أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علي شايع - جذور العنف..في الحديث عن الشخصية العراقية















المزيد.....

جذور العنف..في الحديث عن الشخصية العراقية


علي شايع

الحوار المتمدن-العدد: 662 - 2003 / 11 / 24 - 04:09
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 يدور الحديث هذه الأيام كثيرا عن الشخصية العراقية،والملامح الأساسية في تركيبتها القديمة والحديثة!. وبين باحث عربي تقرأ في اسطره دوافع كثر مستترة ، وكاتب عراقي أتعبه مشهد الرعب الطويل، تضيع حقائق وتستحدث تجنيات أكثر.
  مؤخرا قرأت على احد المواقع العربية مقالا للكاتب والصحفي اللبناني جهاد فاضل تحت عنوان (جذور العنف في الشخصية العراقية)، و بدا  لي و للوهلة الأولى ان العنوان لم يعد جديدا والموضوعة أصبحت مدخلا  لكل من يرغب بالاستزادة، في ظرف يعيشه العراق الآن،ليصدر أحكاما جاهزة على الشعب العراقي وتاريخه الاجتماعي. فالسيد جهاد فاضل يفتتح كتابته بما يراه استنتاجا أوليا دامغا: (يشكل العنف ملمحاً أساسياً من ملامح الشخصية العراقية، قديماً، وحديثاً)ويجزم بأن الشخصية العراقية في تاريخها الحديث قد طبعت على العنف.ويقول ايضا ان هذا الحكم لا يقتصر على الحاكم وحده،(وكأن في جذور الشخصية العراقية جذوة للعنف تستعصي على الانطفاء او السكون، فالعنف هو السائد او السيد، والتطرف احد مظاهره). ولا اعتقد ان السيد جهاد فاضل يتوهم ان الشعب العراقي (العنيف!)  قد تكشفت فيه جذوة العنف ذات يوم حتى خاض حربا اهلية طوال عقدين من السنوات سقطت ضحاياها بالالوف، وظهرت فيه الحركات الاصولية المتطرفة والانتحارية!.اكثر من هذا سينتبه القارئ اللبيب الى ما وضعه من خلط عاجل بين الحاكم والمحكوم وهوية الظلم ونتائجه،وسيجده يدفع بحكاية واحدة يستدل بها على عنف المثقف العراقي قديما بينما يتناسى ملايين الامثلة لضحايا فترة ذكر تفاقم  العنف السلطوي فيها بما لا يقارن بين الحاكم والمحكوم: (إن العنف لم يفارق ارض العراق خلال حكم الامويين والعباسيين، وعلى الارجح قبل ذلك(...  وهنا لي ملاحظة عن هذه المراحل التأسيسية للظلم لمعرفة جذور العنف في هذه الفترة وما تلاها على الاقل،فقبل الحكم الأموي والعباسي بدأ الإنسان العراقي يتحسس عراقيته بألم كبير، تحت حاكم قادم من بادية العرب لا يرى في ارض العراق سوى ملكا صرفا،يسير سيرة العنف في اهله و يستعبدهم، ويعمل فيهم السيف حد الفزع، فهذا سعيد بن العاص (والي عثمان على ارض السواد) يقف على مشارف العراق ليصرخ بنشوة: (انما هذا السواد بستان قريش)،وما كان سبب قدومه الى العراق الا لسوء فعل والي العراق المخلوع وليد بن عقبة وعنفه وعدوانه الشديد،حتى زفر بعد حين شاعر من اهل الكوفة بلغة المعارض:
 
فررتُ من الوليد الى سعيد             كأهل الحجر اذ فزعوا فباروا
يلينا من قريش كل عــام                      أمير محدث أو مستشـــار
لنا نار تحرقنا فنخشـــى                     وليس لهم ولا يخشون نــار

تحت هذا الظرف ومشابهه أنتج التاريخ ملامح الإنسان العراقي،الرافض، والمغلوب على امره، الذي يرى فيه السيد جهاد فاضل وغيره عنوان التطرف في القول والموقف.لإنسان الحقيقة الغائبة كل هذه القرون، حتى زمن صدام حسين، فكيف لا يرى في وجوده وبقاءه اليقين والصواب؟،و أي رأي آخر يريده السيد جهاد فاضل قبوله،غير ان يكون عنيفا ومتطرفا ضد هذا الاحتلال؟، وهل كان ثمة رأي في أقبية الأمويين والعباسيين؟.
واستغرب من رأي السيد الكاتب وهو يتطرف في  تعميمه ظاهرة العنف على مجتمع كامل ،بعد ان اثبت كل التاريخ العراقي ان العنف عنف سلطات اخذت نهجها تباعا في هدم الإنسان العراقي،وكلما جاءت جماعة لتحكمهم كانت اشد نكالا وأكثر عتيا، حتى قال احدهم في بني العباس:
             واللّه ما فعلت اميّة فيهم                 معشار ما فعلت بنو العباس

