلة . عاد شهابنا للقول ، وقد إشتدّ زوغان عينيه : " الخطيئة ، بحسب الإرادة السبحانيّة ، كانت أساس بناء الكون والمتأثرَ حكاية الطرد من الفردوس . إنها أصله في عالمنا ؛ بدءاً من قتل الأخ الأول ، ومن ثمّ تحليل زواج المحارم ، الذي إستمرّ في الزرادشتية واليهودية " .
ـ " صنعَ " هارونُ " العجلَ ، فعبده بنو " موسى " من بعده " ، إنبعث من نفق ، غميق ، صوتُ " ركَيكَ " ، الأبحّ . وكأنما الشرّ مسحَ وجهَ " نورو " بمسوح البِشْر ِ ؛ هوَ المتسائل عن خلود الخطيئة . فأعادَ الأستاذ تأكيد فكرته ، بالقول : " الشرّ ، وليدُ قوّة الخير ، الأولى ؛ مغزى تجليها للخلق . لا زوال له إلا بزوال الكون ؛ ولا خلود لنا إلا بخلوده " .
ـ " أصل الشرّ في العالم ، المرأة ! " ، تكلم " ناصر " وصورة معيّنة ، على الأرجح ، تتمثل أمام عينيه ، المغمضتين . ثمّ ما عتمَ هذا أن تابع ، ناثراً علينا آخرَ تجليات السهرة : " إنّ قومنا الأوائل ، كما ذكرَ العارف " قمْبُز " ، همُ الوحيدون في الأرض ، المتحدرون من نسل الدّهر . فحينما سلبَ الله مُلكَ " سليمان " ، أسطى إبليس على نسائه وحملن منه . ومن ذاكَ النسل ، يؤكد العارفُ ، كانت سلالتنا " . الصمتُ ، زارنا من جديد . بإشارةٍ من الأستاذ لأحدهم ، فتحَ باب الحجرة . الهواءُ العليل ، الهارب من وحشة جبل الخليقة ، كان عليه أن يُبددَ دخانَ الحريق ، المُقدّس ، المُتغلغل عميقاً في عروق النسل ، النرجسيّ .

***
شغلتْ أفكار العصبَة خيالي ، الفتيّ . كنتُ أنقلها لإمرأة أخي ، أولاً بأول ، على أنها من تفتقات فلسفتي ـ كذا . ولكنّ " صافية " دأبتْ على الإعراض عن المُجادلة بهذا الخصوص ، بما أنّ كل ذلك كان غريباً عن طبيعة تربيتها وحدود تديّنها . رأيتني ، من ناحية اخرى ، على تناقض في المسلك ، بيّن ؛ أنا المُوزع الإهتمام بين نساء ثلاث ، والمنجذب إلى كلّ منهنّ بدافع ، مُختلف . المُراهقة ، ولا شك ، خلفتها ورائي ـ كصفحةٍ مطويّة من كتاب العُمر . ولكنّ صورة ساطعة ، ألقة ، ما فتأت تبرز من الصفحة تلك ، مُنيرة دوماً حُجُب وجودي . قريبتنا الجميلة ، كانت تنتمي مؤكداً لعالم مراهقتي ، البائد . على أنها ، بالمقابل ، أضحَتْ كما لو كانت مُتماهية ، بنظري على الأقل ، بكينونة المرأة الاخرى ، الغريبة ، المٌنتهَكة الإنسانيّة . كان يُحزّ في نفسي ، أحياناً ، إشتراكي في عملية الهتك هذه . مع أنني كنتُ ، صادقاً ، أجد ذلك بمثابة تعويض عن حاجة ، جسديّة ، لم تتحقق مرة ً قط مع الحبيبة الأولى . ربما هيَ محاولة للقِران ، روحيّة ، بإمرأتين من بيئتين ، مختلفتين ، يوحّدهما مع ذلك مصيرٌ واحدٌ .

