راضي مهدي السعيد وسلام الشماع.................شاعر........... وصحفي
ابراهيم خليل العلاف
الحوار المتمدن
-
العدد: 8334 - 2025 / 5 / 6 - 14:50
المحور:
الادب والفن
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
عندما كتب الصحفي والكاتب الصديق والاخ الاستاذ سلام الشماع (1955-2022) عن الشاعر راضي مهدي السعيد ( 1932-2016) بعد وفاته في مثل هذا اليوم توفي 6-5-2016 مقالا في صفحته وبتاريخ 6 ايار 2016 لم يكن يدري انه سيموت بعده بعد ست سنوات فقط .
حقيقة انا كنت على تواصل مع المرحوم الاستاذ سلام الشماع وهو الاستاذ سلام بن الحاج كاظم جواد الخزرجي الشماع وقبل وفاته قال انهم سيصدرون كتابا عن الشاعرة الاستاذة الدكتورة بشرى البستاني وكلفني بالكتابة عنها ومن قبل اصدروا كتابا عن الاستاذ حميد سعيد وطلب مني ان اكتب عنه ففعلت وصدر الكتاب .
في يوم 2 ايلول -سبتمبر الماضي 2022 توفي الاستاذ سلام الشماع واتذكر انه كتب عن صديقه الصدوق الشاعر والمربي والكاتب الاستاذ راضي مهدي السعيد مقالا بعنوان ( إبكِ بغداد ..رحل شاعرك السعيد فقال : " أنا اليوم جد حزين..أشعر أن الأسى يجتاحني وعيني لا تكفان عن ذرف الدموع الحرى وأحس أني فقدت جزءاً من عمري وهوى صرح شامخ كانت تزدان به حياتي.رحل اليوم أعز أصدقائي الشاعر الكبير راضي مهدي السعيد (أبو ضياء)، الرجل المعلم، الهادئ العفيف، الوطني الشريف، الثابت أبي النفس الملتزم.ومنذ العام 1957 وحتى احتلال العراق في العام 2003 أصدر الشاعر السعيد دواوين عديدة كان أبرزها: (مرايا الزمن المنكسر 1972)، وكان قد صدر له في العام 1957 ديوان (رياح الدروب)، و(الشوق والكلمات 1977)، و(ابتهالات لوطن العشق 1985) والصيحة 1988)، إلى جانب مجموعتين شعريتين مشتركتين هما: (المعركة 1966) و(أصداء على الشفاه 1967)، ومن مؤلفاته: كتاب (لغتي) الذي صدر بالاشتراك.
ولد الشاعر راضي مهدي السعيد في محلة من محلات مدينة الكاظمية شمال بغداد تقع على نهر دجلة وتسمى (أم النومي)، في العام 1932، وقطع مراحل دراسته الابتدائية والثانوية بتفوق، وتخرج في معهد إعداد المعلمين، ثم في كلية الحقوق العراقية، ولكنه مارس مهنة التدريس منذ العام 1954، على خلاف أخيه الأكبر (صادق) الذي مارس المحاماة وكان له نشاط سياسي ملحوظ في العهد الملكي.
في بداية العام 1970 ترك الشاعر السعيد التدريس ليعمل في هيئة تحرير مجلة (الأقلام) الصادرة عن وزارة الثقافة والإعلام، وقتها، ثم عمل في مجلة (آفاق عربية) لسنوات عدة، كما عمل ضمن مجموعة من الأدباء في رقابة الكتب الأدبية والثقافية لإبداء الرأي في صلاحيتها، بعد تقاعده من وظيفته.