غير ان السيد فاضل يتطرف اكثر في تشخيصاته للشخصية العراقية، على الرغم من ايراده شواهد تدل على فتك الحاكمين، ويخلط في حديثه عن المجتمع العراقي والشخصية العراقية،بظواهر هي من فلك ولاة الأمر القتله!، يقول: (والعقوبة تكون دائما في حدها الاقصى. انها الموت سواء بالسحل، وهو ماركة مسجلة عراقية، او بأ ي أسلوب آخر. اما تخفيض العقوبة، او السماح، او الخضوع لإصلاحية من الاصلاحيات الاجتماعية، فمسائل لا وجود لها في قانون الجزاء ).
وتبدو مثل هذه القراءة التي تخلط السم بالسمن البلدي!،متحاملة ايضا بتسجيل ماركات وخصوصيات للشخصية العراقية هي في واقعها الملموس عربية وشرق أوسطية، كتب عنها الكثير،ودرست كحالة سياسية وظرف سببته الدكتاتوريات،وليست كحالة اجتماعية أنتجت الدكتاتورية.
ويبرر السيد جهاد فاضل بطريقة عجيبة لهمجية الحجاج الذي يرى فيه(ظاهرة من ظواهر العنف العراقي القديم)،وهو يعرف ان الحجاج مستوطن قدم من بادية العرب بالعنف ليحكمهم.ويبدو كأنه يبرّر له دمويته بالقول: (ان بعض الدارسين يرون انه اضطر اضطراراً الى سلوك نهج العنف الذي سلكه لا لشيء الا للقضاء على جذوة العنف الشائعة في من أوكل اليه امرهم فقد اراد ان يداوي العنف الشائع بعنف اشد ضراوة منه من اجل القضاء عليه اوتخفيف أواره). وكأنه يسمي مقاومة اهل العراق للحجاج عنفا وارهابا.ويبرّر قتل الشاعر الذي وقف بوجه سعيد بن العاص وغيره.
وفي موضع اخر يذكر السيد الكاتب الخليفة السفاح على انه اشهر من عرف بالفتك والقتل في اهل العراق. فهل فاته ان يعلم ان السفاح ايضا ليس بالعراقي ولا يمكن ان تحسب فعاله ضمن سلوكيات الشخصية العراقية، ولا يأخذ مثاله ليسمى هو وغيره من الحكام كظاهرة عراقية، تستحق ان تنال مبحثا ودراسة في جذور العنف في الشخصية العراقية.
غير ان القارئ لكلمات الكاتب سيدرك سريعا أي غرض يستتر خلف هذه المقدمة،فسرعان ما يشن هجومه دون سابق انذار على المثقف العراقي: (على ان المثقف العراقي، القديم والحديث، لم يقصر أبدا في موضوع العنف، فكأن العنف احد مرتكزات شخصيته وثقافته)، ويستشهد بكتاب ادونيس الاخير ( الكتاب) ليضع لنا مثالا منه في حادثة تاريخية شهيرة عن موقف كان بين المعري وبين الشريف المرتضى حول قصائد للمتنبي، يوم جرى ذكر ابي الطيب المتنبـي فنقصه الشريف وعاب بـعـض اشـعاره , فقال ابو العلاء  : لو لم يكن لابي الطيب المتنبـي الا قوله : لك يا منازل في القلوب مـنـازل لكفاه، فغضب الشريف وامر بابي العلاء  فسحب واخرج , فتعجب الحاضرون من ذلك , فقال لهم الشريف : اعلمتم ما اراد  الاعمى ؟ انما اراد قوله :.
واذا اتتك مذمتي من ناقص -  فهي الشهادة لي بانـي كامل.
ويعتبر السيد جهاد فاضل هذه الحادثة (ابلغ حادثة "ثقافية" تشير الى شيوع العنف في اوساط المثقفين العراقيين في التاريخ العربي) ويعتبرها دليلا وشاهدا يحكم خلاله على تاريخ المثقف العراقي قديما وحديثا،وشخصيته العنيفة.وبالتأكيد ان قراءة لتاريخ شعب كامل لا يمكن ان تستخرج من حادثة تاريخية في اعتداء شاعر على شاعر،او في وشاية ما او فتنة يكون ضحيتها مثقف ،والا لاستطعنا مثلا ان نستنج الكثير من خلال معارك الاوساط الثقافية العربية،حتى التي كان السيد فاضل طرفا فيها، فمن خلال قراءة كتاب (فتافيت شاعر) - الصادر عام -1989 للكاتب جهاد فاضل ، الذي يتهم فيه نزار قباني بكتابة قصائد سعاد الصباح، ومن خلال الدعوى القضائية التي رفعها نزار قباني ضد جهاد فاضل وطالب فيها بتعويض قدرة 100 ألف جنيه مصري، لحكمنا على تاريخ شعوبهم وشخصية الفرد في مجتمعاتهم.  
ووفق مثل هذه القراءة ايضا، ووفق منهجية الشاعر ادونيس التي يحبها السيد فاضل، سنستطيع ايضا ان نحكم على الشخصية الشامية مثلا ،اوعلى مدينة دمشق،بمثل منهجية ادونيس في قراءته الاخيرة عن مدينة بيروت، وسنحكم سريعا على اهل دمشق بالفجور والفسق لان ملكا لهم طلب الزواج بأمرأة لا تحل له!،وكيف ان مثقفا ما اغرى سالومي بطلب رأس النبي يحيى من ملك دمشق!.
وسيبدو الامر مجانيا في الاستزادة بمئات الشواهد والادلة التاريخية من بطون الكتب على عنف اهل الشام!، وشخصيتهم الدموية في قراءة لتاريخ دمشق. ولأستطعنا ان نكشف سرّ وجذور العنف في الشخصية السورية ، بل سنصل الى نتائج اخطر بما تحمله هذه المدينة من لعنة اسمها،فمدينة دمشق ؛ تمشق او  اتامشقو،والمسماة ايضا درمسق و او درمسوق مشتق اسمها  من ادم أي الأرض و سمق و هو الأحمر باللغة السريانية أو من دم شق أي شرب الدم ويعني - حسب اهل التاريخ-  دم هابيل لأن ارضها  شربت دم هابيل عندما  قتل على يد  قابيل. والمكان الشاخص بالشهادة  على هذا العنف هو مكان القسوة والقتل؛جبل قاسيون.
هكذا سيكون من غير الموضوعي بمكان دراسة جذور ظاهرة في بلد او مجتمع ما او تحليل مستقبله وفق نتائج غير دقيقة، وسيكون معلنا ما يدبّج بالحجج التاريخية والشواهد، للكثير من الشؤم، خاصة حين يكون الحديث عن الشخصية العراقية، وخاصة في مثل ظرف العراق الان. وكلام مثل قوله : (ويمتلئ تاريخ العراق الحديث بما لا يشجع على توقع ازدهار مؤسسة الديمقراطية فيه لا في الحاضر القريب ولا في المستقبل البعيد) هو بالتـأكيد رأي لا يثق بإمكانات الإنسان العراقي ولا يقرأ من تاريخ الشعوب ما سجلته من تجاوز لتجارب تشابه في آلامها التجربة العراقية المعاصرة،وفيه من التجني على المجتمع العراقي حدا يدعو ابسط إنسان فيه للتساؤل عن سرّ مثل هذه الهجمات وتوقيتاتها،وأسباب تعميم القول عن ظاهرة العنف في المجتمع العراقي ( فمن الضرورة بمكان توكيد شمول هذا العنف كل شرائح المجتمع وأحزابه وجماعاته وحركاته السياسية).إلا يحق لنا بعد قراءة مثل هذه الآراء المتطرفة والعنيفة لمثقف عربي، ان نتسائل بمرارة عن جذور العنف في الحديث عن الشخصية العراقية؟،والى م يصمت المثقف العراقي خاصة، وقد جُعل طرفا وجذرا في تاريخ العنف؟.



#علي_شايع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ايها العرب.. -تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم
- رسالة الى الكاتب بسّام درويش
- في ذكرى ميلادي/ النكسة
- 175872 ساعة من العزلة
- محطّ الأماني في معرفة الكبيسي الاول والثاني
- متابعات صحفية
- متابعات صحفية
- حوارات المنفيين - 11
- متابعات صحفية
- حوارات المنفيين -10
- ليمهلنا الموت
- متابعات صحفية
- متابعات صحفية
- متابعات صحفية
- حل ألكتروني لتجنب الحرب
- حوارات المنفيين
- متابعات صحفية
- حوارات المنفيين - 7
- متابعات صحفية
- متحف للزعيم


المزيد.....




- هدده بأنه سيفعل بأخته ما فعل به لإسكاته.. رجل يتهم قسيسًا با ...
- مصر تفتتح أكبر مراكز بيانات -مؤمنة- في تاريخها تحتوي على كل ...
- يوتيوبر أمريكي ينجو من الموت بأعجوبة (فيديو)
- السعودية.. جدار غباري يجتاح وادي الدواسر وزوبعة ضخمة تظهر ش ...
- بوريل: لسنا مستعدين للموت من أجل دونباس
- السيسي للمصريين: علموا أولادكم البرمجة بدلا من كليات الآداب ...
- محمد صلاح.. يلمح إلى -خطورة- الأسباب وراء المشاجرة الحادة بي ...
- الزي الوطني السعودي.. الحكومة توجه موظفي الحكومة بارتدائه اع ...
- الشرطة الليبية.. ردود فعل واسعة بعد تدافع رجال أمن خلف شاحنة ...
- حمزة يوسف أول رئيس وزراء مسلم لاسكتلندا يستقيل قبل تصويت مقر ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علي شايع - جذور العنف..في الحديث عن الشخصية العراقية