أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق سلوم - وداعا سركون بولص














المزيد.....

وداعا سركون بولص


فاروق سلوم

الحوار المتمدن-العدد: 2078 - 2007 / 10 / 24 - 21:24
المحور: الادب والفن
    



في الفجر الكابي الذي يطوّق برلين ، ذهب الشاعر خالد المعالي لزيارته في المستشفى القديم ، وهنا كانت الفاجعة ، فبألأمس كان سركون يعد حقيبته للعودة الى سان فرانسيسكو نهاية الأسبوع الأخير من اوكتوبر / تشرين الثاني 2007.. لكن وعكة مفاجأة المت به ليلة اول من امس جعلته يعود الى سرير العلاج في المستشفى البرليني الذي منحه الأمل منذ بدأ علاجه في الصيف الماضي في ان يعود يوما ..
لكن سركون بولص لم يكن شاعرا متشبثا بالحياة ، حيث يرى ان جدلية الموت ، موت الشاعر هي فكرة الحياة التي اجترحها العالم البسيط ليمضي على اجداث الناس صنّاع المعنى والجمال كما دأب سركون خلال سني حياته الضاجّة بالتفاصبل والمتغير..
ولااخطيء ان اقول ان قصيدة النثر العربية وجدت في شغل سركون ، الجالس على اطراف جيلين من الرواد والشباب ، صورة الباحث المكرّس اللجوج بعناية منذ ان انكب على التلويح بخواص النثر .
ثمة من يظن ان سركون هو ابن الترجمة التي مارسها بدقة وعمق ، قدر اختياره النادرمن الترجمات لرواد الحداثة والكلاسيكية ، من اللورد بايرون الى تي اس اليوت الى نيرودا في تجلّياته للأختيار الحر من القصائد الفريدة من الشعر العالمي .
ولاشك ان حرفة الشاعر وهو يترجم ستشكل انزياحا للأشكال الفنيّة في نمط من الحلول الفني المحتمل .. ولكن ذلك لايعني ان سركون بولص هو وليد احتكاكه بثقافات عالمية معروفه فقط .. لأنه لاينفك في قصائده يعبر عن انتما ء صحيح وغير اعلاني عن علاقته بشرقه القديم .. لكنه استطاع كما كونديكتور يقود سمفونية لخلاصه الشعري ، يكرس صوته الذي يعرّف بشاعر مقبل ونادر .. وانطوائي الى درجة العزلة ..
لقد تأخر في نشر مجاميعه الشعريه ( الذاهب الى مدينة اين – الشؤون الثقافية بغداد 1985 ) / وخمس مجموعات اخرى وسيرة حياة ومجموعة قصص / غرفة ضيقة وغيرها .. ولقد دأب على حضور المربد الشعري في بغداد لمرة او مرتين لتوكيد نظرته في ان خروجه لايشكل انفصاما عن انتمائه للعراق وهو الآشوري الحامل لكل تواريخ الصراع والأسى العراقي الذي تعرضت له الأقليات والتشكيلات القزحية العراقية عبر جنوح التاريخ في كل قرن . كما كتب رافضا الحرب على العراق منذ 1991 حتى الجنون الأخير للأحتلال الأمريكي 2003موجها النقد المر لرجل الغرب الذي سيشرب النفط من العطش ..منتقدا الأعلام الأمريكية وهي ترفرف في شوارع سان فرانسيسكو وهي تلوح بقدوم الحرب القاتلة نحو العراق .. فيما تلوح له طفلة الحرب الباكية ، ذكرياته التي تؤكد انتمائه الآشوري العراقي القديم من سهل نينوى الى شجرة آدم عند القرنه الحانية على اطراف البصرة ..
ونعرف ونحن نقول وداعا .. اننا لايمكن ان نذكر جماعة كركوك دون لن نتذكر سركون بولص .. فلقد ضمت هذه الجماعة أهم تجارب الشعر العراقي الستيني طليعيةً وموهبة:( سركون بولص وفاضل العزاوي ومؤيد الراوي وجان دمو وصلاح فائق... كذلك فإن اجتماع هذه الكوكبة من الأسماء الشعرية الموهوبة في مدينة صغيرة وبعيدة عن بغداد، منح الجماعة خصوصيةً وفرادةً إضافية. ومعظم هؤلاء كان يتقن اللغة الإنكليزية، وهذا ما أفسح لهم المجال للذهاب مباشرة إلى المصادر والتجارب التي كانت الحداثة العربية بالكاد بدأت بترجمتها وتبنّيها، بوصفها مؤثراً ضرورياً وفاعلاً في صنع النسخة العربية من الحداثة وقصيدة النثر.)
لقد كان النص الأجنبي اكثر حضورا في القصيدة العراقية الحديثة وذلك ليس مغايرا لجدل الثقافات وعلاقاتها مذ كانت بغداد مركزا للترجمة والنشر من سوق الوراقين الى بيت الحكمة . ولابد من التلويح بثقافة اجيال نشأت وهي تبحث عن خلاصها الثقافي نحو الأشكال الجديدة التي كانت تولد في العالم كما فعل السياب وجبرا ابراهيم جبرا وسعدي يوسف وعراقيون آخرون كانت بغداد تعد بهم كرواد للحداثة والأشكال الجديدة في الشعر والكتابة .
وسركون بولص كان واحدا من ممثلي جيل اشتغل على تأسيس صوت ستيني جديد استطاع ان يؤثر في تكريس الأشكال التالية لقصيدة النثر العربية من جبران الى يوسف الخال وانسي الحاج ومحمد الماغوط وغيرهم حتى الجيل الستيني العراقي الذي اسهمت مجلة الكلمة النجفية التي اصدرها الشاعر حميد المطبعي ، كشاعر ريادي لفكرة الخروج على التفعيلة السيابية نحو آفاق عالمية تمتزج فيها الترجمة والنوع الفني الشعري العراقي الخاص ..
بألامس ذهب سركون بولص الى خياره الأخير ، ولست هنا اعيد بكائياتنا على موتانا قبل ان نعز حضورهم وهم احياء ، لكني اعترف ان سركون استاذا اخلاقيا من الطراز الأول لم ينجرف في أنوية الشاعر الى ادعاء ريادة كما لم يؤلف في اللغو التنارعي عن موجة هنا .. او بحر هناك مؤثرا ان يبقى في فردوس خصوصيته دون صراع مع الشرق الذي لايحب القوّالين والأدعياء .. الشرق الأجرد الجحود ..الذي لاينصف الصامتين والمتعففين .. والنادرين من امثال سركون بولص ..
اما وقد غادرنا سركون فأن مجاميعه الشعرية وسيرته وكتبه النادره تمنحنا الفكرة الممكنة عن حضور المبدع وموته المختصر دون جلبة .. تاركا فضاء ابداعه لنا دون وصاية .. وهكذا هم المبدعون غير الأدعياء من القليل القليل من اشباه سركون بولص .. الشاعر الحداثي العميق الشاعر الكتوم المنعزل بحب سركون بولص الذي نقول له .. وداعا سركون !!
------------------------------
الحوار المتمدن



