(1) .. شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - السفر الأول - محمد والصحابة

مصطفى حقي

الحوار المتمدن-العدد: 1972 - 2007 / 7 / 10 - 10:50
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

محمد والصحابة .. هذا هو عنوان الكتاب مؤلفه خليل عبد الكريم وقدمه الناشر بقوله
.. هذا الكتاب يطرق ميداناً بكراً ، هو علاقة الرسول محمدٌ بأصحابه بزوايا جديدة لم يبحثها مؤلف من قبل ، وهو يعتمد على أوثق المصادر لكي يعطي الدراسة التي بين دفّتيه القيمة التي تتناسب مع أهمية الموضوع .
يستعرض المؤلف خليل عبد الكريم في هذا الكتاب العلاقة بين قائد الثورة وجنوده الأوائل ويشرح لماذا وقع الاختيار على لفظ الصحابة دون غيره من الألفاظ النديدة وبعدها يعرض جهود القائد العبقري محمد في صبغهم في صبغة الديانة التي بشّر بها وذلك بعبقرية يعز نظيرها .
استهلال – تعريف الصحابة -1
بعد ظهور الإسلام أخذت كلمة الصحابة بعداً دينياً ؛ وبمرور الزمن غدا لمن يحمل هذا الوصف أو اللقب نوعاً من القداسة لا يتمتع به غيره من المسلمين حتى التابعين أو خلافهم مهما بلغ شأنه أو شأوه مثل أئمة المذاهب الفقهية ؛ وقيل إن واحداً من كبار الأئمة كان يفضل معاوية بن أبي سفيان رغم ما فعله ،على عمر عبد العزيز المشهور لدى أهل السنة بالعدل والزهد ، فلما سئل عن ذلك كان ردّه أن يوماً واحداً من صحبة معاوية لمحمد يعدل كل ما عمله عمر بن عبد العزيز من أعمال صالحة هو وأهله ( وقال بعضهم في عمر بن عبد العزيز ومعاوية : ليوم شَهِدَه مع رسول الله –ص – خير من عمر عبد العزيز وأهل بيته ) (1) ، رغم أن المقياس هنا لا يوافق عليه محمد الذي أكّد أن الميزان الدقيق لتقدير الأشخاص هو العمل ؛ ولكن من ناحية أخرى صدرت عن محمد أحاديث ساعدت على تمييز الصحابة ووضعهم في مكانة عالية منها :
1- عن جابر بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله –ص- : يأتي على الناس زمان فيغزو فئة من الناس فيقال : هل فيكم من صاحب رسول الله –ص- ؟ فيقولون نعم ، فيفتح لهم ) (2) .
2- ( سمعت عبدالله بن بريدة يقول : مات والدي بـ مرو وقبره بالحصن وهو قائد أهل المشرق ونورهم ، لأن النبي –ص- قال : أيما رجل مات من أصحابي ببلدة فهو قائدهم ونورهم يوم القيامة – ويريده هنا هو بريدة الأسلمي ممن بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة ) ( 3 ) .
وأكد محمد أنهم خير القرون على الإطلاق .
3- ( عن عبيدة عن عبد الله – أن النبي – ص – قال : خير الناس قرني ) (4) ويؤيد هذه الرواية .
( رواية بريدة عن أحمد : خير هذه الأمة القرن الذين بعثت فيهم ) (5) ، بل إن هناك رواية أخرى نصت على أنهم خير قرون بني آدم على الإطلاق أي أنهم خير أتباع الأنبياء جميعهم وبالتالي خير ذرية آدم خلا الأنبياء والرسل ( وقد سبق في صفة النبي –ص- قوله : وبعثت في خير قرون بني آدم ) (6) .
ولكننا نرجّح أن محمداً كان يعني بهذه الأحاديث وأمثالها الطبقة الأولى من الصحابة وهم الذين آمنوا به وآزروه في أيامه الأولى العصيبة ، والذين شهدوا العقبة الأولى والعقبة الثانية ( غالبيتهم من الأنصار ) والمواقع الحاسمة مثل بدر الكبرى وأحد ، وأهل بيعة الرضوان ، لا جميع الصحابة، لأننا سوف نرى أن هناك من يذهب إلى أنه : كل من رأى محمداً وهو مسلم بالغ أو مميّز أو صحبة ولو ساعة من نهار أو ليل يعتبر صحابياً يستحق حمل اللقب ، ودليلنا على أن محمداً كان يقصد الرعيل الأول من أصحابه ، الأحاديث التالية :
