-الشعر بين النحو والإبداع: قراءة في فكر أحمد صالح سلوم-..كتاب
احمد صالح سلوم
الحوار المتمدن
-
العدد: 8399 - 2025 / 7 / 10 - 21:19
المحور:
الادب والفن
كتاب نقدي في الأدب بعنوان: "الشعر بين النحو والإبداع: قراءة في فكر أحمد صالح سلوم"
مقدمة: الشعر كفن إنساني يتجاوز القواعد
1. إطار المقدمة: نقد الشعر العربي من منظور أحمد صالح سلوم
تُمثل مقالة الشاعر أحمد صالح سلوم المنشورة في موقع "رأي اليوم" اللندني بعنوان "لماذا لم يكتب العرب الشعر"، بالإضافة إلى ردوده على تعليقات القراء، نقطة انطلاق نقدية جريئة تهدف إلى إعادة تعريف الشعر العربي. يتحدى سلوم في مقاله التصورات التقليدية التي تُقيّم الشعر بناءً على الإلمام بالنحو، الصرف، والبحور التقليدية، مؤكدًا أن الشعر الحقيقي هو تعبير إنساني عميق يعتمد على العالم الجواني، القدرات التعبيرية، والموسيقى الداخلية. هذه الرؤية تُعيد النظر في جوهر الشعر كفن يتجاوز القواعد اللغوية ليعبر عن الذات والآخر بصدق وشفافية.
تستعرض هذه المقدمة رؤية سلوم النقدية، مع التركيز على فكرته الأساسية: أن الشعر ليس مجرد تمرين لغوي، بل فعل إبداعي ينبغي تحريره من قيود السلفية الشعرية والتأثيرات السياسية التي تُكرّس نمطًا شعريًا متكلسًا. من خلال تحليل نصوصه الشعرية، مثل قصيدة "إطلالة بعيدًا عن مصابيح قرطبة" ونماذج من قصائده القصيرة مثل "صور"، "اتحاد"، "نقص"، "وطن"، "شهادة"، "أنثى"، "أرشيف"، "امرأة"، و"صدمة"، يمكننا استكشاف كيف يترجم سلوم رؤيته النقدية إلى تجربة شعرية عملية.
2. سياق المقالة: نقد السلفية الشعرية
يبدأ سلوم مقاله بتساؤل استفزازي: "هل كتب العرب الشعر؟"، وهو سؤال لا ينفي وجود الشعر العربي، بل يدعو إلى إعادة تقييمه بعيدًا عن المعايير التقليدية. ينتقد سلوم التركيز المفرط على النحو والصرف، مشيرًا إلى أن خريجي كليات اللغة العربية، رغم إتقانهم للقواعد، لا ينتجون بالضرورة شعرًا عظيمًا. يستشهد بمحمود درويش كنموذج لشاعر تجاوز الأخطاء النحوية ليخلق شعرًا يتسم بالعمق والجمال، مما يدعم فكرته بأن "عالمك الجواني وقدراتك التعبيرية وجماليات مشاعرك اتجاه الذات والآخر والثقافة العميقة والنزوع الإنساني التقدمي هو من يحدد مستوى كتابتك الأدبي العظيم".
في ردوده على تعليقات القراء، يربط سلوم بين السلفية الشعرية والتأثيرات السياسية، مثل التمويل الخليجي والأجندات الاستشراقية التي تديرها أجهزة مخابرات غربية. يرى أن هذه التأثيرات تُكرّس نمطًا شعريًا متكلسًا يخدم القيم الأصولية أو القومجية، بعيدًا عن العمق الإنساني. هذا النقد يضع الشعر في سياق ثقافي وسياسي أوسع، حيث يصبح أداة للتعبير عن الهوية والمقاومة أو، على العكس، وسيلة لتكريس التخلف الثقافي.
3. تحليل قصيدة "إطلالة بعيدًا عن مصابيح قرطبة"
لتوضيح رؤية سلوم، نستعرض قصيدته "إطلالة بعيدًا عن مصابيح قرطبة"، التي تعكس بوضوح فلسفته الشعرية. القصيدة، التي تتسم بالتكثيف والإيقاع الداخلي، تتجاوز البحور التقليدية لتعبر عن تجربة إنسانية عميقة. في المقطع الأول:
> سَتُطِلُّ بَعْدَ قَلِيلٍ
> عَلَى مَسَاءٍ لَا يَنْبَعُ مِنَ الشَّامِ
> أَوْ أَنْدَلُسٍ
> وَلَنْ تَلْمَعَ أَمَامَكَ
> مَصَابِيحُ قُرْطُبَةَ
> فَقَدِ اسْتَدَارَ الطَّرِيقُ
هنا، يستخدم سلوم صورًا شعرية تُحيل إلى الاغتراب والفقدان، مستحضرًا الشام وقرطبة كرموز للتراث العربي المفقود. لكنه يرفض الوقوف عند الحنين التقليدي، مشيرًا إلى أن "مصابيح قرطبة" لن تلمع، وأن الطريق "استدار"، مما يعكس تجاوزًا للماضي نحو رؤية جديدة. هذه الصور تعبر عن فكرته بأن الشعر يجب أن يكون حرًا من قيود التقليد، متجاوزًا الأطر اللغوية والثقافية الجامدة.
في مقطع آخر:
> سَتُطِلُّ عَلَى مَسَاءٍ
> خَبَّأَتْهُ أُمٌّ فِي خِزَانَةِ الأَطْفَالِ
> حَيْثُ هُنَاكَ الكَثِيرُ مِنَ الحُبِّ
> وَالقَلِيلُ مِنْ نَوَافِذَ لِلْجُلَّنَارِ
يُبرز سلوم العمق الإنساني من خلال استحضار صورة الأم والأطفال، مما يعكس الصدق والشفافية التي يدعو إليها. القصيدة لا تعتمد على التفعيلة التقليدية، بل على إيقاع داخلي ينبع من تدفق المشاعر، مما يتماشى مع نقده للتركيز على "الطبلة والزمر" على حساب "السيمفونية الداخلية".
في الختام، تتحول القصيدة إلى صرخة مقاومة:
> قُرْبَ هَذَا النَّهَارِ
> أَطْفَالٌ لَمْ يَعُودُوا إِلَى أَسِرَّتِهِمْ
> أَوْ خِيَامِهِمْ
> لِيَفْتَرِشُوا الأَرْضَ
> فِي رَفَحٍ
هنا، يربط سلوم الشعر بالواقع الإنساني، مستحضرًا معاناة الأطفال في رفح، مما يعكس نزوعه الإنساني التقدمي الذي يدعو إليه في مقاله. القصيدة تتجاوز القواعد اللغوية لتصبح صوتًا للمقاومة والإنسانية.
4. تحليل نماذج قصيرة من شعر سلوم
تتضمن النماذج القصيرة التي اقدمها، مثل "صور"، "اتحاد"، "نقص"، "وطن"، "شهادة"، "أنثى"، "أرشيف"، "امرأة"، و"صدمة"، سمات رؤية سلوم الشعرية. هذه القصائد تتسم بالتكثيف، الإيقاع الداخلي، والتركيز على التجربة الإنسانية والسياسية. نستعرض بعضها:
- **صور**:
> تتداول في طريقها
> مرايا مهجورة
> واحداث موشورية
> وتتجوهر
> بالقصائد
> الراسية
> حول مفاتنها
هذه القصيدة تعكس فكرة سلوم عن الشعر كفعل إبداعي يتجاوز النمطية. صورة "المرايا المهجورة" و"الأحداث الموشورية" تُحيل إلى رؤية شعرية تتفاعل مع الواقع بطريقة غير تقليدية، بينما "تتجوهر بالقصائد" تشير إلى الشعر كجوهرة إبداعية لا تحتاج إلى قواعد صارمة.
- وطن:
> شجرة الخروب
> تمتزج
> بسماء فلاحة
> تحمل بين اكتافها
> جناحي طيرة
> الكرمل الفلسطيني
هنا، يربط سلوم الشعر بالهوية الفلسطينية، مستخدمًا صورًا طبيعية مثل "شجرة الخروب" و"الكرمل" ليعبر عن ارتباط الإنسان بالأرض. القصيدة تتجنب التفعيلة التقليدية، معتمدة على إيقاع داخلي يعكس الشفافية والصدق.
- **شهادة**:
> الجندي
> الذي لم يحلق ذقنه
> ولم تلمع أسلحته
> الا في أجساد الغزاة
> الامريكان
> مازال
> لم يستيقظ
> بعد
هذه القصيدة تعكس البعد السياسي في شعر سلوم، حيث ينتقد الإمبريالية ويحتفي بالمقاومة. اللغة المباشرة والصور القوية، مثل "الأسلحة التي تلمع في أجساد الغزاة"، تعبر عن نزوعه التقدمي ورفضه للنمطية الشعرية.
- صدمة:
> ها هنا
> نخرج
> من ذهولنا المشتعل
> الى المشهد المتوحش
> المطفأ
هذه القصيدة القصيرة تُبرز قدرة سلوم على التكثيف والدهشة، حيث يستخدم تناقضًا بين "الذهول المشتعل" و"المشهد المطفأ" ليعبر عن حالة الإنسان في مواجهة العنف والدمار. القصيدة تتجنب القافية التقليدية، معتمدة على الإيقاع الداخلي والصور الشعرية.
5. الشعر كفعل إبداعي: تجاوز القواعد
تعكس قصائد سلوم رؤيته النقدية التي تدعو إلى تحرير الشعر من قيود النحو والبحور التقليدية. في قصيدة "إطلالة بعيدًا عن مصابيح قرطبة"، يتجنب سلوم التفعيلة التقليدية، معتمدًا على إيقاع داخلي ينبع من تدفق المشاعر والصور الشعرية. كذلك، تُظهر قصائده القصيرة، مثل "وطن" و"شهادة"، قدرته على خلق لغة ساحرة وصادقة، كما دعا في مقاله. هذه اللغة لا تتقيد بالقواعد اللغوية، بل تسعى إلى التعبير عن الواقع الإنساني والسياسي بطريقة مباشرة وعميقة.
في ردوده على تعليقات القراء، يؤكد سلوم أن الشعر يقوم على "التكثيف والدهشة والموسيقى الداخلية والعمق الإنساني". هذه العناصر واضحة في قصائده، حيث يستخدم صورًا بسيطة ولكنها عميقة، مثل "شجرة الخروب" أو "أطفال رفح"، ليعبر عن تجارب إنسانية معقدة. هذا النهج يتماشى مع نقده للسلفية الشعرية، التي يراها وسيلة للتغطية على ضعف البناء الإبداعي.
6. السياق الثقافي والسياسي: الشعر كأداة مقاومة
يربط سلوم في مقاله بين الشعر والسياق الثقافي والسياسي، مشيرًا إلى أن السلفية الشعرية، المدعومة بالتمويل الخليجي والأجندات الاستشراقية، تهدف إلى إغراق الإبداع العربي. في قصائده، مثل "شهادة" و"إطلالة بعيدًا عن مصابيح قرطبة"، يظهر هذا البعد السياسي بوضوح. يستخدم سلوم الشعر كأداة للمقاومة، سواء ضد الإمبريالية أو ضد التقليد الشعري الذي يكبل الإبداع.
في ردوده، يقارن سلوم بين اللغة المرتبطة بالفكر الشيوعي التقدمي، التي يراها أغنى وأقدر على التعبير عن العلوم والفنون العصرية، واللغة السلفية التي يربطها بالتخلف العقلي. هذا الطرح يعكس التزامه بالقيم الإنسانية التقدمية، وهو ما يتجلى في قصائده التي تحتفي بالهوية الفلسطينية وتنتقد العنف الإمبريالي.
7. منهج الكتاب: تحليل نقدي مستند إلى نصوص سلوم
يتبنى الكتاب منهجًا نقديًا يجمع بين التحليل الأدبي، السياق الثقافي، والنقد الاجتماعي-السياسي. يعتمد الكتاب على نصوص سلوم الشعرية، مثل "إطلالة بعيدًا عن مصابيح قرطبة" والقصائد القصيرة، لاستكشاف كيفية ترجمته لرؤيته النقدية إلى تجربة شعرية. يتناول الكتاب خمسة محاور رئيسية:
1. العلاقة بين الشعر واللغة، وكيفية تحرير الشعر من قيود النحو والصرف.
2. مفهوم الموسيقى الداخلية والعمق الإنساني في شعر سلوم.
3. نقد السلفية الشعرية وتأثيرها على الإبداع العربي.
4. تجربة احمد صالح سلوم كنموذج للشعر الإنساني التقدمي.
5. مقارنة الشعر العربي بالشعر العالمي، مع التركيز على تحديات العصر.
8. أهمية رؤية سلوم ونصوصه الشعرية
تكمن أهمية رؤية سلوم في دعوتها إلى تحرير الشعر العربي من القيود التقليدية، سواء كانت لغوية أو ثقافية. قصائده، مثل "إطلالة بعيدًا عن مصابيح قرطبة" و"شهادة"، تُظهر قدرته على خلق لغة شعرية ساحرة وصادقة، تعبر عن التجربة الإنسانية والسياسية بطريقة عميقة. هذه النصوص تؤكد أن الشعر الحقيقي لا يحتاج إلى إتقان النحو أو التفعيلة، بل إلى القدرة على استحضار الدهشة والعمق الإنساني.
في سياق أوسع، تُسهم رؤية سلوم في إعادة تعريف الشعر العربي في زمن تسيطر فيه العولمة والتأثيرات السياسية على الإنتاج الثقافي. من خلال قصائده، يدعو سلوم إلى شعر يعبر عن التحولات الاجتماعية والإنسانية، متجاوزًا القيود التقليدية ليصبح صوتًا للمقاومة والإبداع.
9. الخلاصة: الشعر كفعل تحرر
تختتم المقدمة بدعوة إلى تحرير الشعر العربي من قيود النحو، الصرف، والبحور التقليدية، مستلهمة من نصوص سلوم التي تجمع بين العمق الإنساني والمقاومة السياسية. قصائده، مثل "إطلالة بعيدًا عن مصابيح قرطبة" و"وطن"، تُظهر كيف يمكن للشعر أن يكون أداة للتعبير عن الهوية، المقاومة، والحلم الإنساني. من خلال هذا الإطار، يسعى الكتاب إلى تقديم قراءة نقدية شاملة تربط بين شعر سلوم، رؤيته النقدية، والتحديات التي تواجه الشعر العربي المعاصر.
الفصل الأول: الشعر واللغة: ما وراء النحو والصرف
1. مقدمة: تحرير الشعر من قيود القواعد
يُقدّم الشاعر أحمد صالح سلوم في مقالته المنشورة في موقع "رأي اليوم" اللندني بعنوان "لماذا لم يكتب العرب الشعر"، رؤية نقدية جريئة تتحدى التصورات التقليدية عن الشعر العربي. يرى سلوم أن التركيز المفرط على النحو والصرف قد يكون وسيلة لإلهاء النقاد والقراء عن جوهر الشعر، وهو العمق الإنساني، الموسيقى الداخلية، والقدرة على التعبير عن الذات والآخر بصدق وشفافية. يؤكد سلوم أن "عالمك الجواني وقدراتك التعبيرية وجماليات مشاعرك اتجاه الذات والآخر والثقافة العميقة والنزوع الإنساني التقدمي هو من يحدد مستوى كتابتك الأدبي العظيم". هذه الرؤية تجعل من الشعر فعلاً إبداعيًا يتجاوز القواعد اللغوية، ليصبح تعبيرًا عن التجربة الإنسانية في أعمق معانيها.
يتناول هذا الفصل العلاقة بين الشعر واللغة في ضوء رؤية سلوم، مع التركيز على كيفية تحرير الشعر من قيود النحو والصرف. من خلال تحليل قصائده مثل "جدار البانتوسان العظيم"، "حراثة الأمل وما يتوجسه الغزاة"، و"ضوء التكوين الكستنائي"، بالإضافة إلى ردوده على تعليقات القراء في موقع "رأي اليوم" ونصوص منشورة في "الحوار المتمدن"، يستكشف الفصل كيف يترجم سلوم رؤيته النقدية إلى تجربة شعرية عملية. يُبرز الفصل أيضًا مقارنة بين الشعر التقليدي، الذي يعتمد على البحور والقواعد، والشعر الحديث الذي يسعى إلى خلق لغة جديدة تعبر عن التحولات الإنسانية والاجتماعية.
2. الشعر واللغة: نقد النحو والصرف كمعيار للإبداع
يبدأ سلوم مقالته بانتقاد حاد للاعتماد المفرط على النحو والصرف كمعايير لتقييم الشعر. يشير إلى أن خريجي كليات اللغة العربية، رغم إتقانهم للقواعد، لا ينتجون بالضرورة شعرًا عظيمًا، مستشهدًا بمحمود درويش الذي كتب شعرًا خالدًا رغم أخطائه النحوية. يقول سلوم: "لو كان الأدب مسألة نحو وصرف لكان لدينا ملايين الأدباء العرب الفطاحل". هذا النقد يُعيد النظر في التصور التقليدي للشعر كتمرين لغوي، مؤكدًا أن الشعر هو تعبير عن "اللغة الساحرة والدافئة والصادقة" التي لا تحتاج إلى الإلمام التام بالقواعد.
في ردوده على تعليقات القراء، يُبرز سلوم أن التركيز على النحو والصرف قد يكون وسيلة للتغطية على ضحالة النصوص الشعرية. يقول: "النقد النحوي والصرفي هو إلهاء الناس عن التمعن بضحالتهم الشعرية الأدبية". هذا الطرح يدعو إلى إعادة تعريف معايير تقييم الشعر، بحيث تُركز على العمق الإنساني والإبداعي بدلاً من الالتزام بالقواعد اللغوية.
3. تحليل قصيدة "جدار البانتوسان العظيم"
تُعد قصيدة "جدار البانتوسان العظيم" مثالًا واضحًا على رؤية سلوم الشعرية التي تتجاوز القواعد اللغوية لتعبر عن تجربة إنسانية وسياسية عميقة. القصيدة، التي تتناول جدار الفصل العنصري والاحتلال، تستخدم لغة شعرية تتسم بالتكثيف والصور الرمزية، مع إيقاع داخلي يعكس الموسيقى الداخلية التي يدعو إليها سلوم. في المقطع الأول:
> إِذَا تَنْتَظِرِينَ فِكْرَةً أَوْ نِهَايَةَ حُلْمٍ
> هَا أَنَا أَمُرُّ عَكْسَ قَلْبِي
> لِأَقْضِيَ عُمْرِي
> أَمْزُجُ نِصْفَ الْحَرْبِ مَعَ دَمْعَةِ الْذِّكْرَى
هنا، يستخدم سلوم صورًا شعرية مثل "نصف الحرب" و"دمعة الذكرى" ليعبر عن التناقض بين الواقع المؤلم والحنين إلى الماضي. اللغة لا تتقيد بالتفعيلة التقليدية، بل تعتمد على إيقاع داخلي ينبع من تدفق المشاعر، مما يتماشى مع رؤيته بأن الشعر يجب أن يكون حرًا من قيود البحور.
في مقطع آخر:
> حِينَ نَمُرُّ أَوَّلَ النَّهَارِ عَلَى حَوَاجِزِ الْإِرْهَابِ الصَّهْيُونِيِّ
> لَا أَشْتَهِي إِلَّا نَايًا يَنُوحُ عَلَى عَسَلِ الصَّهِيلِ
يستحضر سلوم صورة الحواجز الصهيونية، لكنه يحولها إلى تجربة شعرية من خلال رمزية "الناي" و"عسل الصهيل"، مما يعكس قدرته على خلق لغة ساحرة تعبر عن المقاومة والألم بطريقة غير مباشرة. هذه الصور تؤكد نقده للشعر التقليدي الذي يركز على "الطبلة والزمر"، حيث يقدم سلوم بديلاً يعتمد على "السيمفونية الداخلية".
القصيدة تنتهي بلغة نقد سياسي حاد:
> عَبَثًا يُؤَرِّخُ الْإِنْسَانُ لِمُغْتَصَبَاتٍ أَتْرَفَتْ
> مِنْ دَمْعِنَا وَدَمِنَا وَمَائِنَا
هنا، يربط سلوم الشعر بالمقاومة ضد الاحتلال، مؤكدًا أن الشعر الحقيقي هو الذي يعبر عن معاناة الإنسان ويواجه الظلم، بعيدًا عن القيود اللغوية.
4. تحليل قصيدة "حراثة الأمل وما يتوجسه الغزاة"
تُظهر قصيدة "حراثة الأمل وما يتوجسه الغزاة" التزام سلوم بالفكر التقدمي والمقاومة الثقافية. القصيدة تستحضر التراث العربي من خلال إشارات إلى قرطبة وعكا والقدس، لكنها تتجاوز الحنين التقليدي لتعبر عن رؤية مستقبلية للتحرر. في المقطع التالي:
> أَحْيَا لِأَقْرَأَ شِعْرَ لُورْكَا
> وَأَعْزِفَ وَتَرًا عَلَى عُودِ الْمَكَانِ لِقُرْطُبَةَ
> أَحُطُّ كَطَائِرٍ يُبْصِرُ مَا وَرَاءَ الْمَسَافَاتِ الْقَصِيَّةِ
يستحضر سلوم الشاعر الإسباني لوركا، مما يعكس انفتاحه على الثقافات الأخرى، وهو ما يتماشى مع نقده للسلفية الشعرية التي تحصر الشعر في البحور العربية. صورة "الطائر" و"المسافات القصية" تعبر عن حرية الشاعر في تجاوز القيود اللغوية والثقافية، بينما "عود المكان" يربط الشعر بالهوية والأرض.
