أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - تناثر














المزيد.....

تناثر


نبال شمس

الحوار المتمدن-العدد: 2139 - 2007 / 12 / 24 - 07:17
المحور: الادب والفن
    


الأشياء متناثرة من حولي, الناس, الطلاب ونباتات الحديقة. الشيء الذي كان متماسكا هو التيه والرهبة, رغم انه لم يتواجد أحدا في المكان. خفت أن يميز أحدا تناثري ونصي الذي هرب مني بعد أن قضيت ساعات طويلة في لملمة أشلائه واستجماع كلماته من سراديب روحي, هو ماثل أمامي, حروفه جميلة , مقروءة وواضحة, كلماته جاهزة تنتظر عيوني لتقرأها وأناملي لتلمسها لكني لا أرى نصا ولا حروفا ولا كلماتا.
هي الرهبة نعم الرهبة التي تفقدنا طعم الأشياء وهو الخوف, فان تملكتنا أفقدنا طعم الأشياء. حتى لون حبري لم أختره أنا , بل هو الذي اختار حروفي والسبب والمسبب هما واحد, فحزني كان كبيرا على نص تاه مني , تركني شاردة الفكر وفكرة من كلمتين تطحن في داخلي وتمضغ حنينا للعودة بضعة أيام إلى الخلف لأعود أحاول اقتناصها من بين ضجر الأيام.
أكتب بحبر غارق, اسود اللون, فعدا عن سواده إلا انه بلل لي الصفحات التي تلي الصفحة المفتوحة كي لا استطيع متابعة الخربشة عليها, فالحبر الغارق ليس اقتصاديا وكم أنا بحاجة لاقتصد الأوراق والكلمات, فبعد أن تبعثرت الفكرة التي أجلت نقشها على الورق تاهت مني بدون أجنحة. بحثت عنها كثيرا في شظايا روحي, كتبي, دفاتري وأوراقي حتى على قشور علب الشوكولاطة وقشور الحلويات التي بحقيبتي, على طاولة الحاسوب. سألت نفسي فيما إذا كنت قد كتبتها على رواية غاردر التي كنت أقرأها.
هل أخبركم عن تلك الرواية؟
لن أخبركم لئلا تصبحون فلاسفة وترمون بنصي في سلة المهملات. ظننت أني خربشتها هناك سهوا, لكني لم أجد شيئا فبحثي عنها ذهب أدراج الرياح كطائر يبحث عن تكملة السماء, فكيف سأكتب نصي وصاحبة النص تاهت وتركتني أنازع الفقد والغربة.

هذا كان نتيجة تبعثري ودوراني حول نفسي دون الاعتراف أني سوف افقد شيئا غاليا وقطعة كبيرة من قلبي الذي حملها, هذا كان التيه وعملية البحث المضنية , فأنا هنا معلقة ما بين السماء والأرض , أعاقر الحبر, أجدف في محيط عميق, ابحث عن لا شيء واكتب اعترافي بأني لاشيء.

عبث لن تعود, فانا اعرفها, صخرة من صخور الجليل, من الصعب أن تتجمع بعد أن تتفتت, فلم يبقى لي الآن سوى بضعة هرطقات أواسي بها حالي وأعزي هذه السطور المتماسكة كإخراج فيديو كليب فاشل, فكل ما أذكره من فكرتي هي جملة واحدة: (المرحلة الثالثة).
مرحلة! و ثالثة! فأية مرحلة وأية ثالثة تجعلني أنسى العالم تجعلني أتوه في عملية بحث والجلوس والكتابة بقلم حبر غارق لا يعرف التقشف.
أعترف أن نصي هذا مفتعلا, لكن الفكرة الهاربة ليست مفتعلة هي الفكرة التي أحيتني ثم قتلتني وجعلتني أعانق الأيام الضائعة, فمن الصعب ترك الامور في غائلة ذاتي دون تقمص الحبر.
حاولت أن أتذكر المرحلة الأولى والثانية لكن عبث فالمراحل التي سبقت كانت متمازجة ومنصهرة ومن الصعب الفصل بينها, فكلتا المرحلتين هما تعاكسا للأشياء لأشياء متعاكسة لا استطيع تحديدها أو تعريفها, الموت الذي يسبق الولادة أو الولادة التي تلي الموت, فالمرحلة الأولى والثانية بمثابة الآتي الذي سبق الغابر, والغد الذي سبق ألامس , هكذا كان فعل تلك المراحل قبل أن اجلس وأحني هذه الصفحات.
هل جاءت المرحلة الثالثة لتجمع الأقطاب المتعاكسة أم لتجمع ما بين الثلج والنار والحبر والورق واللقاء والفراق؟ لم أعرف إذا كان هذا تناثرا أم تماسكا ؟
لاين سيأخذني القلم الذي يأبى التوقف عن نثر حبره وجنونه دون نص ودون فكرة واضحة, يأبى الاعتراف بالوصول للمرحلة الثالثة , فهل سأبقي نصي هكذا أو انه يريد البقاء في الفراغ دون نهاية؟

الوقت يمشي بثبات دون توقف يقتنص الساعات ويحرقها وأنا أحاول لملمة ما تبقى من الفكرة وجمع المراحل لكنها تبقى الأجمل بتمازجها وتبعثرها وعدم الوصول إليها. ليس فشلا أو هزيمة إنما اعترافا بتبعثري وتشتتي وعدم سيطرتي على الأشياء فمن الصعب أحيانا أن نشعر بلذة الأشياء أو قيمتها ونحن نمتلكها, من الصعب السير في أقانيم شفافيتها ونحن نتشرب هذه الشفافية فكيف لي أن أشعر الفكرة وقد تقمصتني وأثملتني بجمالها. فالمرحلة الثالثة هي الصفحات التي سأكتب عليها نصي الآتي.
جمعت ذاتي وحبري وأوراقي وفناجين قهوتي لكني تناسيت ورقة بيضاء واحدة ذيلت بجملة واضحة التعبير شفافة الحبر غير مرئية: لم يكن شيئا تائها سوى أنا.



#نبال_شمس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبور نحو الشتات
- تَ..ج..ل..ل..ي
- نحو الأمس البعيد
- حُرُوفٌ غَجَرِيَّةٌ
- اللاَّزَوَرْد
- سرير ورقم (12)
- كأنه عبور
- سَرْمَديَّة قَمْرٍ مُعَتَّقْ
- أَزِيْزٌ صَامِت
- سر الذئبة
- المتنبي وألكترا المغايرة في تجاوز الاسطورة 2
- محاولات اعتكاف 2
- محاولات اعتكاف: هو الفيلسوف الراحل كمال جنبلاط أمدّني بكلم ...
- امرأة لا تعرف التقشف
- المتنبي والكترا المغايرة في تجاوز الاسطورة
- الكاتبة نبال شمس في حوار خاص مع جريدة الحياة الثقافية
- ماري والحجاج بن يوسف الثقفي... علاقة تبحث عن إثبات
- عدت حاملة رأسي
- خوله ونبوة المتنبي
- أطواق_الجزء4


المزيد.....




- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - تناثر