أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - في عربة التمثال














المزيد.....

في عربة التمثال


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 2003 - 2007 / 8 / 10 - 07:25
المحور: الادب والفن
    


هجع كلّ شيء بينما خفتت الأصوات ، واطمأنّت خواطر الحال في المسافة الزمنية القريبة ، بعدما طوت خيوط الظلام أطراف المدينة بنهرها الصغير وأشجارها الكثيفة، وتأجلت الأحاديث مخذولة بالمواعيد وأصبح الهدوء أكثر ملائمة بانتهاء المشوار المخلوط بالحسرات ، وأصوات الموت المحتدمة التي امتصتها شواطئ النهر المضمّخة بحزن الأمّهات ، سوى ذلك الرجل ذي القيافة الجميلة والربطة المتميّزة يشقّ الشارع بأناقة مريبة على غير عادته . ( أبو ريام ) إنه يتشبّه بتمثال وسط خطوه المتسارع رافعاً يده مشعلاً من البرونز المتألق في سماء ليل المدينة يحتفي بتمثالها الوحيد .. مشعلاً للحرية .. كان قد عوّد نفسه بتكلف واضح غير عابئ بما يقال عن الوقوف متصلّباً في أماكن مختارة ، وكأنّه يقلب مشاهداً بانهماك حب الاستطلاع ، وهي محاولة جادة لاختزال وطرد أثر أشباح أجرام حديدية حديديّة غزت سماء المدينة في غفلة من الزمن وعاثت خراباً ونشرت الموت الأسود في بطاقات تمزيق أشلاء أطفالها على مرمى بصره الذي تشبّع بمناظر الخوف ومناظر الوجوه العابسة … كل شيء ممكن أن ينسى إلاّ حديثه ، فبرغم ظلال المحنة ، ظلّ يتذكّره الحفّاظ من المحتفين به، كان حديثاً طويلاً في باب المقهى المقفل بوحشة المساء يتميّز بفحولة الرجال الأشداء وبطلاقة وصوت مسموع عن تراكم الكآبة في حضرة التمثال الذي ينتصب وسط الجسر الهرم ثم رواية هجرته عنوة تحت سياط السطو المسلّح وبعربة بائسة، لم يحضرني الحديث كاملاً ، وكان بلغو سومريّ عصيّ على الفهم وقد طرز الكثير منه على خرائط المدينة القديمة، بيد أني تحضرني دموع الرجل المنسكبة التي انحفرت أخاديد بحروف أخرى على تلك الخرائط ، شاهدها وتحدّث عنها كل من زار المدينة ! .. المدينة التي ابتعدت ليس كثيراً عن مكان ولادتها ، لأنها تنجذب بحبل سرّي للمخاض الأول، ونزف التأريخ المستمر حتى تربعت على عرش قلوب محبّي الرجل الذي يعيش أماني هذا الحال . تحدّث الرواة والذين سجلوا وقائع الأحوال وأكثروا المقال حتى أن أبناء المدينة نسجوا الروايات وبالغوا بأكثر من لسان في رواية النقل وموكب ألحان الحزن المندى من ذلك الرجل الذي جمع كل من تعنيه الحال وكان يرتدي بدلة حداد ذات نسق لائق وبلون رمادي ويقف بخشوع تام في توديع جثمان التمثال الذي نقل من قلب إلى أسوار الشطرة، غير أنه اقترب من لكش الأم بتوسده تراب المدينتين ، لم يتحدّث الرجل بعدها بل ابتلع الصمت وبدأ بمشروع آخر ، بعد أن صاغ أسلوباً محنّكاً ليتحدّث لاحقاً بلغة مقصودة عن رواية نصب التمثال النصب من جديد في ساحة رقصَ فيها التأريخ مزهوّاً، حينما لطمت أمواج الزحف الخمسينيّ الكرْهَ المقيت وزهت الأشجار بأعشاش الطيور المهاجرة إلى هنا ثم نشبت مخالب ظلم الحصارات التي حاولت إيقاف الأنامل من عزف لحن الصعود المبكر في أعالي النهر الصغير لتلك المدينة ، وروى أخيراً متحدثاً بشهيّة عن زيارة يروم بها لقبر جدّه قبل أن يطّلع على الخرائط تلك …



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين شفتيك
- الديمقراطية الحولاء
- غادة وجه القمر
- اين ثقل الثقافة في العراق؟
- الحب جذر الاخوة في الاسلام
- فاتن نور والمناطق المحرمة
- قصص قصيرة جدا
- حق الاجابة في حاشية السؤال
- هذي حدود الايمان في الاسلام
- لك اقولها
- فيافي الروح
- بين جوانح الغربة
- قلب على وردة المساء
- الحب ليس يقينا
- احلام
- شفاه الحب
- اشكاليات في الثقافة
- الفاصلة الزمنية
- الالوان الفاتحة
- من مهرجان الحبوبي


المزيد.....




- قرار ترامب باستدعاء سفراء واشنطن يفاقم أزمة التمثيل الدبلوما ...
- عرض فيلم وثائقي يكشف تفاصيل 11 يوما من معركة تحرير سوريا
- وفاة الممثل والمخرج الفلسطيني محمد بكري عن عمر يناهز 72 عاما ...
- رحيل محمد بكري.. سينمائي حمل فلسطين إلى الشاشة وواجه الملاحق ...
- اللغة البرتغالية.. أداة لتنظيم الأداء الكروي في كأس أمم أفري ...
- بعد توقف قلبه أكثر من مرة.. وفاة الفنان المصري طارق الأمير ع ...
- نجوم يدعمون الممثل الأميركي تايلور تشيس بعد انتشار مقاطع فيد ...
- إقبال متزايد على تعلم اللغة التركية بموريتانيا يعكس متانة ال ...
- غزة غراد للجزيرة الوثائقية يفوز بجائزة أفضل فيلم حقوقي
- ترميم أقدم مركب في تاريخ البشرية أمام جمهور المتحف المصري ال ...


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - في عربة التمثال