|
زهْرُ الصَبّار 11 : المسراب ، المساكين
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 2121 - 2007 / 12 / 6 - 10:10
المحور:
الادب والفن
1 ـ " ليكن الرهان ، كما أردتم ، على هذه ! " قالها شقيقي " جينكو " بنبرة حاسمة ، وهوَ يلوّح بالسيف الشركسيّ ، القصير ، ( القامة ) . كان بذلك قد أنهى الجدل المعتمل مع أولاد " عَرَبيْ " ، الأربعة ، طوال ساعة من مبتدأ ليلنا هذا . إنها سلاح والدنا ؛ ما تبقى من ذكريات فتوّته ، حينما خدمَ في " الفوج الكردي " ، المتشكل في زمن الإنتداب ، وكان بقيادة صديقه ، الزعيم " بكري قوطرش " . القامة هذه ، ما فتأت متشبثة بمكانها الدافيء في طيّات قميص أخي ، مذ لحظة عثوره عليها مخفيّة بدورها طيّ بطانيّة قديمة ، عسكرية ، في " يوك " الحجرة الكبيرة : إنها على كل حال ، وكما بدا لي وقتئذٍ ، موضعُ طمَع " ناسو " ؛ أوسط أولئك الإخوة ، وأحد منافسي " جينكو " . وموجب تلك المراهنة ، المشتغلة أساساً على تحدّ لروع فتى الحارة ، الأكثرَ جسارة ً ، ما كان قد دار في أمسيتنا هذه ، من حديث " الزيارة " ؛ طيف الأمّ الكبرى ، الآبدة ، المانحة صفتها لخرابة " رَزّيْ آنيْ " ( كرْمُ الأمّ ) ، والمطوّف في أنحائها ليلاً ؛ بملبس أبيضَ ، كامدٍ ـ كالكفن . ها نحن ذا هنا ، في إحدى الليالي الصيفيّة ، نراكم هواجسنا المستجدّة ، المتأثرة بحديث الطيف ورهانه ؛ نحن الملمومين بجمهرتنا في المقعدين الحديديين ، اليتيمين ، لأرجوحة " آيدين " ، كما في محيطها المليء بالظلال . القمر فوقنا مكتمل العدّة ، متربّع بخيلاء في مظعنة رحله ، الأزليّ ، وبكونه مصدر الإنارة الوحيد آنئذٍ ؛ بما أننا يوماً بعدَ يوم ، إعتدنا هواية صيد مصابيح الكهرباء ، الصغيرة ، الموزعة على الأعمدة الخشبية في مداخل الأزقة وجنبات الجادة الرئيسة . ولكي يكتملَ عقابنا ، نحن الصغار ، أتى أولاد " عربي " هؤلاء ، مقتحمين وحشة ليلنا بإقتراحهم ذاك ، المثير غلياناً في عروق أخي .
هكذا تقاطرنا ، عصبة ً متراصّة ، خلف " جينكو " ، المتقدّم أماماً كما يجدر بإرادته ودبسته المشهرة . عبرَ دخلة النهر ، المقابلة تماماً لزقاق " آلرشي " ، دلفنا العتمة البهيمة ، المكتنفة بأشباح لا تحصى لأشجار وأجمات الخرابة . جذع شجرة حَوْر ، فارع ، بإنتظارنا ثمّة ؛ هوَ المستلقي ـ كجثة عبدٍ قن ، تحت قدمَيْ سيّده الظالم ؛ كرم الصبّار ، الهائل الجرم . هذا الأخير ، كان من الكبر في المساحة زمنئذٍ ، أنه إمتدّ على البقعة المسوّرة بحائط ترابيّ ، والمحصورة بين مدخل الزقاق ذاك ، الموسوم ، ومنزل آل " عربي " ، ومن هنا نزولاً حتى ضفة النهر ؛ أين فتحة السرداب المائيّ ، الرئيس ، المنعوت منذ القدم بـ " المسراب " ، من لدن أهلينا . " لنجلس هنا في جماعتين ، متدابرتين ، كيلا نؤخذ غدراً " : قالها أخي بلهجة متبطنة القلق من مكيدة ما ، محتملة . كان المفترض به ، بحسب الرهان ، التوجّه لوحده إلى مكمن " الزيارة " هذه ، إلإ أن إصرار جمعتنا على مرافقته ، معاً بخطى واحدة ، جعلَ أولاد " عربي " يوافقون على مضض . هكذا ، وعلى هدي الرهان ، دائماً ، يتوجّب علينا المكوث هنا ، لحين من الزمن ، هيّن على أيّ حال ؛ ما دام أولئك الأخوة ، سيوافوننا سراعاً خلل مدخل دارهم ، المغيّب كله تقريباً بحضور كرم الصبّار ذي الجدعات العديدة ، المترامية الأطراف . في قلق الموقف ، الآنيّ ، ذهلنا عن الإشتغال بحضور " الزيارة " ، فيما لهجت دواخلنا بذكر الإله الحامي ، في محاولة معتادة لتبديد رهبة الصمت والوحشة . كنا إذاً على باب الحضور الموعود ، المتوعّد ، لما فجئنا ، وعلى حين بغتة ، بصراخ صخابٍ ، متطاول ـ كالصّدى . ما أن فزعنا في قومةٍ واحدة ، وجلة ، إلا والحجارة تتطاير نحونا بصفير لا يقلّ شيطانيّة عن تلك الصيحة ، الصمّاء .
