أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - خوله ونبوة المتنبي














المزيد.....

خوله ونبوة المتنبي


نبال شمس

الحوار المتمدن-العدد: 1943 - 2007 / 6 / 11 - 05:21
المحور: الادب والفن
    


خوله والمتنبي في فنجان صديقتي

خوله والمتنبي هنا في فنجان صديقتي, انه جنون, ذلك الذي يحدث في فناجين صديقاتي, من رموز وزيارات خاطفة دون علمي, فكيف تطورت فجأة الحاسة السادسة عند صديقتي ولم تتطور عندي؟هراء أم غباء أم خيال خصب أن ترى خوله والمتنبي في فنجانها, انه نسيج حاكته صديقتي بخيالها الواسع ووحدتها وليلها, فكيف افترضت أنها خوله وليست امرأة أخرى ممن تغزلن بهّن في حياته, ولماذا لا تكون صديقتي هي الأخيرة بعد نساءه اللواتي أحبهن في حياته وأحبوه في مماته.
افتراضات افترضتها لنفسي من أجل صديقتي الحلوة العيون. تساءلت كيف استطاعت أن تؤمن برجل ميت وان تبني مشاعرا على أنقاض عظام, وكيف لها أن تغار من خوله البدوية وهي من ضرب بها المثل بجمالها في المدينة الكبيرة.
جاءت حجرتي باكية وحزينة, دخولها إلي كان في يوم خماسيني دون إذنا مني, كأنها خيالي الذي يصطحبني, كانت تبكي وتشهق بدون دموع وهي من اعتادت البكاء بدموع غزيرة كطفل في عامه الثالث.
سألتها عن السبب الذي حجب دموعها ولم يحجب شهقاتها فكان عذرها أقبح من قولها عندما حطت السبب على الرياح الشرقية الشديدة الحرارة, قائلة أن الرياح سرقت ماء دموعها ثم قولها: أنها رأت خوله والمتنبي في فنجانها وأنا من ظننت أنها لا تشرب القهوة سوى معي, أفك لها رموز الفنجان وتفك هي الأخرى رموز فنجاني, لكنها خانتني وهربت لتشرب وحدها وتكتب وحدها, رغم اتهامي لها بالجنون والهلوسة بعد أن تعدّت على المتنبي الذي يكبرها بقرون كثيرة.
اقترحت عليها أن تحب رجلا من سنها ومن دنياها أو من أصدقائها لكنها رفضت ذلك بقولها: أحب المتميزين الكبار, أحب من يكرهني ويكره تمدني وتحضري, أحب أن افهم عقلية الرجل الشرقي الأول, حتى أن كان شاعرا أو كاتبا, أحب أن أرى الرجل الجاهلي المتعفف العارض عن بنات المدن والحواضر. أحب أن أخترق ذلك المدعي للنبوة.
في البداية ظننت إنها جاءت تعاتبني على الفضائح التي سببتها لها وعلى قصتها التي تناقلتها المواقع بسببي وسبب عدم كتماني لسرها الكبير, عندما قالت أنها التقت به على أحدى الصفحات, مما أثار حفيظة صديقه ورفع بنا الدعاوي والمحاكم, وجرجرنا إلى دولة أخرى, ونحن لا نملك نقدا للسفر ودفع تذاكر الطائرة الباهظة الثمن. لكن تلك الجميلة لم تتعلم درسا بل شعرتُ بان هنالك قصة أخرى تكاد تنفجر من باطنها, قصة أشد غرابة وأشد إثارة من القصة التي سبقتها, أحسست بحرارتها ولوعتها دون أن تنبس ببنت شفه.
سألت نفسي إذا كانت صديقتي قد قرأت قصة أخرى أو قصيدة غزلية أرادت العيش بها, فاحترت في أمري: هل أجرجرها في الكلام أم أدعها تقص هي وحدها الحدث والأحداث.
صديقتي امرأة غيورة تغار على أشياءها وتغار على من تحب إلى حد الهوس والبكاء, فكيف أن كان شاعرا متنقلا بين الزهر والنساء ناظما أجمل أشعار الغزل في أجمل النساء. فكرت كثيرا أن اجعلها تبكي لأحررها من الضغط الذي ألّم بها, فهي لا شك أنها وقعت في رجل غائب حاضر, قريب وبعيد, تفصلهما المسافات الزمانية والمكانية ولا أمل من لقاءهم أبدا, فخيال صديقتي الخصب الذي جعلها تجوب أروع الحدائق وتزور افخر المطاعم مع المتنبي, هو حلم مجنون جعلها لا ترى إلا الجميل من الأشياء ناسية أن المتنبي كان اسمه أحمد وانه شخص ملتف حول الزعماء ومادحا لهم مدعيا النبوة. فالمسكينة صديقتي رأت متنبي بصورة واحدة لان عيونها لا ترى السلبي من الأمور.
دقائق الصمت كانت تمر ثقيلة علي حتى شعرت بالغليان في داخلي, فأحسست أن حبري أراد التحرر إلى رحمة السطور, فانتظاري كان فيه لوعة وحرارة لسماع قصة فنجانها وقصة خوله البدوية, وكيف راقصها وسط الفنجان, لكن صديقتي السارحة كانت تفكر بشيء أجهله ولا اعرفه وأنا كنت أفكر بطريقة لكيفية إذاعة الخبر دون المس بها أو بمتنبيها المدعي للنبوة.
حيرني أمر ذلك الرجل الشاعر, وحيرتني قصة حياته ونبوته وأمر صديقتي المثقفة والمريضة به, التي أصبحت هي أيضا تؤمن بنبوته الكاذبة وأنا من أتيتها بتاريخه وأخطاءه وما قام به من مديح لسيف الدولة وللذين من هم أعلى مرتبة منه, فهي أرادته شاعرا عاشقا محبا لكن هل يعقل أنها أرادته نبيا, أم إنها وصلت لدرجة عشق جنوني جعلتها تراه نبيا؟

بيني وبين نفسي كنت مقتنعة بجنونها وبتناقضاتها, فهي مجنونة برجل غاب منذ قرون, تغار عليه وعلى تاريخه ومن نساءه اللواتي غادرن الأرض قبل ولادتي وولادتها بقرون طويلة. فرؤيتها لخوله بفنجان القهوة هو مرض يحتاج إلى علاج نفسي, فكرت أن اهديها دراسات بلاشير, المستشرق الفرنسي لأثبت لها أن متنبيها غير مضمون وغير مختوم على اسمها, وانه ليس نبيا ولا قديسا.
صديقتي ما زالت تبكي بحرارة وأنا ما زلت صامته أتأملها وأحاول معرفة ما يجول في داخلها, تأملت الحجرة والمكتبة, فتشت عن الفنجان الذي شربت منه صديقتي, محاولة أن أقنع نفسي بما تفوهت به صديقتي, وأن أرى خوله مثلما رأتها هي.
فتشت كثيرا وحضرت أقلامي لأكتب نصي الجديد, لكني صديقتي كانت قد خرجت تاركة لي نصا مكتوبا معنونا بعنوان نصي, وفنجانا فيه سؤالا: لماذا لا تكون صديقتي هي الأخيرة بعد نساءه اللواتي أحبهن في حياته وأحبوه في مماته؟



#نبال_شمس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطواق_الجزء4
- أطواق_الجزء 3
- أطواق_الجزء2
- أطواق- الجزء 1
- أريد الكتابة, لكني لا اريد ان اصبح قاصة , شاعرة او روائية
- صديقتي والمتنبي
- حمامة, هاوية ونص
- كوني كما أنت
- علميني ما لا تعلمين
- الدخول من النهاية
- محاولات للتعالي عن أناها
- لغة الروح
- رثاء لرجال الثامن من اذار
- هل أنا ميتة فعلا؟؟
- ثلاثة ذكور من ضلع امرأة
- عشرة رسائل قصيرة, وثرثرة نسائية غير محمودة
- تداخلات وانتظارات
- جاك، جوليبير وحمار جحا
- سر -الجمعية لحماية الحمير-
- محاولة في نسيج كرة مجنونة


المزيد.....




- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - خوله ونبوة المتنبي