أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (4) الشفاهية وقوة الفردانية














المزيد.....

الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (4) الشفاهية وقوة الفردانية


ثائر العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 1992 - 2007 / 7 / 30 - 04:51
المحور: الادب والفن
    


أيام المد القومي كنا نعاني في دراستنا من نمط متعسف من المثقفين والأكاديميين ، ذلك النمط الذي كان يحاول رد كل مدرسة جديدة في النقد أو الأدب الى أصل عربي ، ويتهم من أسسها بالسرقة ويتهم المروجين لها بالعمالة ومحاولة تخريب الثقافة العربية ومحو الهوية القومية ، فاذا تحدثنا عن البنيوية كمنهج لدراسة الأدب قيل أن شتراوس وفوكو سرقاها من الجرجاني واذا تحدثنا عن علم اللغة الحديث قالوا ان جومسكي عيال على ابن جني واذا تحدثنا عن الشعرية قيل ان ياكوبسون يجيد العربية وقد اطلع على اعمال ابن سينا وابن رشد . وكنت أتساءل دائما اذا كان لما يقولون قدر ولو بسيط من الصواب فلماذا اذن لم تنشأ هذه المناهج عندنا ولماذا ظلت علوم اللغة والأدب تراوح مكانها منذ أكثر من ألف سنة؟!
والحقيقة أني الآن أعرف أجوبة هذه الأسئلة ، انه ببساطة الشفاهية ، فهذه الظاهرة أدت الى احداث خلل كبير في المنظومة المعرفية العربية .
من المعلوم أن رجالا مثل سوسير وفوكو وجومسكي وياكوبسون وديريدا لم يظهروا في غفلة من الزمن مثل نبتة غريبة في أرض بور ، ومن الخطأ أن ننظر الى أعمالهم كأنها بنات خالصة لأفكارهم ، ذلك لأن نظرة شمولية عجلى كفيلة بأن توصلنا الى أنهم جميعا نتاج منظومة فكرية واحدة ، فظهور ماركس بعد هيجل كان أمرا منطقيا ومتوقعا وقل مثل ذلك عن عمل سوسير فالمنهج البنيوي فالتفكيكي ، المجتمع يتحرك داخل تلك المنظومة الفكرية ويراكم الأفكار والتجارب بناء على الفورمات التي تتيحها تلك المنظومة.
أما في التراث العربي العريق ، فنحن نرى أن الأمة بتمسكها بالنهج الشفاهي أضاعت ردحا طويلا من التاريخ لا يمكن أن يعوض ، وظلت تراوح في مكانها منذ أكثر من ألف عام تجتر مقولات الأقدمين ولا تستطيع الانتقال الى الخطوة التالية.
الشفاهية تؤدي الى قوة الفرد وضعف الجماعة ، فالراوي أو شيخ الحلقة يتحدث والجماعة تستمع ، وبالتدريج أصبح الفكر الجمعي فكرا سلبيا غير قادر على الخلق ، وكل ما يعرفه هو الإصغاء الى أولئك الآفراد القليلين الذين ولدوا بعبقريات مكنتهم من الانسلاخ عن السلبية الجمعية ، غير أننا نرى أن أعمال هؤلاء كانت تظهر مثل النبتة الغريبة في أرض بور لاسابق لهم ولا لاحق فكل واحد منهم نسيج وحده .
الشفاهية بهذا الفهم أدت الى أن تضيع على الأمة فرصة تكوين فلسفة كونية يمكن أن تحتضن أفكار المفكرين وتنظمها في سلك واحد يؤدي بالتالي الى تناميها وتبنيها من قبل مجموعات لا أفراد ، وتاريخنا مليء بالكثير من المحاولات اليائسة التي تنبهت الى هذا الخلل ، والقمع الذي جوبهت به ، فالعمل الجمعي كفر بقيم الشفاهية وحط من قدسية المرويات الشفوية.
ان أعمالا كبيرة مثل النحو والعروض والبلاغة ونظرية النظم كلها أعمال اعتمدت على العبقرية الفردية ولا تنتمي على الاطلاق الى منظومة معرفية جمعية و دليلنا على ذلك القدسية التي اسبغوها عليها وجمودها وعدم تناميها أكثر من الصورة التي أنتجها مخترعها للمرة الأولى ، فالنحو علم نضج واحترق ولا يمكن أن يفهم بغير الطريقة التي صاغها سيبويه ، وقل مثل ذلك عن غيره من الظواهر التي أنتجتها العبقؤيات العربية الفردية.
وللحديث بقية أرجو أن أتمكن من اتمامها.

[email protected]



#ثائر_العذاري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (5) الشفاهية و ...
- فضاء الصغائر .. قراءة في قصص إيناس البدران
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 1
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 2
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 3


المزيد.....




- عودة هيفاء وهبي للغناء في مصر بحكم قضائي.. والفنانة اللبناني ...
- الأمثال الشعبية بميزان العصر: لماذا تَخلُد -حكمة الأجداد- وت ...
- بريجيت باردو .. فرنسا تفقد أيقونة سينمائية متفردة رغم الجدل ...
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو، فماذا نعرف عنها؟ ...
- الجزيرة 360 تفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير بمهرجان في الس ...
- التعليم فوق الجميع.. خط الدفاع في مواجهة النزاعات وأزمة التم ...
- -ناشئة الشوق- للشاعر فتح الله.. كلاسيكية الإيقاع وحداثة التع ...
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاما
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية.. بريجيت باردو
- من جنيف إلى الرياض: السعودية ومؤسسة سيغ تطلقان مشروعًا فنيًا ...


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (4) الشفاهية وقوة الفردانية