أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين خليفة - عشرون عاماً على اغتيال ناجي العلي. . . وعلى كتفي نعشي















المزيد.....

عشرون عاماً على اغتيال ناجي العلي. . . وعلى كتفي نعشي


حسين خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 2024 - 2007 / 8 / 31 - 07:26
المحور: الادب والفن
    


هل كان صدفة أن يكتشفه غسان كنفاني الذي استهدفه الصهاينة في تموز 1972، فيما هو انتظر حتى تموز 1987 ليرسم لوحته الأخيرة بدمه هذه المرة، الدم الذي لم يعرف نسغاً يسري فيه غير حب فلسطين والفقراء و«الناس اللي تحت» كما كان يقول.
في 22تموز 1987 اختارت طلقات الغدر ناجي العلي لتقتل وطناً في رجل، ولم تستسلم روحه العنيدة للموت إلا في 29 آب من نفس العام، لم يفاجئنا بموته، فالفلسطيني مشروع شهيد متنقل إذا بقي مؤمنا بوطنه وبعودته رافضا كل صيغ البيع والمقايضة التي نسمعها كثيرا هذه الأيام، لم يفاجئنا موت ناجي القائل: اللي بدو يكتب لفلسطين, واللي بدو يرسم لفلسطين, بدو يعرف حالو : ميت . ..
بعد موته نشرت «يديعوت احرنوت» سلسلة العمليات المظفرة لجهاز الموساد الإسرائيلي وكان من بينها: ( 22 تموز 1987 - لندن - تصفية فنان الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي في ضاحية ويمبلدون في لندن!!) يا لهذه الشجاعة! فنان أعزل إلا من حبه لفلسطين والناس ومن قلم لم يهدأ يصبح هدفاً ويصبح قتله عملية مظفرة، لا نقول هذا برسم أبناء شعوبنا الذين يعرفون الصهيونية جيدا، بل برسم من يدعون الآن إلى القبول بما تيسر من فلسطين مقابل الظفر برضا هؤلاء القتلة وحماتهم الأمريكان، تحت وابل من الحديث عن الديمقراطية والحداثة والعصرنة وكأن الوطن كعكة او شطيرة هوت دوغ وليس سجادة صلاة و«الـ عم يصلو قلال»، يريدون لنا أن نكافىء القاتل وندفع له الدية وربما نصلي الصلوات الخمس في معبده!!
ولد الشهيد ناجي العلي في قرية الشجرة بالجليل الأعلى عام 1937 في أسرة فقيرة، هاجرت عائلته إلى جنوب لبنان اثر النكبة الكبرى عام 1948، وسكنت العائلة في مخيم عين الحلوة، وفيه نشأ العلي الذي لم ينل من تعليمه النظامي غير المرحلة الابتدائية في مدرسة "اتحاد الكنائس المسيحية"، وحاول أن ينتظم في العام 1959 في أكاديمية "اليكسي بطرس للفنون" في بيروت لتعلم فن الرسم إلا أنه لم يفلح في ذلك، حيث كان طالبًا مسجّلاً لمدة عام، ولكنه لم يداوم ولم ينتظم فيها أكثر من شهرين بسبب اعتقاله ست مرات خلال هذه السنة لنشاطه السياسي والفني ضد السلطة.
لكنه تمكن من تعلم ميكانيكا السيارات في مدرسة الرهبان البيض لمدة سنتين (1951 ـ 1953)، وعمل في هذه المهنة ثم سافر إلى السعودية ليعمل فيها هناك أيضا.
عاد إلى لبنان وعمل مدرسا في المدرسة الجعفرية بمساعدة الإمام موسى الصدر لمدة ثلاث سنوات.
في زيارة له لمخيم عين الحلوة عام 1962 شاهد الكاتب الشهيد غسان كنفاني لوحات لناجي العلي فدعاه للعمل معه في مجلة الحرية البيروتية، ثم سافر إلى الكويت للعمل في مجلة الطليعة، وبعدها تعددت منابره وأصبح الصوت المدوي في أكثر من صحيفة: السفير اللبنانية (1974 -1976) و(1978 -1983)، و جريدة القبس الكويتية (83-1985) وأخيرًا مرحلة جريدة القبس الدولي (1985-1987).
رسم ناجي أكثر من أربعين ألف لوحة خلال رحلته مع الريشة المشاغبة، قال عنه محمود درويش: إن ناجي العلي احد مهندسي المزاج الوطني، وهو احد نتاجات الإبداع الوطني هو ابننا وأخونا ورفيق مذابحنا وأحلامنا، وخالق حنظلة الخالد، القادر على أن يُسمي هويتنا بتأتأة تضحكنا وتبكينا•
ويقول أيضا: وهذا الفنان قليل الاكتراث بالفن، هكذا يبدو لي بقدر ما هو فنان، ولا يبدو لي أن الفن يفرحه أكثر من ذلك لا يبدو أن الفن يعنيه، لأن الفن يسيل من أطراف أصابعه، ولأنه ممتلئ بالناس الذين لا ينضبون.
بدأ حنظلة يظهر في لوحاته عام 1969 وأدار ظهره بعد حرب تشرين وشيوع نغمة التصالح والتطبيع
ويقول ناجي العلي: ولد حنظلة في العاشرة في عمره وسيظل دائما في العاشرة من عمره ، ففي تلك السن غادر فلسطين وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر ، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء ، كما هو فقدان الوطن استثناء.
وأما عن سبب تكتيف يديه فيقول ناجي العلي : كتفته بعد حرب أكتوبر 1973 لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة ، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأمريكية في المنطقة ، فهو ثائر وليس مطبّعا.
حنظلة هو بمثابة الأيقونة التي تحفظ روحي من الانزلاق ، وهو نقطة العرق التي تلسع جبيني اذا ما جبنت أو تراجعت.
لم يترك ناجي جبهة إلا وحارب فيها، جبهة المحتل وحليفه الأمريكي، جبهة الرجعية العربية وملوك النفط والسفلس، جبهة القيادات الفلسطينية المتخاذلة والتي تهرول إلى التطبيع وكسب ود العدو، حتى أنه انتقد الشاعر محمود درويش نقدا لاذعا بعد دعوته للحوار مع مثقفين إسرائيليين، فكتب بعبقريته المعهودة على رسم كاريكاتوري: محمود خيبتنا الأخيرة!! وعن ذلك يقول درويش: وحين استبدل عبارتي «بيروت خيمتنا الأخيرة» بعبارته اللاذعة «محمود خيبتنا الأخيرة»، كلمته معاتبا: فقال لي: لقد فعلت ذلك لأني احبك، ولأني حريص عليك من مغبة ما أنت مقدم عليه، ماذا جرى•• هل تحاور اليهود؟ اخرج مما أنت فيه لأرسمك على الجدران•
تحققت نبوءة ناجي العلي عن الحجر الفلسطيني الذي يرجم الأعداء والخونة والمتهافتين بعد وفاته بقليل، فقد انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الكبرى عام 1987، وأعطت للعالم درسا عن إرادة الشعب حين تتحول إلى عاصفة لا تبقي ولا تذر سوى أبناء الأرض وعشاقها، ولو لم تتعرض إلى الامتهان السياسي والاستثمار من قبل قيادة أوسلو لكان للمسار التحرري الفلسطيني وجهة أخرى أكثر إشراقاً، لكنها زعزعت كيان الاغتصاب ولم تترك له فرصة التبجح بحضاريته وديمقراطيته بعد إن قام جيش الدفاع بكسر عظام الأطفال وسجن شعب كامل يطالب بحريته ويقاتل بيدين من حجر وزعتر.
ماذ1 كان سيرسم وماذا كان سيفعل اليوم لو أن ناجي ما زال بيننا? ربما سيجد عبارات تليق بحفلة التنكر هذه التي نعيشها حيث تصدعت جدران الحياء ولم يعد المهرولون يخجلون من التباهي علنا بما يفعلونه، لم تعد الحوارات والمصافحات والعناق سرا بين القتلة ومن يدعون تمثيل الضحايا، لكن رسومك وعباراتك وحنظلة الصامت الساخر لا زال يلسعهم، يضربهم على أقفيتهم المنتفخة، وستبقى حتى تعود فلسطين إلى أهلها، وتعود أنت من قبرك اللندني إلى الشجرة، إلى فلسطين التي اشتاقت إلى أبنائها واشتاقوا إليها.



