خطوات وذكرى ..قصص قصيرة للقاصة والكاتبة هدير الجبوري
ابراهيم خليل العلاف
الحوار المتمدن
-
العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 14:04
المحور:
الادب والفن
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
ومنذ فضضت بريدي لهذا اليوم 26من حزيران - يونيو الجاري 2025 ، ووجدت فيه نسخة مهداة من قصص هدير الجبوري القصيرة ، سعدت جدا لمجرد ان رأيت المجموعة الانيقة الرشيقة .فشكرا لك هدير الجبوري على الاهداء الجميل واتمنى لك التألق الدائم .
واخذت اقرأ في المجموعة لاكتب عنها ، لكني وجدت من الضروري أن اقدم لها بكلمة فأقول أن الاخت الاستاذة هدير علي الجبوري ، كاتبة ، وصحفية عراقية من الموصل . سبق لي ان كتبتُ عنها ، وعن نصوصها النثرية (همس الجواري) في كتابي الذي صدر عن (دار ماشكي للطباعة والنشر والتوزيع ) في الموصل بعنوان ( نساء عراقيات ) . واراها بين يوم وآخر تنشط ، وتتألق ، وهي اليوم كاتبة مقال من الطراز الاول تكتب في جريدة (الزمان ) اللندنية ، وأقرأ لها كما يقرأ لها الكثيرون . اسلوبها جميل ، وعبارتها رشيقة ، ومضامينها مهمة وقيمة وجاذبة ـ وهكذا هو الكاتب المقروء هو – كما أصفه دوما – صاحب قلم ، وصاحب فكر بمعنى ان الاستاذة هدير علي الجبوري الكاتبة ، والصحفية ، والمبدعة صاحبة رسالة تنويرية تحملها لكي تساعد وتسهم في تقدم المجتمع ، وهذا هو ما نبتغيه من الكاتب بمفهوم (غرامشي) ان يكون مهموما بقضايا أهله ، وشعبه ، والانسانية يكتب لكي يعبر عن ما يحمله من أحاسيس ، ومشاعر تفيد في تحريك عجلة الفكر والثقافة الى الامام ، بهدف خلق وعي متقدم ، يساعد في بناء المجتمع ، وكم هي مهمة بناء المجتمع صعبة .
وفوق ما تحمله الاستاذة هدير الجبوري من مسؤوليات ؛ فهي تتمتع بخلق عالٍ ، وكياسة ، واحترام للآخرين ، وتواضع مع اعتزاز بالنفس ، وشموخ في التعامل ضمن حركة الحياة ، والمجتمع ، وهذه الصفات مساعدة لها في ان تؤدي رسالتها التنويرية بسلاسة ، ووضوح .
والاستاذة هدير الجبوري – كما أُتابعها وأراها – تحمل هموم جنسها (المرأة العراقية) ، والمرأة عموما فهي تتواصل معهن منذ زمن بعيد . تحاورهن ، وتناقشهن في موضوعات غاية في التعقيد ومنها ما يتعلق بالأسرة ، ومنها ما يتعلق بالأطفال ، ومنها ما يتعلق بهموم الحياة ، ومنها ما يتعلق بالدور الذي يقمن بهن سواء على صعيد الأدب ، والفكر ، والثقافة ، أو على صعيد البيت ، والاسرة والمجتمع .
اعود الى المجموعة القصصية ( خطوات وذكرى) ، وقد صدرت عن دار نون للطباعة والنشر وطبعت في مطبعة نركال -الموصل لاجد انها تضم (16) قصة قصيرة ، والقاسم المشترك لهذه القصص هو (الحزن) ، و(الحزن المبرر) ، والحزن كم يحتاجه الانسان لكي يشعر بقيمة الحياة ، وفائدتها وزيادة القدرة على تحمل مصاعبها ، ومشاكلها ، ومنغصاتها .
وهل انت حزينة ؟
تنهدت ندى ، وبدت تنهيدتها وكأنها تحمل كل السنين التي لم تعشها حقا " .قالت :
- انا ضائعة ...ولا احزن على شيء محدد ،بل على عمري كله ..وهذه الفتاة الحزينة -كما نقرأ في قصة عنوانها ( أين مني أنا ؟ " ، نعم حزينة لكنها عاقلة ، وصامدة، وقوية :"أراك دائما تتحملين ،وتبتسمين حتى حين تتعبين " ..تتحمل وتبتسم مع انها "لم تعش كما عاشت الفتيات الاخريات " .
وفي قصتها ( عند موقف الباص ...حين كان القلب أخضر" تترى الثيمة ذاتها ..فتاة شابة صغيرة لكن عنيدة ..صاحبة شخصية ..كانت تبدو اكبر من عمرها ..كانت النظرات تحدق بها ،إعجابا أو دهشة ، لاتعرف لكنها كانت تعرف طريقها أو على الاقل تتوهم أنه كذلك " .
قصص ، وقصص عناوينها :الملك الصالح -نهاية سورين -كنز على الرصيف - دمية من قماش - فستان قديم - غريبة في زقاق جديد - نُدبة لا تُشفى - خطوات وذكرى - حلم بعيد - سندويشة جبنة وحقيبة كبيرة - حين رحل فهد - عندموقف الباص ...حين كان القلب اخضر - إمرأة من الزمن الآخر - همسات الغياب - حبوب للحنين ..لماذا لم يخترعها أحد ؟ - اين مني أنا ؟ قصص فيها من الرومانسية الكثير ، وفيها من الواقعية الكثير رومانسية ، وواقعية هو اسلوب هدير : الواقع هو خزانها المليء الذي تأخذ منه ، ولكن تصوغ احداث هذا الواقع بعبارة رومانسية جميلة لا بل ورائعة .
طبعا لا أريد ان افسد على من يقرأ المجموعة لذة اكتشاف مضامين ، وابعاد ، وارهاصات هذه القصص لكن تظل الحقيقة الدامغة قائمة وهي ان هدير الجبوري قاصة متمكنة من ادواتها .زادها الله حكمة ، وبهاء ، والقا والى مزيد من النتاج القصصي الجميل .