أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين خليفة - يوسا في دمشق:أليست الرواية فعلا سياسيا بامتياز؟















المزيد.....

يوسا في دمشق:أليست الرواية فعلا سياسيا بامتياز؟


حسين خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 1647 - 2006 / 8 / 19 - 12:10
المحور: الادب والفن
    


لا تزال أمريكا اللاتينية تعطينا روائيين كبار حتى يكاد الواحد يظن أن لا عمل لهذا الخليط من الهنود الحمر والبيض والزنوج سوى كتابة الروايات، وطالما تساءلت عن السر في بروز اسم محدد عالميا أكثر من غيره في هذا الأديم الواسع من الحكايات السحرية.
وكما في كل مجال يسيطر الانبهار بما ينتجه الآخر (لا يهم أي آخر) على نظرة الأوساط الثقافية في العالم العربي إلى الأدب القادم من وراء البحار، خاصة إذا رافق هذا الآخر ضجيج إعلامي (وربما إعلاني) يصم الآذان، ولا نقصد هنا التقليل من أهمية وضرورة الترجمة من والى اللغات الحية كنافذة يتم عبرها تفاعل حضاري بين الأمم، فقد عرفنا بفضل حركة الترجمة النشطة من الإسبانية والبرتغالية أسماء مثل غابرييل غارسيا ماركيز وباولو كويلو وجورج أمادو وإيزابيل الليندي . . . . .
لكن ضمن هذا «الانفجار الروائي» تُهرّب أسماء يتم تسويقها إعلاميا (عالميا) عبر شبكات الإعلام الأخطبوطية، وهؤلاء ليسوا طبعا من عديمي الموهبة، بل هم من المتميزين في حقل الكتابة الروائية، لكن الفرق بينهم وبين الأدباء (الأمرولاتينيين) الوطنيين أن الكاتب الحر ينحاز في رواياته إلى الأكثرية المسحوقة من الناس الذين تطحنهم رحى الاستغلال الرأسمالي وتبعية الأنظمة العميلة التي نصبتها الولايات المتحدة والغرب على بلدانهم، فتتحول الرواية لديه إلى وسيلة أخرى لمقاومة الظلم والدكتاتوريات التابعة، فيما يتحول (الكاتب المسبق الصنع) إلى بوق للدعاية الأمريكية لا يرى دكتاتورية سوى في كوبا، يؤيد الحروب العدوانية التي تشنها الإمبريالية من اجل تحقيق مصالحها، يستهجن ما يقوم به الفلسطينيون من (عمليات انتحارية يموت فيها اليهود الأبرياء والمسالمون) . . . .
مناسبة الحديث هي الزيارة التي قام بها الروائي البيروي المعروف ماريو بارغاس يوسا إلى دمشق منذ فترة، وحظيت باحتفاء مبالغ به من بعض الأوساط الإعلامية الثقافية وبعض الأقلام الروائية الجديدة التي ترى في يوسا أبا روحيا لـ«روايتهم الجديدة».
تفاصيل . . . نافلة
هل يسمح لنا هؤلاء المثقفين والمبدعين الذين تصدروا طقوس الاحتفال بهذا الروائي السياسي ببعض التفاصيل عنه.
هو من مواليد البيرو 28 آذار 1936، عمل في الترجمة والصحافة والتدريس، روايته الأولى «المدينة والكلاب» 1963 ترجمت إلى أكثر من عشرين لغة، ثم تتالت أعماله الأدبية فكتب «وقت البطل» عن الانقلابات العسكرية في دول أمريكا اللاتينية وارتباطاتها المشبوهة عام 1967، و«حديث في الكاتدرائية» 1975، وفيها انتقاد لاذع لبعض نماذج رجال الدين الانتهازيين.
منح جائزة سرفانتس للآداب والجنسية الإسبانية 1994، من رواياته الأخيرة التي ترجمت الى العربية: «البيت الأخضر 1965 ـ ترجمة وزارة الثقافة 1991»، «قصة مايتا 1984ـ ترجمة وزارة الثقافة 1999»، «امتداح الخالة ـ ترجمة دار المدى 1999»، «من قتل بالومينو موليرو ترجمة دار المدى 2001»، « حفلة التيس ـ ترجمة دار المدى 2003» إضافة إلى العديد من الأبحاث والمسرحيات، حيث نشر له مؤخرا «رسائل إلى روائي شاب» وهو عمل نقدي مصاغ بأسلوب سهل وجميل يخوض فيها الكاتب حوارا افتراضيا مع روائي شاب.
