أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين خليفة - حيث لم يبق مكان للخجل. . . . باهوز مبتدأ الفضيحة ومنتهاها














المزيد.....

حيث لم يبق مكان للخجل. . . . باهوز مبتدأ الفضيحة ومنتهاها


حسين خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 2030 - 2007 / 9 / 6 - 04:58
المحور: الادب والفن
    


لم يكن باهوز سوى طفل على التخوم الأخيرة لطفولته السادرة في البراءة وقرى الطين، وعلى عتبة شباب لم يترك له الموت فرصة لتخطيها وتذوق ملذاتها العابرة، الملذات التي تستوطن الذاكرة إلى أبد الأغنيات . . . فمات بعيدا عن «زغات»* قريته النائمة على حدود وطن لا حدود له إلا ما ترسمه خطوات الحجل. . . بل إنه وزع موته بين أرجوحته الباكية في صحن الدار الترابية وبين مشفى باردٍ في دمشق، مرورا بمشافٍ وعيادات في ديريك وقامشلي، ومحطاتٍ أخرى لم يسنح له الموت الثقيل أن يلقي عليها نظرة وداع.
باهوز طفلٌ كان في حالة موت سريري، ولأن الأهل لا يريدون أن يتركوا ابنهم تحت رحمة الانتظار الممض فقد جاؤوا به إلى دمشق، (في دمشق عناية طبية اكبر وأجهزة احدث، هذا ما يقوله الكثيرون) وداروا بين المشافي الحكومية، فكانت كل غرف العناية مشغولة أو هكذا قيل لهم، بعد يومين من رقاده في مشفى خاص تهيأ لهم من يؤمن للطفل سريرا في مشفى ابن النفيس . . .
لكن الأقدار قالت كلمتها بعد أيام معدودة وبدأت إجراءات استلام جثة الفتى الفقيد . . . .
هنا بدأت مصيبة أخرى تطرق باب الأهل والأقارب الذين تجمعوا ليواسوا العائلة بفقد ابنها والسفر معهم إلى ديريك كما هي عادات الأكراد في تقاسم الوجع . . . .
باهوز هو ابن واحد ممن قررت الشوفينية العربية ان تجعلهم بين «أجانب الحسكة»، أي من لا يحملون الجنسية «العربية السورية»، لكن لديهم إخراج قيد خاص بأجانب محافظة الحسكة ذو اللون الأحمر وعليه في الزاوية العليا: (غير صالحة لوثائق السفر خارج القطر)، وكأنهم يخافون أن يهرب من هذا النعيم المقيم حيث لا يتمتع بأي حق من حقوق المواطنة!!أما أمه فهي ـ والحمد لله ـ تعيش في نعمة هذه الجنسية، إنها «عربية سورية» . . . . . ولأنها تجرأت وتزوجت من خارج الأمة ذات الرسالة الخالدة فقد حرمها سدنة الثورة العربية الكبرى من حق تسجيل الزواج، أي أن زواجها غير معترف به في سجلات الدولة، ثم تقاطر الأولاد كعادة الأكراد، لكنهم جاؤوا إلى عالم لا يعترف بالعائلة من أساسها . . . .إلى عالم بني من حقد أعمى لا يفرق بين مأساة طفل وصراعات سياسية وقومية وإثنية . . . . .
جاء الطبيب الشرعي والقاضي معه وكشفا على الجثة وعندما طلبا أوراقاً ثبوتية للمتوفي أجبناهم انه «مكتوم» . . .
وبين بعض استغرابهم وانشغالهم بدا أنهم يعرفون بالمعضلة الوطنية العصية على الحل، فمرّ عليهم الموضوع عاديا وقرروا (تسليم الجثة لذويها)، لكن المشكلة كانت مع الشرطي الذي سيختم إجراءات الإفراج عن باهوز ميتا . . .
طلب أوراقاً ثبوتية للطفل وذويه . . . ولأنه شرطي صغير فهو سينفذ حرفيا توجيهات القاضي . . .أين ذويه؟! تساءل الشرطي، وكيف سأعرف أن هذه المرأة أمه وهذا الرجل عمه وأنت خاله؟!
لا تستطيع أن تلوم الرجل الصغير طالما أن «الرجال الكبار» الذين يستطيعون رد الحقوق إلى أصحابها لا يحركون ساكنا وتبقى المأساة مستمرة؟!!
وبدأت «معركتنا» مع الشرطي الصغير، بعد حوار طويل واخذ ورد مع السيد الشرطي توصلنا إلى حل (سلمناه هويات من يملك الجنسية من الحاضرين ووقعنا له وبصمنا وحلفنا له بكل النواميس انه هو الطفل الذي سنخرجه الآن ميتا من مشفاهم إلى أرضنا) لنستطيع استلام الجثة وأخذها إلى «زغات» ليعود إليها باهوز كما ولدته بلا هوية بلا اعتراف بلا سجلات تثبت انه جاء إلى هذه البلاد وغادرها.
فقط الأرض، أرض «زغات» التي عرفته صغيرا يركض في براريها عرفت أديم رجليه جيدا، فقط الأشجار التي تعمشق عليها باهوز عرفته من رائحة يديه وأنفاسه التي كانت تقترب منها كلما تجاوز غصنا ليتمسك بالذي يليه.
الصغار أيضا، الصغار الذين كانوا بالأمس يلعبون معه «بوكا ميرا»* كانوا يجولون صامتين أمام منزل الفقيد. . .كان صمتهم الذي يخبىء براكين من الجنون والركض في حقول الغبار هو هوية باهوز وهوية البلاد كلها.


* زغات: من قرى منطقة ديريك قرب دجلة
* بوكا ميرا: لعبة قريبة من لعبة «الغميضة» عند إخوتنا العرب.



#حسين_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشرون عاماً على اغتيال ناجي العلي. . . وعلى كتفي نعشي
- فلسطين. . . . السلطة تغرق في خيارها التدميري
- 35عاما على استشهاده. . . . غسان كنفاني الذي دق جدران الخزان
- أول الغيث من شرم الشيخ. . .. مشروع توسيع الحرب الاهلية في فل ...
- نازك الملائكة . . . .الرائدة المنسية حتى الموت
- باعة الوهم. . . اقتصاد العولمة الذي يغدق فقراً
- «شهداء» السوبر ستار والشهيد الحي
- «المعلم الأول» لجنكيز إيتماتوف. . . . . حكاية عاشقة وشجرتي ح ...
- في عيد العمال العالمي عمالنا في لبنان. . . . . أنا سوري آه ي ...
- عن بيلوسي الحقيقية والدلع العربي
- مختارات من حملة مرشح سوري. . . .انتخبوني مالكون غيري
- الفيل يا ملك الزمان . .. . . . المذمة يا ملك الزمان
- المنطقة على شفا حرب امبريالية جديدة . . . . .أمريكا الامبريا ...
- أخبار و . . . أخ . . بار
- «شمس» وبوش و . . . . مثقفو الزمن البائس
- الجديد فلسطينيا في جولة رايس العربية . . . . دولة مؤقتة و. . ...
- العوجة . . . من قرية لقادة الدم الى مقبرة لهم . . . . أين خر ...
- ممدوح عدوان في «حيونة الانسان» . .. سيرة الوجع الانساني
- الشعب المرن
- اقتصاد الجوع الاجتماعي


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين خليفة - حيث لم يبق مكان للخجل. . . . باهوز مبتدأ الفضيحة ومنتهاها