أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حقي - القهقهات....؟















المزيد.....

القهقهات....؟


مصطفى حقي

الحوار المتمدن-العدد: 2089 - 2007 / 11 / 4 - 09:15
المحور: الادب والفن
    


( قصة شاركت بها في مهرجان القصة الثالث عشر المقامة في محافظة الرقة من 28ولغاية 30/10/2007)

لم تعد هواية الصيد في هذه الأيام تجد لها مكاناً فبني قد آدم غزا كل شبرٍ ولم يترك للهواة سوى هوايتهم وبدون صيد .. أوقفت سيارتي بجانب راع مسنٍ كان ينشر أغنامه على سهل عشبي كبير وسألته ان كان يعلم عن مكان يمكن أن نصطاد فيه .. ولم يفكر طويلاً وأشار إلى الشمال وقال هناك غابة كبيرة تغص بالطرائد وانت وحظك .. ونصحني عدم التعمق في بطن الغابة لأنني يمكن أن أضيع فيها وأن أكتفي بالصيد من الأطراف : ابن أخوي أنصحك لا تغمق .. !
ولم يكن معرفة المكان صعباً وبعد حوالي الساعة أشرفت على إحدى جوانب تلك الغابة الكثيفة ، كنت أسمع هديل حمام وزقزقة عصافير وعواء وخوار وأصوات مبهمة أخرى تصدر من بطن الغابة وأيقنت أنها كنز للصياد .. تقدمت قليلاً كانت ثمة أرانب تتقافز ثم تختفي بين الأشجار، حاولت أن أستدل على آثار طريق أو درب يؤدي إلى الداخل ولكن لا أثر ، أطلقت عدة طلقات على أرانب برية فلم أفلح باصطياد أي منها ، ثم ظهر لي ثعلب وما أن التقت عيناه بعيني حتى ارتد هارباً إلى الداخل وتخيلت أني أشاهد غزالة تسير بين الأشجار فلم أصدق عيني لانقراض مثل هذا النوع من الطرائد منذ أكثر من ثمانين عاما حيث يتحدث كبار السن عن أسراب من الغزلان كانت تشاهد على تخوم المدينة .. وبعد قليل لاحت لي فتاة تجري بين الأشجار ثم تغيب .. ثم أطفال صغار يلحقون بعضهم وهم يصرخون بفرح ..
وشاهدت أيضاً رجالاً يمشون عبر الأشجار .. ان المكان مسكون بالبشر ويمكن أن يكونوا من المتنزهين .. وان نصيحة الراعي لم تكن في مكانها فالمكان مأهول ويدخله الناس ولا يعقل أن يتوه أحد في مثل هذه الغابة الصغيرة .. وقررت الدخول
وبعد أن تقدمت حوالي العشر أمتار برز الأرنب اللعين وما أن وجهت إليه فوهة البندقية حتى فرّ هارباً وصدى قهقهات من كل مكان .. قلت الأرنب هرب فليكن .. وهذا شيء طبيعي ولكن القهقهات الإنسانية ... ؟ ثم فسرتها بالصدفة .. ناس بالقرب مني يضحكون وكانت صدفة ... ؟ تابعت توغلى وبحسب اعتقادي باتجاه واحد وسأخرج عندما اعود بالاتجاه ذاته ، وفجأة شاهدت ماأوقف شعر رأسي برغم من أنني مسلح ببندقية صيد اوتوماتيكية .. ياللهول .. إنه ... إنه سبع .. وسبع ذكر يقرفص في هيبة ووقار وعيناه تقدحان شرراً .. وأين المفر .. أنا والغضنفر وجهاً لوجه .. ولكن أسد وفي هذه الغابة الصغيرة .. مثل هذا الوحش قد انقرض عندنا منذ أجيال وأجيال ولم تبق سوى أماكن يسمونها حتى اليوم بالمسبعة ... الخوف والهلع شلاّ كل حركة في جسدي يدي تيبست على سلاحي قدماي توقفتا .. نهض السبع .. وتثاءب .. وهو يرمقني بخسّة .. ثم أطلق زئيراً مدوياً ... وأدار ظهره وغادر المكان ليغيب بين الأشجار ، فإذا بموجة من الضحكات الهستيرية تنطلق من حولي وبأصوات عالية ... جلست على الأرض أسترد أنفاسي .. السبع سبع ( وما فيها شي ) ولكن هذه الضحكات الهيستيرية وراءها ما وراءها ... وظهور السبع علامة خطر وقررت العودة والهرب .. ولكن هيهات مشيت مدة طويلة والغابة هي الغابة ولا نهاية حاولت التعرف على الاتجاهات وفشلت أيضا .. وظهر لي طير أزرق جميل وقف على بعد متر مني ثم علا فوقي بنفس المسافة تقريباً ثم راح يعلو ويهبط ويدور من حولي ثم تقصد وزرق فوق رأسي واختفي ... وعلت الضحكات من جديد ... لم يزعجني العصفور وقذارته