أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاروق سلوم - حكايات : من يشتري العناق وبغداد عاصمة الثقافة بعد 9 اعوام !















المزيد.....

حكايات : من يشتري العناق وبغداد عاصمة الثقافة بعد 9 اعوام !


فاروق سلوم

الحوار المتمدن-العدد: 2159 - 2008 / 1 / 13 - 05:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اعتذرت دوريس ليسنغ عن حضور حفل استلام جائزة نوبل للأدب قبل يوم 10 ديسمبر 2007.. حيث اقيم حفل جوائز نوبل في ستوكهولم واسلو ، وسط اجراءات بروتوكولية ، وتقاليد وفعاليات ، تنسجم مع الحدث .. طبيب دوريس ليسنغ الخاص حذرها من اية سفرة كهذه ،اذ ثمة اعراض شديدة الصعوبة في عمودها الفقري ، قد تؤدي الى مضاعفات تهدد
حياتها .. وتمنعها الآن من الأقدام على مغامرة كهذه .. ولقد اكتسا وجهها الحزن كما ظهرت في شريط خاص وشعرت بخسارة كبيرة رغم كل محاولاتها اليائسة لثني الطبيب الخاص عن قراره .. لم تنس ليسنغ بعد فشل محاولاتها تلك في ان ترسل رسالة تنطوي على الكثير من التهذيب والصياغات الفريدة وهي تعتذر من هيئة الجائزة ومن الشعب السويدي لعدم حضورها القسري ذاك .. ثم ختمت رسالتها بكلمة .. اعانقكم ..
في اليوم التالي انطلقت في عواصم شتى حملة لمنظمات انسانية لبيع العناق بالجملة والمفرد لجمع خمسة وعشرين مليون دولار للذين يعانون من عزلة الشيخوخة والوحدة ..
*
الحياة في ثياب العاطفة :
في عناق الأعتذارات والمحبة نجد إلفة الأسماء والأشياء والوصايا ، وثمة عاطفة تطلقها دوائر القوة الجسدية ليتحول الحنو الى ذبذة تستجيب لحاجاتنا الروحية ، فيتماهى الجسدان المتعانقان في موجة من العاطفة السخية عبر لحظات لاتتجاوز الثواني القليلة حتى لتبدو انها اقصر من كل وعد واطول من كل عناق . هي لحظات الأحتضان الموحي ، ولقد تحدث الدكتور البرت ريزا ، المتخصص في دراسات النفس ،عن حاجتنا للعناق الروحي والمادي ، وهو يلخص بحثه الذي استغرق وقتا طويلا حول حاجتنا تلك ونحن نتأمل عناق الأهل وعناق الأصدقاء في مواجهة تلك الجفوة التي تضفيها الحياة السريعة المليئة بألأسى على الذوات التي آثرت القطيعة والبعد والأنطواء . يقول ريزا : ان كل منا يحتاج الى عشرين ثانية من العناق يوميا ، حيث يمكن ان نمنح الموغلين في الكبر من المعمرين اجمل لحظة انتماء ولحظة اطمنان .. وتستطيع الأم ان تمنح طفلها حنانا يحتاج اليه بعد ان اصبح الصغار لايحصلون الاّ على القليل تحت وطأة الطبيعة الفظة للحياة السريعة .. كما يحتاج هؤلاء الشيوخ ، امهاتنا وآبائنا كما في البحث ، الى نصف دقيقة يوميا للأمساك بايديهم ..او ايدينا - نحن كتلة مبهمة من العواطف والحاجات ، يردد الدكتور ريزا ، وقد تبنت بعض المؤسسات الدولية في بعض دول اوربا وامريكا اطلاق حملة لبيع العناق من اجل تحقيق مبلغ خمسة وعشرين مليون دولار لصالح الشيوخ الذين يعانون من الوحدة والعيش بعيدا عن الأبناء بعد ان اختار الأبناء حياتهم التي خذلت الأباء والأمهات وتركتهم وحيدين يواجهون الوحشة .. ثمة ممثلات وشخصيات عامة وفتيات يبعن عناقا – بلغ العدد في مدينة فيستروس مائة وفي ستوكهولم رقما مضاعفا وفي نيويورك ثلاثمائة _ .. حيث يشتر الناس عناقا حميما مقابل خمسة دولارات لكي تتأسس لحظة السؤال عن اهمية اعادة الحنو والمحبة الى مكانهما .. اما وقد اعتذرت ليسنغ عن حضور حفل استلام جائزة نوبل للآداب فانها ترسل رسالة العناق الذي يختصر كل اعتذار وكل عاطفة .

الواق واق التربوي الجديد
هل يصح ان نختار للمقدس مثل هذه الأقدار الغريبة في اثارتها للأسئلة حين عرّضنا المعلمة الأنكليزية جيليان غيبونز الى تلك اللحظة غير المتوقعة من التهديد .. كنت اردد السؤال كثيرا امام صورة المتظاهرين في شوارع الخرطوم وهم يحملون السيوف ،والسكاكين وعدد الموت المختلفة وهم غير راضين بعن لحكم الذي اصدرته المحكمة .. هل نحن بناة تأليب وعقاب ام نحن بناة اصلاح ونصح ، لقد كانت المعلمة كما في محضر المحكمة تشجع الطلاب على كتابة نص بألأنكليزية عن الدمية التي استضافها الصف كزائر رمزي .. ، وفيما كان همها تشجيع الطلاب لتعلم لغة ثانية ، كان الطلاب يطلقون اسم زميل لهم على زائرهم الرمزي : الدب ، ولما انجز التلاميذ الصغار نص الأنشاء ، كانت معلمتهم قد اعجبت بألأسلوب والقابلية التي اظهرها طلابها ثم ، ومن اجل اشراك اهل الطلاب في العملية التربوية ، ارسلت المعلمة النصوص التي كتبها الصغار الى عوائلهم لتريهم كم اولادهم ماهرون وطيبون وهم يكتبون الى جانب لغتهم الأم موضوعا انشائيا ، لكن احدا لم يلتفت الى المنهج التربوي ، او الى الجانب الخيّر من لعبة الدرس تلك ، بل التفت الجميع ، في لحظة غير طبيعية من الشك ومكامنه السيكولوجية القاصرة ، الى تفسير الحدث في غير سياقه ، وبهذه الطريقة واجهت السيدة ردود افعال مفاجئة ، اذ لم يقل لها احد من عوائل التلاميذ شيئا مشجعا بل فزعت السيدة ذت الأربع والخمسين عاما من موقف تلك العوائل التي التفتت الى التسمية ولم تلتفت الى مستوى التلاميذ الدراسي وهكذا كانت التهمة ، تهمة الدب الثقافي ، وكرهت جليان غيبونز تلك السنوات الطويلة التي امضتها في التعليم في بلادها قبل ان تذهب الى بلاد الشرق .. والواق واق الثقافي والتربوي .. كما كرهت تلك اللحظة الطائشة حين اطلقت للأطفال حرية التعبير عن ثقافة الحرية ..بحيث اختاروا هم اسم دميتهم وكان عليها ان ترث ثقافة القمع ومحو الوجدان ، وتقوم بتأويل كل كلام يقوله الصغار وكل حيث يمحو الشك كل يقين . لقد حملت جيليان غيبونز حزنها وهي تقرأ قرار المحكمة .. وتسمع اصوات المتضاهرين الذين يطالبون بعقوبتها حتى الموت .. ومضت مفزوعة من قدر كاد ان ينهي حياتها التي لم تكن سوى ملك مطلق لأولئك الأطفال في براءة الحلم والتعلم .. فهل هي طريقتنا اليوم لتعميم ثقافة الشك حتى لو كان ذلك على حساب معنى المقدس ودلالته الرمزية !!
الأحتلال يبني عاصمة الثقافة المنتظرة :
لم يفرحني خبر اختيار بغداد عاصمة للثقافة عام2016 ميلادي القادم بأذن الله ، ولم اتفاجأ بمن يخدع نفسه وهو يعلن النبأ السار و يحاول ان يرسم الأمل في ولادة ثقافة مبهمة وسط الخراب الذي صنعته دبابة الأحتلال .. ودبابة الثقافة العراقية . ولكن الذي اعلن الخبر هو من موظفي وزارة الثقافة، ولاعتاب ، فهو يؤكد ان منظمة اليونسكو قطعت عهدا ان تكون بغداد عاصمة للثقافة بعد تسعة اعوام من هذا اليوم المبارك . ياللتفاؤول الذي يثيره المشروع ، وكم من التخطيط والتنظيم ، في بلد التخطيط والتنظيم ، سيحتاج الأمر لتكون السنوات التسع القادمة كافية لتهيئة متطلبات هذه ألمناسبة الدولية المذهلة .. الذي يثير الأسئلة هو التفاؤل الفائض الذي تحدث به الأعلان والمعلن من الجزائر ، حيث ينعقد مؤتمر وزراء الثقافة العرب ، والتفاؤل الذي تبنته الصحافة التابعة لأحزاب المرحلة السياسية والثقافية الحالية وهما ، في الحقيقة والواقع ، قد تجاوزا كل وصف بدليل ان المثقف العراقي – يرفل – اليوم وكل يوم بالحرير وبالدمقس على حد تعبير شاعرنا امرؤ القيس ..
ولقد نسي المعلن ان الولايات المتحدة التي تحتل العراق اليوم ، نفسها قد قاطعت اليونسكو كمنظمة دولية ثقافية منذ الثمانينات كما قطعت عنها منذ عهد رونالد ريغان اية مبالغ تستحقها كبدل اشتراك متراكم بلغ اكثر من 80 مليون دولار ، ورغم ان السيدة لورا زوجة الرئيس بوش تحب الشعر والشعراء ، لكن ذلك لم يغير شيئا من الموقف من المنظمة الثقافية الأممية طوال مدة رئاسة بوش للدولة المحتلة .. وبقيت الولايات المتحدة في حالة مقاطعة مع الثقافة ومنظمة اليونسكو .. حتى هذا العام حين قرر البعض في الأدارة االأمريكية ، مراجعة الموقف الأمريكي من الثقافة الدولية .. والمثقفين عموما واليونسكو مؤسّسة عواصم الثقافة العالمية ، ولم تعد الولايات المتحدة الأمريكية قبل اقل من عام الى اليونسكو الاّ بشروط اهمها ان تتوقف المنظمة عن الحديث عن اي شيء يخص ثقافة الأقليات في الولايات المتحدة وعن التغير الحراري الكوني .. والأمتناع عن توجيه النقد للسياسة الأمريكية ، واذعنت المنظمة الدولية .. مثلما اذعنت لطلبنا بأن تكون بغداد بعد تسعة اعوام من الآن عاصمة للثقافة .. و سيكون لكل حادث حديث حين نشهد ذلك الأحتفال المأمول لعاصمة ثقافة الخراب .. تحت سرف دبابة الأحتلال ..



