تحويل سوريا إلى مركز إرهاب عالمي..الدولة العميقة، ترامب الدمية


احمد صالح سلوم
الحوار المتمدن - العدد: 8401 - 2025 / 7 / 12 - 15:11
المحور: الارهاب, الحرب والسلام     

مقدمة: عالم في حالة اضطراب
في خضم تحولات جذرية تشهدها توازنات القوى العالمية، حيث تتصادم مصالح القوى الكبرى وتتنافس استراتيجيات الهيمنة، تبرز الدولة العميقة في الولايات المتحدة كقوة ظلية تفرض إرادتها على الرئيس دونالد ترامب، الذي أصبح مجرد دمية في يد هذا النظام الخفي. هذه القوة الخفية، التي تمثلها شبكات النفوذ العالمية مثل سوروس وروتشيلد وشركات التكنولوجيا العملاقة كمايكروسوفت وجوجل وميتا، أجبرت ترامب على دعم الوحش الإرهابي الذي خلقته: الجولاني (المعروف أيضًا باسم كوهين) وعصاباته الإرهابية المنحرفة، المكونة من عناصر الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة. الهدف من هذا الدعم هو تحويل سوريا إلى مركز إرهاب دولي على غرار النموذج الأفغاني، بهدف تصدير الفوضى إلى روسيا والصين وإيران ومصر والعراق ولبنان ومعظم دول العالم.

لهذا السبب، اعترفت واشنطن بأتباع ما يُسمى "الإسلام الصهيوني"، متمثلًا في الجولاني والإخوان المسلمين، ورفعت العقوبات دون أي شروط، طالما سلموا مصادر المياه والأراضي في جنوب سوريا للاحتلال الصهيوني. علاوة على ذلك، أعلن الجولاني أن له ولإسرائيل عدو مشترك واحد، وهو بلا شك المقاومون ضد الكيان الصهيوني وأعداء الإرهاب الأمريكي ومخلوقاته مثل الجولاني وتميم والإمارات والسعودية وغيرهم. هذه التحركات تأتي في سياق هزيمة إسرائيل المذلة، حيث دُمر ثلث مدنها، وخاصة تل أبيب، خلال أيام قليلة، وعجزت عن تحقيق أي انقلاب سياسي. على العكس، توحد الشعب الإيراني خلف قيادته الحكيمة والوطنية، مما يعكس فشل الاستراتيجية الإمبريالية.

استيلاء الجولاني على السلطة في سوريا لم يكن نتيجة انتصارات عسكرية – فهو لم يحقق نصرًا في معركة واحدة – بل جاء بقرار من الرئيس السوري بالتنحي وإصدار أوامر للقوات بعدم المقاومة، وفقًا لبعض الروايات المتداولة، لتجنب تدمير سوريا بالكامل. الأسباب الحقيقية لهذا القرار تبقى غامضة: هل كان الهدف تحفيز دول المنطقة للاصطفاف خلف إيران لمواجهة الهيمنة العربية الإبادية الهمجية؟ أم أن هناك دوافع أخرى خفية؟ على أي حال، أدى سقوط سوريا في يد الاحتلال البريطاني وأذنابه مثل أردوغان والجولاني ونتنياهو إلى تسريع انحياز مصر، نسبيًا، إلى محور المقاومة، وبالأخص إيران. كما يقال: "الماء وصل إلى الذقن". مع إزالة الحاجز الأول الذي كان يحمي مصر، لم يعد أمامها خيار سوى الانضمام إلى محور المقاومة جنبًا إلى جنب مع اليمن ومقاومة غزة ولبنان والعراق، وبالتوافق مع محور المقاومة العالمي (الصين، روسيا، باكستان، كوريا الشمالية) ومحور المقاومة الإقليمي العربي-الإيراني. البديل الوحيد هو الانتحار الجماعي، وهو خيار لا يمكن تصوره.

