أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - فراشه مجنونة














المزيد.....

فراشه مجنونة


نبال شمس

الحوار المتمدن-العدد: 1706 - 2006 / 10 / 17 - 08:19
المحور: الادب والفن
    


أريد ألكتابه, لكن ألليله ليست لدي أية طقوس أمارسها أثناء أو قبل ألكتابه, سأبعثر كلماتي في الهواء على الشاطئ, عندما أصل هناك سأنثر على زبد الموج حروفي, كي يلملمها طلابي مع أصداف الشاطئ في أكياسهم الصغيرة.
هذه ألليله لن اكتب بالقلم بل بأصابع قدمي فعلى ذلك الشاطئ
اختفت فراشتي ولم أرها منذ ذلك الحين
فراشتي كانت ولادتها رواية من روايات السماء. رواية صامتة من دون حروف
ولادتها, جنون أنثى أتت من محيط صخري عميق, لقد ولدت
على الأصداف الباردة المعطرة برحيق المساء

فراشة مجنونه جدا تحب البحر العميق والأمواج العنيفة. تحب التمرد والممنوعات . تحب ممارسة الجنون مع المياه. رغم رقتّها ورقّة أجنحتها إلا أنها دائما كانت مصره على السباحة داخل التيار والذهاب إلى الأماكن المائية الخطرة.
عندما أصل إلى هناك سأنحت جسدها على الحجارة, وسأرسم وجهها على المياه الباردة والبحر الهائج المجنون, بحر يعشق الفراشات , يعشق الأسماك.
عندما أصل إلى هناك سأغوص في مياهه, في عمقه. سألمس المرجان الذي في قاعه فانا أحب مرجان البحر لان ألوان فراشتي الهاربة, كألوانه. سأبقى هناك في القاع أتنفس كالأسماك وأسبح كالدلافين. لن اخرج منه ولن أعود للأصداف, ولا لغرفتي ولا للشاطئ.
مشيت كثيرا في غلس الليل ابحث عنها وعن بحرها الذي هربت إليه وتركتني أتخبط وحدي في غرفة قذرة. ارسم ذكراها على الحيطان وألوانها في مسودات دفاتري.
تلك الغرفة اذكرها جيدا. احدى أروع الغرف التي زرتها يوما بصحبة فراشتي . غرفة صغيره ستائرها تميل الى البياض . حيطانها أكلها العفن, باردة جدا, لكنها جميله, ورائحتها مميزه.
اذكر رائحة قهوتها الشهية, تلك الرائحة الممزوجة برائحة النبيذ والسكون. أذكر رائحة دفاترها التي أثارت اهتمامي وحركت في داخلي حروفا ورموزا اخترت أن لا أفهمها.
فراشها دافئ. سريرها واسع, ما زال في مخيلتي. عندما دخلت هناك واستلقيت عليه, وسَرى الدفء في أنحائي وجوانبي, شعرت بالطفولة تسري في جسدي.
تأملت سقفها ومكتبتها وفناجين القهوة التي يبست ثمالتها. أردت التهام النصوص منها, واستعمال أقلامها التي ليست لي.
هناك في ذلك المكان حلمت بموج البحر وبالزنابق البيضاء. أردت أن أنام ألف عام ولا أصحو الا هناك, لكن غفوتي لم تكن طويلة, فسرعان ما أيقظتني فراشتي لنخرج من ذلك المكان, فقد خافت العتمة وخافت العفن.
بعد المعاناة وصلت إلى بحرها. لم يكن هناك أحدا سوى أنا والأصداف المبعثرة وصوري المنحوتة على حجارة الشاطئ. ذلك السر الذي لم افهمه وقتها, ولا حتى ساعة كتابتي لنصي هذا.
جلست التقط أنفاسي, وابحث عن ذاتي تأملت جنون ذالك البحر, عمقه, موجه, تمرده وصمته وأطرقت ابكي في سكون من ذهولي وخوفي, ليس منه بل من الأصداف التي كبلت حركاتي وهمساتي.
ماذا اردت ان افعل؟ماذا اردت ان لا افعل؟كل شيء تبخر من رأسي . افكاري حلقت كالنوارس الهاربة, لم تلتفت إلى جسدي الملقى على الشاطئ.
لم تكن فراشتي موجودة هناك. فقط ألوانها المبعثرة على وجه المياه, أيقنت في داخلي أن البحر ابتلعها لكنه لم يستطع أن يبتلع بريقها, ابتلع روحها ولم يستطع أن يبتلع جسدها
وقفت أمام موجه الذي ضرب جسدي, محتارة لا اعرف ماذا افعل فالأمواج أرادت سحبة إلى القاع لكن أصابعي المرتعشة بقيت مثبتة بالأصداف.
ماذا دهاني , ماذا جرى لي ؟ لماذا لا ادخل رغم وصولي؟ لماذا لا اجرؤ على الاقتراب رغم حبي للدخول. اذكر جُبني جيدا . اذكر كيف تمسكت بالاصداف , كيف اردت الاحتماء بها رغما ان حدتها ادمت اصابعي.
صورة لم تنتهي وليست موجودة بقالب معين, صوره كبيره لن تُمحى من ذاكرتي ولا من مخيلتي, الموج العنيف, البحر العميق, الغرفة القذرة والفراشة الهاربة. كأني تجسدت حلما كبيرا ليس لي.


حزني كان عميقا على فراشتي وعلى بحرها. حزني كان اعمق من عمق البحر نفسه. حزني كان بعدا عن ذاتي وعن فراشتي التي هربت مني الى مكان ممنوع عليها. الى مكان محرم على الفئات الضعيفه, كم اردت ان اذهب معها الى ذلك المكان البعيد, لكن الوصول الية محال.لقد سبقتني فراشتي لانها متمرده.
لم تمضي لحظات حتى أتت موجة كبيره وعنيفة سحبتني إلى عمق البحر, كان ذلك الشيىء كالحلم لم اصدقه. موجه كبيره سحبتني الى الاعماق ثم أعادتني سريعا إلى الشاطئ دون فراشتي
كل شيء كان سريعا اسرع من لمح البصر. لم استطع فتح عيوني او حتى التنفس كالاسماك. لم استطع لمس المرجان ورؤية الدلافين . مات حلمي مع الفراشة, وتناثرت أجزائي بعيدا عن المرجان.
عدت الى هنا الى الشاطئ. عدت اكتب دون أي طقس من طقوس ألكتابه عدت أبعثر كلماتي على الشاطئ ودمي على ألاصداف وحزني على الحجارة.



#نبال_شمس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بانتظار الصياد
- طيف ريمورا
- نجيب محفوظ : كفرنا بك مرتين
- صعود اخر
- حلقات الضوء
- لغز اليد الممدودة
- نساء من نبيذ ونار
- مزامير ثقافية
- حفر في التعري,قبل قدوم البحر
- -جوانب أخرى للمرأة في أدب -زياد خداش
- عري القناديل: امرأة, قصيده ووطن
- النرجس لا ينبت في نيسان
- ضرورة انتقاد المسئولين
- العسر التعليمي الاكاديمي
- العسر التعليمي التطوري
- مذكرات متعسر


المزيد.....




- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - فراشه مجنونة