أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - فن البداية في القصة القصيرة














المزيد.....

فن البداية في القصة القصيرة


ثائر العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 1996 - 2007 / 8 / 3 - 08:57
المحور: الادب والفن
    


ثمة تجربتنا أظن أن أكثرنا قد عاشها مرة أو أكثر، وأنت تدير مؤشر الراديو بحثا عن محطتك الأثيرة ، قد تسمع جزءا من لازمة موسيقية ، ثم تجتازها ، وفجأة تجد أن دافعا مبهما يدفعك الى ان تدير المؤشر بالاتجاه المعاكس لتستمع الى تكملة تلك اللازمة، ثم تعود للبحث عن إذاعتك.
هذا بالضبط ما يجب أن تفعله البداية في القصة القصيرة ، ففي لمحة خاطفة تعلقنا البداية بأمر يهمنا ، لكنها تشعرنا بنقص في المعلومات نجد أنفسنا مندفعين الى البحث عن إتمامه.
في الرواية تكون البداية أسهل بكثير مما هي عليه في القصة ، فهي ليست سوى اختيار نقطة ما على سطح الحبكة والابتداء بالسرد منها، أما في القصة القصيرة وخصوصا القصة الحديثة ، فنحن إزاء عمل سردي خال من الحبكة او ربما تنتظمه حبكة بسيطة جدا لا يمكن اعتمادها مصدرا لاستيحاء البداية.
ما هي ضوابط البداية الناجحة؟ وما وظائف البداية؟ وكم يجب أن يكون طولها؟ وما كمية المعلومات التي ينبغي أن تزودنا بها ؟ هذه أسئلة قليلة من مجموعة كبيرة من الأسئلة المتعلقة ببداية القصة ، ولأن القصة لم تحظ كالشعر بكم كبير من التنظير ، فإن أجوبة هذه الأسئلة لا يمكن أن تكون مطلقة ، فضلا عن إنها ميدان فسيح للبحث والتحليل العلمي.
القصة صورة مكثفة للحياة، ولذلك فهي تستمد الكثير من تكنيكاتها من الحياة الحقيقية, وإذن ، كيف يلفت انتباهنا شخص ما في الحياة الحقيقية؟ اننا ببساطة ننظر أولا الى منظر كبير ، ولنفرض أنه سوق، طبعا نحن لا نرى تفاصيل المنظر ، بل أن كثيرا من تلك التفاصيل نكملها في عقولنا افتراضيا من مخزوننا المعرفي النمطي للسوق، بعد ذلك تقوم أعيننا بالتقاط شخص ما لوجود شيء ما يميزه من غيره ، لون ملابسه ، طوله ، أشيء غريبة يحملها ، مكان يقف فيه لم نتعود أن يقف فيه أحد........ ، عند هذه النقطة يجب أن نلاحظ أن الشخص الذي التقطناه ليس منعزلا عن المنظر الكلي ، انما هو جزء وثيق منه ، ولكن أعيننا ستبدأ اعتبارا من هذه النقطة بطرح التفاصيل المحيطة وبسرعة كبيرة نجد أننا لا نرى غير هذا الشخص الذي استدرجنا لرؤيته.
ومن هنا يمكن أن تكون البداية في القصة القصيرة تقليدا لحركة العين السابقة ، لتكون وظيفتها زرع الشخصية في بيئة القصة, مع التشديد على فكرة تقليد حركة العين وليس أية حاسة أخرى. فالقصة يجب أن ترينا الشخصية وهي تعمل لا أن تخبرنا عن الشخصية وعملها. ولنأخذ المثال الآتي:
"كان أحمد طالبا في المرحلة المنتهية من كلية الهندسة قسم الكهرباء....."
هذه طبعا بداية سخيفة لقصة فاشلة ، فهي تخبرنا عن شخصية ما بطريقة الحكاية ، وهذا الخبر يتحدث عن أمر نمطي ليس فيه ما يشد انتباهنا، ولكن:
"ككل صباح ثلاثاء حمل أحمد كتاب (الدوائر المنطقية) واستقل الباص المتوجه الى الجامعة ، وهو يفكر بالأشهر الأربعة التي تفصله عن حفلة التخرج"
الأمر مختلف هنا ، فنحن نشاهد شخصية تتحرك ، فضلا عن أن هذه البداية زودتنا بمعلومات كثيرة عن الشخصية ومحيطها. ويلاحظ أن استخدامنا للتعبير (ككل صباح) في بداية العبارة ، يوحي بأن هذا سيكون صباحا مختلفا ، مما سيولد الفضول لدى القارئ لمعرفة وجه الاختلاف.
و لنحاول النظر الى بدايات بعض من القصص القصيرة لكتاب معروفين ، وهذه أولا بداية قصة (ضوء كالماء) لماركيز:
((في عيد الميلاد، عاد الطفلان الى طلب زورق التجديف. ))
في هذه العبارة القصيرة يحدد ماركيز أشياء كثيرة، فمن الملاحظ أن البداية تعرض صورة متحركة لا خبرا جامدا، واستخدم القاص (الطفلان) بصيغة التعريف ليجعلهما أليفين لنا، ثم استخدم الفعل (عاد) الذي أفاد بأن هذا الطلب لا يحدث للمرة الأولى ، لكنه بالتأكيد مختلف هذه المرة والا ما كتب القصة، ثم ان الطفلين هنا يزرعان زرعا في القصة وذلك من خلال وجود مركزين للثقل في البداية ، هما الطفلان والزورق ، ثمة علاقة بين الاثنين سيحاول القارئ معرفتها ومتابعة القراءة.
من يقرأ قصص جمال الغيطاني يلمس اهتمام هذا القاص ببداياته بحيث تأتي دائما غريبة ومبتكرة وهذا من أسرار نجاحه قاصا، تبدأ القصة ( الإجازة 72) هكذا:
((قالت:
-كل مرة لا نعرف ميعاد اجازتك..
في المساء الخالي من الضوضاء ، الهادئ
- سريرك لم ينم عليه أحد..))