تصنف بريطانيا نفسها كالعدو الأول للشعوب العربية من خلال تنصيب الجولاني والتحريض على الحرب ضد إيران وروسيا، ممثلة لقوى العولمة الإجرامية التي يجسدها سوروس وروتشيلد وغيرهم. في الوقت ذاته، أصبح العدو المشترك للكيان الصهيوني والجولاني هو الشعب الفلسطيني ومقاومته، وهي ليست مسألة عاطفية، بل طبيعة نظام الجولاني الذي يشبه النظام الطائفي الاستعماري في لبنان، حيث يُعامل الفلسطينيون كأجانب ويُمنعون من العمل في قطاعات أساسية. التفاصيل معروفة للجميع: كل سلطة تعمل وفق حساباتها بناءً على قربها أو بعدها من العدو الصهيوني وأسياده. نظام الجولاني، المدعوم من أنظمة الكفيل، يرى أن إسرائيل وهو متحدون ضد عدو مشترك: الفلسطينيون وجميع المقاومين. ولا ننسى تصريح مسؤول الإخوان في أوروبا عام 2012 بأن مئتي ألف موظف فلسطيني في سوريا يجب أن تُحول وظائفهم إلى السوريين، وهو خطاب مبرمج من أسيادهم في تل أبيب ولندن وواشنطن.

……

القسم الأول: الدولة العميقة وترامب الدمية

1.1 خلق مركز إرهابي عالمي
الدولة العميقة في الولايات المتحدة، تلك القوة الظلية التي تعمل خلف ستار الحكومة الرسمية، فرضت على ترامب دعم الجولاني وعصاباته الإرهابية المكونة من عناصر الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة. الهدف هو تحويل سوريا إلى مركز إرهاب دولي، على غرار أفغانستان في التسعينيات، لزعزعة استقرار المنطقة وتصدير الفوضى إلى روسيا والصين وإيران ومصر والعراق ولبنان ودول أخرى. هذه الاستراتيجية ليست جديدة؛ إنها امتداد للأجندة الإمبريالية-الصهيونية التي تسعى للسيطرة على المناطق الاستراتيجية ومواردها عبر نشر الفوضى.

إن اعتراف واشنطن بالجولاني والإخوان المسلمين، مع رفع العقوبات دون شروط، هو مكافأة مباشرة لتسليمهم مصادر المياه والأراضي في جنوب سوريا للاحتلال الصهيوني. هذه التنازلات، إلى جانب تصريح الجولاني بأن له ولإسرائيل عدو مشترك – أي المقاومة – تؤكد الطبيعة التعاونية لهذا النظام مع الأجندة الإمبريالية. هذا الاعتراف ليس مجرد خطوة دبلوماسية، بل جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة وفقًا لمصالح الدولة العميقة والكيان الصهيوني.

1.2 الدولة العميقة: اليد الخفية
الدولة العميقة، التي يمثلها شبكات نفوذ قوية مثل سوروس وروتشيلد وشركات التكنولوجيا العملاقة، تعمل كيد خفية توجه السياسة الخارجية الأمريكية. هذه الكيانات، المتجذرة بعمق في النظام المالي والتكنولوجي العالمي، تستخدم نفوذها للتلاعب بالحكومات وتثبيت دمى مثل ترامب لخدمة مصالحها. ترامب، الذي يُصوَّر أحيانًا كشخصية مستقلة، يُختزل في هذا السيناريو إلى أداة للوبي العولمة، مضطرًا لتنفيذ سياسات تتعارض مع مصالح الاستقرار العالمي وسيادة الأمم. هذه السياسات تشمل دعم الجماعات الإرهابية، فرض العقوبات على الدول السيادية، وتأجيج الصراعات الإقليمية لخدمة مصالح الإمبريالية.

1.3 ترامب: من القائد إلى التابع
رغم محاولات ترامب لتصوير نفسه كقائد يتحدى النظام العالمي، فإن دوره في هذا السياق يكشف عن كونه مجرد دمية في يد الدولة العميقة. قراراته بدعم الجولاني ورفع العقوبات عنه تظهر بوضوح أنه لا يملك السيطرة الكاملة على السياسة الخارجية الأمريكية. هذا الدعم ليس وليد قرار مستقل، بل نتيجة ضغوط مكثفة من شبكات النفوذ التي تسيطر على القرار السياسي في واشنطن. هذه الديناميكية تكشف عن هشاشة النظام السياسي الأمريكي، حيث تتجاوز القوى غير المنتخبة السلطات الرسمية في تحديد مسار السياسات.

……..