2 ـ " إياكم والهرَب ! .. هلموا إلى الإحتماء داخل الكرْم ! " راح " جينكو " يصرخ بنا ، بينما جسده الرشيق ، القويّ ، يتقافز هنا وهناك . كان قد إحتضنني للتوّ ، بحنوّ وشفقة ؛ أنا من كانت بنيته الصغيرة ، الدقيقة ، مرجفة ً فرقاً وهلعاً . في تلك الحمأة ، رأيتني من ثمّ في رعاية " زيدان " ، إبن خالتي المرحومة ، والذي ما لبث أن تركني بدوره ، متراكضاً نحوَ الجهة المنبعث منها إثرئذٍ صوتُ أخي . " إنكشفت لعبتكم الخسيسة ، يا سفلة ! " ، هذا ما إنجاب من صوته ؛ وها هوَ بنفسه ، آتٍ من الجهة المفضية لدخلة آل " عربي " . الإبن الأصغر لهؤلاء الأخيرين ، " حمّوده " ، كان الآن بقبضة " جينكو " . إنه الفتى ، الأمّعة ، المماثل أخي سناً ، المعرِّف نفسه بلقب " أبي ضرغام " ، المهيب ، بينما هوَ على لساننا ما كان سوى " زقزوق " ؛ تشنيعاً لصوته الرفيع ، المزعج . دقيقة اخرى ، على الأثر ، وشمْلُ جماعتنا ما عتمَ أن عاد للإلتئام . بيْدَ أنه كان لا بدّ أن يمضي وقتٌ آخر ، آجل ، قبل أن نتبيّن حقيقة ما جرى من أمور ، ملتبسة ، في هذه الليلة المستطيرة ؛ بالنسبة لمداركي ، الطفلة ، على الأقل . متوحّداً ، مخذولاً بعدما تخلى عنه أخوته وإبن عمّه ، إضطر " زقزوق " للإعتراف بالمكيدة ، المدبّرة ؛ وأنّ من حاكها ، كان " ناسو " ؛ شقيقه الأكبرَ منه مباشرة ً . هذا الأخير ، في محل معرفتنا ، الراسخ ، كان يُظهر دوماً مشاعرَ الحسد والضيق ، تجاه شعبيّة " جينكو " ، المضطردة النموّ ؛ وخصوصاً ما كان من صفته ـ كفتى الحارة ، المقدام ، الذي لا يُمترى بحقيقة جسارته وصلابته . فبحسب معجم الأهلين ، آنذاك ، تنسّب أخي لنعت " الزكَرتيّة " ؛ المصنّف في مراتب الرجولة والشهامة . فيما أبقَ خلقُ المعجم نفسه ، الأهليّ ، من نموذج " ناسو " هذا ، مدرجاً إياه ضمن نعت " الزعران " ؛ من أصحاب الموبقات والآفات . ما كان محضُ إتفاق ٍ ، إذاً ، أن يختار منافسُ أخي ذاكَ لخرابة " الرزي آني " ـ كمكان إختبار ؛ هيَ الما فتأت تشكل على الدوام معقدَ كل من عصبتيهما ، اللدودتين ، ومصدر عتوتهما بالتالي : كان في وارد تفكير " ناسو " ، بما طبع عليه من خلق ، أن " يقطع رجْلَ " العصبة الاخرى ، المنافسة ، بوساطة تدبيره ، الماكر ، مستهدفاً الحط من رأسها وإظهاره ، على الملأ ، كما لو أنه فتىً خوّافٌ رعديد ، مهزومُ الإرادة قدّام حضور " الزيارة " ، المزعوم .
