أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين خليفة - 35عاما على استشهاده. . . . غسان كنفاني الذي دق جدران الخزان















المزيد.....

35عاما على استشهاده. . . . غسان كنفاني الذي دق جدران الخزان


حسين خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 1985 - 2007 / 7 / 23 - 10:28
المحور: الادب والفن
    


عند اغتياله 8/7/1972كان يعمل على ثلاث روايات صدرت بعد استشهاده مجزوءة (العاشق، برقوق نيسان، من قتل ليلى الحايك)، كان في السادسة والثلاثين من عمره وعنده رصيد إبداعي يغطي مائة عام (خمس مجموعات قصصية وسبع روايات وأربع دراسات نقدية وثلاث مسرحيات وعشرات البوسترات التي صممها عن المقاومة)، هذا الرجل المتعدد المواهب قالت عنه القاتلة، رئيسة وزراء إسرائيل غولدا مائير عندما سئلت عن اغتياله: لم يكن فدائيا، كان كتيبة من الفدائيين.
هو لم يكن أديباً أيضا، كان كتيبة من الأدباء، تغلب على أمراض الجسد المتعددة فكان كاتبا ومناضلا وعاشقا . . . . .
ذاكرته التي اختزنت حيفا من الولادة 1936(في عكا) إلى رحلة النزوح المتعبة 1947 توقدت في مسارها الإبداعي وأنجزت تاريخا آخر للتراجيديا الفلسطينية.
في النزوح الكبير كان عمر الفتى غسان 12 عاما، وصلوا أولاً إلى صيدا استأجروا بيتاً قديما في بلدة الغازية قرب صيدا، ثم اضطروا للرحيل إلى دمشق.
في بداية مشواره الدمشقي عمل في كتابة الاستدعاء أمام أبواب المحاكم، ثم في تصحيح البروفات في بعض الصحف وأحياناً التحرير، وأشترك في برنامج فلسطين في الإذاعة السورية وبرنامج الطلبة.
بعد نيل البكالوريا عام 1952 سجل في كلية الآداب ـ قسم اللغة العربية بجامعة دمشق وعمل في التدريس بمدارس اللاجئين وانخرط في حركة القوميين العرب.
سافر إلى الكويت العام 1955 وهناك عمل في صحف كويتية وكان يوقع مقالاته باسم أبو العز ونشر أولى قصصه «القميص المسروق».
شكلت عودته إلى بيروت 1960 بداية انهماكه في العمل السياسي والإنتاج الأدبي، فعمل في مجلة «الحرية» ثم رئيسا لتحرير «المحرر» ثم أسس مجلة «الهدف» الناطقة باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وبقي رئيسا لتحريرها حتى استشهاده.
ترجمت اعماله الى 16 لغة وطبعت في اكثر من عشرين بلداً.
رجال في الشمس . . . .ولا يزالون
روايته «رجال في الشمس» 1963، التي تحولت إلى فيلم سينمائي بعنوان «المخدوعون» من إخراج توفيق صالح وإنتاج المؤسسة العامة للسينما 1971، لم تكن عملا عاديا في مضمونها وفي تقنياتها الروائية ولغتها السهلة الممتنعة، لم يلحق غسان تيار التغريب الذي كان يرى في الغموض والإبهام صدمة للقارئ تجعله شريكا للكاتب في تفكيك النص، بل كانت لغته من النوع الانسيابي، لغة تميزت بـ«التدرج في العمق»، تأخذك بسهولتها ووضوحها ثم تلقي بك شيئا فشيئا في مجاهل الرمز وورشات العمل الفكري بعيدا عن القراءة البليدة والكسل المعرفي.
كثفت «رجال في الشمس» تاريخ سقوط القيادات العربية وعقمها وخيانتها، هذا التاريخ الذي ما زال مستمرا على مستويات مختلفة، الشخصية المحورية في الرواية أبو الخيزران، هو نسل انتهازي بامتياز، تعرض للخصي على يد جلادين لأنه شارك في مظاهرة لا بدافع وطني بل لأن عمه وعده بخمسين دينارا
«ساقاه معلقتان إلى فوق، وكتفاه ما زالتا فوق السرير الأبيض المريح والألم الرهيب يتلولب بين فخديه.. كانت، ثمة، امرأة تساعد الأطباء. كلما يتذكر ذلك يعبق وجهه بالخجل.. ثم ماذا نفعتك الوطنية ؟ لقد صرفت حياتك مغامراً ، وها أنت ذا أعجز من أن تنام إلى جانب امرأة ! وما الذي أفدته ؟ ليكسر الفخار بعضه. أنا لست أريد الآن إلا مزيداً من النقود.. مزيداً من النقود. السيارة تمضي فوق الأرض الملتهبة.. ويدوي محركها بالهدير.
دفعه الشرطي أمام الضابط فقال له: تحسب نفسك بطلا وأنت على أكتاف البغال تتظاهرون في الطريق ! بصق على وجهه ولكنه لم يتحرك فيما أخذت البصقة تسيل ببطء نازلة من جبينه، لزجة كريهة تتكوم على قمة أنفه.. أخرجوه، وحينما كان في الممر سمع الشرطي القابض على ذراعه بعنف يقول بصوت خفيض: ( يلعن أبو هالبدلة ).. ثم أطلقه فمضى يركض. عمه يريد أن يزوجه ابنته ولذلك يريده أن يبدأ.. لولا ذلك لما حصل الخمسين ديناراً كل حياته.»