القسم الثاني: سقوط سوريا وصعود الجولاني

2.1 احتلال بريطاني وصهيوني
يمثل سقوط سوريا في يد الاحتلال البريطاني، بدعم من شخصيات مثل أردوغان والجولاني (كوهين) ونتنياهو، منعطفًا مظلمًا في تاريخ المنطقة. لم يتحقق استيلاء الجولاني على السلطة من خلال انتصارات عسكرية – فهو لم يفز بمعركة واحدة – بل من خلال قرار استراتيجي من الرئيس السوري بالتنحي وإصدار أوامر للجيش بعدم المقاومة. يُعزى هذا القرار، وفقًا لبعض المصادر، إلى محاولة لتجنب المزيد من تدمير سوريا، لكنه يبقى محاطًا بالغموض. هل كان الهدف حشد دول المنطقة خلف إيران ضد الهيمنة العربية الإبادية الهمجية؟ أم أن هناك دوافع خفية أخرى؟

مهما كانت الأسباب، فإن النتائج واضحة: أصبحت سوريا بيدًا في يد القوى البريطانية والصهيونية، التي تستخدم الجولاني كأداة لتنفيذ أجندتها. تشمل هذه الأجندة نهب الموارد السورية، تحويل البلاد إلى مركز للإرهاب الدولي، وزعزعة استقرار الدول السيادية في المنطقة. هذا التحول ليس مجرد حدث محلي، بل جزء من استراتيجية عالمية تهدف إلى إعادة تشكيل غرب آسيا لخدمة مصالح الإمبريالية.

2.2 الإسلام الصهيوني: أداة الجولاني
نظام الجولاني، المدعوم من الإخوان المسلمين وجماعات إرهابية أخرى، يجسد ما يمكن تسميته "الإسلام الصهيوني" – شكل منحرف من الخطاب الديني يعمل كغطاء للمصالح الإمبريالية-الصهيونية. تصريحه بأن له ولإسرائيل عدو مشترك، أي المقاومة، هو اعتراف صريح بدوره كمتعاون. هذا النظام، الذي سلم مصادر المياه والأراضي في جنوب سوريا للاحتلال الصهيوني، يعمل كامتداد للأجندة الإمبريالية، مضحيًا بسيادة سوريا لصالح مصالح تل أبيب وواشنطن. هذا التعاون ليس مجرد تحالف تكتيكي، بل جزء من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تقويض أي مقاومة للهيمنة الصهيونية في المنطقة.

2.3 أسباب التنحي السوري: لغز استراتيجي
القرار السوري بالتنحي وعدم المقاومة يثير تساؤلات عميقة. هل كان هذا القرار مدفوعًا برغبة في الحفاظ على ما تبقى من سوريا من التدمير الكامل؟ أم أنه جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تحفيز دول المنطقة للاصطفاف خلف إيران؟ بعض المحللين يرون أن هذا التنحي قد يكون محاولة لإعادة ترتيب القوى في المنطقة، مما يسمح لمحور المقاومة بتعزيز موقفه ضد الإمبريالية. ومع ذلك، فإن الغموض المحيط بهذا القرار يعكس تعقيد الوضع الجيوسياسي، حيث تتداخل المصالح المحلية والإقليمية والدولية.
…….

القسم الثالث: التداعيات الإقليمية والعالمية

3.1 تحول مصر نحو محور المقاومة
أدى سقوط سوريا إلى تأثير الدومينو في المنطقة، وخاصة في مصر. مع إزالة الحاجز الأول الذي كان يحمي مصر، شعرت البلاد بتهديد وجودي. هذه الواقعية دفعت مصر للاقتراب من محور المقاومة، وبالأخص إيران، وأدت إلى تحالف جزئي مع الصين وروسيا. كما يقول المثل: "الماء وصل إلى الذقن". لم يعد أمام مصر خيار سوى الانضمام إلى محور المقاومة جنبًا إلى جنب مع اليمن ومقاومة غزة ولبنان والعراق، وبالتوافق مع محور المقاومة العالمي (الصين، روسيا، باكستان، كوريا الشمالية) ومحور المقاومة الإقليمي العربي-الإيراني. البديل الوحيد هو الانتحار الجماعي، وهو خيار لا يمكن تصوره لأمة تسعى للحفاظ على سيادتها.

هذا التحول في موقف مصر ليس مجرد رد فعل على سقوط سوريا، بل نتيجة إدراك عميق للتهديدات التي تواجهها. إزالة الحاجز السوري جعلت مصر أكثر عرضة للضغوط الإمبريالية، مما دفعها لإعادة تقييم تحالفاتها والبحث عن شركاء جدد يمكنهم دعمها في مواجهة هذه التحديات.