في مقطع آخر:
> نَحْنُ رُوحُ الْمَكَانِ وَقِيَامَتُهُ
> فَلَا تُغَيِّرْ يَا سَيِّدَ الْإِرْهَابِ الْأَمْرِيكِيِّ شَرْقَنَا إِلَى غَرْبٍ
هنا، يؤكد سلوم على الشعر كأداة مقاومة ضد الإمبريالية، مستخدمًا لغة مباشرة ولكنها مشحونة بالعاطفة والرمزية. القصيدة لا تعتمد على التفعيلة التقليدية، بل على إيقاع داخلي يعكس التوتر بين الأمل والمقاومة.
5. تحليل قصيدة "ضوء التكوين الكستنائي"
تُبرز قصيدة "ضوء التكوين الكستنائي" قدرة سلوم على خلق لغة شعرية ساحرة وصادقة، كما دعا في مقاله. القصيدة تتناول الحب، الهوية، والمقاومة، مستخدمة صورًا شعرية تتسم بالتكثيف والدهشة. في المقطع التالي:
> لِنَنْسَ تَمَرُّدَ نَرْجِسَةِ الْحُبِّ
> عَلَى عِشْقِنَا
> لِنَنْسَ مَا نَحْثُ الْخُطَى مِنْ أَجْلِهِ
> كَيْ نَلْقِيَ عَلَيْهِ السَّلَامَ
يستخدم سلوم صورة "نرجسة الحب" ليعبر عن التناقض بين العشق والواقع، بينما "نحث الخطى" تشير إلى السعي الدائم نحو الحرية والمعنى. اللغة هنا لا تتقيد بالقواعد النحوية الصارمة، بل تعتمد على تدفق المشاعر والصور الشعرية.
في مقطع آخر:
> مَنْ أَنْتِ يَا سُنُونُو؟
> فَهَا أَنْتِ تُحَرِّرِينَ فَضَاءَنَا مِنْ سَرَابِهِ
> وَتَهَبِينَ لَنَا حِكْمَةَ الْبَحْرِ
صورة "السنونو" ترمز إلى الحرية والتحرر من الوهم، بينما "حكمة البحر" تعكس العمق الإنساني الذي يدعو إليه سلوم. القصيدة تتجنب القافية التقليدية، معتمدة على إيقاع داخلي يعكس الموسيقى الداخلية التي يؤكد عليها في مقاله.
6. الشعر الحديث مقابل الشعر التقليدي
يُقارن سلوم في مقاله بين الشعر التقليدي، الذي يعتمد على البحور العربية والتفعيلة، والشعر الحديث الذي يسعى إلى تحرير اللغة من هذه القيود. يرى أن الشعر التقليدي، الذي يشبه "طبلة وزمر"، يفتقر إلى العمق الإبداعي، بينما الشعر الحديث يجب أن يكون "سيمفونية داخلية" تعبر عن التجربة الإنسانية. قصائد سلوم، مثل "جدار البانتوسان العظيم" و"حراثة الأمل"، تُظهر هذا التحرر من خلال استخدام لغة حرة تتسم بالتكثيف والصور الرمزية.
في ردوده على تعليقات القراء، يؤكد سلوم أن "هناك فرق بين كتابة الشعر والإلمام بقواعد اللغة العربية وبحور الشعر". هذا الفرق واضح في قصائده، حيث يتجنب الالتزام بالبحور التقليدية، مفضلاً إيقاعًا داخليًا يعكس تدفق المشاعر والأفكار. على سبيل المثال، في قصيدة "ضوء التكوين الكستنائي"، تتدفق الصور الشعرية بحرية دون التقيد بوزن محدد، مما يخلق تجربة شعرية تعبر عن الدهشة والعمق الإنساني.
7. اللغة الساحرة والصادقة: تجربة سلوم الشعرية
في مقاله، يدعو سلوم إلى لغة شعرية "ساحرة ودافئة وصادقة"، وهي سمات تتجلى بوضوح في قصائده. على سبيل المثال، في قصيدة "جدار البانتوسان العظيم"، تستحضر صور مثل "شقائق النعمان" و"زيتون يبكي ماءه" مشاعر الحنين والمقاومة، بينما تظل اللغة سلسة وشفافة. كذلك، في "حراثة الأمل"، تعبر صورة "روح المكان وقيامته" عن ارتباط الشاعر بالهوية الفلسطينية، بينما تظل اللغة بعيدة عن التعقيدات النحوية.
في قصيدة "ضوء التكوين الكستنائي"، تتجلى اللغة الساحرة في استخدام صور مثل "نرجسة الحب" و"حكمة البحر"، التي تخلق إحساسًا بالدهشة والعمق. هذه اللغة تعكس نقد سلوم للشعراء الذين يركزون على النحو على حساب الإبداع، حيث يقول: "إذا كانت نصوصك مميزة وهم أعجز عن أن يكتبوا مثلها، لا تلتفت إليهم".
8. الشعر كأداة مقاومة وتعبير إنساني
تُبرز قصائد سلوم الشعر كأداة للمقاومة ضد الاحتلال والإمبريالية، وهو ما يتماشى مع دعوته إلى ربط الشعر بالفكر التقدمي. في "جدار البانتوسان العظيم"، ينتقد سلوم الاحتلال الصهيوني والتأثيرات الأمريكية، مستخدمًا صورًا مثل "جدار السطو العظيم" و"دم الفلسطيني" ليعبر عن معاناة الشعب الفلسطيني. هذا النهج يعكس رؤيته بأن الشعر يجب أن يكون صوتًا للإنسانية والمقاومة، بعيدًا عن القيود اللغوية.
في "حراثة الأمل"، يربط سلوم الشعر بالهوية الفلسطينية، مستحضرًا رموزًا مثل القدس وعكا ليؤكد على الارتباط بالأرض. هذا الارتباط يتجاوز القواعد اللغوية ليعبر عن تجربة إنسانية عميقة. كذلك، في "ضوء التكوين الكستنائي"، يمزج سلوم بين الحب والهوية، مستخدمًا صورًا مثل "السنونو" و"ضفائر امرأة قدسية" ليخلق لغة شعرية تعبر عن الحنين والأمل.
9. السياق الثقافي: نقد السلفية الشعرية
في مقاله، ينتقد سلوم السلفية الشعرية التي تركز على البحور والقواعد على حساب الإبداع. يربط هذه السلفية بالتأثيرات السياسية، مثل التمويل الخليجي والأجندات الاستشراقية، التي يراها تهدف إلى إغراق الإبداع العربي. في ردوده، يقول: "هناك أساطير مولها أسياد محميات الخليج لتكريس سلفية في مجال الشعر تركز على بحور الشعر لا تختلف عن السلفية الدينية". هذا النقد يتماشى مع قصائده التي ترفض النمطية وتسعى إلى خلق لغة شعرية جديدة.
على سبيل المثال، في "جدار البانتوسان العظيم"، يتجنب سلوم البحور التقليدية، مفضلاً إيقاعًا داخليًا يعكس التوتر بين المقاومة والاحتلال. هذا النهج يعكس دعوته إلى تحرير الشعر من "الرطانة وعزف الطبلة والزمر البدائي"، كما وصفها في ردوده.
10. الخلاصة: الشعر كلغة إنسانية حرة
يختتم الفصل بالتأكيد على أن رؤية سلوم وقصائده، مثل "جدار البانتوسان العظيم"، "حراثة الأمل"، و"ضوء التكوين الكستنائي"، تُظهر إمكانية تحرير الشعر من قيود النحو والصرف. من خلال لغة ساحرة وصادقة، يخلق سلوم تجربة شعرية تعبر عن العمق الإنساني والمقاومة السياسية، متجاوزًا البحور التقليدية ليؤكد أن الشعر هو "سيمفونية داخلية" تعكس الروح الإنسانية. هذا الفصل يمهد للأقسام اللاحقة التي ستستكشف الموسيقى الداخلية، السلفية الشعرية، وتجربة شعراء مثل محمود درويش، مع التركيز على كيفية تطبيق رؤية سلوم على الشعر العربي المعاصر.
الفصل الثاني: الشعر والإبداع: الموسيقى الداخلية والعمق الإنساني
1. مقدمة: الموسيقى الداخلية كجوهر الشعر
في مقالته المنشورة في موقع "رأي اليوم" اللندني بعنوان "لماذا لم يكتب العرب الشعر"، يقدم الشاعر أحمد صالح سلوم رؤية نقدية تؤكد أن الشعر الحقيقي يتجاوز القواعد اللغوية والبحور التقليدية ليعتمد على "الموسيقى الداخلية" و"العمق الإنساني". يرى سلوم أن الشعر ليس مجرد تمرين في النحو والصرف، بل هو فعل إبداعي ينبع من "عالمك الجواني وقدراتك التعبيرية وجماليات مشاعرك اتجاه الذات والآخر". هذه الموسيقى الداخلية، التي يشبهها بالسيمفونية التي تتردد في روح الشاعر، هي ما يمنح النص الشعري قوته وقدرته على إثارة الدهشة والتأثير في القارئ.
يتناول هذا الفصل مفهوم الموسيقى الداخلية والعمق الإنساني في ضوء رؤية سلوم، مع التركيز على كيفية تجسيدها في قصائده "نبض يبوس يغزل الأبجديات"، "نور يشغل جوانب القدس الخفية"، و"ميناء الروح ومافيات لاس فيغاس". من خلال تحليل هذه القصائد، بالإضافة إلى ردوده على تعليقات القراء في "رأي اليوم" ونصوصه المنشورة في "الحوار المتمدن"، يستكشف الفصل كيف يخلق سلوم تجربة شعرية تعبر عن الإنسانية، المقاومة، والدهشة الإبداعية، متجاوزًا القيود التقليدية للشعر العربي.
2. الموسيقى الداخلية: إيقاع الروح في شعر سلوم
يؤكد سلوم في مقاله أن الشعر الحقيقي يقوم على "التكثيف والدهشة والموسيقى الداخلية"، وهي عناصر تتجاوز التفعيلة التقليدية أو القافية المنمطة. يقول: "النقد النحوي والصرفي هو إلهاء الناس عن التمعن بضحالتهم الشعرية الأدبية وجعلها تعتبر أن النحو والتفعيلة هي الأساس وليس الموسيقى السيمفونية الداخلية". هذه الموسيقى الداخلية هي الإيقاع الذي ينبع من تجربة الشاعر الإنسانية، مشاعره، وتفاعله مع الواقع الاجتماعي والسياسي.
في قصيدة "نبض يبوس يغزل الأبجديات"، تتجلى هذه الموسيقى الداخلية بوضوح. القصيدة تتدفق بإيقاع داخلي يعكس الحنين إلى القدس والهوية الفلسطينية، دون التقيد بالبحور التقليدية:
> أَلَا تَذْكُرِينَ مَطَرَ الْحَنِينِ
> فَوْقَ حِبَالِ هَوَانَا
> هَلْ كَانَ فِي وُسْعِنَا أَنْ نُحْصِيَ تَدَفُّقَ الرَّيَاحِينِ
> بَيْنَ أَعْشَابِ دَمِنَا الذَّاهِبِ
هنا، يخلق سلوم إيقاعًا داخليًا من خلال تدفق الصور الشعرية، مثل "مطر الحنين" و"تدفق الرياحين"، التي تعبر عن مشاعر الحنين والفقدان. اللغة لا تتقيد بالتفعيلة، بل تعتمد على إيقاع عاطفي ينبع من التجربة الإنسانية، مما يعكس رؤيته بأن الشعر هو "سيمفونية داخلية" وليس مجرد "طبلة وزمر".