في هذا النص المتعدد الأزمنة يدور حوار داخلي «مونولوج» عند أبي الخيزران الذي يسوق صهريجه على رمال الصحراء الملتهبة، وفيه ثلاثة فلسطينيين هم ثلاثة أجيال، عجوز وشاب وكهل، يريدون الوصول تهريبا الى الكويت للعمل، ولم يجدوا سوى صهريج ابو الخيزران العنين الذي يعوض عنته بالحديث عن غزواته الجنسية وفحولته الكاذبة، يقف الصهريج على الحدود ويبدأ حرس الحدود يتسلون بأحاديث ابي الخيزران عن الراقصة كوكب التي يدعي انه عاشرها في البصرة وكانت سبب تاخيره بينما الرجال الثلاثة يحترقون ببطء في صهريج معدني تحت شمس الصحراء الحارقة، يحاول الرجل المخصي الافلات من الحاح الحرس ليلحق بهم سريعا لكن هيهات، يعود اليهم بعد ان يكون الخزان الملتهب قد احالهم الى ثلاث جثث لاناس كانوا يحلمون منذ قليل بتجاوز الحدود ليبدؤوا حياة جديدة، يلقي بالجثث الثلاث الى جانب الطريق ولا يعيش لحظة حساب عابرة مع الذات بل يحملهم المسؤولية، لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟ هذا السؤال سيصبح عنوانا لكثير من الحبر الذي سيكتب بعد صدور هذه الرواية المهمة.
ابو الخيزران هو الحاكم العربي، زعيم الحزب أو الحركة . . . . .الذي تضع فيه الناس ثقتها لكنه مشدود الى مكان آخر، الى مصالحه ومصالح اسياده الذين لم يكتفوا بخصيه واهانته بل ربطوه اليهم بحبل من مسد هو حبله السري، والطريق الى الخلاص يمر عبر قطع هذا الحبل وانهاء هذا الكائن المشوه.
اما «سكان الصهريج» فلا بد ان يدقوا جدرانه يوما ويكسروا حاجز الخوف وحينها سيحترق ابو خيزران والحدود وسادة الزمن النفطي.
ابو الخيزران لا زال بيننا، يتناسل ويصعد السلالم والمنابر والأرواح. . . .ويصرخ بعد كل هزيمة: لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟!
هذه الوقفة مع «رجال في الشمس» لا تلغي اهمية المنجز الروائي والقصصي التالي لغسان، «ما تبقى لكم» ،الرواية الحافلة بالدلالات عن الطريق الوحيد المتبقي امام الفلسطيني بعد كل هذه الهزائم والانكسارات، المقاومة، «أم سعد» المراة التي تعد الخيام والفدائيين، «عالم ليس لنا»، «عائد إلى حيفا» سيرة التشرد والضياع واللقاء الاول في الادب الفلسطيني والعربي مع شخصية اسرائيلية من لحم ودم، الابن الذي نسيته العائلة في حيفا يكبر لدى العائلة اليهودية التي استوطنت المنزل ويصبح جنديا اسرائيلياً فيما بعد، «أرض البرتقال الحزين» ومسرحياته ودراساته النقدية، يكفي ان نعرف ان غسان هو اول من كرس تسمية ادب المقاومة قبل ان تغمره الشعارات وأدب المناسبات فكاد ان يتحول إلى كراج للعاجزين إبداعيا، وأول من عرّف الجمهور العربي بظاهرة شعراء المقاومة(محمود درويش، سميح القاسم، توفيق زياد، . . . . ) عبر الكتابة عنهم والتعريف بهم، ولا زال الشعار الذي وضعه الكاتب الشهيد للـ«الهدف» كل الحقيقة للجماهير، هذا الشعار الذي مارسه غسان كنفاني في ادبه وحياته القصيرة الحافلة.
غسان الانسان والعاشق
عام 1961 كان يعقد فى يوغسلافيا مؤتمر طلابى اشتركت فيه فلسطين و كذلك كان هناك وفد دانمركى. و كان بين أعضاء الوفد الدنمركى فتاة متخصصة فى تدريس الأطفال. قابلت هذه الفتاة الوفد الفلسطينى و لأول مرة سمعت عن القضية الفلسطينية.
و اهتمت الفتاة إثر ذلك بالقضية، و رغبت فى الاطلاع عن كثب على المشكلة، فزارت بيروت لهذا الغرض وساعدها غسان كنفاني على الاحاطة بجوانب القضية، بعد عشرة أيام كان غسان يطلب يدها للزواج و قام بتعريفها على عائلته كما قامت آنا بالكتابة إلى أهلها.
و قد تم زواجهما بتاريخ 19/10/1961 و رزقا بفايز وليلى.
اما قصة حبه الكبير فقد كشفت عنها الكاتبة غادة السمان عندما اصدرت عام 1992 رسائل غسان كنفاني الى غادة السمان، وظهر فيها هذا المبدع والمناضل عاشقا وشاعرا يبوح بصراحة مطلقة بمكنونات روحه الى غادة، وبغض النظر عن ردود الفعل المتفاوتة حول اصدار السمان لرسائل شخصية من غسان اليها، فان صورة الايقونة التي لم تفارق غسان كنفاني يجب أن لا تمحو صورة غسان الانسان الذي يتعب احيانا فيفيء الى واحات العشق عله يجد يدا حانية تخفف عنه بعض عناء الحياة، من احدى رسائله نقتطف هذه المقطوعة العذبة:
«ماذا اقول لك ؟ ان النسيان هو احسن دواء اخترعه البشر في رحلتهم المريرة ، ومع ذلك فأنا لن انساك . أنت تخفقين في رأسي مثل جناحي عصفور طليق ، امام بصري ينتثر ريش الطائر الذي حط وطار ، مثل لمح البصر
وها أنذا .. متروك هنا كشيء ، على رصيف انتظار طويل ، يخفق في بدني توق لاراك ، وندم لاني تركتك تذهبين ، اشرع كفي اللتين لم تعرفا منذ تركتك .. غير الظمأ
وأقول تعالي...»
بعد خمسة وثلاثين عاما على الرحيل المبكر لهذا القلم المبدع، الريشة الحرة، العقل الوقاد، لا يزال أدب غسان كنفاني يحتفظ بكل راهنيته وكأنه كتب منذ ساعات، لم يدخل بعد أي من شخصياته متحفها الادبي، لا يزالون يسيرون بيننا، نتلمسهم، تصطدم اكتافنا باكتافهم وربما في لحظة عابرة نكون هم او بعضا منهم، هي ميزة الادب العظيم، الاستمرار، وميزة الانسان العظيم، الخلود.



