أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - تأملات في الصورة الشعرية














المزيد.....

تأملات في الصورة الشعرية


ثائر العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 2008 - 2007 / 8 / 15 - 05:04
المحور: الادب والفن
    


لم يزل كتاب (سيسيل دي لويس) الصورة الشعرية يعد المصدر الأساس في الدراسات الأكاديمية التي تبحث موضوع الصورة الشعرية ، غير أن الموضوع لما يزل شائكا ومعقدا ولم تستطع مدارس النقد الوصول الى تعريف عملي للصورة ، وحتى كتاب لويس الآنف الذكر لا يفعل أكثر من زيادة حيرتنا ومضاعفة الأسئلة التي تدور في أذهاننا عن الصورة.
في الشعر العربي القديم كان الشعراء يعتمدون التشبيه أساسا لبناء صورهم وهذه هي الطريقة البدائية التي تمثل طفولة الشعر، قال بشار بن برد:

كأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه

يمكن أن نلاحظ هنا أن الشاعر يحاول بناء الصورة من خلال المقابلة بين عناصر الحقيقة وعناصر الخيال:
مثار النقع = ليل
أسيافنا = كواكبه

لكن يمكن ايضا أن نلاحظ ان الصورة هنا لا تربطها علاقة عضوية بالقصيدة، فالشاعر كان يبحث عن براعة التشبيه المفرد لا غير، ثم ان الشاعر لم يكن يحسب الأثر النفسي للصورة ، فأسياف بشار في البيت تشبه الشهب التي تتساقط في الليل، ولم يمر في خلده ان استعمال الفعل (تهاوى) يعطي انطباعا بالسقوط والهزيمة، فضلا عن ارتباط الشهب فولكلوريا بالنحس.

وفي عصر الحداثة استطاع رواد الشعر الحر الانتقال بالصورة خطوة متقدمة الى الأمام، فلو قرأنا هذه الأسطر للسياب:

بالأمس حين مررت بالمقهى ، سمعتك يا عراق
وكنت دورة أسطوانة
هى دورة الأفلاك من عمرى ، تكور لى زانه
فى لحظتين من الزمان ، وإن تكن فقدتْ مكانه
هى وجه أمى فى الظلام
وصوتها ، يتزلقان مع الرؤى حتى أنام
وهى النخيل أخاف منه إذا ادلهم مع الغروب
فاكتظ بالأشباح تخطف كل طفل لا يئوب
من الدروب
وهى المفلّية العجوز وما توشوش عن حزام
وكيف شق القبر عنه عفراء الجميلة
فاحتازها .. إلا جديلة
.............
تقدم لنا هذه الأسطر فكرة لا بأس بها عن تعامل الرواد مع الصورة الشعرية ونظرتهم اليها وفهمهم لطبيعتها، ثمة ترابط عضوي بين كل هذا الانثيال للصور، يكمن مفتاحه في السطر:

وكنت دورة أسطوانة

فالأسطوانة التي يقصدها السياب هي اسطوانة الغراموفون القديمة، التي ربما لا يعرفها البعض بعد شيوع الاسطوانة الليزرية، تلك الاسطوانة تشبه اسطوانة السي دي لكن الصوت يسجل عليها على شكل دوائر متداخلة بارزة وتقرأ بواسطة ابرة دقيقة تمر عليها اثناء دورانها.
فاذا نظرنا الى الأسطوانة نرى بوضوح الدوائر المتداخلة حيث تكون الدائرة الخارجية أكبر من الداخلية وهكذا الى أن نصل الى دائرة المركز ، ولكن اذا أمعنا النظر سنكتشف أن هذه الدوائر في الحقيقة ليست الا خطا حلزونية واحدا وان الدوائر غير منفصلة عن بعضها.
هكذا بنيت القصيدة ابتداء من هذا السطر الى النهاية فهي ليست الا صور متتابعة يكبر حجمها (عدد أسطرها ) شيئا فشيئا وكأننا ننطلق من الدائرة المركزية للأسطوانة باتجاه الدائرة الخارجية.
ولا نغفل حساب التصوير النفسي في هذه الصور، فالشاعر يستعرض صور طفولته وينقل الينا شعوره كما كان يحسه في زمن الطفولة ، انه يصور الحقيقة-الحلم، الحقيقة كما هي في عين طفل.
في الوقت نفسه علينا أن نلاحظ البناء الشكلي للصورة الذي ما يزال بدائيا، فهده الصور ليست الا تدفقا حرا لما يعرف بتيار الوعي أو التداعي الحر حسب مصطلحات مدرسة التحليل النفسي بمعنى انها مع ترابطها العضوي فيما بينها الا انها لم تصبح بعد جزءا أساسا من البنية الشكلية للقصيدة، أو على الأصح لم تتحول الى ذلك المحور الذي تبنى عليه القصيدة بكاملها.
وفي الأدب المعاصر، مع شيوع ما يعرف بقصيدة النثر تحول النص الشعري الى محض صورة وتخلى عن كل عناصره الأخرى، في هذا المثال للشاعرة العراقية كنار الحكيم من قصيدتها (أشهد موتي):

اشهد موتي
احمل نعشي
احفر قبري
فتصرخ الارض بوجهي
لاقبر لك في حضني
عيني تبكي حيرة
اين سادفن نفسي
حتى البحر تحول الى ثلج ٍ
وكلما احرقت جثتي تتحول
شرارة النار الى المطر
امشي .. اجر نعشي
ابحث .. عن قبر يستقبل افكاري
قبر تستطيع جدرانه احتوائي
يقبل بكف مصنوع من الاوراق
اسال الناس ..

لايمكننا في هذا الجزء من القصيدة أن نجتزئ سطرا أو سطرين ونشير اليهما على أنهما صورة شعرية ، فالقصيدة كلها صورة واحدة ، يمكن أن نسميها عالم القصيدة أو فضاءها، وبهذا الأسلوب أصبحت القصيدة أو الشعرية مضمرة داخل الصورة وليس كما كان ، حيث تكون الصورة الشعرية مكونا فنيا تحتضنه القصيدة مع مجموعة أخرى من المكونات.



#ثائر_العذاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية(11) الشفاهية و ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية(9) الشفاهية وا ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (10) الشفاهية ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة (8) تجم ...
- صورة الرجل في نصوص رحاب الهندي
- الاعتراف بالأدب النسوي
- زاوية النظر والبداية في القصة القصيرة
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (7) الشفاهية و ...
- أسلوب الكولاج في شعر سعدي يوسف
- وظائف البداية في القصة القصيرة
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (6) الشفاهية و ...
- الأفعى والتفاحة . . موضوعة الجنس في الأدب النسوي المعاصر
- فن البداية في القصة القصيرة
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (4) الشفاهية و ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (5) الشفاهية و ...
- فضاء الصغائر .. قراءة في قصص إيناس البدران
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 1
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 2
- الشفاهية..الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة 3


المزيد.....




- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - تأملات في الصورة الشعرية