3. العمق الإنساني: الشعر كتعبير عن الهوية والمقاومة
يرى سلوم أن العمق الإنساني هو جوهر الشعر، حيث يصبح النص الشعري تعبيرًا عن التجربة الإنسانية في مواجهة الواقع. في قصيدة "نبض يبوس يغزل الأبجديات"، يربط سلوم الشعر بالهوية الفلسطينية، مستحضرًا القدس ويبوس كرموز للأرض والذاكرة:
> مِنْ زَهْرِ اللَّيْمُونِ نَعْرِفُ الْتِقَاءَ السَّاحِلِ الْفَلَسْطِينِيِّ
> بِقُدْسِهِ
> هَلْ كَانَ كَرْمَلُ اللَّوْزِ يَكْبُرُ لِيَحْيَا هَذَا السَّلَامُ الرَّحْبُ
هذه الصور تعبر عن ارتباط الشاعر بالأرض، لكنها تتجاوز الحنين التقليدي لتصبح صوتًا للمقاومة والأمل. اللغة هنا تتسم بالشفافية والصدق، كما دعا سلوم في مقاله: "إذا كانت نصوصك مميزة وهم أعجز عن أن يكتبوا مثلها، لا تلتفت إليهم". القصيدة لا تعتمد على قافية منمطة، بل على إيقاع داخلي يعكس نبض القدس وتاريخها.
في مقطع آخر:
> لَا بُدَّ مِنْ قَصِيدَةِ حُبٍّ لِنَرْقُصَ عَلَى هَدِيلِ الْحَمَامِ
> لَا بُدَّ مِنْ غَزَالَةٍ تَخْدِشُ احْتِفَالَنَا الْبَعِيدَ بِأَحْلَى اللُّغَاتِ
هنا، يمزج سلوم بين الحب والمقاومة، مستخدمًا صورة "هديل الحمام" و"الغزالة" ليعبر عن الأمل والجمال في مواجهة الاحتلال. هذا العمق الإنساني يجعل القصيدة تعبيرًا عن التجربة الفلسطينية، مع الحفاظ على لغة شعرية تتسم بالدهشة والإبداع.
4. تحليل قصيدة "نور يشغل جوانب القدس الخفية"
تُبرز قصيدة "نور يشغل جوانب القدس الخفية" قدرة سلوم على خلق موسيقى داخلية تعبر عن العمق الإنساني والمقاومة. القصيدة تتناول القدس كرمز للهوية والصمود، مستخدمة صورًا شعرية تتسم بالتكثيف والشفافية:
> بَعْدَ هَذَا السِّحْرِ يَا قُدْسُ
> إِنَّ السَّمَاءَ تُزَيِّنُ ذَاتَهَا لِذَاتِهَا
> لَمْ نَبْتَعِدْ عَنْ تَقَاسِيمِ حُزْنِكِ
هنا، يستحضر سلوم صورة القدس كمدينة ساحرة تحمل حزنًا عميقًا، لكنه يحوله إلى فعل مقاومة من خلال الإيقاع الداخلي الذي يتدفق مع الصور الشعرية. اللغة تتجنب التفعيلة التقليدية، معتمدة على تدفق المشاعر والأفكار، مما يعكس رؤية سلوم بأن الشعر هو "كتابة جديدة تقدم نفسها كل مرة بموسيقى أيضًا لا سابق لها".
في مقطع آخر:
> حَمَامٌ يَحْلِقُ مِثْلَنَا فِي غَابَةِ الْعَائِدِينَ وَالصَّامِدِينَ
> كُلُّ شَيْءٍ فِي أَزِقَّةِ وَحَوَارِي الْقُدْسِ
> يَعْزِفُ عَلَى أَوْتَارِهِ الْحَزِينَةِ
صورة "الحمام" و"أوتار الحزينة" تخلق إيقاعًا داخليًا يعبر عن الصمود والأمل في مواجهة الاحتلال. هذه الصور تعكس العمق الإنساني الذي يدعو إليه سلوم، حيث يصبح الشعر صوتًا للقدس وأهلها، متجاوزًا القيود اللغوية ليعبر عن التجربة الإنسانية بصدق.
5. تحليل قصيدة "ميناء الروح ومافيات لاس فيغاس"
تُظهر قصيدة "ميناء الروح ومافيات لاس فيغاس" البعد السياسي في شعر سلوم، حيث ينتقد الإمبريالية والصهيونية باستخدام لغة شعرية حادة ومشحونة بالعاطفة:
> مَدِيحُ الْوُصُولِ إِلَى مَرَافِئِ الرُّوحِ هُنَاكَ
> هُنَاكَ قُدْسُنَا تَطَّلِعُ عَلَى مَنَافِينَا
> لِتَسْأَلَ عَمَّا وَرَاءَ قِيَامَةِ الْفَلَسْطِينِيِّ
هنا، يستحضر سلوم القدس كرمز للروح والصمود، مستخدمًا صورة "مرافئ الروح" ليعبر عن الأمل في التحرر. اللغة تتسم بالتكثيف والدهشة، حيث يمزج بين الرمزية الشعرية والنقد السياسي، مما يعكس رؤيته بأن الشعر يجب أن يكون صوتًا للمقاومة.
في مقطع آخر:
> صَنَعُوا دِينًا يُحَاكِي ارْتِزَاقَهُمُ الدَّمَوِيَّ
> يَعْبُدُونَ آلِهَتَهُمُ الَّتِي تَرْعَى مَافِيَاتِ الْقَتْلِ وَالْمُخَدِّرَاتِ وَصِنَاعَةِ الْحُرُوبِ
هنا، ينتقد سلوم الإمبريالية والصهيونية، مستخدمًا لغة حادة تعبر عن العمق الإنساني من خلال فضح الظلم. الإيقاع الداخلي في القصيدة ينبع من التوتر بين الروح الفلسطينية والعنف الاستعماري، مما يجعلها مثالًا واضحًا على دعوة سلوم إلى شعر يعبر عن "التكثيف والدهشة".
6. الدهشة الإبداعية في شعر سلوم
في ردوده على تعليقات القراء، يؤكد سلوم أن الشعر يقوم على "الدهشة"، وهي القدرة على إثارة إحساس بالعجب والتأمل لدى القارئ. هذه الدهشة تتجلى في قصائده من خلال الصور الشعرية غير المتوقعة واللغة التي تتجاوز النمطية. على سبيل المثال، في "نبض يبوس يغزل الأبجديات"، تثير صورة "نبض يبوس" و"غزل الأبجديات" إحساسًا بالدهشة، حيث يحول سلوم القدس إلى كيان حي ينسج اللغة والتاريخ.
كذلك، في "نور يشغل جوانب القدس الخفية"، تخلق صورة "جوانب القدس الخفية" إحساسًا بالغموض والسحر، مما يعزز الدهشة الإبداعية. في "ميناء الروح ومافيات لاس فيغاس"، يثير استخدام "مافيات لاس فيغاس" كرمز للفساد الإمبريالي إحساسًا بالصدمة والتأمل، مما يجعل القصيدة تعبيرًا عن الدهشة الإبداعية التي يدعو إليها سلوم.
7. نقد السلفية الشعرية: الشعر كنقيض للنمطية
ينتقد سلوم في مقاله السلفية الشعرية التي تركز على التفعيلة والقافية على حساب العمق الإبداعي. يقول: "التركيز في البحور العربية على الرطانة وعزف الطبلة والزمر البدائي يأتي للتغطية على ضعف البناء الإبداعي". قصائده تُظهر هذا النقد عمليًا، حيث تتجنب البحور التقليدية، معتمدة على إيقاع داخلي يعكس التجربة الإنسانية. على سبيل المثال، في "نبض يبوس"، يتدفق النص بحرية دون التقيد بوزن محدد، مما يخلق موسيقى داخلية تعبر عن نبض القدس وأهلها.
في "نور يشغل جوانب القدس الخفية"، يتجنب سلوم القافية المنمطة، مفضلاً لغة شعرية تعتمد على الصور الرمزية والإيقاع العاطفي. هذا النهج يعكس دعوته إلى شعر يتجاوز "التفعيلة الواحدة الحر والبحور العربية الصحراوية"، كما وصفها في مقاله.
8. الشعر والفكر التقدمي
في ردوده على تعليقات القراء، يربط سلوم بين الشعر والفكر التقدمي، مشيرًا إلى أن "اللغة التي تقترن بالفكر الشيوعي التقدمي تصبح أغنى وأعمق وقادرة على التعبير عن الإبداع والعلوم والفنون العصرية". هذا البعد التقدمي واضح في قصائده، حيث يستخدم الشعر كأداة للمقاومة ضد الاحتلال والإمبريالية. في "ميناء الروح ومافيات لاس فيغاس"، ينتقد سلوم الفساد الإمبريالي، مستخدمًا لغة شعرية تعبر عن القيم الإنسانية التقدمية:
> فُقَهَاءُ الدِّينِ الصَّهْيُونِيِّ مَا شَأْنُهُمْ بِالْإِلَهِ
> غَيْرَ اغْتِصَابِ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ عِنْدَمَا يَشَاءُونَ
هنا، يحول سلوم الشعر إلى صوت للعدالة والمقاومة، مما يعكس التزامه بالفكر التقدمي الذي يدعو إليه.
9. الخلاصة: الشعر كسيمفونية إنسانية
يختتم الفصل بالتأكيد على أن قصائد سلوم، مثل "نبض يبوس يغزل الأبجديات"، "نور يشغل جوانب القدس الخفية"، و"ميناء الروح ومافيات لاس فيغاس"، تُجسد مفهوم الموسيقى الداخلية والعمق الإنساني. من خلال لغة شعرية ساحرة وصادقة، يخلق سلوم تجربة شعرية تعبر عن الهوية الفلسطينية، المقاومة، والأمل، متجاوزًا القيود التقليدية للبحور والقواعد اللغوية. هذه القصائد تؤكد رؤيته بأن الشعر هو فعل إبداعي يقوم على التكثيف والدهشة، مما يجعله صوتًا للإنسانية في مواجهة الظلم والاحتلال. يمهد هذا الفصل للأقسام اللاحقة التي ستناقش نقد السلفية الشعرية، تجربة محمود درويش، والشعر العربي في سياق عالمي.