صلة البقعة تلك ، الموسومة ، بنعت " الخرابة " ، متأتٍ على الأرجح من أطلال مسرابها ، القديم . كان محضُ حقّ خرابة " أبي رسلان " ، المجاورة ، إستيفاء شرط النعت ذاكَ ـ كونها أشبه بالبيداء ، لولا بعض الأشجار المهملة على ناصيّة النهر . إذ كانت " الرزي آني " ، بالمقابل ، روضة مزهرة ، يعرض لقاصدها في سيره فيءُ شجرها الظليل ، الرطيب . ها هنا ، على ضفة " يزيد " ، ذي المَسْيل الثرّ البارد ، المُقيل ، ينفتح مدخلُ المسراب ، الرئيس ، الشبيه بفتحة الكهف ؛ المسراب العتيق ، الذي كان في زمن الأجداد يغذي بمائه العذب آبارَ منازل الحارة ، جميعاً . أما في زمننا المتأخر هذا ، الموافق لفتح طفولتنا ، فما عادت هذه القناة الباطنية ، المديدة ، أكثرَ من سرداب رثّ ، مهجور ، متبطن رطوبة عفنة ، مقيتة ، ومشمول بغلسة كثيفة ؛ اللهمّ إلا في موضع واحد حسب ، حظيَ بمضاءةٍ واسعة ، محفوفة على كل حال بظلال شجيرات الصبّار . وهذه الشجيرات ، ذات الثمر الشهيّ ، منتمية للكرم الكبير ، الممتد على ما يقرب نصف مساحة الخرابة ، فيما نصفها الآخر قد إحتفى بالأشجار المثمرة والبريّة ؛ من تين ورمان وتفاح وأجاص وسفرجل ، فضلاً عن السمّاق والجوز والكستناء والبلوط والسرو والصفصاف والسنديان ، المتناثرة جمعاً بوداعة وفتور وإسترخاء قرب الرطوبة ، الطيّبة ، للنهر الكريم . نعتٌ آخر ، لا يقل إلتباساً عن الأول ، تلبّس هذه البقعة ، الرائعة ، من مرابع طفولتنا ؛ " خرابة عربي " ، والمشفوع هذه المرّة بإسم آل الدار الكبيرة ، المجاورة : جدّ الأسرة كان من عرب " النعيم " ، أما زوجته فمن أكرادنا ، " الديركية " ؛ وعلى هذا ، فتارة يطغى النسب المذكر على الخرابة ، وتارة اخرى يُستبدل ببساطة بالنسب المؤنث . وإذاً ، كان على الحفيد ، " ناسو " ، إدعاء السطوة على المكان ، بحكم النعت ذاك ، المزدوج . أفرادُ عصبته ، المنتمون لزقاق " آلرشي " ، دأبوا بدورهم على ترسيخ ذلك الإعتقاد في ذهنه ، كما على تحريضه لنفي حضور " جينكو " وعصبته من المكان . سعياً للهدف الأخير ، عمدَ منافسو أخي ، الأدعياء ، إلى تعميق باطن النهر ، في الجهة المودية للمسراب ، وجعله من ثمّ صالحاً للسباحة ، بعدما تمّ تمحيصه من النفايات المؤذية . ووصولاً إلى هدفهم ذاك ، المنشود ، أشاعوا نعتَ " جورة ناسو " على البقعة المائيّة العميقة ، المستصلحة . ثمّ ما لبثوا أن خرجوا أيضاً على الآخرين ، من مرتادي النهر ، بأمر إعتباطيّ ، صارم ، يحرّم السباحة في حدودٍ منه ، معيّنة ، مرسومة بعلامة عمقه .