أ- عن عبد الله بن أبي اوفى –ر- قال : شكى عبد الرحمن بن عوف خالد بن الوليد
إلى رسول الله – ص – فقال النبي – ص –يا خالد لا تؤذ رجلاً من أهل بدر ، فلو أنفقت مثل أحدٍ ذهباً لم تدرك عمله ، فقال ( =خالد ) : يقعون فيّ فأرد عليهم ، فقال : لا تؤذوا خالداً فإنه سيف من سيوف الله صبه على الكفار . ) (7) .
ب – ( عن الحسن قال : كان بين عبد الرحمن بن عوف وبين خالد بن الوليد – كلام فقال خالد : لا تفخر عليّ يا ابن عوف ، بأن سبقتني بيوم أو يومين فبلغ ذلك النبي – ص – فقال : دعوا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما أدرك نُصيفهم ، قال فكان بعد بين عبد الرحمن والزبير شيء فقال خالد : يا نبي الله نهيتني عن عبد الرحمن وهذا الزبير يسابه فقال :إنهم أهل بدر وبعضهم أحق ببعض ) (8) . وخالد بن الوليد من الصحابة بإجماع ولكنه لم يكن من السابقين الأولين إذ اسلم قبيل فتح مكّة ، ومع ذلك ميّز محمد بينه وبين صحابه ، وقوله ( لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما أدرك نصيفهم ) ينصرف في رأينا إلى السابقين الأولين فحسب ؛ ولكن مع ذلك فإن لقب الصحابي أضفى على من يحوزه مكانة عالية حتى أن صحابياً فعل أفاعيل يشيب منه رأس الوليد – كما سنذكر فيما بعد – روى عنه أحد أصحاب السنة حديثين :
( حتى يُسر بن أرطأة مع ما عرف عنه روى حديثين رواهما عنه أبو داوود وغيره لأنهم (=الصحابة ) معروفون بالصدق على النبي – ص – حفظاً من الله لهذا الدين ولم يتعمد واحد الكذب على النبي – ص – إلا هتك الله ستره وكشف أمره )(9)؛ والتعليل الذي ذكره ابن تيمية يؤكد ما نذهب إليه من ارتفاع قدر الصحابة في عيون أهل الإسلام مع ملاحظة أن هذا الارتفاع يزداد كلما تطاول الزمن .
( من كتاب – شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة –السفر الأول – محمد والصحابة
الكاتب ، خليل عبد الكريم – الناشر سينا للنشر – القاهرة )
1- رواه ذكوان عن أبي سعيد ولم يُسم الرجل وكذلك أبو هريرة وابن عباس وأخرجه أبو نعيم وأبو موسى نقلاً عن أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير الجزري-ص5 – المجلد الثالث – مصدر سابق
2- السيرة النبوية لابن هشام ص 154- الجزء الثالث- مصدر سابق – وهي تكاد تكون مسطورة في جميع كتب السيرة .
3- لمزيد من التفصيلات في هذه الخصوصية أرجع إلى كتابنا قريش من القبيلة إلى الدولة المركزية الطبعة الأولى 1993 م دار سينا للنشر القاهرة .
4- فتح المبدى في شرح مختصر الزبيدي كتاب الوضوء ص 346/347للشرقاوي تحقيق الشيخ عمر هاشم – 1416هـ/ 1995م دار الشعب بمصر
5- الأية / 13 من سورة المدثر .
6- الواحدي النيسابوري في كتاب أسباب النزول ص 106 طبعة 1388هـ 1968م.
7- أخرجه الإمام أحمد في مسنده وابن منذر وقال الهيثمي : رواه أحمد والطبراني بأسانيد ورجال أحمد رجال الصحيح وكذا البخاري في التاريخ والضياء المقدسي في المختارة ، نقلاً عن جمع الجوامع للسيوطي – ص 3138- جزء / 3 – العدد / 25 – نشر مجمع البحوث الإسلامية – وأورده ابن عبد البر في الاستيعاب ص 446 .
8- أخرجه أحمد في المسند والبخاري في التاريخ الكبير وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد .
9- أخرجه ابن ماجة وابن حيان في صحيحه ، واليغوي وهو في المصابيح نقلاً عن كتاب حياة الصحابة ل الكاند هلوي – ج / 2 ص 238 – مصدر سابق .

#مصطفى_حقي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات