أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي شايع - طوبى لمن يُمسك صغاركِ ويلقي بهم إلى الصخر!














المزيد.....

طوبى لمن يُمسك صغاركِ ويلقي بهم إلى الصخر!


علي شايع

الحوار المتمدن-العدد: 667 - 2003 / 11 / 29 - 04:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في حديثه عن الشراكة الإنسانية، قال  سارتر ذات يوم؛ "كلّ إنسان مسؤول عن الحرب كما لو كان هو الذي أعلنها".
 ولعلّ في هذا القول ما يفسر عميق الحاجة إلى هذا الإنسان ..الإنسان، الذي سعت الديانات والفلسفة إلى تأسيس مجتمعه، والتعريف به كمسؤول بفعل وجوده وانتمائه للآخر، الشريك في الإنسانية.
غير إن هذا الإنسان ، عربيا، ووفق مسؤوليته تلك،كان رمزاً  للإحباط والهزيمة التي يعانيها الإنسان العاجز، وهو يرى الدولة تعلن الحرب، والعنف، بشكل يومي في اتجاهات شتى دون أن يملك فرصة القول عنها، أو عن مثيلاتها في خرائط مجاورة.

ربما بعد عشر سنوات من الآن، سيسقط نظام (كارتوني) عربي،ويتلاشى سريعا ليتكشّف للعالم هول مقابره الجماعية،وكوارث دفنه المفزع، وسيتذكّر كاتب عربي من ذلك البلد، كلماتنا هذه الآن، سيتذكّرها بفرح دامع، وهو يبصر مسؤوليتنا الإنسانية أولا في الوقوف معه، واستباق الزمن في الانتماء إلى ألمه،وسيعلن ذلك الكاتب للأجيال القادمة،كيف أن تاريخا كان يربط أصحاب الهم الكتابي كنخبة للمحنة،بعد أن كانوا في غمر السعي إلى دور ومنجز إنساني مشترك.
بعد سنوات ،وحال سقوط ذلك النظام الدكتاتوري العربي سيتذكّر ذلك المثقف، وقوفه الشخصي مع بعض الأقلام العربية في الدفاع عن الإنسان العراقي قبل عشر سنوات،وكيف أعلن الجميع مسؤوليتهم عن الصمت والتغاضي المرّ!،وكيف أعلنت الأقلام الجادة طلاقها عن سائد اللغة السلطوية!،وكيف انتمت إلى الإنسان!.
ربما بعد عشر سنوات سيتكلم العربي  المتحرّر تواً، عن وقوف قلم عراقي مع المقابر الجماعية في أهله، ربما في جنوب آخر،وكيف نقلت الجرافات ركاماً هائلاً من بقايا مقابر جماعية لتخفيها في أماكن مجهولة.
وربما بعد عشر سنوات سيتكلم مثقف ليبي عن عراقي حاول أن يستصرخ الإنسانية عن مقابر جماعية في عمق الصحراء الليبية،أيام اختلطت عظام ضحاياها بعظام الأجداد القرمنتيين، مثلما تلطّخت آثار البابليين بالدم الجديد، ومثلما ركام هائل من عظام أبناء نجد والحجاز تذروه الريح في صحراء الربع الخالي.
وعن مظالم لا تعدّ ولا تحصى،لحضارة من الرعب العربي الحديث تنوء بأثقالها الخارطة العربية.
بعد عشر سنوات سيتذكّر الجميع السعي الجاد بالكلمة للوصول،وربما ستكون المسؤولية اكبر بفعل التواصل الحضاري وتبادل المعلومة،فالإنسان العراقي عانى كثيرا في إيصال صوته خارج سجنه، عجز أمام دكتاتورية مرعبة ونظام شمولي قاهر، وتجاهل عربي مقيت.

قبل عشر سنوات، وتحديداً في شهر تموز من عام 1993، كتب الشاعر صلاح حسن مقالاً في العدد 52من صحيفة ( العراق الديموقراطي)، بعنوان ؛ ليل وجرافات وقبور جماعية. وكانت أكثر من نبوءة شاعر، بل شهادة عينية عن كارثة إنسانية تحدث عنها العالم بعد سقوط نظام الطاغية، لم تكن نبوءة ؛كتابة الشاعر عن عدد ضحايا المقبرة الجماعية في مدينة الحلة( بابل)، جنوب بغداد،وهو يتحدث عن 13000 ألف ضحية،لتنشر بعد عقد من الزمن منظمة هيومن رايتس ووتش ( مراقبة حقوق الإنسان) قائمة ب 15000 ضحية، قضوا في تلك المجزرة. عاشها الشاعر منتفضا ضد النظام، ونجا منها بأعجوبة خلاص الملايين من رصاص الطاغية،ليكتبها في زاوية ( ذاكرة) في تلك الصحيفة بعد هروبه من العراق،ولم يكن ليقرأها احد من العرب. بل تناقلتها القلوب العراقية بألم  و لوعة أزلية.
بعد كلّ هذه السنوات، وبعد انجلاء غبرة الكابوس العراقي، وبعد سطوع بياض عظام ضحايانا،أصبح بعض كتبة العرب يشككون في أرقام المنظمات العالمية، حتى لكأن الشعب العراقي المسكين ينوي من هول فاجعته دعاية ما.وكأننا لا نملك تاريخا وثّق للكثير من الألم.
بعد كلّ هذه السنوات أصبح اسم مدينة بابل يتردّد عن سبي آخر، وآثار أخرى، يتردّد عن صمت عربي يتشفى بالتشكيك بأرقام ووقائع القمع الصدامي،صمت يحتشد العروبي  بالانتماء خلاله إلى أوهام الآخر، والى مزمور سرّي  للانتقام  التوراتي! على الطريقة العربية : ( يا اَبنةَ بابلَ الصّائرةَ إلى الخراب، هَنيئًا لِمنْ يُعاقِبُكِ على ما فعَلْتِهِ بنا.
هَنيئًا لِمنْ يُمسِكُ أطفالَكِ ويضرِبُ بِهمِ الصَّخرةَ)*.
---------------------------------------
*   سفر المزامير- المزمور 137



#علي_شايع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 11 نوفمبر و 11 سبتمبر !! وأعياد نستها الطفولة
- رسالة إلى بغداد
- لا ينقذ النخاس من نخاس
- جذور العنف..في الحديث عن الشخصية العراقية
- ايها العرب.. -تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم
- رسالة الى الكاتب بسّام درويش
- في ذكرى ميلادي/ النكسة
- 175872 ساعة من العزلة
- محطّ الأماني في معرفة الكبيسي الاول والثاني
- متابعات صحفية
- متابعات صحفية
- حوارات المنفيين - 11
- متابعات صحفية
- حوارات المنفيين -10
- ليمهلنا الموت
- متابعات صحفية
- متابعات صحفية
- متابعات صحفية
- حل ألكتروني لتجنب الحرب
- حوارات المنفيين


المزيد.....




- لقاء وحوار بين ترامب ورئيس بولندا حول حلف الناتو.. ماذا دار ...
- ملخص سريع لآخر تطورات الشرق الأوسط صباح الخميس
- الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
- هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يخرج التدريس من -العصر الفيكتو ...
- دراسة تكشف تجاوز حصيلة قتلى الروس في معارك -مفرمة اللحم- في ...
- تدمير عدد من الصواريخ والقذائف الصاروخية والمسيرات والمناطيد ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /18.04.2024/ ...
- -كنت أفكر بالمفاتيح-.. مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة ...
- تعرف على الخريطة الانتخابية للهند ذات المكونات المتشعبة
- ?-إم إس آي- تطلق شاشة جديدة لعشاق الألعاب


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي شايع - طوبى لمن يُمسك صغاركِ ويلقي بهم إلى الصخر!