له قصيدة جميلة القاها في الاحتفالية التكريمية التي اقامها مجلس الخاقاني احتفاء بالاستاذ سلام الشماع وهو من ابناء الكاظمية يوم الاثنين 27/10/1997 يقول فيها :
فتى عاشقاً ألقى الخطى غير واهنِ
وما كان بالقلبِ الهلوعِ المداهنِ
فتى عاشقاً للحرف كان وقد سرى
علـى هديـه في كل خاف وبائـــن
فتى عاشقاً للحرف والحرف نبضة
على الروح تحيا في الضلوع الكوامنِ
فتى عاشقاً للحرف والحرف صيحةُ
إلى الحق تُنمى لا لكفِ الضغائنِ
فتى ركب الأيام صعباً مخاضها
ويعلمُ كم فيها هوى من مراهنِ
هو الحرف صوت الحاملين جراحهم
على كفّهم في كل عصفٍ وداجنِ
وهيهات أن يطفى لهيبُ نفوسهم
وفي الشفتين النار ذاتُ مداخنِ
لكلّ من السارين في مرتقى العنا
وفي مرمض الآلام دنيا مفاتنِ
وقد يفتن الإنسان في ومضة سرت
بأعماقه في كلّ نبض وكائنِ
"أبا زمن" إني وإاياك نلتقي
بألف خضّم مستجاش السفائنِ
وأنْ تبصر الواعين فيها وقد زكت
نفوسهمو مما حوت من بواطنِ
عهدتك تدري أنّ قلبي موزّعٌ
لكلّ أخ صافيته في كوامنِ
ولم أتزع منه المحبة والوفا
وكيف؟ وإني ذو فمٍ غير شائنِ
سعدت بمن آخيتهم ومنحتهم
صفائي وما صاحبتهم غير آمنِ
لكلّ امرئ فيما انتواه صحيفة
لتنبئ عما تحتوي من دفائنِ
"أبا زمن"، مهما تكن من ملاسنِ
فانّ صديق الحرفِ أنقى ملاسنِ
أبت نفسك المشبوبة الجمر أن ترى
فمَ الصبح يعلوه رمادً المداخنِ
فرحت تزيح الطين عنه ليجتلى
وتبصره كلّ الذرى والمدائنِ
نعمت بأستاذيك علماً وصحبةً
كما نعمت أرض بأزكى المعادنِ
بـ"محفوظ"و"الوردي"مذ صرت مالكاً
زمامَ يراعٍ مبدعٍ غيرَ واهنِ
نعمت بما قد ألهماكَ بصيرةً
وفكراً هما زادٌ لكلّ المحاسنِ
سلاماً "سلامٌ" من أخ مبدعٍ
سما في مراقي الشعرِ عذبَ الملاحنِ
سلاماً "سلامٌ" من أخ بك قد شدا
لأنّك لم تطعن فماً غيرَ طاعن
"أبا زمن" إنّ اليراعَ نشيده
خلودٌ وما صوت الخلودِ بظاعنِ
فكن بعض ما خطت به من صحائف
بها تغتدي الأيام بيض المآذن
"أبا زمن" خمساً وعشرين خضتها
أميناً على ما قد جلت من خزائنِ
لذا كرمتك اليوم صفوةُ أهلها
وأبنائها صوتا خلا من عواهنِ
"أبا زمن" ها قد أتيتك صادقاً
أوّفي ديون الحرف والودّ ضامني
رحم الله الشاعر راضي مهدي السعيد ورحم الله الصحفي سلام الشماع وطيب ثراهما وجزاهما خيرا على ماقدما كل في مجال تخصصه واهتماماته والصورة المنشورة التقطت في تسعينيات القرن الماضي، ويبدو فيها من اليسار الأديب عباس علي والوجيه السيد حيدر الصدر ثم الشاعر راضي مهدي السعيد فالكاتب والصحفي سلام الشماع ثم الدبلوماسي السيد عبد الحسين الرفيعي والكتبي عبد المطلب الأعرجي، وأخيرا الأكاديمي السيد يحيى البكاء، لقد رحل أكثر من في الصورة مخلفين لنا الذكريات الطيبة فليرحمهم الله جميعا.