3.2 الصين وروسيا: دعامات المقاومة
الصين وروسيا، كجزء من محور المقاومة العالمي، تلعبان دورًا حاسمًا في دعم الدول التي تقاوم الهيمنة الإمبريالية. مبادرة الحزام والطريق الصينية، على سبيل المثال، توفر فرصًا اقتصادية هائلة لدول مثل باكستان، بينما تعزز العلاقات العسكرية الروسية-الإيرانية قدرات طهران في مواجهة الغرب. هذه التحالفات ليست مجرد شراكات تكتيكية، بل تمثل رؤية استراتيجية لعالم متعدد الأقطاب يحترم سيادة الدول.

……..

القسم الرابع: العدو المشترك: الشعب الفلسطيني

4.1 نظام الجولاني والفلسطينيون
العدو المشترك للكيان الصهيوني ونظام الجولاني هو بوضوح الشعب الفلسطيني ومقاومته. هذه ليست مسألة عاطفية، بل هي طبيعة نظام الجولاني الذي يشبه النظام الطائفي الاستعماري في لبنان، حيث يُعامل الفلسطينيون كأجانب ويُمنعون من العمل في قطاعات أساسية. هذا النظام، المدعوم من أنظمة الكفيل في الخليج، يرى أن إسرائيل وهو متحدون ضد عدو مشترك: الفلسطينيون وجميع المقاومين. هذه السياسة ليست وليدة اللحظة، بل جزء من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تهميش الفلسطينيين وتقويض قضيتهم.

تصريح مسؤول الإخوان في أوروبا عام 2012، الذي دعا إلى استبدال مئتي ألف موظف فلسطيني في سوريا بالسوريين، يكشف عن هذه النظرة المناهضة للفلسطينيين. هذه الخطابات، المبرمجة من أسيادهم في تل أبيب ولندن وواشنطن، تعكس الطبيعة التعاونية لنظام الجولاني ورفضه الصريح للقضية الفلسطينية. هذا الموقف ليس مجرد تصريح عابر، بل جزء من سياسة منهجية تهدف إلى إقصاء الفلسطينيين من أي دور في المشهد السياسي أو الاقتصادي.

4.2 نظام طائفي واستعماري
يعكس نظام الجولاني هياكل الأنظمة الطائفية والاستعمارية التي فُرضت في أماكن أخرى في المنطقة، مثل لبنان، حيث يُهمَّش الفلسطينيون بشكل منهجي. هذا النهج يخدم مصالح الكيان الصهيوني وحلفائه الغربيين، الذين يسعون لقمع أي شكل من أشكال المقاومة ضد هيمنتهم. قرب النظام من العدو الصهيوني يحدد ولاءاته وأفعاله، وقد اختار نظام الجولاني بوضوح التعاون مع إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني. هذا التعاون ليس مجرد تحالف تكتيكي، بل استراتيجية تهدف إلى تقويض أي مقاومة للهيمنة الصهيونية والإمبريالية.

4.3 القضية الفلسطينية كمحور النضال
القضية الفلسطينية تبقى جوهر النضال ضد الإمبريالية والكيان الصهيوني. نظام الجولاني، من خلال عدائه للفلسطينيين وتعاونه مع إسرائيل، قد وضع نفسه كعدو للشعوب العربية وتطلعاتها. نضال الشعب الفلسطيني ليس مجرد نضال من أجل التحرير، بل رمز للنضال الأوسع ضد الظلم والاستغلال. هذا النضال يوحد الشعوب العربية والدول السيادية في مواجهة الهيمنة الإمبريالية، مما يجعله نقطة مركزية في الصراع الجيوسياسي الحالي.

……..

القسم الخامس: النضال الأوسع ضد الإمبريالية

5.1 محور المقاومة: قوة إقليمية وعالمية
أدى صعود الجولاني وسقوط سوريا المؤسف بقرار من الرئيس بشار الأسد كما تشير بعض المعلومات تجنبا لتدمير البلد ،رغم ذلك ، إلى تعزيز محور المقاومة، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي. إيران واليمن وغزة ولبنان والعراق تشكل تحالفًا إقليميًا قويًا، مدعومًا بالقوى العالمية مثل الصين وروسيا وباكستان وكوريا الشمالية. يمثل هذا المحور قوة مضادة للقوى الإمبريالية التي تحاول السيطرة على المنطقة. انضمام مصر الجزئي إلى هذا المحور، مدفوعًا بالتهديد الوجودي الذي تشعر به، يمثل نقطة تحول في ديناميكيات المنطقة.

هذا المحور ليس مجرد تحالف عسكري، بل يعكس رؤية استراتيجية لعالم متعدد الأقطاب يحترم سيادة الدول ويرفض الهيمنة الإمبريالية. إيران، بصفتها الركيزة الأساسية لهذا المحور، تلعب دورًا حاسمًا في توحيد هذه القوى وتوجيهها نحو مواجهة التحديات المشتركة.

5.2 وهم قوة الجولاني
الوهم بأن الجولاني، الذي لم يحقق أي انتصار عسكري، يمكن أن يمثل قوة مستقرة أو دائمة، هو خطأ حسابي من القوى الإمبريالية. نظامه، الذي يعتمد على الدعم الخارجي والتعاون مع إسرائيل، غير مستقر بطبيعته ومحكوم بالفشل. وحدة الشعب الإيراني خلف قيادته، إلى جانب صمود محور المقاومة، تؤكد ضعف الاستراتيجية الإمبريالية. هذا الوهم يعكس سوء تقدير الدولة العميقة لقدرات الشعوب والدول السيادية في مواجهة مخططاتها.

5.3 دور إيران: القيادة الحكيمة
إيران، بقيادتها الحكيمة والوطنية، أثبتت أنها قوة لا يمكن تجاهلها في المنطقة. توحيد الشعب الإيراني خلف قيادته في مواجهة العدوان الأمريكي-الصهيوني يعكس قوة هذا النظام وصلابته. هذه القيادة لم تكتفِ بالدفاع عن سيادة إيران، بل عملت على بناء تحالفات إقليمية وعالمية تعزز من قدرة المقاومة على مواجهة التحديات الإمبريالية.

………

القسم السادس: آفاق المستقبل

6.1 عالم متعدد الأقطاب في طور التكوين
الصراع بين محور المقاومة والنظام الإمبريالي ليس مجرد صراع عسكري أو اقتصادي، بل هو صراع من أجل مستقبل النظام العالمي. إيران وحلفاؤها، بدعم من روسيا والصين، يقودون الانتقال نحو عالم متعدد الأقطاب يحترم السيادة والتفرد الذاتي. سقوط سوريا، رغم كونه مأساة، عزز عزيمة محور المقاومة وأجبر دولًا مثل مصر على إعادة تقييم مواقفها. هذا التحول يعكس بداية نهاية الهيمنة الأحادية التي سعت الولايات المتحدة وإسرائيل لفرضها على العالم.

6.2 القضية الفلسطينية: قلب النضال
القضية الفلسطينية تبقى جوهر النضال ضد الإمبريالية والكيان الصهيوني. نظام الجولاني، من خلال عدائه للفلسطينيين وتعاونه مع إسرائيل، قد وضع نفسه كعدو للشعوب العربية وتطلعاتها. نضال الشعب الفلسطيني ليس مجرد نضال من أجل التحرير، بل رمز للنضال الأوسع ضد الظلم والاستغلال. هذا النضال يوحد الشعوب العربية والدول السيادية في مواجهة الهيمنة الإمبريالية، مما يجعله نقطة مركزية في الصراع الجيوسياسي الحالي.

6.3 دور مصر: نقطة تحول
تحول مصر نحو محور المقاومة، وإن كان جزئيًا، يمثل نقطة تحول في المنطقة. إدراك مصر للتهديد الوجودي الذي تواجهه، خاصة بعد سقوط سوريا، دفعها لإعادة تقييم تحالفاتها. هذا التحول ليس مجرد رد فعل تكتيكي، بل يعكس إدراكًا عميقًا لضرورة بناء تحالفات جديدة لمواجهة الهيمنة الإمبريالية. التحالف الجزئي مع الصين وروسيا يعزز هذا الاتجاه، مما يشير إلى إمكانية ظهور قوة إقليمية جديدة تقاوم الهيمنة الغربية.

