أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - فانتازيا الحقيقة في شعر فاطمة ناعوت














المزيد.....

فانتازيا الحقيقة في شعر فاطمة ناعوت


ثائر العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 2015 - 2007 / 8 / 22 - 09:13
المحور: الادب والفن
    


صدر في بيروت للشاعرة فاطمة ناعوت ديوانها الخامس (هيكل الزهر)، الذي يظهر فيه أن الشاعرة اعتمدت أكثر على أسلوب كانت تطوره في تجاربها السابقة ، نسميه (فانتازيا الحقيقة)، فهيكل الزهر يعرض الواقع بطريقة الحلم ، حيث يتماسك الخيال بالحقيقة ، والسحر بالواقع ، حتى لا يمكننا الفصل بينها.
عنوان الديوان هو العامل الأول الذي يدخل القارئ بوابة عالم فاطمة ناعوت المسحور، فكلمة (هيكل) ترتبط بالسحر والدين و سليمان الذي ملك الجن وادخل بلقيس في مملكته، ونحن إذاً ندخل ، اذ نقلب الصفحة الأولى هيكل فاطمة ناعوت :

قفُ على عتبةِ الدار
عكّازٌ في يدِها
تنتظرُ التابوتَ الذي أنا فيه
تكشفُ الغطاء
تمسُّ العينَ المُرخاةَ وتقول:
كانت ابنتي خرساءْ
يُفزعُها ضجيجُ العرباتِ والضوءْ
فلماذا تركتموها حتى تموتَ كثيرًا
هي ابنتي
أعرفُها من ثقبٍ في الرئة

هذه القطعة من النص الأول في الديوان (أمي) في هذا العالم ، يتكلم الإنسان بعينيه لا بفمه (تمس العين...) وأجساد الناس شفافة الى درجة أن من الممكن رؤية (ثقب في الرئة) والموت يأتي بدرجات ولا يتساوى الناس فيه (حتى تموت كثيرا).
لكن من المهم أن نلاحظ امتزاج عناصر الحقيقة بعناصر السحر ، فالأم وعكازها وعتبة الدار عناصر حقيقية وتمثل البناء الخارجي للنص الذي أعطاه شكلا قابلا للتصور، يمكن أن نلاحظ أيضا أن عناصر الفانتازيا لم توجد في القصيدة وجودا حقيقيا مجسدا ، بل جاءت في كلام الأم ، فبعد الفعل (قالت) تتغير نبرة النص لتدخلنا في الفضاء المتخيل.
توظف الشاعرة هذا التكنيك في أكثر من موضع، فهناك نصها (لا تهدموا الكوخ) الذي يصور السأم والضجر من الوحدة التي تفرضها الحياة المعاصرة:

أحتاجُ شَبحًا
يرتّبُ خِزانتي
أثوابُ الراحلين في جِهةٍ
و الحِنَّاءُ في جهةْ.

من المهم هنا أن نلاحظ بداية النص (أحتاج شبحا..) ، فالشبح الذي سيكون بطل النص فيما بعد ليس له وجود حقيقي فيه ، انما هو محض أمنية يتمناها المتحدث في نص الشاعرة:

أحتاجُ شبحًا
ينزعُ الأزرارَ من حاسوبي
ويمرِّرُ الفأرةَ فوق الجلدِ المتكسِّر
لتلعقَ البثورَ والغُبارَ
والعلاماتِ التي رسمَها العاشقُ
فوق ساقِ الحبيبةْ.

امتزاج الحقيقة بالسحر هنا ، ليس الا أمنية ، لكن يمكننا ملاحظة البناء الفانتازي للصور الذي يحقن الحياة في كل الأشياء ، ففأرة الحاسوب رمز الحياة العصرية ، تبدو كفأرة حقيقية ، تلعق البثور والغبار، وفي هذين السطرين تحديدا (ويمرر الفأرة...) تجعل فاطمة الشعور بالضجر يتسرب الى أنفسنا من خلال (الجلد المتكسر والبثور والغبار).
وفي بعض النصوص القصيرة في الديون تذوب الحقيقة كاملة في فضاء الفانتازيا، (أبي) مثال ذلك:

ماتَ بالصدمةِ العصبيّة
حين غرقَ طفلاه أولَ أمسْ:
أنا
ابتلعتني سمكةٌ،
وأخي
ابتلعَ كلَّ مياه النهرْ.

الغرق هنا ، وهو غرق رمزي، يتخذ شكلا سحريا ، لكن الشاعرة تحاول أن تذكرنا دائما بالحقيقة بتوظيف مصطلحات عصرية في نصوصها، (الصدمة العصبية) تحاول عصرنة النص وإكساءه ثوب حقيقة مصطنعة.
في (محطة الرمل) نلمس التكنيك ذاته ، ذوبان الحقيقة في السحر وعصرنة النص باستخدام المفردات الواقعية العصرية:

سيموتُ الشيطانُ غدًا
قبل أن يتصفّحَ الجريدةَ على البحرِ
- كعادته كلَّ صبحْ -
بمجرد أن يرشفَ من فنجانِ القهوة،
ويغدو العالمُ مُضجرًا من دونِه،
علينا أن نتصور الشيطان هنا بصورة إنسان مترف يمارس طقوس الارستقراطية ، و(الجريدة وفنجان القهوة والعالم المضجر) عناصر تخبرنا أن هذا الحدث السحري يحدث الآن في عالم معاصر.
أحيانا تخلق فاطمة عالمها الفانتازي من مزج حقائق مختلفة، كما في (أبواب):

الملكاتُ لا يمشين على أقدامِهن
تحملُهنَّ الهوادجُ
التي لا تمرُّ من أبوابِ "جوزيف حرب"
سوى مرّة.

حَدْسُ اللحظةِ
- التي تقعُ بين عَدَمَيْن -
يجعلُ الفرسانَ يقلقون
من انصرافِ الحبيباتِ في الوطنِ
عن الهوى
فتضجُّ الهواتفُ بالرسائلِ،
فيما الفلاحون يضربونَ فؤوسَهم
في الطمي
كي يختبروا قوةَ إبصار الله.

ليس من عنصر في هذا النص ينتمي وحده الى عالم فانتازي ، فمكونات النص كلها حقيقية ، والتكنيك الذي حولها الى فانتازيا هو المزج مكان مصري (جوزيف حرب) وصور العصور الوسطى الأوربية الخاصة بالملكات والفرسان وطقوس الحب واستخدام كلمة عربية موغلة في القدم لوصف العربات الملكية الغربية (هوادج) وأخيرا صورة الهواتف والرسائل النصية، مزيج بين حقائق مختلفة الآزمنة والأمكنة ، يؤدي الى انهيار الزمن وبناء صورة سحرية من ذلك المزيج.



#ثائر_العذاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيقاع النثر
- تأملات في الصورة الشعرية
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية(11) الشفاهية و ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية(9) الشفاهية وا ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (10) الشفاهية ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة (8) تجم ...
- صورة الرجل في نصوص رحاب الهندي
- الاعتراف بالأدب النسوي
- زاوية النظر والبداية في القصة القصيرة
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (7) الشفاهية و ...
- أسلوب الكولاج في شعر سعدي يوسف
- وظائف البداية في القصة القصيرة
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (6) الشفاهية و ...
- الأفعى والتفاحة . . موضوعة الجنس في الأدب النسوي المعاصر
- فن البداية في القصة القصيرة
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (4) الشفاهية و ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (5) الشفاهية و ...
- فضاء الصغائر .. قراءة في قصص إيناس البدران
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 1
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 2


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - فانتازيا الحقيقة في شعر فاطمة ناعوت