أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - صديقتي والمتنبي














المزيد.....

صديقتي والمتنبي


نبال شمس

الحوار المتمدن-العدد: 1912 - 2007 / 5 / 11 - 06:55
المحور: الادب والفن
    


قالت إنها التقت به صدفة. هل صديقتي تختلق القصص وتجعلها حقيقة؟ رأيتها مرارا تجلس بالمكتبة وتقرأ المتنبي. تساءلت ما الذي دفعها لقراءة المتنبي, فهي لم تقرأ شعره فحسب, بل قرأت تاريخه كله, وتاريخ أزمنته وأمكنته بالرغم من أن َّ صديقتي في حياتها لم تحب التاريخ, فلا أذكرها تعلمت درسا واحدا بشغف أو شوق, حتى عندما دخل صفنا أستاذ التاريخ الوسيم, صاحب العيون الزرقاء, التي كانت دائمة الحديث عن عيونه, ذلك المعلم مع كل براعته, لم يستطع أن يقرّبها من مادة التاريخ, فلم تعد ترى زرقة عينيه ولا حتى وسامته, فقد كانت كثيرة الهرب من دروسه للتحرر من النفاق المدرسي.
قالت إنها التقت به صدفة في أحد الأزمان, هل حقا التقت معه؟
هل هو معلم التاريخ أم انه المتنبي أو انه آخر؟ لست أدري لكنها أخبرتني بلقائها به الذي كان على أحد الصفحات, ثم تركتني أفكر وأسأل نفسي صفحات ماذا, أهي صفحات الزمن؟ أم صفحات كتاب, أو إنها صفحات ألنت, فجميل أن تجعلني أتساءل فهي امرأة مخالفة لقوانين الكلام, فمعظم إجاباتها في بسمتها وعيونها اللوزية.
أظن أن قصتها بدأت مع المتنبي في أحد أيام شباط, عندما خرجت لتتمشى تحت المطر قاصدة الغابات الكثيفة, فهي تحب المشي تحت المطر وتحب الغابات الكثيفة والعالية. أذكر أنها عادت دون مظلتها, عادت مبلله من تحت العاصفة لكنها كانت سعيدة. من يومها انقلبت أحوالها وأصبحت كثيرة القراءة وكثيرة الانزواء في المكتبات.
أين مظلتها غالية الثمن, جميلة الألوان؟
هل أعطتها لأحد؟
هل أضاعتها؟
هل أعطتها للمتنبي الغائب الحاضر؟

