تقرير حالة الشعر : عشرون شاعرا تاريخيا وعشرة شعراء معاصرون في واجهة المشهد الشعري العالمي

فاروق سلوم

الحوار المتمدن-العدد: 2041 - 2007 / 9 / 17 - 09:08
المحور: الادب والفن
    

ليس الشعر فنا قابلا للقياس الرقمي .. او التحري الأحصائي ، فهو فن العزلة والخصوصية المفرطة وهو فن الجنوح البعيد حد الجنون الصعب والكآبة والوسوسة .. وفن الوحدة والتأمل الفريد ..وهو مخلوق اللغة الغرائبية والأختلاف المطلق عن العادي ..واليومي .. والفالغارتي اللقيطة في خضم الحياة المركبة لكل شاعر .
الشعر والجنون هو العنوان الذي تبناه المهرجان الدولي للشعر خلال الصيف 2007 وهو مضمون غرائبي وفريدا وخصوصي .. وثمة محاور مثل الحزن العصي او الكآبة الصعبة الافصاح .. وردت عبر شهادات لشعراء سايكوباثيين عاشو تجارب نفسية ومعالجات سايكولوجية سريرية امتزجت بروح التجارب الصعبة .. وروح الشعر ايضا .. فقد قدم مينو ويغمان من هولندا شهادته وتجربته كمقيم في مصح للعلاج النفسي في قرية ديندولدين .. وقد اصدر كتابه - المصح - اثر تلك التجربة .. وتحدث يان لوريـينس من زاوية الشعر والعصاب السيكولوجي ، وناقشت سلفيا بليث وهانز فيلك وليوبولد ماريا بانيرو تلك التجارب الثرية .. من خلال ربط الشعر بالعلوم وعلاقته بخواص الفردية المفضية الى ابتكارات هي حصيلة امتزاج ، نتاج تلك العلوم ..والصناعة .. ومدن الضوضاء الزاخرة بالفوضى .. وتجارب الشاعر المليء بحساسيته وجنونه وفرديته ..
قرأ بريان هاليوس من جيكيا قصيدة بعنوان غياب :
الروح وهي تلبط مثل سمكة
تتعب جسدي الحرشفي
تثقل وساوسي
فأنحني على حقني وحبوبي
مثلما انحني على طفليّ النائمين
وأنجو بنفسي من الوعي !!
وبرغم كل اتجاه في مثل ورش العمل الأبداعي هذه .. فقد منح الشعر طاقة استكشاف جديدة في ميادين فريدة قد تكون هي مهمة علوم وفنون اخرى لكنه ، الشعر الذي ابتنى موقعا رفيعا في فسحة المعرفة في تعدد الصياغات .. وسحرية اللغة وفي تنوع الأتجاهات و المطبوعات والمواقع والمؤسسات التي تعنى بالشعر وتمنحه دورا آخر في سيادة معرفية جديدة .. رغم قسوة العصر واتجاهاته الحدية.. وانشغال القاريء العادي بثقافة التسلية الفجّة.
ان فن الشعر في فردوس كتابته وفي قدسيته الحروفية الغامضة في الأخير ؛ هو فن قابل للبحث والدراسة شأنه شأن الفنون عموما .. ولكن وفق معايير سامية ومحدودة وخاصة ايضا ..
انها معايير الأثر الراجع من حركة النقد وكتابات النقاد والباحثين اومن فيد باك - القاعدة الواسعة للقراء عموما اومن قياس الراي العام الثقافي الذي تشتغل عليه مؤسسات تربوية وثقافية محلية ودولية متعددة ومعروفة ..
ولكن المعيار الذي يشكل قاعدة البحث الأساسية لدراسة حالة الشعر اليوم ، هو معيار .. أكثر الكتب الشعرية مبيعا - .. فهو الى جانب مايرسمه من طريقة واضحة لمعرفة اكثر الكتب رواجا فأنه يؤشر حالة الشعراء الأكثر رواجا ا وانتشارا بين جمهرة القراء او طلبة الأدب .. كما يقيس المكانة التي احتفظت بها حركة القراءة الحروفية وهي تشكل الأساس المعرفي في عصر تغلب عليه التقنية الرقمية الألكترونية ومبتكراتها البصرية .
واليوم ثمة مشهد شعري عالمي كاشف لكل تداخل ، هو سيرة شعرية على هيئة مهرجانات وملتقيات سنوية ومعارض كتب ومنظمات دولية معنية بالشعر واكاديميات ومؤسسات علمية مضمونها الاساسي العناية بدراسة الشعر في كتابتة وطباعتة وقرائته .. وقياس اثره الراجع اخيرا !!
وفي النظر الى هذا المشهد فأنه يتشكل من اسماء وصفات شعرية هم اكثر من مائة وخمسين شاعرا من قارات العالم الخمس يتم تقديمهم تباعا في هذا العالم غير الشعري في صورة الكتاب المطبوع اوالقراءة المتاحة .. والألقاء الحي للشعر والحوارات والمؤتمرات الدولية المتكررة بحيث اعتبر هؤلاء اكثر الشعراء انتشارا ، عبر هذا الحضور ، وعبر حظوة الطباعة والأنتشار ، كما في النشاطات الحية و معارض الكتب و الدراسات النقدية والبحوث الأكاديمية والترجمات ..