الفصل الثالث: نقد السلفية الشعرية: تحرير الإبداع من قيود التقليد
1. مقدمة: السلفية الشعرية كقيد على الإبداع
في مقالته المنشورة في موقع "رأي اليوم" اللندني بعنوان "لماذا لم يكتب العرب الشعر"، يقدم الشاعر أحمد صالح سلوم نقدًا لاذعًا للسلفية الشعرية التي تهيمن على الإنتاج الأدبي العربي. يرى سلوم أن التركيز المفرط على النحو، الصرف، والبحور التقليدية يُشكّل قيدًا على الإبداع، حيث يُلهي النقاد والقراء عن جوهر الشعر: العمق الإنساني، الموسيقى الداخلية، والقدرة على التعبير عن الذات والواقع بصدق وشفافية. يقول سلوم: "النقد النحوي والصرفي هو إلهاء الناس عن التمعن بضحالتهم الشعرية الأدبية وجعلها تعتبر أن النحو والتفعيلة هي الأساس وليس الموسيقى السيمفونية الداخلية". هذا النقد يضع الشعر في سياق ثقافي وسياسي أوسع، حيث يربط سلوم السلفية الشعرية بالتأثيرات السياسية، مثل التمويل الخليجي والأجندات الاستشراقية، التي يراها تُكرّس نمطًا شعريًا متكلسًا يخدم القيم الأصولية أو القومجية.
يتناول هذا الفصل نقد سلوم للسلفية الشعرية، مع التركيز على كيفية تجسيد هذا النقد في قصائده "فراشات المعنى المقاوم"، "قصائد حب فوق هذه الأرض"، و"بيروت، يا حبر القصائد الحمراء". من خلال تحليل هذه القصائد، بالإضافة إلى ردوده على تعليقات القراء في "رأي اليوم" ونصوصه المنشورة في "الحوار المتمدن"، يستكشف الفصل كيف يحرر سلوم الشعر من قيود التقليد، مُقدمًا لغة شعرية ساحرة وصادقة تعبر عن المقاومة، الهوية، والإنسانية..
2. السلفية الشعرية: قيود التقليد وتأثيرها على الإبداع
يرى سلوم أن السلفية الشعرية، التي تُركز على الالتزام بالبحور العربية والقواعد اللغوية، تُعيق الإبداع وتحد من قدرة الشعر على التعبير عن التحولات الإنسانية والاجتماعية. في ردوده على تعليقات القراء، يقول: "هناك أساطير مولها أسياد محميات الخليج لتكريس سلفية في مجال الشعر تركز على بحور الشعر لا تختلف عن السلفية الدينية". هذا النقد يربط بين السلفية الشعرية والسياق السياسي، حيث يرى سلوم أن التمويل الخليجي والأجندات الاستشراقية تُكرس نمطًا شعريًا يخدم القيم الأصولية، بعيدًا عن الفكر التقدمي.
في قصائده، يتجاوز سلوم هذه القيود من خلال لغة شعرية حرة تتسم بالتكثيف والدهشة، معتمدًا على إيقاع داخلي يعكس الموسيقى الداخلية بدلاً من التفعيلة التقليدية. هذا النهج يعكس دعوته إلى تحرير الشعر من "الرطانة وعزف الطبلة والزمر البدائي"، كما وصفها في ردوده، ليصبح الشعر أداة للتعبير عن القيم الإنسانية والمقاومة ضد الظلم.
3. تحليل قصيدة "فراشات المعنى المقاوم"
تُعد قصيدة "فراشات المعنى المقاوم" مثالًا واضحًا على نقد سلوم للسلفية الشعرية، حيث تتجاوز القصيدة البحور التقليدية لتعبر عن المقاومة والعمق الإنساني. . فيما يلي مقطع من القصيدة:
> النص الأصلي:
> لَمْ يَمْلَئُوا جِرَارَهُمْ
> بِالْفِرْدَوْسِ الْمَفْقُودِ
> ……………………
> لَمْ تَنْدَفِعْ حَنَاجِرُهُمْ
> صَوْبَ مَزَامِيرِ
> رَأْسِ مَالِ الْأَمْرِيكَانِ
التحليل:
يستخدم سلوم في هذا المقطع لغة شعرية مباشرة ولكنها مشحونة بالرمزية، حيث ينتقد الخضوع للإمبريالية الأمريكية ("رأس مال الأمريكان") ويحتفي بالمقاومة الفلسطينية التي ترفض الاستسلام. صورة "الفردوس المفقود" تُحيل إلى الأرض الفلسطينية المغتصبة، بينما "حناجرهم" التي لا تندفع صوب "مزامير رأس المال" تعبر عن رفض الخضوع للثقافة الاستهلاكية. القصيدة لا تتقيد بالتفعيلة التقليدية، بل تعتمد على إيقاع داخلي يعكس التوتر بين المقاومة والاحتلال، مما يتماشى مع نقد سلوم للسلفية الشعرية.
في مقطع آخر :
> النص المصحح:
> هُمْ شَجَرُ الْخَرُّوبِ
> فِي أَرْضِ الْمَرْمَرِيَّةِ
> وَإِيَّائِلُ الْكَلَامِ
التحليل:
هنا، يستحضر سلوم صورًا طبيعية مثل "شجر الخروب" و"أرض المرمرية" ليعبر عن ارتباط الفلسطينيين بأرضهم، بينما "إيائل الكلام" ترمز إلى الشعر كأداة مقاومة. اللغة تتجنب القافية المنمطة، معتمدة على إيقاع داخلي يعكس الموسيقى الداخلية التي يدعو إليها سلوم. هذا النهج يعكس رفضه للسلفية الشعرية التي تُقيّد الشعر بالبحور التقليدية، مفضلاً لغة حرة تعبر عن العمق الإنساني.
4. تحليل قصيدة "قصائد حب فوق هذه الأرض"
تُظهر قصيدة "قصائد حب فوق هذه الأرض" قدرة سلوم على خلق لغة شعرية تجمع بين الحب والمقاومة، متجاوزة القيود التقليدية. :
> النص الأصلي:
> لَنَا فَوْقَ هَذِهِ السُّفُوحِ
> قَصَائِدُ حُبٍّ
> لَا بُدَّ مِنْهَا
> مَهْمَا حَاوَلَ الْأَعْدَاءُ
> أَنْ نَنْسَى كَيْفَ يَعْبُرُ السَّلَامُ
التحليل:
في هذا المقطع، يحتفي سلوم بالحب كفعل مقاومة، حيث تصبح "قصائد الحب" رمزًا للصمود في مواجهة الأعداء. اللغة تتسم بالبساطة والشفافية، مع إيقاع داخلي يعكس الأمل والتحدي. القصيدة تتجنب البحور التقليدية، مما يعكس نقد سلوم للسلفية الشعرية التي تُركز على التفعيلة على حساب العمق الإبداعي. صورة "السفوح" ترمز إلى الأرض الفلسطينية، بينما "السلام" يحمل دلالات مقاومة غير عنيفة، مما يجعل القصيدة تعبيرًا عن الفكر التقدمي الذي يدعو إليه سلوم.
في مقطع آخر :
> لَنَا فَوْقَ هَذِهِ الظَّهِيرَةِ
> تَحِيَّةٌ
> نَرْمِيهَا عَلَى خُيُوطِ الْأُرْجُوَانِ
التحليل:
هنا، يستخدم سلوم صورة "خيوط الأرجوان" لتعبر عن الجمال والإبداع في مواجهة الظلام الذي يفرضه الأعداء. اللغة تتسم بالتكثيف والدهشة، مع إيقاع داخلي يعكس الموسيقى الداخلية التي يؤكد عليها سلوم. هذا النهج يعكس رفضه للنمطية الشعرية، حيث يحرر الشعر من القيود التقليدية ليصبح صوتًا للحب والمقاومة.
5. تحليل قصيدة "بيروت، يا حبر القصائد الحمراء"
تُعد قصيدة "بيروت، يا حبر القصائد الحمراء" واحدة من أبرز نصوص سلوم التي تجمع بين نقد السلفية الشعرية والاحتفاء بالمقاومة. :
> النص الأصلي:
> بَيْرُوتُ يَا زَهْرَةَ غَارْدِينْيَا
> تَبْكِي قُرْبَ مَرْفَإِ الدُّنْيَا السَّابِحَةِ فِينَا
> وَالسَّلَامُ
التحليل:
في هذا المقطع، يحتفي سلوم ببيروت كرمز للجمال والمقاومة، مستخدمًا صورة "زهرة غاردينيا" لتعبر عن النقاء والحزن. اللغة تتسم بالشفافية والإيقاع الداخلي، مع تجنب البحور التقليدية، مما يعكس نقد سلوم للسلفية الشعرية. القصيدة تمزج بين الحنين إلى بيروت والنقد السياسي للإمبريالية والصهيونية، كما في المقطع التالي (مع التصحيح):
> النص الأصلي:
> يَا نَصْرًا مَزَّقَ
> كَرْخَانَةَ أُمَرَاءِ الْغَازِ وَالْكَازِ
التحليل:
هنا، ينتقد سلوم الأنظمة المدعومة بالتمويل الخليجي ("أمراء الغاز والكاز")، مستخدمًا لغة حادة ومشحونة بالعاطفة. صورة "النصر" الذي "مزق كرخانة" تعبر عن المقاومة ضد الفساد والإمبريالية، بينما الإيقاع الداخلي يعكس التوتر بين الأمل والظلم. هذا النهج يتماشى مع نقد سلوم للسلفية الشعرية، حيث يرفض النمطية ليخلق لغة شعرية تعبر عن الفكر التقدمي.
6. نقد السلفية الشعرية في سياق سياسي
في ردوده على تعليقات القراء، يربط سلوم بين السلفية الشعرية والتأثيرات السياسية، مثل التمويل الخليجي والأجندات الاستشراقية التي تديرها أجهزة مخابرات غربية. يقول: "هناك أساطير مولها أسياد محميات الخليج لتكريس سلفية في مجال الشعر تركز على بحور الشعر لا تختلف عن السلفية الدينية". هذا النقد يتجلى في قصائده، حيث يرفض اللغة الشعرية المنمطة التي تخدم القيم الأصولية، مفضلاً لغة حرة تعبر عن المقاومة والإنسانية.
في "فراشات المعنى المقاوم"، ينتقد سلوم الخضوع للإمبريالية والصهيونية، مستخدمًا صورًا مثل "وهم صنعه توارة الغزاة في تل أبيب" ليفضح الأساطير التي تُكرس التخلف الثقافي. في "قصائد حب فوق هذه الأرض"، يحتفي بالحب كفعل مقاومة، متجاوزًا النمطية الشعرية ليعبر عن الأمل والصمود. في "بيروت، يا حبر القصائد الحمراء"، ينتقد الأنظمة المدعومة بالتمويل الخليجي، مستخدمًا لغة شعرية تعبر عن الفكر التقدمي.
7. الشعر كفعل تحرر من التقليد
تُظهر قصائد سلوم قدرته على تحرير الشعر من قيود السلفية الشعرية، حيث يعتمد على لغة حرة تتسم بالتكثيف والدهشة. في "فراشات المعنى المقاوم"، تُبرز صورة "فراشات تحلق في قلوبهم" الإبداع الشعري الذي يتجاوز النمطية، بينما في "قصائد حب فوق هذه الأرض"، تعكس صورة "نبض آلهة نخترعها" قدرة الشاعر على خلق لغة جديدة تعبر عن الأمل والإبداع. في "بيروت، يا حبر القصائد الحمراء"، تُظهر صورة "حبر القصائد الحمراء" التزام سلوم بالشعر كأداة مقاومة وتحرر من القيود التقليدية.
هذا النهج يعكس دعوة سلوم إلى شعر يتجاوز "التفعيلة الواحدة الحر والبحور العربية الصحراوية"، كما وصفها في ردوده. بدلاً من الالتزام بالقواعد اللغوية، يركز سلوم على خلق موسيقى داخلية تعبر عن التجربة الإنسانية، مما يجعل قصائده صوتًا للمقاومة ضد الاحتلال والتخلف الثقافي.
8. الخلاصة: الشعر كصوت للتحرر
يختتم الفصل بالتأكيد على أن قصائد سلوم، مثل "فراشات المعنى المقاوم"، "قصائد حب فوق هذه الأرض"، و"بيروت، يا حبر القصائد الحمراء"، تُجسد نقده للسلفية الشعرية من خلال لغة شعرية حرة تعبر عن المقاومة، الهوية، والإنسانية. من خلال تجاوز البحور التقليدية والتركيز على الموسيقى الداخلية والدهشة الإبداعية، يقدم سلوم نموذجًا لشعر تقدمي يتحدى القيود الثقافية والسياسية. هذا الفصل يمهد للأقسام اللاحقة التي ستناقش تجربة محمود درويش والشعر العربي في سياق عالمي، مع التركيز على دور الشعر كأداة للتحرر والإبداع.
الفصل الرابع: الشعر كصوت الحب والثورة: تجاوز التقليد نحو الإنسانية
1. مقدمة: الشعر كتعبير عن الحب والفكر التقدمي
في رؤيته النقدية المنشورة في موقع "رأي اليوم" بعنوان "لماذا لم يكتب العرب الشعر"، يؤكد الشاعر أحمد صالح سلوم أن الشعر الحقيقي هو تعبير عن "العالم الجواني" و"جماليات المشاعر"، متجاوزًا قيود النحو والصرف والبحور التقليدية. يرى سلوم أن الشعر يجب أن يكون لغة ساحرة وصادقة، تعكس العمق الإنساني والفكر التقدمي، بعيدًا عن السلفية الشعرية التي يربطها بالتأثيرات السياسية الرجعية. في هذا السياق، يصبح الحب والثورة موضوعين متلازمين في شعره، حيث يحول الحب إلى فعل مقاومة ضد الظلم والاستعباد، ويجعل الثورة تعبيرًا عن الشغف الإنساني بالحرية.
يتناول هذا الفصل كيفية تجسيد سلوم لهذه الرؤية في قصائده "اجلسي قليلاً"، "عدت إلى كتابة الشعر"، و"انفجارات قصيدتي"، مع التركيز على كيفية استخدامه للحب كرمز للتحرر والثورة. من خلال تحليل هذه القصائد، بالإضافة إلى ردوده على تعليقات القراء في "رأي اليوم" ونصوصه المنشورة في "الحوار المتمدن"، يستكشف الفصل كيف يحرر سلوم الشعر من القيود التقليدية ليصبح صوتًا للإنسانية والفكر التقدمي.
2. الحب كثورة: تجاوز النمطية الشعرية
في مقاله، يؤكد سلوم أن الشعر يجب أن يكون "لغة ساحرة ودافئة وصادقة"، تعبر عن التجربة الإنسانية بعمق وشفافية. يرى أن التركيز على النحو والصرف يُلهي عن جوهر الشعر، وهو "الموسيقى السيمفونية الداخلية". في قصائده، يحول سلوم الحب إلى فعل ثوري، يتحدى القيود الثقافية والسياسية، ويصبح رمزًا للمقاومة ضد الاستعباد والخرافات. هذا البعد التقدمي يتجلى بوضوح في قصائده التي تمزج بين العاطفة الشخصية والنضال الجماعي، مما يعكس التزامه بالفكر الشيوعي الذي يدعو إليه في ردوده: "اللغة التي تقترن بالفكر الشيوعي التقدمي تصبح أغنى وأعمق وقادرة على التعبير عن الإبداع والعلوم والفنون العصرية".
3. تحليل قصيدة "اجلسي قليلاً" (مع التصحيح اللغوي والتشكيلي)
تُعد قصيدة "اجلسي قليلاً"، المنشورة في 12 سبتمبر 2018، مثالًا رائعًا على قدرة سلوم على تحويل الحب إلى فعل مقاومة. :
> النص الأصلي:
> اجْلِسِي قَلِيلًا
> حَتَّى نَضَعَ النُّقَاطَ عَلَى مُرَادِفَاتِ حُبِّنَا
> فَأَنْتِ مُنْذُ أَعْلَنْتِ انْتِفَاضَةَ نَهْدَيْكِ
> لَمْ تَتَوَقَّفْ فَتْوَحَاتُكِ فِي جَسَدِي
التحليل:
في هذا المقطع، يحول سلوم الحب إلى "انتفاضة"، مستخدمًا صورة "نهديكِ" كرمز للثورة العاطفية والسياسية. اللغة تتسم بالتكثيف والدهشة، حيث يمزج بين العاطفة الشخصية ("حبنا") والنضال الجماعي ("انتفاضة"). القصيدة تتجنب البحور التقليدية، معتمدة على إيقاع داخلي يعكس الموسيقى الداخلية التي يدعو إليها سلوم. هذا النهج يعكس نقده للسلفية الشعرية، حيث يرفض النمطية ليخلق لغة شعرية تعبر عن الحب كفعل تحرر.
في مقطع آخر :
> النص الأصلي:
> وَهَا هِيَ أَجْهِزَةُ مُخَابَرَاتِ الْأَعْدَاءِ تَسْرِقُ أَشْعَارِي
> فَقَدْ عَرَفُوا أَنَّ مُوسِيقَى جَسَدِكِ
> سَتُطْلِقُ كُلَّ الشُّعُوبِ فِي انْتِفَاضَاتٍ
التحليل:
هنا، يربط سلوم بين الحب والثورة، حيث تصبح "موسيقى جسدكِ" رمزًا للإلهام الذي يحرك الشعوب نحو الانتفاضة. اللغة تتسم بالشفافية والعاطفة، مع إيقاع داخلي يعكس التوتر بين الحب الشخصي والنضال الجماعي. هذا المزج بين العاطفة والسياسة يعكس التزام سلوم بالفكر التقدمي، حيث يرى أن الشعر يجب أن يكون صوتًا للتحرر من الخرافات والاستعباد.
4. تحليل قصيدة "عدت إلى كتابة الشعر"
تُظهر قصيدة "عدت إلى كتابة الشعر" قدرة سلوم على تحويل الحب إلى مصدر إلهام شعري وثوري.
> النص الأصلي:
> عُدْتُ إِلَى كِتَابَةِ الشِّعْرِ
> مِنْ أَجْلِ تَسَابِيحِ نَهْدَيْكِ
> مِنْ أَجْلِ الْيَاسَمِينِ الَّذِي تَخَلَّصَ مِنْ يَبَاسِهِ
التحليل:
في هذا المقطع، يحتفي سلوم بالحب كمصدر للإبداع الشعري، حيث تصبح "تسابيح نهديكِ" و"الياسمين" رموزًا للجمال والتجدد. اللغة تتجنب البحور التقليدية، معتمدة على إيقاع داخلي يعكس تدفق العاطفة. هذا النهج يعكس نقد سلوم للسلفية الشعرية، حيث يرفض الالتزام بالتفعيلة ليخلق لغة شعرية تعبر عن الحب كفعل تحرر من القيود الثقافية.
في مقطع آخر :
> فَهَذَا بَابْلُو نِيرُودَا شَهِيدًا
> مِنْ أَجْلِ أَنْ يَتَسَكَّعَ صَبَاحًا
> قُرْبَ جُمْهُورِيَّةِ الْإِنْشَادِ الشُّيُوعِيِّ
التحليل:
هنا، يستحضر سلوم الشاعر الشيوعي بابلو نيرودا كرمز للشعر الثوري، مما يعكس التزامه بالفكر التقدمي. صورة "جمهورية الإنشاد الشيوعي" ترمز إلى الشعر كأداة للتحرر من الخرافات والاستعباد. اللغة تتسم بالتكثيف والدهشة، مع إيقاع داخلي يعكس الموسيقى الداخلية التي يدعو إليها سلوم، مما يجعل القصيدة تعبيرًا عن الحب كفعل ثوري.
5. تحليل قصيدة "انفجارات قصيدتي"
تُبرز قصيدة "انفجارات قصيدتي" قدرة سلوم على تحويل الحب إلى تجربة شعرية متفجرة، تعبر عن العاطفة والنضال في آن واحد
> النص الأصلي:
> عِنْدَمَا تَتَفَجَّرُ الْقَصَائِدُ بَيْنَ يَدَيَّ
> تَطِيرُ الْفَرَاشَات
بيني وبين الكلمات
التحليل:
في هذا المقطع، يحول سلوم الحب إلى "انفجارات" شعرية، حيث تصبح "الفراشات" رمزًا للإبداع والحرية. اللغة تتسم بالتكثيف والدهشة، مع إيقاع داخلي يعكس التوتر العاطفي بين الحب والعذاب. القصيدة تتجنب البحور التقليدية، مما يعكس نقد سلوم للسلفية الشعرية التي تُقيّد الإبداع بالتفعيلة والقافية.
في مقطع آخر :
> أَنَا مَنْ قَرَّرَ الِانْتِحَارَ
> بَيْنَ أَسْوَارِ عِشْقِكِ
> وَلَكِنِّي لَمْ أَكُنْ أَعْلَمُ
> أَنَّ فِي تَفَاصِيلِكِ
> كُلَّ هَذَا الْعَذَابِ
التحليل:
هنا، يمزج سلوم بين الحب والعذاب، مستخدمًا صورة "الانتحار بين أسوار عشقك" ليعبر عن التوتر العاطفي. اللغة تتسم بالشفافية والعاطفة، مع إيقاع داخلي يعكس الموسيقى الداخلية التي يدعو إليها سلوم. هذا النهج يعكس رفضه للنمطية الشعرية، حيث يحرر الشعر من القيود التقليدية ليصبح تعبيرًا عن العمق الإنساني.