عرفتها مجنونة ومشاكسة أحيانا, ذات خيال واسع وجنون فريد فهل حقا التقت معه في أحد الأزمان ومن يكون هذا. روايتها للحدث كانت قصيرة جدا, وعندما انتهت من جملها نظرت إلى عيوني وابتسمت بنبرة صوت رقيق ظننتها ضحكة وليست بسمة. بسمة حملت جنونا ممزوجا بغير الظاهر. هكذا صديقتي كثيرة الابتسام وعاشقة جنون, لكني حتى الآن لم استطع الربط بين المتنبي الشاعر البدوي وبين قصتها المختلقة. حاولت منذ الصباح أن أعرف ما حدث, لكني فشلت, فلست أدري إذا كان هذا حب استطلاع أو إنها شؤون نسائية متناقلة أو طقوس يمارسها الأصدقاء.
هل حقا التقت معه تلك الثلجية والنارية, تتحرك وتتغنج وتجعلني أنصت للغة عيونها ولغة جسدها, تجعلني ابتسم لها ببسمة مغايرة لبسمتها هي.
حاولت كثيرا الحصول على أوراقها السرية وعلى أيميلها المليء بالرسائل لكن محاولاتي باءت بالفشل, تماما كسر المظلة التي فقدتها.
عيونها التقت بعيوني, وعلى الصينية كان فنجانا واحدا من القهوة السوداء, وفي داخلي أدركت أن فنجانا واحدا لن يكفي لي ولها. فكيف أذا حضر معنا متنبيها ؟
هل حقا التقيتِ به وأهداكِ ضمات الورد بكل الألوان؟ أم أن حبك للزهر هو الذي جعلك تنسجين رجلا يحب الألوان ومتنبياً يعشق الزهور؟
تبحثين في المواقع عن كلمات له ولا تدرين أن كلمات المتنبي كتبت لامرأة حملت بين راحتيها رمل الصحاري وعلى جسدها نبال الشمس, فهل حقا التقيت معه؟
كانت رشفتها الأولى من فنجان القهوة لكن الكافئين جعلها هادئة وجميلة وساخرة.
قالت على إيقاع صوت الفنجان عندما وضعته على الصينية:
تحَّمليني في يميني الثلج وفي يساري النار, تبحثين عني وعن تاريخي, تتساءلين عن سبب جلوسي في المكتبة, فهل أجيبك؟
كنت هناك اقرأ التاريخ واقرأ المتنبي أقرا ما كتبه لي فعلا ألم أقل لك أني استطيع تقمص الأشياء , أيتها الحاملة الشمس في داخلك. أما زالت نبالك مبعثرة بين الحروف ظنا منك انك تضحكين علي أيتها الروحانية, يا من تفهمين بالتجسد والتقمص والروح. ألم أقل لك انك لم تتخلي عن الغباء قليلا؟
أقرأ المتنبي علنا أعيش حروفه سرا يا صديقة العتمة التي تداعب السطور خلسة.
تسألينني عن الزهر وعن الورد بكل الألوان, وأنت من لمستِ أول ضمة زهر أهداها لي, أنت من رتبتها بإيقاع جميل بين الحروف ورتبتها في أركان الغرفة.
تسألينني عنه وأنت من تمشّت معه على الرمل وعلى البحيرة وفي المطاعم والمقاهي. أنت تلك التي كتبت له كلاما ناعما وأهدت له البطاقات الملونة.
المتنبي يحيى فيك وبنفسك وأنت تحيين فيه وبأنفاسه وكلماته المنسوجة من أجلك قولا وشعرا, فليس شرطا يا عزيزتي أن يكون شاعرا متنقلا بين زهرة وزهرة ليقول فيك أجمل كلمات الغزل العذري.
فلا تبحثي عنه يا حلوتي المتناثرة الشعر فهو موجود فيك أنت وفي عيونك الجميلة. موجود في كتبك ويومياتك وبين راحتيك.
قولي له أحبكَ, وتحرري لا تبقي حروفك في العتمة ونصوصك تنتظر الفجر.
أذكر انك قلت لي أن الشعر هو روح ٌ يحيي الأشياء بصور يخلقها الكاتب, فهل تسمحين لي أن أكون صورة من بين هذه الصور؟ هل أعتمد على معرفتك المحدودة وأشرح لك أكثر من ذلك؟ فأنت من قالت أن المتنبي كتب لامرأة تحمل بين راحتيها رمل الصحاري وعلى وجهها نبال الشمس.
هل أنت من نور أم من نبال؟
انتهى فنجان صديقتي. هو فنجان واحد وعيون لوزية لامرأة واحدة.



#نبال_شمس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حمامة, هاوية ونص
- كوني كما أنت
- علميني ما لا تعلمين
- الدخول من النهاية
- محاولات للتعالي عن أناها
- لغة الروح
- رثاء لرجال الثامن من اذار
- هل أنا ميتة فعلا؟؟
- ثلاثة ذكور من ضلع امرأة
- عشرة رسائل قصيرة, وثرثرة نسائية غير محمودة
- تداخلات وانتظارات
- جاك، جوليبير وحمار جحا
- سر -الجمعية لحماية الحمير-
- محاولة في نسيج كرة مجنونة
- طلابي وتجاوز رشاش الدم
- كفوا عن قتل الاطفال..صرخة بعيدة من انسانة قريبة
- كفوا عن قتل الأطفال - صرخة بعيدة من إنسانة قريبة
- أحذية ومقامات
- العودة من ارض النور
- كيف سأعاقب أمي؟


المزيد.....




- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...
- قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد
- وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا ...
- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...
- وزير الثقافة والاتصال الموريتاني يوضّح موقف نواكشوط من من مق ...
- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...
- -الدين المعرفي-.. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى -عكاز- يعيق ...
- هوليود تنبش في أرشيفها.. أجزاء جديدة مرتقبة لأشهر أفلام الأل ...
- رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: التعاون الثقافي مع روسيا ...
- -بيت الشعر في المغرب- يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - صديقتي والمتنبي