خصوم محمد حسنين هيكل ...........الاستاذ وشيخ الصحفيين المصريين 1923-2016

ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
ولا اكتمكم سرا ، انني من الذين يحبون الاستاذ محمد حسنين هيكل ، ومنذ نصف قرن اقرأ له ، ولدي كل كتبه ، واعتز بها واعرف ان له اسلوبا متميزا في الكتابة الصحفية واحيانا يقترب من اسلوب المؤرخ لكنه ليس مؤرخا ، وهو ايضا احد صناع الاحداث في مصر ومنذ سنة 1952 ولربما منذ حرب فلسطين 1948 وهو يحتفظ بعلاقات وثيقة مع الضباط الاحرار وبالذات مع عبد الناصر .
له خصوم كثر ، وهناك من كتب ضده ولاسباب ليس هنا مجال ذكرها لكنني وددت وانا اعيد النظر في كتابه ( الحل والحرب) وهو الان امامي وصدرعن ( شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ) ببيروت سنة 1977 وجدت انه يخصص عددا من الصفحات عن خصومه او من هم يغارون من نجاحاته ، ومركزه ، وموقعه وقد استدرك ليقول انه لم يتعود ان يشغل الناس كثيرا بمشاكله
، وما اثير حوله من زوابع هوجاء في القاهرة في اواخر السبعينات من القرن الماضي وقال :"ان افكار كل كاتب ومواقفه سجل ثابت عليه ... أمام جمهرة قرائه " .
ويؤكد ان هذا النوع من الزوابع والحملات المضادة له يرتد على اصحابها ان آجلا او عاجلا ، وما يتعرض له ليست الا من نوع زوابع الخماسين البلهاء ، العصبية الحركة ، المتقلبة الاتجاهات .
واشار الى انه تصدى للحملة على جمال عبد الناصر ليس عن عاطفة او عن تعصب بل عن تقييم امين ونزيه لعصر رجل لايستطيع أعتى خصومه ان ينكروا انه في حضوره كان تعبيرا حيا عن ضمير امته .
وقيل انه قال ان 99% من اوراق حل ازمة الشرق الاوسط بيد الولايات المتحدة الامريكية وهنا يقول ان اوراق الحل بيدنا ، وليس من حقنا ان نتركها بيد غيرنا واضاف انهم نسبوا له قوله ان ماحدث يومي 18و19 يناير كانون الثاني كان انفجارا شعبيا له دواعيه وان للشيوعيين تأثيرا مع انه يؤكد ان ذلك ليس دقيقا فهم جزء من الجماهير المصرية وقالوا عنه انه عميل شيوعي واشار الى انه كان ينتقد السياسة السوفيتية ويقول ان الاتحاد السوفيتي لم يستطع فهم طبيعة الصراع كان يقول هذا امامهم .
وقالوا ان هيكل عميل امريكي وانه يتقاضى اموالا طائلة لقاء كتبه ومقالاته من بعض صحف الغرب ، وان الرئيس المصري الراحل انور السادات هو من قال هذا فأنكر ان يقول السادات مثل هذا والسادات هو من سبق ان اقنعه بقبول منصب وزير الارشاد القومي 1970.
وختم حديثه بالقول ان جمال عبد الناصر ائتمنه - ولسنوات طويلة - على فكره الاجتماعي والسياسي ، ووثائق رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية تشهد بأنه ""تولى صياغة معظم مراسلات عبد الناصر مع كل رؤساء الدول في عصره " وما كان يمكن لهذه الامانة الا ان يحملها وطني موثوق به .
كما ان عبد الناصر عهد اليه بمهام سياسية عديدة رأى ان صلاته الدولية كصحفي يمكن ان تساعد على انجاحها .
وحتى السادات في بداية حكمه كان يود ان يبقى هيكل معه .وتساءل هل توقفت زوابع الخماسين واجاب لم تسكت ، وما هدأت ويبدو " ان هناك من شعر ان دور هيكل انتهى وان دورهم قد حان " . وهنا قال قولة مهمة وهي :" اننا نستطيع ان نطبق ما نرتضيه من القواعد على انفسنا ، ولكننا لانستطيع ان نفرضه على الاخرين .واضاف :" ومع ذلك فإنني افضل ان اكون واحدا من القادرين على تحمل كل الاكاذيب ، خيرا من ان اكون واحدا من العاجزين عن تحمل بعض الحقائق " .
توفي الاستاذ محمد حسنين هيكل يوم17 شباط -فبراير سنة 2016 رحمه الله وجزاه خيرا على ما قدم وبموته انتهى بريق الصحافة المصرية ، او لنقل لم نجد من يملأ مكانه ابدا .