اقتصاد الجوع الاجتماعي

حسين خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 1740 - 2006 / 11 / 20 - 09:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ابتدع السوقيون «عشاق اقتصاد السوق» مصطلح اقتصاد السوق الاجتماعي أو استوردوه ـ لا فرق ـ ليسوقوا خطتهم في الإجهاز على ما تحقق في سورية خلال عقود مضت من مكاسب للفقراء الذين بقوا فقراء، بل زاد فقرهم وعددهم، لكن بقيت أمامهم فسحات للتنفس عبر التعليم المجاني والطبابة المجانية، وعبر فرصة العمل في قطاع عام تحول الآن إلى هيكل عظمي بفضل عمليات الجرم (فصل اللحم عن العظم) التي أجراها شركاء النهب من خارج القطاع (الطفيلي) ومن داخله (البيروقراطي)، وبفضل الفساد العظيم المغطى جيدا بقانون الطوارىء الخالد . .
ابتدعوه فدفشوا الفقراء بلبطة واحدة إلى ما تحت خط الفقر أي إلى الجوع . . .فصار يستحق عن جدارة اسم اقتصاد الجوع . . . .الاجتماعي!!
احد السوقيين الكبار ذكر منذ أيام إن ما نراه الآن ليس هو اقتصاد السوق الاجتماعي بل إننا في مرحلة الأعراض الأولية له . . . أي أنه أول الغيث . . .
لا بد من شكر المسؤول الاقتصادي على صراحته . . . . فإذا كانت هذه إرهاصات اقتصاد السوق فكيف سيكون هو؟!
ما ظهر حتى الآن منه، وبدون تنظيرات اقتصادية لا اعرفها، هو أنّ الـ 5000 ليرة التي أقبضها شهريا كانت تشتري قبل اقتصاد الجوع 70 صحن بيض أو 15 كغ لحمة أو 500 كغ (أي نصف طن) بطاطا . . . أما الآن فهي تشتري 30 صحن بيض أو 9 كغ لحمة أو 165 كغ بطاطا فقط في عز موسمها ؟؟!!!! طبعا نستطيع أن نسحب هذا المقياس على البصل والبندورة والخيار والسكر والرز والفروج و . . . . . .
حتى المواد التي كانت مدعومة لم تنج من هجوم السوقيين، فارتفعت أسعار السكر والرز المدعومين (البونات) بأكثر من 500% خلال السنوات الأخيرة، وهو مقدمة لإلغاء الدعم كليا تحت ستار منحه لمستحقيه، وهذه الأخيرة حجة استعملها غيرهم من الدول التي سبقتنا في تجربة الخصخصة بعد المصمصة (وهي تعني بيع القطاع العام والشعب أيضا بعد امتصاص ما أمكن من خيره) وصارت مكشوفة، ويبدو أنهم لا يعرفون أن يلعبوا غيرها فهم متعودون على الوصفات الجاهزة!!
في «بخلاء» الجاحظ انه كان عندهم رجل مقل وكان له أخ مكثر مفرط البخل، فقال له يوما أخوه: أنا فقير معيل، وأنت غني خفيف الظهر، لا تعينني على الزمان، ولا تواسيني ببعض مالك، والله ما رأيت قط ولا سمعت أبخل منك! قال: ويحك! ليس الأمر كما تظن، ولا المال كما تحسب، ولا أنا كما تقول في البخل ولا في اليسر، والله لو ملكت ألف ألف درهم لوهبت لك خمسمائة ألف درهم.
يا هؤلاء، فرجل يهب في ضربة واحدة خمسمائة ألف درهم يقال له بخيل؟!
وهكذا هم أساطين اقتصاد الجوع عندنا، يبيعوننا رفاهية وبحبوحة ونموا اقتصاديا وفرص عمل ومشاريع إسكان جديدة، ويقولون إنهم سيقبرون الفقر في سورية.
لكن نتيجتهم واضحة . . . .إنهم سيقبرون الفقراء إذا تركوا في مشاريعهم يعمهون.

#حسين_خليفة (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل