لقاءات باكو - بيادق الحرب العالمية الثالثة لخدمة الناتو الأمريكي الاستعماري
احمد صالح سلوم
الحوار المتمدن
-
العدد: 8404 - 2025 / 7 / 15 - 15:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مقدمة: لقاءات باكو - مؤامرة إمبريالية جديدة
في يوليو 2025، استضافت العاصمة الأذربيجانية باكو لقاءات سرية جمعت بين ياناتان ديفيد (المعروف بأبو محمد الجولاني)، زعيم هيئة تحرير الشام الإرهابية ، والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الشريك بالابادة الجماعية في غزة ،في سياق يعكس تصاعد التوترات الإقليمية والدولية. هذه اللقاءات، التي وصفتها مصادر إعلامية إسرائيلية بأنها شملت مسؤولين أمنيين صهاينة، تكشف عن مخطط إمبريالي جديد يهدف إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط لخدمة مصالح الصهيونية وحلف الناتو. إن هذه الاجتماعات ليست مجرد مفاوضات دبلوماسية، بل هي جزء من استراتيجية غربية لاستخدام بيادق ديكتاتورية وفاشية مثل الجولاني، علييف، زيلينسكي، ونتنياهو لخوض حروب بالوكالة، في ظل عجز الولايات المتحدة والغرب عن مواجهة إيران، الصين، وروسيا مباشرة.
في هذه المادة الصحفية ، سنحلل لقاءات باكو كجزء من مشروع إمبريالي يهدف إلى تعزيز الهيمنة الصهيو-أمريكية عبر إشعال حروب عبثية، وتوطين عصابات إرهابية في سوريا لاستهداف المكونات الدرزية والكردية وكل المكونات العربية السورية ، وتهديد استقرار الصين وروسيا وأوزبكستان. سنناقش أيضاً كيف تعكس هذه اللقاءات ضعف الولايات المتحدة، التي تلجأ إلى شخصيات مثل الجولاني، ذو التاريخ الدموي في التفجيرات وقطع الرؤوس، لخدمة أهدافها. سنتناول تداعيات هذه اللقاءات على المقاومة العربية والكردية، وآراء خبراء دوليين من الغرب وروسيا والصين حول هذا المخطط، مع استشراف احتمالات انهيار هذا المشروع الإمبريالي أمام صمود المقاومة.
……..
1. لقاءات باكو: إطار المؤامرة الإمبريالية
تأتي لقاءات باكو في سياق إقليمي متأزم، حيث تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو إلى إعادة ترتيب أوراقهم بعد سلسلة من الهزائم الاستراتيجية، أبرزها حرب الـ12 يوماً بين إسرائيل وإيران في يونيو 2025. وفقاً لتقارير إعلامية، مثل تلك المنشورة في قناة 14 الإسرائيلية، التقى الجولاني مع مسؤولين إسرائيليين في باك علیه الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، في إطار قمة منظمة التعاون الاقتصادي. هذه اللقاءات لم تكن مجرد مناقشات دبلوماسية، بل كانت تهدف إلى وضع خطة لتوسيع النفوذ الصهيو-أمريكي في المنطقة عبر استخدام الجولاني كبيدق في سوريا.
إن اختيار باكو كمكان للقاءات ليس عشوائياً. فأذربيجان، تحت حكم علييف، تُعتبر واحدة من أكثر الأنظمة ديكتاتورية وفساداً في العالم، وفقاً لتقارير منظمة الشفافية الدولية. كما أنها تُعد حليفاً استراتيجياً لإسرائيل، حيث توفر 40% من احتياجاتها النفطية وتستضيف قواعد عسكرية إسرائيلية قرب الحدود الإيرانية. وفقاً لتقرير نشرته قناة العيديد ،الجزيرة، تتهم إيران أذربيجان بالسماح لإسرائيل باستخدام أراضيها لشن هجمات بطائرات مسيرة، وهو ما يجعل باكو منصة مثالية لتنسيق المخططات الإمبريالية.
