أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين خليفة - الشعب المرن














المزيد.....

الشعب المرن


حسين خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 1754 - 2006 / 12 / 4 - 10:47
المحور: الادب والفن
    


انه حقاً شعب مرن استطاع أن يتأقلم مع باصات النقل الداخلي أكثر من عشرين عاما، وجرَّبَ الجلوس والوقوف على رجلين والوقوف على رجل واحدة والتعمشق على أبواب الباصات التي مضت مسرعة إلى حتفها . . . .ثم جرب الجرادين البيضاء جالسا ووجهه إلى الأمام أو إلى الخلف، ومقرفصا في الممر الضيق بين الكراسي، كان يمضي ساعاته وهو ينتظر قدوم الباص العجوز ثم وهو يمتطيه فصار يمضي ساعاته نفسها في السرفيس الذي زاد ازدحام المدن . . . .ثم عاد مرة أخرى إلى الباصات التي عادت حية من رميمها رغم وعود المسؤول ،الذي لم يركب في حياته باصا أو سرفيسا هو وأفراد عائلته وأقرباؤه، بتأمين باصات جديدة منذ أكثر من ست سنوات ومضى الوزير ولم تأت الباصات، ولا زال الوعد قائما على لسان مسؤولين آخرين مثل الوزير الراحل فرد شكل. . . . . مواطن يمضى نصف ساعات عمره في المواصلات بذل مؤبد لكنه لم يشتك سوى لله وزوجته أحيانا حين يتأكد من أن الجدران سدت آذانها في وقت قيلولة.
جرَّبَ الحبس في وظيفة حكومية حامدا شاكرا بلا عمل وبراتب بطالة كان يجب ان يتلقاه وهو في البيت، بل إنه كان يداوم حتى أيام العمل «الطوعية»، ويخرج في المسيرات «العفوية»، ويشارك في جميع الانتخابات بإيجابية مطلقة (أي انتخاب القوائم التي تعرفونها) وبرضا ما بعده رضا، ثم استمر في الشكر والحمد عندما تحولت حتى هذه الوظيفة إلى حلم بعيد المنال، وصار ينتظر المسابقات ورحمة مكتب الدور، ويدفع عشرات الألوف من اجل راتب شهري لا يتعدى الخمسة آلاف ليرة!!
جرّبَ التعليم الحكومي المجاني وشاهد بأم عينه أولاد السادة يتلقون تعليمهم في أرقى المدارس الخاصة إضافة إلى دروسهم الخصوصية، لكنه اقتنع بقسمته، فلديه فرصة في التعليم الجامعي وفي السكن الجامعي، ثم بقي في كامل الرضا والسكوت عندما حولوا التعليم إلى دكان للتجارة والإثراء، وفقد فرصته في متابعة التعليم لأن الجامعات الخاصة هلت على البلد، ومعدلات القبول في الجامعات الحكومية طارت وما حطت وليست كالفيل الذي (يطير لكنو ما بيعلي كتير) كما اعترف معلم الصف لابن أبو فلان الذي ذكر الفيل حين طلب منه اسم طير من الطيور!!
شعب مرن عاش في حب ووئام في بيته الذي بناه في يوم عطلة لا ليستغفل البلدية بل بتوجيه ممن قبض منه المعلوم ليرفع المسؤولية عن نفسه، فصار عنده بيت يؤويه رغم انه في شارع بلا أرصفة وحي بلا حدائق أو مدارس أو مستوصفات لكنه . . . . سترة!! والآن عندما تأتي مشاريع الزمن العقاري لتجهز على عشه الصغير وتبني أبراجا وفنادق ومنتجعات ليست له حتما فانه ينتظر راضيا مرضيا أن يعوضوه بقروش قليلة وإذا أخرجوه من بيته بلا تعويض ولا من يحزنون فانه يبقى يقبل اليد التي يدعو عليها دائما بالكسر! . .
الشعب السوري شعب مرن هو اكتشاف لأحد فطاحل اقتصاد السوق، المستشار الوسيم كما يسميه البعض . . . قاله للصحفيين عندما سألوه عن رد الفعل الشعبي المحتمل في حال رفعت الحكومة الدعم عن المحروقات مثلا . . ..
نسي المستشار انه حتى الشعب المرن سيرتفع ضغطه عندما لا يجد ما يطعم أولاده، والضغط ، كما قد لا يعلم المستشار، يرتفع بتدرج( أي درجة درجة) لكن ما يلحق الضغط (أي ما يليه) يأتي دفعة واحدة، إنه قفزة كما يقال في علم الفيزياء الذي ربما لم يدرسه المستشار ومن يستشيره !!! وفهمـ . . . .هم كفاية



#حسين_خليفة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقتصاد الجوع الاجتماعي
- أربعة وأربعون عاماً على مأساة أجانب الجزيرة
- أبتمرقوش
- الرئيس الزاهد
- كارل ماركس وابن لادن ونظرية المؤامرة
- المفاضلة العامة للجامعات السورية . . . . التكرار الذي يعلم ا ...
- السنيورة يبكي . . . . أي دمعة حزن؟!!
- يوسا في دمشق:أليست الرواية فعلا سياسيا بامتياز؟
- من مسرح العبث تخفيضات خليوية
- شاكيرا والملك والبابا


المزيد.....




- عودة هيفاء وهبي للغناء في مصر بحكم قضائي.. والفنانة اللبناني ...
- الأمثال الشعبية بميزان العصر: لماذا تَخلُد -حكمة الأجداد- وت ...
- بريجيت باردو .. فرنسا تفقد أيقونة سينمائية متفردة رغم الجدل ...
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو، فماذا نعرف عنها؟ ...
- الجزيرة 360 تفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير بمهرجان في الس ...
- التعليم فوق الجميع.. خط الدفاع في مواجهة النزاعات وأزمة التم ...
- -ناشئة الشوق- للشاعر فتح الله.. كلاسيكية الإيقاع وحداثة التع ...
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاما
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية.. بريجيت باردو
- من جنيف إلى الرياض: السعودية ومؤسسة سيغ تطلقان مشروعًا فنيًا ...


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين خليفة - الشعب المرن