غزة تصحو على انتحار جديد !!!


عبدالله أبو شرخ
الحوار المتمدن - العدد: 6415 - 2019 / 11 / 21 - 11:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

فادي اسبيتة .. أب لخمسة أطفال .. لم يحتمل آلام مشاهدة أطفاله يذهبون للروضة والمدرسة دون مصروف يومي أسوة بباقي الأطفال .. لم يعد قادرا على تحمل أعباء توفير لقمة العيش لعائلته .. علق نفسه في مشنقة وانتحر ..
مرة أخرى تصحو غزة على خبر موت مفجع .. الموت انتحارا أو غرقا أو مرضا في الغابات .. أو لك أن تختار الموت على السلك الحدودي أو أن تفقد إحدى قدميك .. غزة مدينة الرماد بلا ألوان ولا طعم إلا من رائحة الموت يطرق أبواب فقرائها ومساكينها الذين أثخنتهم الحروب العبثية والصدامات العبثية وأوهام امتلاك القوة ضد دولة نووية تمتلك من وسائل الدمار ما يعجز عنه عقل السنوار أو خيال هنية !


هل أصبح الموت أمرا معتاداً في غزة ؟؟؟ ولماذا لا يتحرك أحد في الكون لإنقاذنا من براثن حكم حزبي مقيت لا يرى في الناس سوى مصدرا لجباية المزيد من الضرائب والرسوم والتعليات والمخالفات حتى نشرت مجلة بريطانية أن سعر السلة الغذائية في غزة يمتص 86 % من الدخل الشهري في حين في دولة العدو الصهيوني سعر سلة الغذاء لا يحتاج أكثر من 12 % من الدخل وفي دولة مثل قطر 2.5 % !!!


طبعا سلة الغذاء لا يقصد بها المأكل والمشرب فقط بل كل ما يحتاجه الإنسان من سلع أساسية وضرورية للحياة مثل الغاز والكهرباء والاتصالات .. أسعار الأساسيات في فلسطين ( الضفة وغزة ) بلغ معدلات خرافية تفوق الخيال .. ففي حين تبلغ فاتورة الكهرباء في إسرائيل 85 شيكل بالمتوسط نجدها في غزة 220 شيكل مع فارق مخيف في ساعات الوصل .. وفي حين يكفي المواطن الإسرائيلي باقة اتصالات ب 35 شيكل نجد شركة الاتصالات الفلسطينية تجبي أضعاف هذا المبلغ لخدمات لا تقدم أصلا !!!
إن الوضع الاقتصادي في غزة والضفة أصبح لا يحتمل، بل ولم يحتمل منذ اتفاق باريس الاقتصادي الذي فرض أسعار المحروقات بنفس أسعارها في دولة الاحتلال، مع الفارق السحيق في مستوى الدخل ونسب البطالة !
إن الإنفاق الخرافي على أجهزة حكومية ضخمة في الضفة وغزة، لا يتلاءم مع ميزان الصادرات، بل إن جميع الأجهزة الحكومية هي عبي على المواطن الذي أصبح ضائعاً بين فواتير الكهرباء والاتصالات والجوال والإنترنت والبلدية بصورة لا تبقي له ولعائلته ما يكفي لسد احتياجات التعليم ورسوم الجامعات وتكاليف الطبابة الباهظة وغير المتوفرة للفقراء !!!


وطالما أن غزة والضفة مجبرتان على العيش بمستوى تل أبيب مع فارق فظيع في الدخل والبطالة ونوعية الحياة .. وطالما أن الاحتلال قد نهب الأرض ومواردها، فلماذا لا يتبنى الشعب الفلسطيني هجوم الدولة الواحدة لتصبح دولة الاحتلال مكلفة بعيش الناس الواقعين تحت الاحتلال مثل أهلنا في 48، دون أن يضطرهم ذلك إلى الإنفاق على رواتب وامتيازات عشرات الآلاف من العاطلين وغير المنتجين ما أدى إلى تفاقم البطالة المقنعة على حساب آلام الناس وعذاباتها ؟؟!