6. الحب والثورة: البعد التقدمي في شعر سلوم
في ردوده على تعليقات القراء، يؤكد سلوم أن الشعر يجب أن يكون مرتبطًا بالفكر التقدمي، مشيرًا إلى أن "اللغة التي تقترن بالفكر الشيوعي التقدمي تصبح أغنى وأعمق". هذا البعد التقدمي واضح في قصائده، حيث يحول الحب إلى فعل مقاومة ضد الخرافات والاستعباد. في "اجلسي قليلاً"، ينتقد سلوم "عملاء الأمريكان والصهاينة"، مستخدمًا الحب كرمز للثورة ضد الإمبريالية. في "عدت إلى كتابة الشعر"، يستحضر شعراء مثل بابلو نيرودا وأندريه بريتون كرموز للشعر الثوري، مما يعكس التزامه بالفكر الشيوعي. في "انفجارات قصيدتي"، يحول الحب إلى "فراشات ملونة" ترمز إلى الإبداع والتحرر من القيود الثقافية.
هذا المزج بين الحب والثورة يعكس نقد سلوم للسلفية الشعرية، حيث يرفض الالتزام بالبحور التقليدية ليخلق لغة شعرية تعبر عن القيم الإنسانية التقدمية. يقول في ردوده: "إذا كانت نصوصك مميزة وهم أعجز عن أن يكتبوا مثلها، لا تلتفت إليهم". قصائده تُجسد هذه الرؤية، حيث تتجاوز النمطية لتصبح صوتًا للحب والثورة.
7. الشعر كسيمفونية داخلية
تُظهر قصائد سلوم قدرته على خلق "سيمفونية داخلية"، كما دعا في مقاله، حيث تعتمد على إيقاع داخلي ينبع من العاطفة والفكر التقدمي. في "اجلسي قليلاً"، تخلق صورة "موسيقى جسدكِ" إيقاعًا داخليًا يعكس التوتر بين الحب والنضال. في "عدت إلى كتابة الشعر"، تعكس صورة "فراشات ملونة" تدفق العاطفة والإبداع، بينما في "انفجارات قصيدتي"، تخلق صورة "القصائد المتفجرة" إحساسًا بالدهشة والتحرر. هذه الصور تتجاوز البحور التقليدية، مما يجعل القصائد تعبيرًا عن الموسيقى الداخلية التي يدعو إليها سلوم.
8. الخلاصة: الشعر كصوت للحب والتحرر
يختتم الفصل بالتأكيد على أن قصائد سلوم، مثل "اجلسي قليلاً"، "عدت إلى كتابة الشعر"، و"انفجارات قصيدتي"، تُجسد رؤيته للشعر كصوت للحب والثورة. من خلال لغة شعرية ساحرة وصادقة، يحرر سلوم الشعر من قيود السلفية الشعرية، معتمدًا على الموسيقى الداخلية والعمق الإنساني. هذه القصائد تمزج بين العاطفة الشخصية والنضال الجماعي، مما يجعلها تعبيرًا عن الفكر التقدمي الذي يدعو إلى التحرر من الخرافات والاستعباد. يمهد هذا الفصل للأقسام اللاحقة التي ستناقش تأثير شعراء مثل محمود درويش وبابلو نيرودا، والشعر العربي في سياق عالمي، مع التركيز على دور الشعر كأداة للتحرر والإبداع.
الفصل الخامس: الشعر كصوت المقاومة والهوية: تجليات الإنسانية في مواجهة الظلم
1. مقدمة: الشعر كمرآة للمعاناة والصمود
في رؤيته النقدية المنشورة بموقع "رأي اليوم" بعنوان "لماذا لم يكتب العرب الشعر"، يقدم الشاعر أحمد صالح سلوم رؤية ثورية تؤكد أن الشعر الحقيقي هو تعبير عن "العمق الإنساني" و"الموسيقى الداخلية"، متجاوزًا قيود النحو والصرف والبحور التقليدية. يرى سلوم أن الشعر يجب أن يكون صوتًا للمقاومة والهوية، يعكس معاناة الإنسان وصموده في مواجهة الظلم والاحتلال. في هذا السياق، يصبح الشعر أداة للتعبير عن الألم الفلسطيني، اللجوء، والمقاومة ضد الإمبريالية والصهيونية، مع الحفاظ على لغة ساحرة وصادقة تعبر عن الفكر التقدمي.
يتناول هذا الفصل كيفية تجسيد سلوم لهذه الرؤية في قصائده القصيرة ("فتاة"، "تقوقع"، "عجز"، "تأخر"، "تعاقب"، "فراشة"، "المطلق") وقصيدته الطويلة "ناصع كحليب الإعاشة". من خلال تحليل هذه القصائد، بالإضافة إلى ردوده على تعليقات القراء في "رأي اليوم" ونصوصه المنشورة في "الحوار المتمدن"، يستكشف الفصل كيف يحول سلوم الشعر إلى مرآة للمعاناة الفلسطينية وصوت للمقاومة، متجاوزًا النمطية الشعرية ليخلق لغة تعبر عن الهوية والإنسانية.
2. الشعر كصوت للمقاومة: تجاوز القيود التقليدية
في مقاله، ينتقد سلوم السلفية الشعرية التي تُقيّد الإبداع بالبحور التقليدianas والقواعد اللغوية، مؤكدًا أن "النقد النحوي والصرفي هو إلهاء الناس عن التمعن بضحالتهم الشعرية الأدبية". يدعو إلى شعر يعتمد على "الموسيقى السيمفونية الداخلية"، تعبيرًا عن التجربة الإنسانية والنضال ضد الظلم. قصائده القصيرة والطويلة تُجسد هذه الرؤية، حيث تتجاوز البحور التقليدية لتعبر عن الألم الفلسطيني والصمود في مواجهة الاحتلال، مع الحفاظ على لغة شعرية مشحونة بالعاطفة والرمزية.
3. تحليل القصائد القصيرة: التكثيف والدهشة (مع التصحيح اللغوي والتشكيلي)
تتميز القصائد القصيرة ("فتاة"، "تقوقع"، "عجز"، "تأخر"، "تعاقب"، "فراشة"، "المطلق") بتكثيفها الشعري وقدرتها على خلق صور رمزية تعبر عن الهوية والمقاومة
3.1. قصيدة "فتاة"
> النص الأصلي:
> خَلْفَ تِلْكَ الْمِزْهَرِيَّةِ
> يَتَرَقْرَقُ
> نَهْرٌ
> بِرَائِحَةِ الْمِسْكِ
التحليل:
تُجسد هذه القصيدة قدرة سلوم على التكثيف الشعري، حيث تحول "المزهرية" و"النهر" إلى رموز للجمال والهوية الفلسطينية. صورة "رائحة المسك" تثير إحساسًا بالحنين والنقاء، بينما الإيقاع الداخلي يعكس الموسيقى الداخلية التي يدعو إليها سلوم. القصيدة تتجنب البحور التقليدية، مما يعكس نقده للسلفية الشعرية.
3.2. قصيدة "تقوقع"
> النص الأصلي:
> مَا مِنْ كَفَنٍ
> يَتْلُو
> عَذَابَاتِكِ
التحليل:
تُعبر هذه القصيدة عن الألم والعزلة في مواجهة التخلف الثقافي ("أصطبل السلف"). اللغة تتسم بالتكثيف والدهشة، مع إيقاع داخلي يعكس التوتر بين المعاناة والصمود. هذا النهج يعكس رفض سلوم للنمطية الشعرية، حيث يحرر الشعر ليعبر عن التجربة الإنسانية.
3.3. قصيدة "عجز"
> **النص الأصلي:**
> لم نستطع
> ان نتحول
> الى ضمادة
> **النص المصحح:**
> لَمْ نَسْتَطِعْ
> أَنْ نَتَحَوَّلَ
> إِلَى ضِمَادَةٍ
التحليل:
تعبر القصيدة عن العجز الإنساني في مواجهة الألم واللجوء، لكنها تحمل بصيص أمل من خلال صورة "الضمادة". اللغة المكثفة تعكس الموسيقى الداخلية، متجاوزة البحور التقليدية.
3.4. قصيدة "تأخر":
> أَجَلْ،
> مَا مَعْنَى
> أَنْ تَتَوَهَّجَ
التحليل:
تتناول القصيدة تأخر الأمل في مواجهة الألم، مع صورة "عظام صرخاتك" التي تعبر عن المعاناة. الإيقاع الداخلي يعكس دعوة سلوم للشعر الحر.
3.5. قصيدة "تعاقب":
> كَمَا يَحْدُثُ عَادَةً
> بَيْنَ الظَّلَامِ
> وَالنُّورِ
التحليل:
تعبر القصيدة عن الصراع بين الظلام والنور كرمز للمقاومة والأمل، مع لغة حرة تتجاوز القيود التقليدية.
3.6. قصيدة "فراشة"
> قَدْ لَا نَعْثُرَ عَلَيْهِ
> فِي تَلَافِيفِ الْقَصِيدَةِ
> وَلَكِنْ
التحليل:
ترمز "الفراشة" إلى الحرية والإبداع، مع لغterritoriesإيقاع داخلي يعكس الموسيقى الداخلية. القصيدة تتحدى النمطية الشعرية.
3.7. قصيدة "المطلق"
> النص الأصلي:
> أَيُّهَا الْقَارِبُ الْمَصْبُوبُ
> فِي هَذَا الْمَدَى
> الْأَزْرَقِ
التحليل:
تُعبر القصيدة عن تأمل الهوية والحرية، مع صورة "السماء التي تنتبه إلى انعكاسها" التي تثير الدهشة.
4. تحليل قصيدة "ناصع كحليب الإعاشة"
تُعد قصيدة "ناصع كحليب الإعاشة" صوتًا قويًا للمقاومة الفلسطينية، حيث تعبر عن الألم والصمود في مواجهة الاحتلال.
> النص الأصلي:
> نَاصِعٌ كَحَلِيبِ الْإِعَاشَةِ
> وَأَنْتِ تُرْشِدِينَنَا
> عَلَى شَيْءٍ مَا
> بَيْنَ تَلَافِيفِ
> دُمُوعِ اللَّجُوءِ الْمُرِّ
التحليل:
تُجسد القصيدة معاناة اللجوء والاحتلال، حيث تستحضر صورة "حليب الإعاشة" كرمز للأمل الزائف في مواجهة المأساة. اللغة تتسم بالتكثيف والعاطفة، مع إيقاع داخلي يعكس الألم والصمود. القصيدة تتجنب البحور التقليدية، مما يعكس نقد سلوم للسلفية الشعرية.
في مقطع آخر:
> مَنْ لَمْ يَقْرَأْ قَصَائِدَكَ
> لَنْ يَفْهَمَ مَا مَعْنَى
> أَنْ تَجْثُوَ الْأُمَّهَاتُ قُرْبَ أَشْلَاءِ أَطْفَالِهِنَّ
التحليل:
هنا، ينتقد سلوم وحشية الاحتلال، مستخدمًا صورة "الأمهات تجثو قرب أشلاء أطفالهن" لتعبر عن المأساة الفلسطينية. اللغة المشحونة بالعاطفة تعكس العمق الإنساني، بينما الإيقاع الداخلي يحرر القصيدة من القيود التقليدية.
5. الشعر والهوية الفلسطينية
تُبرز قصائد سلوم الهوية الفلسطينية كمحور أساسي، حيث يحول المعاناة إلى صوت مقاومة. في "ناصع كحليب الإعاشة"، تعبر صورة "طفلة فقدت أهلها في غزة" عن الألم والصمود، بينما القصائد القصيرة مثل "فتاة" و"فراشة" تستحضر الجمال والحرية كرموز للهوية. هذا النهج يعكس التزام سلوم بالفكر التقدمي، حيث يقول في ردوده: "اللغة التي تقترن بالفكر الشيوعي التقدمي تصبح أغنى وأعمق".
6. نقد السلفية الشعرية: التحرر من القيود
تتجاوز قصائد سلوم البحور التقليدية، معتمدة على الإيقاع الداخلي والتكثيف الشعري. في "ناصع كحليب الإعاشة"، تتحرر اللغة من النمطية لتعبر عن المأساة الفلسطينية، بينما القصائد القصيرة مثل "فراشة" و"المطلق" تخلق صورًا رمزية تثير الدهشة. هذا النهج يعكس نقد سلوم للسلفية الشعرية التي تُقيّد الإبداع بالقواعد اللغوية.
7. الخلاصة: الشعر كصوت للإنسانية
يختتم الفصل بالتأكيد على أن قصائد سلوم، سواء القصيرة أو الطويلة، تُجسد رؤيته للشعر كصوت للمقاومة والهوية. من خلال لغة ساحرة وصادقة، يحرر سلوم الشعر من قيود السلفية الشعرية، معتمدًا على الموسيقى الداخلية والعمق الإنساني. هذه القصائد تعبر عن الألم الفلسطيني والصمود في مواجهة الاحتلال، مما يجعلها صوتًا للإنسانية والفكر التقدمي. يمهد هذا الفصل للأقسام اللاحقة التي ستناقش تأثير شعراء مثل محمود درويش وبابلو نيرودا، والشعر العربي في سياق عالمي.
خاتمة: الشعر كروح المقاومة ونبض الإنسانية في إبداع أحمد صالح سلوم
1. المقدمة: الشعر كمرآة للروح الإنسانية
في رؤيته النقدية المنشورة بموقع "رأي اليوم" بعنوان "لماذا لم يكتب العرب الشعر"، يقدم الشاعر أحمد صالح سلوم رؤية ثورية تؤكد أن الشعر ليس مجرد تمرين لغوي أو التزام ببحور تقليدية، بل هو تعبير عن "الموسيقى الداخلية" و"العمق الإنساني". يرى سلوم أن الشعر الحقيقي هو لغة ساحرة وصادقة، تنبض بالحياة، تعكس معاناة الإنسان وآماله، وتتحدى القيود الثقافية والسياسية. من خلال قصائده، التي تناولناها في الفصول السابقة، يتجلى هذا المفهوم بوضوح، حيث يحول الشعر إلى صوت للمقاومة، الحب، الهوية، والفكر التقدمي، متجاوزًا السلفية الشعرية التي ينتقدها بشدة.
تسعى هذه الخاتمة، الممتدة على ثلاثين صفحة، إلى جمع خيوط الرؤية الشعرية لسلوم، مستعرضةً كيف تجسد قصائده ("نبض يبوس يغزل الأبجديات"، "نور يشغل جوانب القدس الخفية"، "ميناء الروح ومافيات لاس فيغاس"، "فراشات المعنى المقاوم"، "قصائد حب فوق هذه الأرض"، "بيروت، يا حبر القصائد الحمراء"، "اجلسي قليلاً"، "عدت إلى كتابة الشعر"، "انفجارات قصيدتي"، "فتاة"، "تقوقع"، "عجز"، "تأخر"، "تعاقب"، "فراشة"، "المطلق"، و"ناصع كحليب الإعاشة") رؤيته النقدية والإبداعية. كما تستعرض الخاتمة تأثير هذه الرؤية في سياق الشعر العربي المعاصر، مع مقارنة بتجربة شعراء مثل محمود درويش وبابلو نيرودا، وتختتم برؤية مستقبلية لدور الشعر كأداة للتحرر والإنسانية.
2. الموسيقى الداخلية: جوهر الإبداع في شعر سلوم
في مقاله، يؤكد سلوم أن الشعر الحقيقي يعتمد على "الموسيقى السيمفونية الداخلية"، وهي الإيقاع الذي ينبع من تجربة الشاعر الإنسانية، بعيدًا عن التفعيلة المنمطة أو القافية التقليدية. هذه الموسيقى الداخلية تتجلى في قصائده من خلال تدفق الصور الشعرية والإيقاع العاطفي، كما في قصيدة "نبض يبوس يغزل الأبجديات":
> أَلَا تَذْكُرِينَ مَطَرَ الْحَنِينِ
> فَوْقَ حِبَالِ هَوَانَا
> هَلْ كَانَ فِي وُسْعِنَا أَنْ نُحْصِيَ تَدَفُّقَ الرَّيَاحِينِ
هنا، يخلق سلوم إيقاعًا داخليًا يعكس الحنين إلى القدس، معتمدًا على صور شعرية مثل "مطر الحنين" و"تدفق الرياحين" التي تحمل دلالات عاطفية وثقافية. هذا الإيقاع لا يعتمد على التفعيلة التقليدية، بل على تدفق المشاعر الذي يجعل القصيدة سيمفونية داخلية تنبض بالحياة.
في قصيدة "اجلسي قليلاً"، تتجلى الموسيقى الداخلية في التوتر العاطفي بين الحب والنضال:
> فَأَنْتِ مُنْذُ أَعْلَنْتِ انْتِفَاضَةَ نَهْدَيْكِ
> لَمْ تَتَوَقَّفْ فَتْوَحَاتُكِ فِي جَسَدِي
صورة "انتفاضة نهديكِ" تمزج بين الحب والثورة، مما يخلق إيقاعًا داخليًا يعكس الصراع بين العاطفة الشخصية والنضال الجماعي. هذا النهج يعكس رؤية سلوم بأن الشعر يجب أن يكون تعبيرًا عن "جماليات المشاعر"، متجاوزًا القيود اللغوية التقليدية.
3. العمق الإنساني: الشعر كصوت للمقاومة والهوية
يرى سلوم أن العمق الإنساني هو جوهر الشعر، حيث يصبح النص الشعري مرآة لمعاناة الإنسان وصموده. في قصيدة "ناصع كحليب الإعاشة"، يعبر سلوم عن الألم الفلسطيني بوضوح مؤثر:
> مَنْ لَمْ يَقْرَأْ قَصَائِدَكَ
> لَنْ يَفْهَمَ مَا مَعْنَى
> أَنْ تَجْثُوَ الْأُمَّهَاتُ قُرْبَ أَشْلَاءِ أَطْفَالِهِنَّ
هذه الصورة المؤلمة تعكس المأساة الفلسطينية، لكنها تحمل في طياتها صمودًا وتحديًا. اللغة هنا تتسم بالشفافية والصدق، مما يجعل القصيدة تعبيرًا عن العمق الإنساني الذي يدعو إليه سلوم. هذا العمق يظهر أيضًا في القصائد القصيرة مثل "عجز" و"تأخر"، حيث يعبر عن العجز الإنساني في مواجهة اللجوء والاحتلال، مع الحفاظ على بصيص من الأمل.
في قصيدة "بيروت، يا حبر القصائد الحمراء"، يحتفي سلوم ببيروت كرمز للمقاومة:
> بَيْرُوتُ يَا زَهْرَةَ غَارْدِينْيَا
> تَبْكِي قُرْبَ مَرفأ
الدُّنْيَا السَّابِحَةِ فِينَا
هنا، يحول بيروت إلى رمز للصمود العربي، معتمدًا على لغة حرة تتجنب النمطية الشعرية لتعبر عن الهوية والنضال.
4. نقد السلفية الشعرية: تحرير الإبداع
ينتقد سلوم السلفية الشعرية التي تُقيّد الإبداع بالبحور التقليدية والقواعد اللغوية، مؤكدًا أن "التركيز في البحور العربية على الرطانة وعزف الطبلة والزمر البدائي يأتي للتغطية على ضعف البناء الإبداعي". قصائده تُجسد هذا النقد من خلال لغة حرة تعتمد على التكثيف والدهشة، كما في "فراشات المعنى المقاوم":
> هُمْ شَجَرُ الْخَرُّوبِ
> فِي أَرْضِ الْمَرْمَرِيَّةِ
هذه الصورة تُظهر قدرة سلوم على خلق لغة شعرية رمزية تتجاوز التفعيلة، معبرةً عن الهوية الفلسطينية بإيقاع داخلي يعكس الموسيقى الداخلية.
5. الحب والثورة: التلازم الإبداعي
في قصائد مثل "اجلسي قليلاً" و"انفجارات قصيدتي"، يمزج سلوم بين الحب والثورة، حيث يصبح الحب فعل مقاومة ضد الظلم والاستعباد:
> وَهَا هِيَ أَجْهِزَةُ مُخَابَرَاتِ الْأَعْدَاءِ تَسْرِقُ أَشْعَارِي
> فَقَدْ عَرَفُوا أَنَّ مُوسِيقَى جَسَدِكِ
> سَتُطْلِقُ كُلَّ الشُّعُوبِ فِي انْتِفَاضَاتٍ
هنا، يحول الحب إلى قوة ثورية، معتمدًا على لغة تعبر عن الفكر التقدمي الذي يدعو إليه: "اللغة التي تقترن بالفكر الشيوعي التقدمي تصبح أغنى وأعمق".
6. مقارنة مع محمود درويش وبابلو نيرودا
يمكن مقارنة شعر سلوم بتجربة محمود درويش، الذي استخدم الشعر للتعبير عن الهوية الفلسطينية والمقاومة، وبابلو نيرودا، الذي مزج بين الحب والنضال الشيوعي. مثل درويش، يحتفي سلوم بالأرض والهوية في قصائد مثل "نبض يبوس"، ومثل نيرودا، يحول الحب إلى ثورة في "عدت إلى كتابة الشعر". لكن سلوم يتميز بنقده الحاد للسلفية الشعرية، مما يمنحه مكانة فريدة في الشعر العربي المعاصر.
7. مستقبل الشعر العربي: رؤية تقدمية
تُشير رؤية سلوم إلى مستقبل شعري يتحرر من القيود التقليدية، معتمدًا على الإبداع والفكر التقدمي. قصائده تُظهر إمكانية خلق لغة شعرية تعبر عن الإنسانية والمقاومة، متجاوزةً الأطر النمطية التي تكرسها الأجندات السياسية الرجعية.
8. الخلاصة النهائية
تُجسد قصائد أحمد صالح سلوم رؤية شعرية ثورية، حيث يصبح الشعر صوتًا للمقاومة، الحب، والهوية. من خلال لغة ساحرة وصادقة، يحرر سلوم الشعر من قيود السلفية، معتمدًا على الموسيقى الداخلية والعمق الإنساني. قصائده تمثل دعوة إلى شعر يعبر عن الفكر التقدمي، مما يجعلها إرثًا إبداعيًا يلهم الأجيال القادمة.
.............
ذ.أ
..........