#حسين_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين. . . . السلطة تغرق في خيارها التدميري
- 35عاما على استشهاده. . . . غسان كنفاني الذي دق جدران الخزان
- أول الغيث من شرم الشيخ. . .. مشروع توسيع الحرب الاهلية في فل ...
- نازك الملائكة . . . .الرائدة المنسية حتى الموت
- باعة الوهم. . . اقتصاد العولمة الذي يغدق فقراً
- «شهداء» السوبر ستار والشهيد الحي
- «المعلم الأول» لجنكيز إيتماتوف. . . . . حكاية عاشقة وشجرتي ح ...
- في عيد العمال العالمي عمالنا في لبنان. . . . . أنا سوري آه ي ...
- عن بيلوسي الحقيقية والدلع العربي
- مختارات من حملة مرشح سوري. . . .انتخبوني مالكون غيري
- الفيل يا ملك الزمان . .. . . . المذمة يا ملك الزمان
- المنطقة على شفا حرب امبريالية جديدة . . . . .أمريكا الامبريا ...
- أخبار و . . . أخ . . بار
- «شمس» وبوش و . . . . مثقفو الزمن البائس
- الجديد فلسطينيا في جولة رايس العربية . . . . دولة مؤقتة و. . ...
- العوجة . . . من قرية لقادة الدم الى مقبرة لهم . . . . أين خر ...
- ممدوح عدوان في «حيونة الانسان» . .. سيرة الوجع الانساني
- الشعب المرن
- اقتصاد الجوع الاجتماعي
- أربعة وأربعون عاماً على مأساة أجانب الجزيرة


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين خليفة - عشرون عاماً على اغتيال ناجي العلي. . . وعلى كتفي نعشي