3 ـ " أعد إلينا ملابسنا ، أرجوك ! " ـ " هاهيَ . لماذا لا تأتون بأنفسكم وتتسلمونها ؟ " ـ " ولكن ، أقذفها لنا حسب ! " ـ " ربما يتلقاها النهر ، فتبتل أو تفقد ! " ـ " ألا يمكن إرسالها مع " جمّو " ، رفيقنا ؟ " ـ " تعالوا ، إذاً ، وإستلموها منه . ها نحن ذاهبون ، على كل حال " متوجّساً ، تابعتُ لمختتمها ، تلك المحاورة الناشبة بين " زقزوق " وبعض الصبية ممن نسميهم " أبناء البنايات " ؛ من الأغراب ، القاطنين في الأبنية الحديثة ، المدشنة مذاك الوقت الذي شقّ فيه سكينُ شارع " إبن النفيس " ، الإسفلتيّ ، الجسدَ اليانع ، المخضوضر ، لبساتين الحيّ المترامية تحت جدول " يزيد " . ومبعث توجّسي حينئذٍ ، ما كان من شكي بأنه ثمة مكيدة ما ، تحبك لهؤلاء الأولاد ؛ وفيهم " جهاد " و " شاهر " ، الزميلين في فصلي الدراسي ، الخامس . " جمّو " هذا ، المنعوت من لدنهم بصفة " الرفقة " ، هوَ من كان قد إستدرجهم إلى الفخ المنصوب لغفلتهم . فعلى ما علمته ، لاحقاً ، كان قد إقترح عليهم المضي إلى " جورة ناسو " للسباحة ، تمضية ً للوقت التالي لخروجنا من المدرسة . ما لم يكن في حسبان ذينك الرفيقين ، أنّ إبن الفرّان هذا ، قد سبق له وإتفق على تدبير ، موثق الخبث ، مع إبن " عربي " ، الأمّعة ، المدّعي تعهّده البقعة المائية للخرابة في غيبة أخيه الأكبر ، " ناسو " ، العتيّ . " زقزوق " هذا ، لا ترام مداومته على الموبقات من الأعمال . ومن تصاريف ذلك ، ما كان من دأبه على إستعراض " فحولته " أمام الذين يصغروه عمراً ، بمباهاة بلوغه الرجولة ؛ فيخرج إحليله على الملأ من أبصارهم ، مستهلاً ما كان مجهولاً من لدنهم وقتئذٍ ؛ وما كان يدعوه بخبث : " أنجع طريقة لإستحضار حليب التين ! " . وإذاً ، كان بعض " أبناء البنايات " ، وهم في غمرة لهوهم وعومهم ، قد بوغتوا بالحضور الصارخ ، العاصف ، للعصبة الدعيّة ، بحكم الخطة تلك ، الموصوفة . وعلى ذلك ما كان منهم إلا الركون للفرار ، شبه عراة ، مخلفين ملابسهم قرب حافة النهر . وها همو اللحظة هناك ، على الضفة الاخرى ، في ترددهم إزاء الموقف المستجد ، المعقب إنسحاب أفراد العصبة .
ثمة شجرة صفصاف ، باسقة ، متناهضة بجذعها الهائل عند الحافة الاخرى للنهر ، المشكلة حدّ الخرابة ، الجنوبيّ . أفرع الصفصافة هذه ، وأغصانها ، كانت متهدلة بإسترخاء حتى القلب الدافق ، العميق ، للمسيل المائيّ ، المكنى بإسم " ناسو " ؛ إبن البيت المعرِّف ، بدوره ، إسم هذه الخرابة . على تلك الشجرة ، إذاً ، زهوُ أخي الكبير على أقرانه ؛ بما كان من قفزته الحالقة ، الشاهقة ، نحوَ البقعة الأكثرَ غوراً لجورة السباحة . أما في هذا اليوم ، المنذور للمفاجآت ، فالإبن الأصغر لصاحب مقهى " فيصل " المعروف ، كان قد تعيّن عليه أن يتلبث هنا ، بين أفرع الصفصافة ، الوارفة ، زاحفاً بين أغصانها ـ كثعبان في مثلبة كمينه ، الضاري . من جهتي ، وعبرَ إشاراتٍ عديدة ، خفيّة ، كنتُ على إتصال بصديقي " جهاد " ؛ إشارات ، عابرة للنهر الفاصل بين موقفينا ، محمّلة بنذر الحذر ، الواجب . ويجوز أنه فهم ما كان يجول بخاطري ، لما شاءَ النأي بنفسه إلى مسافة مناسبة . وإذاً ، في اللحظة نفسها ، المغادر فيها أفراد العصبة ، الغاشمة ، مواقعهم تلك ، متجهين إلى مدخل الخرابة الشماليّ ، المحجوب بشجيرات الصبّار ؛ كان على " جمّو " التحرّك ناحية موقفي . " لقد رحلوا جميعاً ، كما ترى . لا بأس من مجيئك إلينا ، وإستلام متاعك " : راح صوتُ إبن الفرّان هذا ، إلى الجهة المقابلة ، المتواجد فيها " جهاد " . هاجسي ، الموصوف ، أوحى لي أنّ الماكر ، بإقترابه من مكاني ، إنما يهدف إلى بث الطمأنينة في نفس زميلنا ، المُحَضَّر ـ كفريسة مأمولة . على أنه ، لحسن الحظ وقتئذٍ ، أنّه وغيره من أولئك الصبيَة ، المساكين ، ما غامروا بالتزحزح عن مكانهم المقيم ، الواجم . متهيئاً للمغادرة ، بعدما آيسَ من المحاولة ، أخذ " جمّو " يهز رأسه ناحيتي ، بعلامة متهمة من عينيه ، الماكرتين ، كأنما تقول : " وضحَ الأمر ! " . وإذا ، على حين فجأة ، ينفصل أحدهم عن الجمع ثمة ، وها هوَ في طريقه نحو جسر " الجوزة " ، المفضي للخرابة . قبل أن يتسنى لي تنبيهه ، كان الفخ قد أطبق بفكيْه على غفلة " شاهر " ؛ زميلنا في الصف ، الفلسطينيّ الأصل ، والمتباهي دوماً بوظيفة أبيه في " المنظمة " . ها هوَ الآن ، مرتجفاً بفرق ورعب ، يتوسّل لإبن " فيصل دقوري " أن يدعه وشأنه . هكذا ، وعلى الأثر مباشرة ً ، خرجَ " زقزوق " وبقية جماعته من مخبئهم ذاك ، بين جدعات الصبّار ؛ وها همو الآن متحلقون حول فريستهم ، السائغة ، فيما أحداقهم الذئبية راحت بدورها تجوس هنا وهناك ، في منهبتها الفاخرة ، شبه العارية
4 ـ " الكفلُ كفل الرجال ، والذكر للمشتهي ! " كذلك كان دأبُ " زقزوق " ، الأمّعة ، في ترديد لازمته ، حينما يجول بيننا ، عارياً تماماً ، فور خروجه من النهر وعهده لسرواله ، الداخليّ ، لعناية غصن تينة ما ، كما لوهج شمس الهاجرة . في المقابل ، كنا نحن ، الأصغر منه سناً ، أكثرَ تحفظاً في هكذا موقف ؛ فيلف واحدنا قميصاً أو بنطالاً حول خصره ، محصّناً ما تقدّم وما تأخر من عورته . إبن " عربي " هذا ، في قلة أدبه ـ كما في تعبير محكيتنا ، إشتط إلى أبعدَ من ذلك . فعلاوة على البذاءة ، المعهودة ، في منقلب " عادته " إلى العلنية ، الدعيّة ، فإنه ما كان يأبه بممارسة الرذيلة في رابعة النهار ، وفي مكان يلم ، عادة ً ، شمل ربعنا ، الفتيّ . مطيّته ، ما كانت غالباً سوى قريبه " ينال " ؛ الصبيّ الرخو ، شبه الأبله ، المماثل لعمرنا ، ومن كنا ننعته بلقب تشنيع ، نابٍ ، أجيز َ له قلبَ اللام في إسمه كافاً . ها هنا إذاً ، قربَ فتحة البئر ، الواسعة ، الملحقة بالمسراب ، تتحلق جمهرتنا حول المشهد ، الفاحش ، الأكثرَ جدّة ؛ مشهد جسد ذلك الصبيّ ، المسكين ، في منقلبه العاري ، المألوف لأعيننا ـ كما لعين السماء ، المتوهّجة بهجيرها . " ينال " ، كان على كل حال ولداً منبوذاً في محضر ألعابنا : حقّ عليه الإقصاء والإنتهاك ، في الواقع ، بما كان من أصل أهله ، الغريب ؛ ودائماً بحسب العصبيّة ، الضيّقة ، لأولئك الفتية الأكبر منا سناً . وصفة " التغرّب " تلك ، كانت على الدوام حجّة ً ، كيما يمارسوا التنكيل بأصحابها . " زقزوق " نفسه ، بما أنه إنتحلَ ، دوماً ، عتوة شقيقه الكبير ، كان يرى نفسه جديراً أيضاً بالممارسة تلك ، الغاشمة ، ما دام آل " عربي " على فخرهم ، الدائب ، بجدتهم الكرديّة ولسانها الأم . بيْدَ أن المسلك الشائن ، العلنيّ ، لذلك المنتحل ، قدّر له أن يشارف على الإنتهاء سريعاً ، بحضور مباغتٍ ، مرعبٍ ، من لدن عمّه . هذا الأخير ، كان له موعدٍ ، في يوم آخر ، مع مشادةٍ ، محتدمة ، تعارك فيها أبناء أخيه مع ثلاثة من أبرز عتاة منطقة " سَريْ حاريْ " . كان الرجل ، المقارب الحلقة السادسة من عمره ، يحاول التوسّط بينهم ، كيلا يتناهى الخصام إلى داهمة لا يحمد عقباها ؛ وإذا بالمدعو " أبي ماجد دقوري " يصفعه بلؤم . ولآول مرة ربما ، أشعر بالشفقة تجاه " زقزوق " ، حينما إندفع باكياً بإتجاه المعتدي على عمّه ، محاولاً جندلته بمدية في يده . سويَ الأمر بالصلح ، على كل حال ، بما أنّ الرفيقيْن الآخريْن ، العتييْن ، " البرزاوي " و " حَيْدو " ، كانا على صداقة وطيدة مع " كرَم عربي " ؛ هذا المعتاد النأيَ بنفسه عن الصغائر ، ما دام مواظباً على إرتكاب كبائر الأفعال ؛ ومن ستنعيه حركة " فتح " بعد أكثر من عشر سنوات بإعتباره واحداً من أبطالها في " بيروت " الحرب الأهلية ، وقبلها في " عمّان " أيلول الأسود .
أحاديثنا المتطيّرة ، عن الجدّة ، الأولى ، لآل " عربي " ، الهائم طيفها في الخرابة المنعوتة بإسمها ، قد ضافرَها ما كنا نتداوله آنئذٍ عن تلك الأقاويل ، الهامسة ، المشيرة للمسلك المنحرف ، المزعوم ، الشائع بين أفرادهم إناثاً وذكوراً . شقيقا " ينال " ، على الأرجح ، هما من كمن وراء أجمة الأقاويل تلك ، الكثيفة ـ كحرج صبّار الخرابة ؛ الحرج نفسه ، الشاهد على إنتهاك أخيهما الأصغر . من ناحيتي ، فمشهد " ينال " هذا ، وهوَ منحن على شيء قريبه ، الأمّعة ، ما كان يثير قرفي وسخطي حسب ، بل وإحتقاري أيضاً ؛ بما أنهما على صلة الدم ، نفسها . لا غروَ ، إذاً ، أن تعصفَ ثورة الدم في عروقي ، جميعاً ، حينما راحَ " جمّو " ، في ظهيرة اخرى ، من ربيع مبكر ، يهمز من قناة أحد أولاد عمومتي : " يوم أمس ، كان " جوامير " ، صحبة آخرين ، هناك .. ! " ، قالها بغلّ وتشفٍ ، مشيراً بعينيه ، الخبيثتين ، ناحية مدخل المسراب . إشارته تلك ، المندغمة بتهكم خفيّ ، حوّل ثورتي إلى مقتٍ شديد ، تجاهه هوَ : " لأشكونك ، والله ، لأخي " جينكو " ، فيما لو كنتَ تختلق الخبر ! " ، خاطبته بدوري ، همساً . أسبوع آخر ، هاجس ، كان عليه أن يمرّ ، قبل أن تتأيّد مصداقية ما أسرّ به إبن الفران إليّ . وها نحن ذا ، تلامذة " محي الدين بن عربي " ، وفيما كنا مبعثرين في باحة الدار الكبيرة ، في صخب ألعابنا ومجادلاتنا ومعابثاتنا ، سنتسمّر جميعاً بأمكنتنا مع زعيق الجرس ، المزعج ، المؤذن بإنتهاء الفرصة . وها هوَ " الأستاذ سعيد " ، المعلم المناوب ، يجول بيننا متبختراً بقامته المتينة وسحنته المقطبة ، المنذرة . ثمة ، على عتبة الدرج العلويّ ، المفضي للباحة ، ما لبث أن ظهر مدير المدرسة ، الجديد ؛ الرجل المتوسّط السنّ ، المتحفظ والمتكتم ـ كما يجدر بإنتحاره ، الملغز المحيّر ، والذي جدّ بعد ذلك بعقد من الأعوام ، تقريباً . على الأثر ، راح مديرنا في موعظة مطوّلة ، باردة ، لم أدرك من حسناتها شيئاً ؛ اللهمّ إلا أنّ ثلاثة زملاء ممن دعاهم هوَ بـ " المنحرفين " ، سيعاقبون على مشهدٍ منا ، كيما يكونوا عبرة لغيرهم . ما كان أولئك الزملاء ، المذنبون ، سوى قريبي " جوامير " وزميليه في الفصل ؛ " آدم " و" ماجد " . هذا الأخير ، هوَ الولد الجميل ، إبن الأسرة المثقفة ، الغريبة بحكم جذرها الريفيّ ، الساحليّ ، ومن سيصبح وليّها مستقبلاً أحدَ أشهر روائيي عالم الضاد . هكذا ، بكلمات عسرة ، مشدّدة الحروف ، أنهيتْ الخطبة المهيبة للمدير ، وحان الآن موعد العصا ، المُجزية هذه الواقعة الجديدة ، والمألوفة في آن . " آدم " ، التعس ، كان أولهم . مرتجفاً متوسّلاً ، تقدّم نحو منصّة الجزاء ، متبدياً بوجه المتضرج وعينيه المحمرّتين ، الذابلتين ، شخصاً آخر لا أعرفه . بدوره ، فالمعلم المناوب ذاك ، بدا أيضاً في منقلبه لشخص آخر ، أكثرَ مرحاً وخفة ، فيما يده تلوّح بالعصا القاسية ، المظهّرة بالفورميكا . على الكرسيّ الخشبيّ ، المنذور يومئذٍ لمبأسة ذنبه ، الفاحش ، حُشرَ صديقنا ، إذاً ؛ وبقوّة يدين ، محكمتين ، لتلميذين من عرفاء مدرستنا ، الخطيري المقام ، رفعت قدماه العاريتين حتى من جوربيهما . نحوَ السماء الزرقاء ، المخيّمة فوقنا بصحو فريدٍ ، إرتفع من ثمّ صراخ صديقنا ، المشتط مع كل لسعةٍ من عصا " الفلقة " ؛ نحو أذن السماء نفسها ، أين ربّنا السميع ، الرحمن الرحيم .
5 ـ " إنتظر أنتَ هنا ؛ فعليك إعانة الآخرين في تنظيف المسراب ! " إتجه أخي بكلامه إلى " أيسَر " ، رامقاً إياه بنظرة شاملة ، متفحّصة ، وغير مريحة بحال . شقيق " آدم " هذا ، الذي يكبرني بعام واحد ، ما كان صديقاً ودوداً في عصبتنا ؛ اللهمّ إلا مع " صالح " ؛ إبن الفران ، المماثل له في العمر . وشقيق هذا الأخير ، " جمّو " ، كان هنا يومئذٍ ؛ وهوَ من أخبرَ " جينكو " ، كما حدستُ محقا ، بأمر المواطأة التي شهدها المكان ذاته ، قبل أسبوعين تقريباً من يوم الجمعة هذا ، والمنتهية بأركانها الثلاثة إلى سدّة المحاسبة المدرسية ، الصارمة . " أمّا أنتم ، فإتبعوني حالاً ! " : قالها أخي ، متوجهاً بعينيه إلى " آدم " ، هذه المرة . تسلقنا الدرجات الحجرية ، العشوائية ، المرهونة للمنحدر المؤدي لضفة النهر من جهة " جورة ناسو " ، والمخلع بعضها بفعل أفعالنا الصبيانية ، لينبثق عوضاً عنها جذور شجرة تين ، عنيدة . من جهتي ، كنتُ خلال تعقبي خطى الأخ ، العتيّ ، على قلق بيّن حيال ما يضمره لصديقي " آدم " ـ كردّ فعل على تلك الواقعة ، المشينة . ولكن هواجسي هذه ، ما أسرع أن طارتْ ، مشاركة ً غبطتي المحلقة فوق البقعة المشجّرة لكرم الصبّار . إذ ما لبث أن جمَعنا " جينكو " ثانية ً حوله ، شارحاً لنا بكلمات مقتضبة ما يتوجّب علينا فعله : " ذاكَ المدعو " ينال " ، الصبيّ ، تعرفونه ؟ وإذاً عليكم طرده فورَ حضوره للخرابة " . ـ " وسنضرب " زقزوق " ، أيضاً ، لو أردتَ ! " : قالها " صالح " بحماسة . ولكنَ أخي ، بالمقابل ، ما أبدى تحمّساً لذلك . وإلتباس هزة رأسه ، المعقبة أمره لنا بمغادرة المكان ، " حالياً " ، أحلته بدوري إلى عدم رغبته في إثارة مزيد من المشاكل مع " ناسو " ، منافسه .