………
2. الجولاني: بيدق الناتو والصهيونية
ياناتان ديفيد، المعروف بأبو محمد الجولاني، هو زعيم هيئة تحرير الشام، التي كانت تُعرف سابقاً بتنظيم جبهة النصرة التابع للقاعدة. تاريخه الدموي، المليء بالتفجيرات، قطع الرؤوس، والقتل على الهوية، يجعله مرشحاً مثالياً لخدمة الأجندة الصهيو-أمريكية. في منشورات على منصة X، يُشار إلى أن الجولاني أعلن بوضوح أن إيران وحزب الله هما العدو الأساسي، بينما رفض التصدي للاحتلال الإسرائيلي في الجولان، مما يكشف عن دوره كوكيل للغرب.
بعد لقاءات باكو، تحركت عصابات الجولاني ضد السويداء، مستهدفة المكون الدرزي، كما حصلت على تفويض لمهاجمة المكون الكردي في شمال شرق سوريا. هذه التحركات ليست عشوائية، بل هي جزء من استراتيجية إمبريالية تهدف إلى إضعاف المكونات الوطنية السورية وتفتيت البلاد لخدمة مصالح إسرائيل ومحميات الخليج. وفقاً لمنشور على X، فإن هذه العمليات تُنفذ بمباركة أمريكية، حيث وُضعت شروط لتنصيب الجولاني حاكماً لدمشق، تشمل التطبيع مع إسرائيل وتدمير أي مقاومة ضد الاحتلال.
إن الجولاني، بعمله كبيدق للناتو، يشبه شخصيات مثل صدام حسين، الذي كان في البداية عميلاً للسي آي إيه قبل أن يصبح عبئاً على أسياده. لكن هذه المرة، السيناريو أكثر وحشية، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى توطين عصابات إرهابية من الإيغور، الأوزبك، والشيشان في سوريا، لاستخدامهم كذخيرة إمبريالية ضد الصين وروسيا.
……….
3. علييف وزيلينسكي ونتنياهو: تحالف الديكتاتوريات الفاشية
إن لقاءات باكو تجمع بين ثلاثة من أبرز البيادق الإمبريالية: إلهام علييف، فولوديمير زيلينسكي، وبنيامين نتنياهو. كل منهم يمثل نظاماً ديكتاتورياً يخدم الأجندة الصهيو-أمريكية بطريقته الخاصة:
- **إلهام علييف**: يقود نظاماً فاسداً في أذربيجان، حيث يُعتقل الصحفيون والمعارضون، ويُستخدم النفط كأداة لتعزيز النفوذ الإسرائيلي. علاقته الوثيقة مع إسرائيل، التي تشمل صفقات أسلحة بمليارات الدولارات، تجعله شريكاً رئيسياً في مواجهة إيران.
- فولوديمير زيلينسكي: في أوكرانيا، يقود زيلينسكي حرباً بالوكالة ضد روسيا، مدعوماً بمليارات الدولارات من الناتو. لكنه، كما يرى المحللون، يخدم الأقلية الأوليغارشية على حساب وحدة أوكرانيا، مما أدى إلى تدمير البلاد اقتصادياً وعسكرياً.
- ننيامين نتنياهو: المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، أوقع الكيان الصهيوني في كارثة استراتيجية خلال حرب الـ12 يوماً مع إيران. وفقاً لتقارير إعلامية، دُمر ثلث المدن الإسرائيلية الكبرى، وخسر الاقتصاد 100 مليار دولار، مع هجرة جماعية للعقول العلمية.
هذا التحالف، الذي يجمع بين ديكتاتوريات فاشية وشخصيات عدوانية، يعكس عجز الولايات المتحدة عن خوض حروب مباشرة، مما يدفعها إلى الاعتماد على بيادق مثل الجولاني لتنفيذ أجندتها.
………
4. حرب الـ12 يوماً: كارثة استراتيجية للكيان الصهيوني
حرب الـ12 يوماً بين إسرائيل وإيران في يونيو 2025 كانت نقطة تحول في الصراع الإقليمي. بدأت الحرب بضربة إسرائيلية استهدفت أكثر من 100 موقع في إيران، بما في ذلك قواعد عسكرية ومنشآت نووية. لكن الرد الإيراني، الذي شمل إطلاق آلاف الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، أدى إلى تدمير ثلث المدن الإسرائيلية الكبرى، مثل تل أبيب وحيفا، وتسبب في خسائر اقتصادية تقدر بـ100 مليار دولار.
إن هذه الحرب كشفت عن هشاشة الكيان الصهيوني، حيث استنفدت منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية مخزون صواريخ الباتريوت، وتضررت قواعده العسكرية، مثل قاعدة نيفاتيم. كما أدت إلى هجرة جماعية للعقول العلمية، خاصة من وادي السيليكون الإسرائيلي، وتدمير معهد وايزمان للعلوم، الذي خسر مليار دولار. هذه الكارثة الاستراتيجية، كما يصفها عالم السياسة الأمريكي جون ميرشايمر، أجبرت إسرائيل على طلب وقف الحرب، مما عزز من مكانة إيران كقوة ردع إقليمية.
……….
5. استهداف المكونات السورية: الدروز والأكراد
بعد لقاءات باكو، تحركت عصابات الجولاني ضد السويداء، مستهدفة المكون الدرزي، الذي يُعتبر ركيزة وطنية في سوريا. وفقاً لمنشور على X، فإن هذه الهجمات جاءت كجزء من صفقة باكو، حيث تخلت إسرائيل عن دعم الدروز مقابل قبول الجولاني كحاكم لسوريا. كما حصل الجولاني على تفويض لمهاجمة المكون الكردي في شمال شرق سوريا، بهدف إضعاف قوات سوريا الديمقراطية، التي تُعتبر تهديداً للمصالح الإمبريالية إذا ما دفعها الاحتلال الامريكي الى الحائط.
هذه الهجمات ليست مجرد صراعات محلية، بل هي جزء من استراتيجية إمبريالية لتفتيت سوريا وإضعاف مكوناتها الوطنية. إن استهداف الدروز والأكراد والعلوية والمسيحيين يهدف إلى خلق فوضى طائفية وعرقية، تسهل السيطرة الصهيو-أمريكية على المنطقة وتوفر الأمن لمحميات الخليج.
………
6. توطين العصابات الإرهابية: الإيغور والشيشان
إن أخطر أهداف لقاءات باكو هو توطين عصابات إرهابية من الإيغور، الأوزبك، والشيشان في سوريا، لاستخدامهم كذخيرة إمبريالية ضد الصين وروسيا وأوزبكستان. هذه العصابات، التي تُعرف بجهلها وأميتها، تُستخدم كأدوات لنشر الفوضى في المنطقة، تماماً كما استخدمت الولايات المتحدة تنظيمات مثل القاعدة وداعش في السابق.
إن هذا المخطط يشبه تأسيس الكيان الصهيوني عام 1948، حيث تم تهجير الفلسطينيين واستبدالهم بالمستوطنين الصهاينة. في سوريا، لا تهتم الولايات المتحدة بعودة اللاجئين السوريين، بل تسعى إلى توطين هذه العصابات لخلق قاعدة إمبريالية دائمة تستهدف إيران، الصين، وروسيا. هذا المخطط، كما يرى المحللون، هو محاولة يائسة من الغرب لتعويض عجزه عن خوض حروب مباشرة.
……..
7. عجز الولايات المتحدة: حروب بالوكالة
إن عجز الولايات المتحدة والغرب عن خوض حروب مباشرة دفعها إلى الاعتماد على شخصيات عدوانية مثل الجولاني، زيلينسكي، ونتنياهو. في أوكرانيا، دمر زيلينسكي البلاد عبر حربه بالوكالة ضد روسيا، مدعوماً بمليارات الدولارات من الناتو. في إسرائيل، أدت سياسات نتنياهو إلى كارثة استراتيجية خلال حرب الـ12 يوماً، حيث خسر الكيان قدراته العلمية والعسكرية.
في سوريا، يُستخدم الجولاني كأداة لتفتيت البلاد وإضعاف المقاومة العربية والكردية. لكن هذه الاستراتيجية محكوم عليها بالفشل، لأنها تعتمد على شخصيات تفتقر إلى الشرعية الشعبية وتعتمد على العنف والإرهاب. كما يرى المحلل الروسي فلاديمير فوروبيوف، فإن "الاعتماد على بيادق مثل الجولاني يعكس ضعف الغرب، لأنه لا يستطيع تحقيق أهدافه إلا عبر الفوضى والإرهاب".
…….