علاقتي و " فريدة " أخذتْ بالتواشج ، الجديّ ، وما عادتْ مجرّد نزواتٍ لجسدٍ ، محروم . وكأنما سعتْ هيَ للدرجة تلك ، الموصوفة ، من إرتقاء صلتنا ، بما كانَ من إهمالها ، كلياً ، لشأن نقودي ؛ لثمن تلبيتها حاجتي ، الجائعة . ولكن كان يغيظها ، كما تنبّهتُ ، أمرَ إستغناء طبعي عن الغيرة ؛ وعلى الرغم من تفهمها ، وكيف لا ! ، حقيقة علاقتنا ومدى حدّها . بيْدَ أنّ إعتيادي على صحبتها والحميميّة المتأثلة عاطفتي تجاهها ، كانا من الأمور الباعثة رضاها وطمأنينتها ؛ هيَ المُرهفة المشاعر ، والمُنطويَة على كآبةٍ مُقيمة . أعتقدُ أنّ مُصادفة ً ، عابرة ، عززتْ خصلة الغيرة في باطن فتاتي ، الغريبة . وكان " ناصر " ، قد إعتذرَ مرة ً لإمرأة أخيه عن عدم قدرته على مرافقتها : " لمَ لا تذهب أنتَ معها ، لزيارة قريبكَ في سجن" القلعة " ؟ " ، توجّه أخيراً نحوي بالكلام . وإذاً رأيتني يومئذٍ وإياها ، في الطريق إلى تلك الجهة . سرنا في مسالك المدينة القديمة ؛ أين الأرصفة الضيّقة ، الفائضة ببشر منزلقين ـ كسمكٍ مُنتحِر ، إلى لجة الشوارع المُهلكة . وكم أسعدني في الزحام إطمئنانَ يدها ، أحياناً ، ليدي . متمنياً هكذا لو أنّ السوقَ الكبير ، المسقوف ، إمتدّ إلى البلدان الغريبة ، المصدّرة إلينا سواحها المُتأنقين ، والمُتأففين في آن من الحرّ والسخام . في طريق عودتنا ، خلل السوق نفسه ، لحظتُ إنشدادَ عيون العابرين لعينيها ، الآسرتين ، المُخضلتين بإستعبار بليل . ثمّ قبلتْ " مريم " ، مُحتفية ً ، إقتراحي بالتروّح قليلاً في مماشي الحديقة ، الكبرى . فما كان أسرع رونقها ، الرائق ، في إستعادة طبيعته ، وقد أضفى النسيجُ القاني لكلّ من بلوزتها وخراطتها توهّجاً مثيراً على بشرتها ، الخمرية ، كما على الرطوبة العذبة للأفياء ، الصديقة .

مساء ذلك اليوم ، إستقبلتُ في منزل الغريبة من لدن رجلها . كان ثملاً ـ كدأبه دوماً . على أنني قرأتُ في تكشيرته ، المُتخابثة ، ما يُفصح عما جدّ عصراً من مُصادفة لقائنا ، في الجنينة العامّة تلك . وكان قد مثل أمامي وقتئذٍ ، تحت العريشة المُستديرة ، كما لو أنّ التربة نشرَتْ فجأة ًهيكله العظميّ . ولكنه ما لبث أن مضى إلى الجهة الاخرى ، من الحديقة ؛ أين تنام الظلالُ . شاءَ من بعد ، وهوَ في طريقه إلى الباب الرئيس ، أن يُحاذي مجلسنا ، مُلقياً من ثمّ نظرة ما ، متأمّلة ، على قريبتي ؛ نظرة ، ما كان لها إلا أن تسبّب إنزعاجي ، طالما أوحت عينه ، السيكلوبيّة ، أنها تستشفّ بخبرتها مكامنَ الإثارة في البدن الحَسَن ، الحبيب . وها هوَ هنا اللحظة ، في عرينه ، يواصل إضجاري بلازمته ، المعهودة ، فيما يده تكرمني بقدح العَرَق : " هذه الخمرة ، يا أخ ، كلّ أملي في الحياة .. " . مُضيفاً وهوَ يوصوصُ عينه ، السليمة ، ناحية إمرأته : " وهذه ، هيَ كلّ حيلتي فيها ! " . كانت " فريدة " في رقدتها المُعتادة ؛ مُسترخية على الأريكة ، ومُستندة برأسها على ساعدٍ ، بضّ ، فيما شلحتها ، الحريرية ، مُنحسرة عن أعماق معجّزة ، سرّانية .
ـ " من هيَ الحسناء تلك ، التي كنتَ بصحبتها خلال النهار ؟ " ، تسألني مائلة ً برأسها على كتفي . غطيط الرجل ، صدَرَ من عالمه الآخر ، حينما كنتُ أطوّق صدرها الناهد ، المتوثب للخصام ، محاولاً مداعبتها بجوابي :
ـ " إنكِ أنتِ الحسناء ! ؛ وكلّ النساء الجميلات ، مجرّد مرايا لكِ "
ـ " لا ، لستُ إلا مجرّد إمرأة ، مومس " .

[email protected]




#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَناسكٌ نرجسيّة 2
- مَناسكٌ نرجسيّة *
- دعاء الكروان : تحفة الفن السابع
- ميرَاثٌ مَلعون 5
- ميرَاثٌ مَلعون 4
- ذهبٌ لأبوابها
- ميرَاثٌ مَلعون 3
- ميرَاثٌ مَلعون 2
- ميرَاثٌ مَلعون *
- كيف نستعيد أسيرنا السوري ؟
- أختنا الباكستانية ، الجسورة
- جنس وأجناس 4 : تصحير السينما المصرية
- زهْرُ الصَبّار : عوضاً عن النهاية
- زهْرُ الصَبّار 13 : المقام ، الغرماء
- الإتجار المعاكس : حلقة عن الحقيقة
- زهْرُ الصَبّار 12 : الغار ، الغرباء
- نافذتي على الآخر ، ونافذته عليّ
- من سيكون خليفتنا الفاطمي ؟
- طيف تحت الرخام
- زهْرُ الصَبّار 11 : المسراب ، المساكين


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - مَناسكٌ نرجسيّة 3