بدأ ماريو حياته شابا متحمسا للأفكار اليسارية ومؤيدا للثورة الكوبية، لكنه ما لبث أن ارتد على عقبيه وأصبح من أشد المناوئين لها ولأفكاره اليسارية السابقة سواء في رواياته أو في كتابته الصحفية، ففي روايته «قصة مايتا» يكون البطل «مايتا» شابا متعاطفا مع الفقراء رومانسيا حتى انه كان يصوم لأن هناك فقراء في بلده؟! ثم يتعرف إلى أفكار اليسار وينضم إلى الحركة اليسارية، ويقوم مع رفاق في الحزب بمحاولة تنظيم تمرد مسلح على الطريقة الغيفارية، فيهاجمون أحد سجون النظام الدكتاتوري لكن الهجوم يفشل ويزج من تبقى من أعضاء المجموعة في السجن.
أما رواية «حفلة التيس» فتعتبر من أروع ما كتب هذا المبدع البيروفي ، ترسم الرواية صورة الديكتاتورية في أمريكا اللاتينية، من خلال التركيز على حكم «رافائيل لونيداس تريخيلو» الذي حكم جمهورية الدومينكان ثلاثين عاما (من 1930 إلى 1960). وأغلب شخصيات و أجواء الرواية مستوحاة من الواقع.
شغيل سياسة
لكن دوره تعدى الأدب إلى السياسة كممارسة مباشرة ـ لأن الأدب لا ينفصل عن السياسة في النهاية ـ فحين قامت السلطة الحاكمة في البيرو بقتل ثمانية صحفيين عام 1986، واتهمت ثوار منظمة الدرب المضيء بذلك، قام يوسا بدور تحيط به الشكوك حين ترأس لجنة التحقيق التي شكلها صديقه الرئيس بيلاونده، وتوصل إلى النتيجة التي يرغبها الرئيس وهي براءة الحكومة من مقتل الصحفيين وتحميل المسؤولية للثوار.
وقد فضحه أحد القضاة حين كشف عدم نزاهة اللجنة ورئيسها الذي قبض 50ألف دولار ثمنا لمقال كتبه في النيويورك تايمز، وواضح أن المبلغ المقبوض هو ثمن لأشياء أخرى، خاصة أن الموضوع تزامن مع عمله في لجنة التحقيق المذكورة؟؟
كذلك شارك يوسا عام 1988 في تأسيس حركة الحريات المكونة من تحالف عدد من الأحزاب اليمينية، وخاض الانتخابات الرئاسية في البيرو مرشحا عن هذه الحركة عام 1990 ضد مرشح «اليسار» ألبرتو فوجيموري، ولحسن الحظ . . . . فشل في الانتخابات وقد كتب مريدوه عندنا في الصفحات الثقافية عن حلمه الرئاسي برومانسية لا يحسدون عليها، لكنهم لم يشيروا الى موقعه في الحملة الانتخابية ولا الى توجهاته السياسية!!
طبعا هو مرشح دائم لـ. . . . .نوبل، وانتبهوا فربما لن يجد هذا المقال طريقه إلى القراء حتى يكون يوسا قد فعلها ونال نوبل عن جدارة؟؟ كيف لا وهو رئيس جمعية الصداقة البيروفية الإسرائيلية؟؟
كان من أعز أصدقائه الروائي الكولومبي ماركيز، لكنه خسر صداقته عندما وصفه بـ«ممالق كوبا» ملمحا إلى العلاقة المتينة التي تربط ماركيز بفيديل كاسترو قائد الثورة الكوبية الذي حطم ولا يزال عنجهية اليانكي الأمريكي، وتحمل مع شعبه ضغوط أمريكا وحصارها و. . . . خيانة الأصدقاء. . . .
خلال الغزو الأمريكي للعراق دأب يوسا على نشر مقالات في صحيفة «البايبس» الإسبانية يناصر فيها أمريكا ويدافع عن مواقفها وحربها على العراق وأفغانستان، بل انه سافر (مع القوات الأمريكية طبعا) الى مسرح الحرب برفقة ابنته المصورة الصحفية مورغانا، وكتب تفاصيل رحلته التي استغرقت اثني عشر يوما ( 25 حزيران ـ 6 تموز 2003) في كتاب بعنوان «يوميات من العراق». وعندما قررت إسبانيا سحب قواتها من العراق نتيجة الضغط الشعبي بعد فوز الاشتراكيين الذين وعدوا الناخب الإسباني بذلك (وكان من أهم أسباب فوزهم)، هاجم يوسا القرار الإسباني واصفا إياه بأنه انتصار للإرهابيين!!
هذه عينة من إحدى اللقاءات الصحفية لماريو أجرته الشاعرة جمانة حداد في ملحق صحيفة «النهار» : (سأظل أدافع عن فكرة المثقف الملتزم، المسؤول أخلاقيا. ومن الضروري إيجاد منبر في سبيل الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان التي لم تزل تعاني نواقص كثيرة فيها بلدان العالم الثالث. أميركا اللاتينية مثلا تعيش حتى اليوم وضعا في غاية الصعوبة، وهي تحوي أطول ديكتاتورية في التاريخ: 46 عاما للديكتاتور الكوبي كاسترو)
إذا المشكلة الوحيدة التي تعاني منها شعوب أمريكا اللاتينية هي وجود «الدكتاتور كاسترو»، أما التدخل الأمريكي في شؤون دولها واحتلال أكثر من بلد ونهب ثرواتها ومحاولات قلب أنظمة الحكم فيها فهي «no problem» على رأي كاتبنا المحبوب!!
وفي حوار أجرته معه المجلة الأدبية الفرنسية «ماغازين ليترتر» magazine littéraire عدد 410 حزيران 2002، ونشره موقع إيلاف الالكتروني 15/9/2004 يقول:
(خذ مثلا: أمريكا اللاتينية، ففيديل كاسترو في السلطة منذ 43 سنة ! أكثر من تريخيلو «الدكتاتور في رواية حفلة التيس» باثني عشرة سنة ! وفي فنزويلا، هوغو تشافيز يحب كثيرا أن تكون له السلطة المطلقة لفيديل...وفي إفريقيا، انظر إلى زيمبابوي و موغابي !...اليوم، في العالم، لديمقراطية واحدة هناك خمس ديكتاتوريات.مع نتائجها الملموسة: استعمال القوة، التلاعب بالرأي العام، احتقار حقوق الإنسان).
لاحظوا النماذج «الدكتاتورية» التي يهاجمها يوسا، فيما يصيبه العمى عن دكتاتوريات أفظع لمحبيه في البيت الأبيض وعن غوانتامو التي لا تبتعد كثيرا عن كوبا المكروهة من يوسا؟؟!!
في حديث خاص مع احد المثقفين الشباب المعجبين بماريو قبيل «الزيارة التاريخية» قال إن آراءه ومواقفه السابقة كانت بسبب تأثره باللوبيات الصهيونية في البلاد الأمريكية، وان له مواقف جديدة حول القضية الفلسطينية والعراقية وحول ماما أمريكا أيضا، فقلنا : لنر.
لكن ماذا قال ماريو في مؤتمره الصحفي في قاعة رضا سعيد للمؤتمرات في جامعة دمشق، وحضره جمهور قليل أو لم يكن بأفضل الأحوال غفيرا كما ذكرت إحدى المعجبات بالضيف؟
حاول الهروب بأكثر من طريقة من الحديث عن أمريكا كما ـ للأسف ـ لم يتوجه إليه بالسؤال الأهم عن يوسا الآخر، لكن رغم قلة الأسئلة عن هذا الحانب منه فقد أباح يوسا بحبه الشديد لماما أمريكا، وبدأ إجابته بمقدمة عن دور الولايات المتحدة في دعم دكتاتوريات أمريكا اللاتينية سابقا، مؤكدا أن إحساسها ـ أمريكا ـ بان شعوب القارة صارت تكرهها لهذا السبب جعلها تدعم التحولات الديمقراطية في دول القارة، وتغير سياستها تجاه الدول التي تدور في فلكها، ـ لاحظوا هذا التحليل العميق؟؟؟؟ ـ وكاتب هذه السطور كان في الندوة وطلب الكلام مع العديدين لكن على طريقة الديمقراطية المخملية لم يعطوا حق الكلام، كل من تكلم كان من المبهورين بالضيف، وخاصة عجائز أردن استعادة بعض ألق الشباب في مغازلة الروائي الوسيم وأعماله، انقضت حفلة المدح بمداخلة للكاتب والناقد عبد الرحمن الحلبي توقعنا أن تكون إضاءة على يوسا الآخر، البوق للسياسة الأمريكية، لكن أستاذنا بحث في رواية «الفردوس على الناصية الأخرى» عن «بطلة عربية» فوجد ضالته في فتاة كانوا ينادونها ـ في الرواية طبعا ـ بـ«الأندلسية» واسمها فلورا، وهي ابنة غير شرعية تتزوج زواجا غير متكافىء، وفي شخصية أخرى هي «اسماعيليو» الذي بكى وحده لحظة وفاة فلورا متسائلا: هل لأنه أندلسي آخر؟؟
لكن ماريو خيب ظنه وأكد أن لا علاقة لهاتين الشخصيتين بأي جذر عربي أو أندلسي، ولقب الفتاة جاء من كونها سمراء!!
وجود ماريو في دمشق كان مناسبة لحوار معه عن سبب تبنيه لسياسة إمبراطورية الشر، لكن كل من حاوره والتقاه وكتب عنه مارس المديح والغزل والإطراء، وهو كروائي كبير ويستحق بعض ما قيل، لكنه سياسي أيضا ولديه مواقف مخزية أوردنا بعضها، فأين يسبح مثقفونا ونقادنا و . . . .سياسيونا أيضا؟؟!!.



#حسين_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مسرح العبث تخفيضات خليوية
- شاكيرا والملك والبابا


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين خليفة - يوسا في دمشق:أليست الرواية فعلا سياسيا بامتياز؟