بقدر صدى الضحكات اللعينة التي كانت تحيط بي من كل الجوانب ... ورحت أمشي على غير هدى وأمني نفسي بالخروج من هذه الغابة الورطة ... وإذا بي وجها لوجه مع حمار وحشي مرقّط .. واستغربت كثيرا.. ان هذا النوع من الحمر ليس موجوداً إلا في غابات إفريقيا .. وراح الحمار يسد علي الطريق ولا يسمح لي بالتقدم مما اضطرني إلى إطلاق طلقة في الهواء فرّ الحمار على أثرها .. ولكن الضحكات الصاخبة انطلقت ثانية من كل مكان ورحت ألعن الضحك وأبو الضحك وكل من يضحك في هذا العالم وعلي أن أغادر هذه الغابة اللعينة .... وفجأة وقعت على عين ماء صافية دنوت منها وعببت من مائها العذب أطفيء الظمأ وأريح أعصابي وشعرت أني بحاجة إلى الراحة قليلاً فأسندت ظهري على جذع شجرة ضخمة وعلى خرير الينبوع رحت في إغفاءة لذيذة وعندما صحوت كان الظلام الدامس يلف الغابة وانتابني رعب هائل وأيقنت أنها نهايتي وخاصة بوجود حيوانات متوحشة .. واحترت في أي اتجاه أتقدم .. فالظلام الدامس يلفني ولا أرى موطيء قدمي .. حاولت تسلق الشجرة ولم أتمكن لسماكتها .. أرهفت بإذني علّ صوتاً يرشدني .. أسمع مواء هرّة وثغاء شاة .. ولا بدّ أن يكون مصدر الصوتين من مكان مأهول .. فتبعت الصوت على غير هدى .. وكم كانت فرحتي عظيمة عندما شاهدت لهيب نار على مسافة ليست بالبعيدة .. فاقتربت من المكان وجساً وحذراً ..
كان هناك كوخ طيني ينبعث نور شحيح من نافذته الوحيده وبابه المشرع وأمام البيت ثمة نار تشتعل تحت قدر كبير يتصاعد منه البخار .. وحمدت الله كثيراً على نجاتي . . وكل ما أشاهده يدل على مكان مأهول ببني البشر .. وتقدمت بكل ثقة وانا اتنحنح لأعلم سكان الكوخ بوجودي ..وأنادي
: وينكم يا أهل الدار .. فإذا بالظلام يعم فجأة ويختفي الكوخ ووهج النار ومنظر تصاعد البخار ويقف شعر رأسي رعباً ... وتنطلق الضحكات المعربدة من كل الأطراف .. وتثور ثائرتي وأطلق عدة طلقات في كافة الاتجاهات وأنا اسب وأشتم : يا أولاد الكلب ألعن أبوكم .. ما لقيتم غيري تضحكوا عليه ... وتخمد الضحكات رويداً رويداً ويعود منظر الكوخ والنار المشتعل تحت القدر والبخار المتصاعد منه ، وأدنو بحذر من باب الكوخ المشرع .. أمد رأسي .. ثمة شخص نائم ومغطى بلحاف .. قلت قد تكون أنثى ومن الواجب أن أعلن عن وجودي فرحت أنقر على درفة الباب الخشبية .. فإذا باللحاف يتحرك وسمعت صوتاً ينادي : من الطارق .. ونزل السؤال برداً وسلاماً على قلبي وأيقنت بقرب الفرج وأجبت فوراً : عابر سبيل ضائع أرجو مساعدتي .. وكان الرد الذي لم أكن أتوقعه .. ضحكات مجنونة تضج بها الغابة من كافة الجهات : ورحت أشتم يا اولاد الـ ..
ياكلاب ياأوغاد وأفرغت كل مافي بندقيتي من طلقات .. وعندما حاولت إعادة تعبئة المخزن فوجئت بنفاذ ذخيرتي .. وأسقط في يدي .. ورحت أنادي بتوسل : يكفي مزاحاً أرجوكم .. لم أعد قادراً على تحمل مزاحكم الثقيل أرجوكم كفوا عن ذلك ..
وتخفت الضحكات .. وأقتحم الكوخ .. كان خالياً من كل شيء إلا من سراج زيتي يضيء المكان ... إذا المكان مسكون أين صاحب هذا الكوخ ورحت أنادي .. أنت أيها الشاغل لهذا المكان لا تخف أنا مسالم ... ولكن لا صوت ولا حركة ... ثم قهقهات خافتة من كل الجهات عدت مستنجداً : يا جماعة أرجوكم كفى مزاحاً ... صمتت الضحكات وتحركت حيوانات مختلفة وعلى رأسهم السبع الذكر والتفوا حول الكوخ وانطلقت أصواتهم من ثغاء ونهيق وخوار وزئير أغلقت الباب على نفسي ولكن صدى الضحكات كانت تملأ المكان ولم ينتهوا حتى انبلج الصباح وكان أول من قدم إلى الكوخ الراعي الذي كنت قابلته البارحة وأمعن النظر بي وقال : ألم أقل لك لا تغمق ياابن أخوي ... ؟



#مصطفى_حقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمكن لأردوغان أن يكون علمانياً ...؟
- العلمانية تطفو من الأعماق ...؟
- أردوغان تائه في المعمعة الكردية ما بين الدين والقومية ...؟
- عندما يتحول حادث دهس أرعن إلى معركة قضاء وقدر ..؟!
- عقوبة الإعدام ونظام السجون لا يواكبان عدالة العصر ...؟
- احترام العلمانية للأديان والعقائد ...؟
- جملة اعتذارات تاريخية ..؟
- الفيدرالية ليست تقسيماً ، ولكن أين الفيدراليون ...!؟
- الزواج المختلط مابين الإباحة والقباحة وتطبيق الحدود ...؟
- إن تعددت تاحارات فالباب واحد ...؟
- طقوس العبادة بين المظهر والجوهر ...؟
- الدعوة إلى الفيدرالية في العراق خطوة حضارية أم أشياء أخرى .. ...
- أتلفوا الكروم ومزارع التفاح ولا تزرعوا الشعير ولا للخمرة ... ...
- الحوار بين الأديان هل يشمل الإسلام ...؟
- ومركب العلمانية يطفو على بحرٍ من الجهل ...؟
- من حمص أيضاً ..عملية جراحية تتحول إلى نكتة وتعويض يزيد على ا ...
- حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بدأ يسفر عن توجهاته الإ ...
- أمنيات حسين عجيب وسيل ثرثراته وطيبته والواقع الذي لم يتغير . ...
- ! ذئب العذارى الحمصي يدخل موسوعة غينس للأرقام القياسية في ال ...
- سورية لأبنائها الشرفاء وليس للقتلة والفاسدين ...؟


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حقي - القهقهات....؟