بيْدَ أنّ أجنحة فرحتي ، في واقع الحال ، كان عليها أن تتكسّر يومذاك ؛ وأن ينكسر معها ، أيضاً ، شيئاً في داخلي ؛ صورة ما أو إيقونة ، ربما . كنتُ في تلك الظهيرة من عطلة الإسبوع ، الحارة نوعاً ، مستسلماً برخاء لرطوبة دهليز دارنا ، الموصل بابها الرئيس بأرض الديار . ها هنا ، إعتدتُ على فرش بساط ، بسيط ، جاعلاً رقدتي متوائمة ً مع درفة الباب ، المواربة نوعاً . إنها العادة ، المتعيّن عليها لاحقاً تأثل مسلكي المراهق ؛ لما سيكون على الجسد الإنتفاض بالنشوة ، السحريّة ، في ساعة معينة ، مقيلة ، من الظهيرة ، مع إطلالة هذه وتلك من " بنات الخياطة ". وإذاً ، من مكاني هذا ، لمحتُ " أيسر " ، وهوَ لابث ثمة ، قدّام عتبة داره ، متبديا لوهلة كما لو أنه مترددٌ بين الخطو داخلاً أو التريّث بمكانه . ولكنه تهالك ، أخيراً ، على الدرجة العليا للعتبة العريضة . ثمّ ما عتم أن إنكمش بحركة مستسلمة ، يائسة ، لما إنجابت تلقائياً عيناه ، الزائغتان ، المحمرّتان ، نحو باب منزلنا ؛ أين موقفي المتواري خلفه . أمتار عشرة حسب ، تفصل بين موقفينا . ويبدو أنها هيَ من دعتني للخروج من مخبئي ، الأليف ، ومن ثمّ التوجّه مباشرة إلى " أيسر " ، وبخطىً واجفة ، ضائعة ، على كل حال : " ما بكَ ؟ .. هل إنتهيتم من العمل ، هناك ؟ " ، مشتتة بدورها وباهتة ، بدتْ مساءلتي لا تقل إرتباكاً . لم يجبني بشيء . كان مطرقا برأسه حسب . إنكماش هيئته راح يضطردُ مع مرور الثواني ، البطيئة الثقيلة ـ كإنتظار هلاكٍ مقدّر . هكذا رأيتني أتناهض ، بلا نأمة ، وأغادره . هربتُ إذاً ، في اللحظة نفسها من إنكباب وجه بين ركبتيه ، وصدور ما يشبه العواء الخافت لنشيج مخنوق ، مقهور ؛ هربتُ بحرَجي وخزيي وسخطي وحنقي ، ودموعي أيضاً : " لأشكونكَ لوالدنا ! والله العظيم ، لأشكونكَ ! " ، كنتُ لحظتئذٍ أردد بسرّي متمثلاً أمامي أخي الكبير ، بصورة اخرى ، مغايرة ؛ صورة لشيطان رجيم ؛ لعدوّ إلهنا ، الأكبرَ .
للحكاية بقية ..
[email protected]
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زهْرُ الصَبّار 10 : الغيضة ، المغامرون
-
جنس وأجناس 3 : تسخير السينما المصرية
-
الحل النهائي للمسألة اللبنانية
-
زهْرُ الصَبّار 9 : السّفح ، الأفاقون
-
أشعارٌ أنتيكيّة
-
زهْرُ الصَبّار 8 : مريدو المكان وتلميذه
-
أبناء الناس
-
الحارة الكردية والحالة العربية
-
زهْرُ الصَبّار 7 : مجاورو المنزل وغلامه
-
بابُ الحارَة ، الكرديّة
-
فجر الشعر الكردي : بانوراما تاريخية
-
أكراد وأرمن : نهاية الأتاتوركية ؟
-
زهْرُ الصَبّار 6 : سليلو الخلاء وملاكه
-
مظاهر نوبل وباطنية أدونيس
-
جنس وأجناس 2 : تأصيل السينما المصرية
-
زهْرُ الصَبّار 5 : قابيلُ الزقاق وعُطيله
-
إنتقام القرَدة
-
زهْرُ الصَبّار 4 : زمنٌ للأزقة
-
شعب واحد
-
زهْرُ الصبّار 3 : بدلاً عن بنت
المزيد.....
-
تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة
...
-
الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد
...
-
من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع
...
-
أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
-
السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
-
هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش
...
-
التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
-
الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
-
تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير
...
-
سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي
...
المزيد.....
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
-
دفاتر خضراء
/ بشير الحامدي
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
المزيد.....
|