8. آراء الخبراء الدوليين حول لقاءات باكو
تناول العديد من الخبراء الدوليين لقاءات باكو وتداعياتها على المنطقة:
- جون ميرشايمر (عالم سياسة أمريكي): في مقابلة مع *Breaking Points*، أشار ميرشايمر إلى أن استخدام الولايات المتحدة لشخصيات مثل الجولاني هو "محاولة يائسة لتعويض الهزيمة في حرب الـ12 يوماً". يرى أن هذه الاستراتيجية ستؤدي إلى مزيد من الفوضى دون تحقيق أهداف إستراتيجية طويلة الأمد.
- وانغ يي (محلل صيني): في مقال نشرته *Global Times*، حذر وانغ من أن توطين عصابات الإيغور في سوريا هو محاولة لاستهداف الصين عبر إثارة الفوضى في شينجيانغ. يرى أن الصين سترد بحزم على أي تهديد لأمنها القومي.
- سيرغي لافروف (وزير الخارجية الروسي): في تصريح لقناة *RT*، أدان لافروف لقاءات باكو، معتبراً إياها "جزءاً من مخطط الناتو لإشعال حرب عالمية ثالثة بالوكالة". أكد أن روسيا ستدعم المكونات السورية والمقاومة العربية لإفشال هذا المخطط.
هذه الآراء تؤكد أن لقاءات باكو ليست مجرد مفاوضات إقليمية، بل هي جزء من استراتيجية إمبريالية تهدف إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط لخدمة مصالح الصهيونية والناتو.
…….
9. مقاومة الشعب العربي والكردي: أمل التحرير
رغم وحشية المخطط الإمبريالي، فإن المقاومة العربية والكردية في سوريا تمثل أملاً في إفشال هذا المشروع. في السويداء، يواصل المكون الدرزي مقاومته ضد عصابات الجولاني، مستلهماً روح المقاومة الفلسطينية في غزة. في شمال شرق سوريا، تقاوم قوات سوريا الديمقراطية، بقيادة الأكراد، محاولات تفتيت البلاد وفق النمط الإمبريالي بعد تخلي واشنطن عنها ووضعها في سياق الابادات الجماعية الجولاني .
إن هذه المقاومة، بدعم من إيران وحزب الله، قادرة على إفشال مخططات الجولاني وأسياده. كما أن التحالف الإقليمي، الذي يضم إيران، اليمن، وحزب الله، يعزز من قدرة الشعوب العربية على مواجهة الهيمنة الصهيو-أمريكية. إن صمود غزة في وجه الإبادة الجماعية هو دليل على أن المقاومة، رغم الخسائر، هي الخيار الوحيد لتحقيق التحرير.
………
10. احتمالات انهيار المشروع الإمبريالي
إن المشروع الإمبريالي الذي يقف وراء لقاءات باكو محكوم عليه بالفشل لعدة أسباب:
1. ضعف البيادق: شخصيات مثل الجولاني وزيلينسكي ونتنياهو تفتقر إلى الشرعية الشعبية، مما يجعلها غير قادرة على تحقيق استقرار دائم.
2. صمود المقاومة: المقاومة العربية والكردية، بدعم من إيران، أثبتت قدرتها على مواجهة المخططات الإمبريالية.
3. التحالف متعدد الأقطاب: إيران، روسيا، والصين تشكل محوراً قوياً يتحدى الهيمنة الغربية، مما يقلل من فرص نجاح حروب الناتو بالوكالة.
إن هذه العوامل تشير إلى أن لقاءات باكو، رغم خطورتها، لن تحقق أهدافها الأمريكية المتطرفة. إن دماء الشعب السوري، بكل مكوناته العلوي و الدرزي والكردي، ستكون بذور الحرية التي تُنهي هذا المشروع الاستعماري.
---
11. الخلاصة: المقاومة هي المستقبل
إن لقاءات باكو تكشف عن يأس الولايات المتحدة والغرب، اللذين يلجآن إلى بيادق ديكتاتورية مثل الجولاني، علييف، زيلينسكي، ونتنياهو لخوض حروب بالوكالة ضد إيران، الصين، وروسيا. لكن هذه الاستراتيجية محكوم عليها بالفشل في وجه صمود المقاومة العربية والكردية، وبدعم من التحالف الإقليمي الذي تقوده إيران. إن دماء الشهداء في السويداء وغزة وكردستان هي وقود لثورة عالمية ستنهي الهيمنة الصهيو-أمريكية، وتبني عالماً جديداً متعدد الأقطاب، حيث تتحرر الشعوب من الإبادة والاستعباد.