#فاروق_سلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشكيليون تجمعهم الرؤيا ويقربهم اللون والشعر في غربة المكان
- فساد الأخوة
- سلمان شكر نخلة النغم العراقي التي لاتتكرر (*)
- بغداد .. خرابست
- الراحل لارس فورسيل عضو الأكاديمية السويدية : الكتابة معنى وا ...
- ايكو: لاشيء صغير ..لاشيء كبير كل شيء مشوش ومرتبك.. و بوش مثل ...
- ثرثرة المعنى .. ثرثرة طوال الوقت
- تقرير حالة الشعر : عشرون شاعرا تاريخيا وعشرة شعراء معاصرون ف ...
- سعدي يوسف ..عندما يصير الشاعر كونيا - كتاب جديد بالأنكليزية
- فؤاد التكرلي : الأفندي الأنيق ابن المحلّة البغدادية في الثما ...
- العربي الجيد ..هو العربي الميت
- تارا مكّلفي .. تواجه الأسئلة عن كتابها( وحشية ).. الأكثر انت ...
- بأنتظار صحوة النخب .. ومحنة خدر العوام !!
- الخبير الدولي .. الفنزويلي فرناندو باييز : رأيت بعيني وسجلت ...
- رؤية معمارية للفضاءات السبع لجسر الصرافية !!
- الفيلاّ الخضراء :استعادات في مخبأ غريتا غاربو السري !!
- جارلس سيميك .. جائزة الأكاديمية الأمريكية للشعر
- عمارة الكلام ..وعمارة المكان ..بين شارع الأميرات ..وشارع جبر ...
- كانت الذات الأنسانية ميالة الى الجريمة دائما !
- مهرّب الخيول النرويجي بير باتيرسون ينال جائزة أمباك للرواية


المزيد.....




- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم -
- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم .


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق سلوم - وداعا سركون بولص