في هذه البداية ترى إن القاص يسابق الزمن لدخول القصة، لقد استطاع أن يزرع شخصيتين في قصته بسرعة مذهلة ، لابد أن يكون البطل هنا شخصا يعمل في مكان بعيد بحيث يغيب عن بيته ولا يأتي الا في اجازات غير منتظمة، وهو أعزب لأن المتحدثة قالت له (سريرك) بصيغة المفرد ، وهذه المرأة ليست زوجة طبعا لأنها لو كانت كذلك لقالت (سريرنا)، لكنها مع ذلك تعيش في بيته وتربطها به علاقة حميمة فهي اذن أمه أو أخته ، ولكن ما كنه عمل هذا الشخص الذي يتسم بهذه الطبيعة، هذا ما سيبحث عنه القارئ عند مواصلة القراءة.
في مقالات قادمة سنحاول النظر في أنماط البداية و سمات البدايات الناجحة.

[email protected]



#ثائر_العذاري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (4) الشفاهية و ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (5) الشفاهية و ...
- فضاء الصغائر .. قراءة في قصص إيناس البدران
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 1
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 2
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 3


المزيد.....




- يحقق نجاح كبير قبل عرضه في السينما المصرية .. أيرادات فيلم أ ...
- في جميع أدوار السينما المصرية .. فيلم الشاطر رسميًا يعرض في ...
- لمى الأمين.. المخرجة اللبنانية ترفع صوتها من في وجه العنصرية ...
- وصية المطرب أحمد عامر بحذف أغانيه تدفع فنانين لمحو أعمالهم ع ...
- قانون التوازن المفقود.. قراءة ثقافية في صعود وسقوط الحضارة ا ...
- وفاة الفنانة الإماراتية رزيقة طارش بعد مسيرة فنية حافلة
- ماذا بعد سماح بن غفير للمستوطنين بالغناء والرقص في الأقصى؟
- فيديوهات وتسجيلات صوتية تكشف تفاصيل صادمة من العالم الخفي لم ...
- مونديال الأندية: هل يصنع بونو -مشاهد سينمائية- مجددا لانتزاع ...
- الشاعرة نداء يونس لـ-القدس-: أن تكون فلسطين ضيف شرف في حدث ث ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - فن البداية في القصة القصيرة