أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - وظائف البداية في القصة القصيرة














المزيد.....

وظائف البداية في القصة القصيرة


ثائر العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 1998 - 2007 / 8 / 5 - 07:50
المحور: الادب والفن
    


أعجبني كثيرا تعليق أحد الأصدقاء على مقالتي السابقة (فن البداية في القصة القصيرة)، فقد شبه القصة بسباق الخيلالذي تكون العناصر المهمة فيه البدية والنهاية لاغير،ويحمل هذا التشبيه قدرا كبيرا من الصحة ، فالقصة الجيدة هي تلك التي تكون بدايتها مرتبطة بنهايتها وممهدة لها ، بين أن القارئ لا يكتشف الارتباط الا بعد أن يقرأ الكلمة الأخيرة في القصة.
ومع ان المقارنة السابقة صحيحة، فهي ليست دقيقة، فعند تأمل فكرة سباق الخيل نكتشف أن طبيعة البداية والنهاية في القصة معاكسة تماما لتلك التي في السباق.فبينما يكون على الفارس الانطلاق في اللحظة المناسبة تماما، وأن ينهي السباق بأسرع ما يمكن ، تكون الأمور في القصة على نحو مغاير ، اذ ينبغي للقاص أن يبدأ قصته بأسرع ما يمكن وينهيها في اللحظة المناسبة تماما التي يؤدي الخطأ في تقديرها الى افساد القصة تماما. وسنتحدث عن تكنيكات النهاية في مقالات أخرى، أما الآن فنريد الاستطراد بموضوع البداية.
يجب أن تؤدي البداية الناجحة عددا من الوظائف في وقت واحد. ويمكن تحديد تلك الوظائف بأربع هي:
1-إحداث بالتوتر:
يلتقط القاص موقفا من الحياة، موقفا يتميز بميزتين ؛ فهو أولا حلقة من سلسلة مواقف نمطية متكررة، وثانيا هو موقف يختلف عن أمثاله السابقة بطريقة حدوثه ، هذا الاختلاف يعني أن هناك خللا ما يحدث أثناء وقوع الحدث مما يؤدي الى احداث توتر أو إخلال بالتوازن، وعلى البداية أن تشعر القارئ بهذا التوتر من العبارة الأولى. يب>أ القاص أحمد خلف قصته (مطر في آخر الليل) هكذا:
((أمطرت ليلة أمس مطراً غزيراً، كان المطر وما زال يثير في نفسي قلقاً لا أدري سبباً معقولاً له، فالوجوه تغدو شاحبة، والعيون ثابتة النظرة والشوارع ....))
يلاحظ هنا أن فعل المطر فعل روتيني يحدث بشكل متكرر ، لكن مطر ليلة أمس كان غزيرا ليس كالمعتاد ، فاذا زدنا على ذلك الحالة النفسية المعادية للمطر التي يعيشها بطل القصة ، فإننا سنتحسب لأمر ما غير عادي سيحدث هذه الليلة ، بكلمات قليلة في البداية استطاع القاص اشعارنا بالتوتر.
ويبدأ حسب الله يحيى (مكان للنسمة) بهذه البداية:
((بعد ملت حياة الانتقال والطوفان الذي لاجدوى منه قررت النسمة ترك هذا الضياع الذي تعيشه بين السماء والأرض.. واتخاذ الأرض مستقراً لها..))
على الرغم من أن هذه القصة من القصص الفراغية أوالشيئية ، فإن القاص لا يجد مناصا من أن يبدأ بذات الطريقة ، فعل روتيني (انتقال النسمة) وفعل توتر (قررت ..ترك) .