#فاروق_سلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاتقتلوا مايكل مور : الحرب على الحقيقة !
- شيفرات لقدسية البلاهة
- ذهب يرسم المنائر والخبزة تنتظر البياض
- مسافة للأرق والليل يرمي للفتاة اكليلها
- ورقة لأعتراف حميم
- تشغلني الغابة .. اشك في الخبز
- كآبة الوردة القاتمة على شفتيك
- شاعر يكتب تاريخا : الأرق طريق العزلة ..طريق الخلاص الشعري
- الراهب البوذي كو اون : الشعر عقابي الأزلي وليس خياري
- ال غور.. من سيغفر لك اخطيئة لدفاع عن المنطق
- فيليب روث : دع القارىء يكتشف جوهر الكتاب
- الثقافة العلمانية في الغرب تاسيس لوعي الأختلاف في الثقافة .. ...
- غونتر غراس في الثمانين .. يقشر البصل ويقف ضد الظلم والأحتلال ...
- فرناندو بوتيرو رسام سجن أبي غريب يعرض منحوتاته الغريبة
- الجالس على رمله الهش
- وداعا سركون بولص
- تشكيليون تجمعهم الرؤيا ويقربهم اللون والشعر في غربة المكان
- فساد الأخوة
- سلمان شكر نخلة النغم العراقي التي لاتتكرر (*)
- بغداد .. خرابست


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاروق سلوم - حكايات : من يشتري العناق وبغداد عاصمة الثقافة بعد 9 اعوام !