#حسين_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أول الغيث من شرم الشيخ. . .. مشروع توسيع الحرب الاهلية في فل ...
- نازك الملائكة . . . .الرائدة المنسية حتى الموت
- باعة الوهم. . . اقتصاد العولمة الذي يغدق فقراً
- «شهداء» السوبر ستار والشهيد الحي
- «المعلم الأول» لجنكيز إيتماتوف. . . . . حكاية عاشقة وشجرتي ح ...
- في عيد العمال العالمي عمالنا في لبنان. . . . . أنا سوري آه ي ...
- عن بيلوسي الحقيقية والدلع العربي
- مختارات من حملة مرشح سوري. . . .انتخبوني مالكون غيري
- الفيل يا ملك الزمان . .. . . . المذمة يا ملك الزمان
- المنطقة على شفا حرب امبريالية جديدة . . . . .أمريكا الامبريا ...
- أخبار و . . . أخ . . بار
- «شمس» وبوش و . . . . مثقفو الزمن البائس
- الجديد فلسطينيا في جولة رايس العربية . . . . دولة مؤقتة و. . ...
- العوجة . . . من قرية لقادة الدم الى مقبرة لهم . . . . أين خر ...
- ممدوح عدوان في «حيونة الانسان» . .. سيرة الوجع الانساني
- الشعب المرن
- اقتصاد الجوع الاجتماعي
- أربعة وأربعون عاماً على مأساة أجانب الجزيرة
- أبتمرقوش
- الرئيس الزاهد


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين خليفة - 35عاما على استشهاده. . . . غسان كنفاني الذي دق جدران الخزان