2-إبراز العنصر الرئيس للسرد:
ثمة أنماط كثيرة من القصص اذا ما نظرنا الى كنه عنصر السرد الرئيس، فبعض القصص تكتب لمعالجة الشخصية بصفتها عنصرا رئيسا، وبعضها يغلب عليه الموقف، وقد يكون الراوي هو العنصر الغالب ، وغير ذلك أنماط كثيرة، وعلى البداية أن تشعر القارئ بالعنصر السائد الذي سيكون محور الفعل القصصي. في (الوليف) يبدأ مجيد طوبيا قصة (العضلات) :
((قرب مصنع السكر وعلى شاطئ الترعة والشمس تميل للمغيب جلس الصبيان يتسامرون ، ليس بينهم غير بنت واحدة وعي نرجس، تنصت ولا تجرؤ على المشاركة في الكلام...))
يمكننا أن نحلل التكنيك الذي استخدمه طوبيا من أجل إبراز العنصر الرئيس، فمن الواضح انه هذه الفتاة الوحيدة ، أولا لأنها وحيدة بين الصبيان ، وثانيا لأنها الوحيدة التي ذكر الراوي اسمها.
وتستهل ميسلون هادي (بداية الليل) بهذا الاستهلال:
((هب الهواء العالي.. فتطايرت الأوساخ والخرق والقصاصات من كل شكل ولون واصطفقت سعفات النخيل بأسلاك الكهرباء واهتزت أعمدتها الراسخة في الأرض بشكل مترجرج وداك. انتشر غبار أحمر في الجو عكر صفو الغروب وأحال الجو إلى لون خابط كالرماد. وعندما لاحظ الأطفال المنتشرون في الزقاق اهتزاز أعمدة الكهرباء....))
حيث يلاحظ خلو البداية من أي تركيز على شخصية معينة ، ففي هذه العبارة الطويلة لاشيء غير العاصفة ، وهذا ما تريده القاصة ، فالعنصر السائد في هذه القصة هو العاصفة فعلا.

3-تحديد الجو القصصي:
في كل قصة ثمة جو انفعالي محدد يسود القصة حتى نهايتها ، الحزن أو الفرح ، الحب أو الحقد ، أو أي انفعال آخر. والبداية يجب أن تدخلنا هذا الجو من العبارة الأولى.انظر مثلا هذه البداية لقصة تشيخوف (موقف حرج):

((قال (زركوف) من داخل المركبة يخاطب الحوذي وهو يسوق الجوادين:
-بئس الرجل أنت أيها الحوذي، لا قلب ولا عاطفة، إني أعجب لك ولأمثالك كيف تستطيع أن تقطع مرحلة العمر دون أن تستمتع بلذات الغرام ومناعمه!....))

يشعرنا تشيخوف منذ البداية أن (زركوف) هو الذي سيكون تحت مجهر السرد وإننا بإزاء قصة حب ونتوقع المزيد من كلمات الغرام والغزل.

وفي (الظمأ) يستخدم جمال الغيطاني تكنيكا يعتمد على المفردات لإدخالنا جو قصته الحزين:

((حتى الهواء كف عن المرور بين الشواهد الرخامية ، لم يبق الا صوت الحبيب معلقا في الفراغ ، يعطر الأفق ، ينفذ الى رئتيها......))

بسرعة عجيبة تدخلنا هذه البداية جو الحزن اعتمادا على التراكم السريع للمفردات السلبية التي يوردها القاص (كفّ، الشواهد الرخامية، صوت الحبيب، الفراغ.......).

4-بناء زاوية نظر السارد:
لا شك أن زاوية نظر السارد قضية مهمة من قضايا القصة ، ولا بد من أن تعيننا العبارة الأولى في القصة على تحديد موقف السارد ومعرفة هويته ، ولآن هذه قضية مهمة في البناء القصصي ولأن تكنيكات بنائها كثيرة سنفرد لها مقالا مستقلا في المستقبل.


[email protected]



#ثائر_العذاري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (6) الشفاهية و ...
- الأفعى والتفاحة . . موضوعة الجنس في الأدب النسوي المعاصر
- فن البداية في القصة القصيرة
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (4) الشفاهية و ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (5) الشفاهية و ...
- فضاء الصغائر .. قراءة في قصص إيناس البدران
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 1
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 2
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 3


المزيد.....




- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - وظائف البداية في القصة القصيرة