أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - طلابي وتجاوز رشاش الدم














المزيد.....

طلابي وتجاوز رشاش الدم


نبال شمس

الحوار المتمدن-العدد: 1768 - 2006 / 12 / 18 - 09:45
المحور: الادب والفن
    


بدأت الحصة برسمه على اللوح, رسمه أثارت في نفسي الاشمئزاز, فطيلة الوقت قبل بداية تلك الحصة كنت في صراع داخلي هل أسرد قصة العيد للأطفال أم لا. طلبت من زميلة لي أن تعلم الحصة مكاني, لأسلوبها الشيق وخبرتها في سرد تلك القصة التي لم أعتاد سردها لطلابي, وخصوصا أن طلابي ذوي احتياجات خاصة.
رسمت زميلتي الرسمة على اللوح, رسمة سيدنا إبراهيم الخليل, فشعرت أثناء تحريكها القلم وشخبطتها الرائعة إني داخلة إلى مذبح واسع ليس له حيطان سوى أشواك جبل عرفات, عيون طلابي كانت مفتوحة تماما والهدوء ساد المكان, فقد كنا جميعا نتابع خطوط قلمها وخصوصا إنها فنانة قديرة تتقن الرسم إلى ابعد الحدود, فبعد المحادثة الأولى والتعريب والتصحيح والتنقيح وانتشال عيد الأضحى من بين عيد الأم وعيد الشجرة وعيد الجلاء والذكرى الفولانية, ومن بين الصواريخ والفقاقيع والديناميت وصلت زميلتي معهم إلى كلمة أضحى.
بدأت بسرد القصة بأسلوبها الرائع الجميل الذي لا يخلو من الحركات ونبرات الصوت.
طلابي لم يعرفوا قصة العيد من قبل فقد كانت جديدة عليهم لهذا ساد الهدوء الذي لم اعتاد عليه في كل الحصص التي تقابل هذه الساعة من الوقت.
القصة كانت مثيرة جدا لطلابي ولي أيضا, فأسلوب زميلتي جعلني أعود سنينا للخلف إلى مقاعد الدراسة عندما كنت أصغي لمعلمتي أثناء سردها لنا القصص.

أصابتنا حالة استرخاء تامة, لا اعرف ماهية السب أهي تعود لبرودة الجو وما يقابله من دفء داخل غرفة الصف, أم لأسلوب زميلتي التي كنت اشعر أنها بحركاتها تغني لنا أغنية العنب والعنبية والغجر اللذين خطوا ذلك الطفل.
ما الذي أرغمني الآن على الهبوط من جبل عرفات والذهاب إلى الغجر اهو الخوف؟ أم لان أغنية الغجر والعنب والخطف تثير الخوف, تذكرت أسئلتي عندما كنت طفلة, تلك الأسئلة التي احتفظت بها لذاتي؟ من هم الغجر؟ هل لهم ذيول؟ هل لهم أسلحة؟ لماذا يخطفون الأطفال؟ تماما كالأسئلة التي تعلوا على لساني الآن.
الخوف, الخوف ومن ثم الخوف. الذبح والطعن ومن ثم الذبح والطعن الخطف ومن ثم الخطف...كم تمنيت أن أعود طفلة لأذهب إلى حضن أمي أو حضن أبي, ففي حياتهم كلها لا اذكر أنهم سردوا لي قصة فيها رعب أو خوف, ربما لرؤية ما أو ربما لأنهم لا يجيدون سرد هذا النوع من القصص. لكن جدتي كانت لا توفر لنا ذلك من قصص النار.


بدأت بالهرب رويدا رويدا وطلابي يتسللون ورائي,أمرتهم بالعودة لا أريد تحمل مسؤولية خروجهم. أردت الهبوط وحيدة من ذلك الجبل لا أريد أن أرى سيدنا إبراهيم الخليل يشد وثاق ولده.
اهرب بسرعة مع طلابي وصوت زميلتي الجميلة يلاحقنا, " يا أبي أغمض لي عيني وشد وثاقي جيدا كي لا أتحرك وأتألم وسن السكينة جيدا لتكون عملية الذبح أسرع, واطلب منك أن تبعد قميصك عني كي لا يصل رشاش دمي عليه فتراه امي.."
تخيلت نفسي مكان زميلتي أقص القصة لطلابي, أحدثهم عن السكين والذبح والوثاق, لا غمي علي.
كنا نركض لاهثين والسكين تلاحقنا والأصوات المتداخلة مع الرياح ورشاش الدم, فربما هربنا كي لا يصلنا هذا الرشاش.
ضغط نفسي هائل دخل به طلابي. رأيت الدهشة والخوف في وجوههم, لم يصرخ أحدا منهم فقد انعقدت ألسنتهم وتوسعت عيونهم واصفرت ألوانهم, فلو لم أكن اعرف نهاية القصة لصرخت كفى وكفى.
اشتدت حدة الصراع وحدة الخوف .لاحقتنا السكينة . انهالت على رؤوسنا حجارة الجبل. رأينا الساطور وعتمة الليل والسلاسل, وإذا بالملاك جبرائيل يظهر في السماء مع الكبش, يقول لسيدنا إبراهيم الخليل انه نجح في الامتحان. هبطنا من الجبل وعدنا إلى صفنا الأم نلملم أشلائنا المتروكة ونحاول إغماض عيوننا المتسعة كالبدر من الذعر الذي أصاب طلابي, وأحاول الإجابة على أسئلتي من ناحية تربوية وناحية دينية وناحية إنسانية الني شعرت إنها تختلط كاختلاط الحابل بالنابل.



#نبال_شمس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كفوا عن قتل الاطفال..صرخة بعيدة من انسانة قريبة
- كفوا عن قتل الأطفال - صرخة بعيدة من إنسانة قريبة
- أحذية ومقامات
- العودة من ارض النور
- كيف سأعاقب أمي؟
- برؤية مغايرة -Remorse-
- وجوهي التسعة
- رسائل إلى شخص ليس هو , الى برجر سلاين
- تقمص كائن شتوي
- ريتا
- فراشه مجنونة
- بانتظار الصياد
- طيف ريمورا
- نجيب محفوظ : كفرنا بك مرتين
- صعود اخر
- حلقات الضوء
- لغز اليد الممدودة
- نساء من نبيذ ونار
- مزامير ثقافية
- حفر في التعري,قبل قدوم البحر


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - طلابي وتجاوز رشاش الدم