6.4 بريطانيا والولايات المتحدة: تراجع النفوذ
ضرورة إغلاق السفارات البريطانية في المنطقة حتى تتمكن المنطقة من تخقيق تراجع أوسع للنفوذ الغربي، وخاصة الأمريكي. بريطانيا، بصفتها العدو الأول للشعوب العربية في هذا السياق، تتحمل مسؤولية كبيرة عن زعزعة استقرار المنطقة. هذا التراجع المطلوب ينبغي أن يكون ليس مجرد حدث عابر، بل يعكس ضعف النظام الإمبريالي في مواجهة صمود الشعوب والدول السيادية. الولايات المتحدة، التي تعتمد على بريطانيا كشريك رئيسي في هذه الأجندة، تواجه تحديات مماثلة، حيث تتآكل هيمنتها تدريجيًا.

……..

القسم السابع: الاستراتيجيات المستقبلية

7.1 تعزيز محور المقاومة
لتحقيق النصر في هذا الصراع، يجب على محور المقاومة تعزيز تعاونه الإقليمي والعالمي. إيران، بصفتها القائدة لهذا المحور، يجب أن تواصل بناء تحالفات قوية مع دول مثل اليمن ولبنان والعراق، مع تعزيز العلاقات مع القوى العالمية كالصين وروسيا. هذه التحالفات يجب أن تركز على بناء اقتصادات وطنية مستقلة وقدرات عسكرية قوية لمواجهة التحديات الإمبريالية.

7.2 مواجهة الإسلام الصهيوني
نظام الجولاني، بما يمثله من "إسلام صهيوني"، يجب أن يُواجه بحملة منهجية لفضح طبيعته التعاونية مع الإمبريالية. هذه الحملة يجب أن تشمل كشف الروابط بين الجولاني وإسرائيل، بالإضافة إلى دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته. يجب أن تكون هذه الجهود جزءًا من استراتيجية أوسع لتعبئة الشعوب العربية ضد الأنظمة المتعاونة مع الإمبريالية.

7.3 بناء اقتصادات مستقلة
لضمان استدامة المقاومة، يجب على الدول الأعضاء في محور المقاومة الاستثمار في بناء اقتصادات وطنية مستقلة. هذا يشمل تطوير الصناعات المحلية، تعزيز الاكتفاء الذاتي، وتقليل الاعتماد على الاستثمارات الأجنبية والديون. إيران، التي أثبتت قدرتها على تحقيق تقدم صناعي وعسكري رغم الحصار، يمكن أن تكون نموذجًا لهذه الدول.

7.4 الدبلوماسية العالمية
يجب على محور المقاومة إطلاق حملة دبلوماسية عالمية لفضح الجرائم الإمبريالية والصهيونية. هذه الحملة يجب أن تستهدف الدول النامية في الجنوب العالمي، مثل جنوب إفريقيا والبرازيل، لتعبئة الدعم الدولي ضد الهيمنة الغربية. كما يجب أن تُسلط الضوء على الدور الإجرامي لبريطانيا والولايات المتحدة في دعم الإرهاب وتقويض سيادة الدول.

………

القسم الثامن: الخاتمة
الصراع الدائر الآن هو صراع على روح المنطقة ومستقبل النظام العالمي. دعم ترامب المفروض من الدولة العميقة للجولاني وعصاباته الإرهابية يمثل مرحلة جديدة في المحاولات الإمبريالية للسيطرة على غرب آسيا. سقوط سوريا في يد الاحتلال البريطاني والصهيوني، ممثلًا بشخصيات مثل أردوغان والجولاني ونتنياهو، أدى إلى نتيجة غير متوقعة: تعزيز محور المقاومة وتقارب دول مثل مصر من إيران. العدو المشترك للكيان الصهيوني والجولاني – الشعب الفلسطيني ومقاومته – يكشف عن الطبيعة التعاونية لهذه الأنظمة مع الأجندة الإمبريالية.

محور المقاومة، بقيادة إيران وبدعم من روسيا والصين وغيرها من القوى الصاعدة، يقدم طريقًا نحو عالم متعدد الأقطاب يسود فيه السيادة والعدالة. السؤال المتبقي هو: هل ستنجح الشعوب العربية وحلفاؤها في التغلب على الهيمنة الإمبريالية، أم ستغرق المنطقة في مزيد من الفوضى، تغذيها السياسات المتهورة والإجرامية للدولة العميقة الأمريكية ودماها؟