و يتقدم المشهد الشعري عشرون شاعرا اساسيا في حركة التاريخ الأدبي والشعري الكلاسيكي وفي تاريخ الحداثة ، وهم الأكثر رواجا واهتماما منذ امد بعيد .. و في قراءة المشهد الشعري العالمي يشكلون مرجعية شعرية لمجمل الحركات والأتجاهات الشعرية القديمة والحديثة في العالم .. والشعراء العشرون التاريخيون ..يتقدمهم لانكستون هيوز وايميلي ديكنسون وت أس اليوت .. ووالت وايتمان وروبرت فروست و وإي إي كومنغز ووليام كارول وأودن وسلفيا بلاث وادغار الن بو وديلان توماس وبابلو نيرودا واليزابيث بروننغ ووليم بليك واليزابيث بيشوب وغوندلين بروس وآن سيكستون وعزرا باوند وروبرت بروننغ وخاتمتهم وليم شكسبير . فيما يرسم مائة وثلاثين شاعرا منتخبا بعناية .. الظاهر العميق في الثقافة الشعرية في العالم اذ تمتد خارطة الشعر من زنجبار حيث يمثل حجي غورا حجي كل نماذج الغنائية السائدة في اللغة السواحيلية الى اوليفا سنيور من جامايكا وهي تمنح صورة السرانية والسحرية والتراكبية اللغوية في لغة مبطنة شعريا :
الوردة اكليل لأشواك كفي الممسكة بجرح جبل
والوردة منتهاي عند سفح اعمى
والوردة ذكرى ذابلة في دفاتر ايامي
وتمتد الأسماء الى سلسلة من الشعراء الجدد ومن اجيال شتى يمثلون صورة الشعر العالمي من امثال الشاعر الفرنسي الكبير ايف بونفي والشاعر لينارت خوغرين من السويد وانيكو بروسنغا من هولندا .. وبول بوغارت بلجيكا والكسندر بورين من روسيا وجاشام نايف زاده من اذربيجان وانخيل غونزاليس من اسبانيا وارماندو بيربيا من شيلي ومودراغ بوفولوفتش صربيا وماكدفيزوفيتش بوسنيا وعمر بيريز لوبيز من كوبا وتيتوس مونيابي من زيمبابوي وأسماء كثيرة بحيث يصعب ان نضع تسلسلا انطولوجيا لابد وتضيق به فسحة الكتابة الثقافية هنا.. مهما اتسعت و لكن وسط كل اؤلئك ثمة اشهر عشرة شعراء امريكيين مشهورين معاصرين احياء هم الأكثر قراءة اليوم وهم : نيكي جيوفاني و جارلس سيميك ( الذي قدمنه اثر فوزه بجائزة الأكاديمية الأمريكية للشعر ) وبيلي كولنز و دونالد هول وميري اوليفر وادريان ريتش وريتا دوف وغيري سوآ و شارون اولدز و لويس غلوك .. ورغم مايمثله هؤلاء في امريكيا وفي ميادين عالمية للنشر وفرص الأنتشار الا ان ثمة اسماء تتقدم في جهات اخرى من العالم مثل بريندان كيتلي ايرلندا تشي كيانزي من الصين وخوشانيك ثامرازيان من ارمينيا وآدم زاغوبوسكي بولندا واين كارسون كندا وا بن عكري نايجيريا والن هيوبيل من بريطانيا وعكرم باشا من مقدونيا وعشرات ا لأسماء شابة منهم شعراء شباب عرب مثل مريد البرغوثي وفاطمة ناعوت في صورة الشعراء الجدد للشعر العربي اليوم ..
ولكن تظل صورة الشعر العربي اليوم كما يقول تيتس روكه استاذ الشرقيات في جامعة غوتبورغ متمثلة في ادونيس و سعدي يوسف وسركون بولص وفاضل العزاوي وسليم بركات وآخرين بمواصفات فنية خاصة لهذا الجيل من الشعراء العرب .. لكن الكلام في اوساط الأكاديمية السويدية ، يظل يدور مع اقتراب موعد ترشيحات جائزة نوبل .. كما كل عام حول ثلاثة اسماء تتكرر منذ سنوات وهم .. ادونيس وقد ترجمت دار الهمبرا معظم اعماله الى السويدية و سعدي يوسف وقد ترجم شعره الى عدة لغات ..و محمود درويش وقد ظهرت جداريته في طبعة سويدية هذا العام .. فمن سيمثل صورة الشعر العربي الحديث وسط اجيال متعددة واسماء وصياغات ومهرجانات ودور نشر تحاول ان ترسم مشهد الشعر العالمي دون كلل.. في تأكيد مكانة الشعر المقدسة وسط خطاب الدلالة و فن التعبير المر:
تقول كسفاهير سباهيو من اليابان..

كان الشعر يولد مع الملائكة
ثم صار يولد مع الأنبياء
ثم مع الآلهة
فالى اي مدى انت مقدس
ايها الشعر.
*

#فاروق_سلوم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل